مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 26

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 26/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

المقدمه

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين

كتاب الطلاق

و هو: بمعنى الترك و الفراق و السراح، و بهذا المعنى اللغوي جعل موضوعا للأحكام الخاصة الشرعية من الكتاب و السنة و كلمات الفقهاء، و هو من الأمور الشائعة في جملة من المذاهب و الأديان.

و الطلاق من أبغض الأشياء عند اللّه تعالى، قال نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «ما من شي ء أحب إلى اللّه- عزّ و جلّ- من بيت يعمر بالنكاح، و ما من شي ء أبغض إلى اللّه- عزّ و جلّ- من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في الصحيح: «ما من شي ء مما أحله اللّه أبغض إليه من الطلاق و ان اللّه- عزّ و جلّ- يبغض المطلاق الذواق» (2) إلى غير ذلك من الروايات الدالة على المبغوضية الكاشفة عن شدة الكراهة.

و هو من الإيقاعات التي تقع بإنشاء طرف واحد كجملة كثيرة منها مثل العتق و اللعان و الإيلاء، التي وضع الفقهاء لكل واحد منها كتابا مستقلا.

ص: 5


1- الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمات الطلاق.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب مقدمات الطلاق.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الطلاق

اشارة

كتاب الطلاق و ففيه فصول:

الفصل الأول في شرائطه

اشارة

الفصل الأول في شرائطه و هي. تارة: في الزوج المطلّق.

و أخرى: في المطلّقة.

و ثالثة: في الصيغة.

و رابعة: في الإشهاد.

أما الأولى فهي أربعة

اشارة

أما الأولى فهي أربعة.

الأول و الثاني: البلوغ و العقل
اشارة

الأول و الثاني: البلوغ و العقل (1).

______________________________

(1) إجماعا و نصوصا مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في الصحيح:

«ليس طلاق الصبي بشي ء» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «ان المولّه ليس له طلاق» (2)، و المولّه هو الذي ذهب عقله، و عنه عليه السّلام أيضا في الموثق: «كل طلاق

ص: 6


1- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق: 1.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب مقدمات الطلاق: 3.
مسألة 1: لا يصح طلاق الصبي- لا بالمباشرة و لا بتوكيل الغير

(مسألة 1): لا يصح طلاق الصبي- لا بالمباشرة و لا بتوكيل الغير و إن كان مميّزا (2)، و له عشر سنين و إن كان الاحتياط في الطلاق الواقع ممن بلغ العشر لا ينبغي تركه، لمكان بعض الأخبار، و فتوى جماعة من الفقهاء بصحته (3).

______________________________

جائز الإطلاق المعتوه، أو الصبي، أو مبرسم، أو مجنون، أو مكره» (1) و المعتوه ناقص العقل، و البرسم مرض معروف يوجب الهذيان في الكلام و قول علي عليه السّلام: «لا يجوز طلاق الغلام حتى يحتلم» (2) و غيرها من الروايات، و تقدم مرارا أن البلوغ و العقل من الشرائط العامة لكل إنشاء إيقاعا كان أو عقدا.

(2) كل ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق و دعوى القطع عن جمع من الأصحاب.

و أما خبر سماعة قال: «سألته عن طلاق الغلام و لم يحتلم و صدقته؟ فقال:

إذا طلّق للسنّة و وضع الصدقة في موضعها و حقها فلا بأس و هو جائز» (3)، و قول الصادق عليه السّلام: «يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل و صدقته و وصيته و إن لم يحتلم» (4)، فيمكن أن يحملا على البلوغ السني و الانباتي دون سبق الاحتلام مع أنه لا بد من تقييدهما بقول الصادق عليه السّلام في رواية ابن بكير: «يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين» (5)، مع أن كلا من المطلق و المقيد خلاف المشهور بين الفقهاء، فكيف يعتمد عليهما في الحكم المخالف للأصل و الإطلاق و الاتفاق!.

(3) أما بعض الأخبار فلما مرّ في خبر ابن بكير «يجوز طلاق الصبي إذا بلغ عشر سنين»، و أما جماعة الفقهاء فهم جمع من القدماء منهم الشيخان (رضي اللّه عنهم). و لكن الشهرة المحققة، و مطابقة المقام مع سائر إنشاءاته

ص: 7


1- الوسائل باب: 34 من أبواب مقدمات الطلاق: 2.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق: 8.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2 و 5.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2 و 5.
5- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 7.
مسألة 2: لا يصح طلاق المجنون مطبقا و أدواريا حال جنونه

(مسألة 2): لا يصح طلاق المجنون مطبقا و أدواريا حال جنونه، و يلحق به السكران و نحوه ممن زال عقله (4).

مسألة 3: كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة و التوكيل، كذلك لا يصح طلاق وليّه عنه

(مسألة 3): كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة و التوكيل، كذلك لا يصح طلاق وليّه عنه كأبيه و جده فضلا عن الوصي و الحاكم (5).

نعم، لو بلغ فاسد العقل أو طرأ عليه الجنون بعد البلوغ طلّق عنه وليّه (6)،

______________________________

جائز إلا طلاق المعتوه، أو الصبي، أو مبرسم، أو مجنون، أو مكره» (1) و المعتوه ناقص العقل، و البرسم مرض معروف يوجب الهذيان في الكلام و قول- عقدا كانت أو إيقاعا- و دعوى جمع من الأصحاب القطع بعدم الفرق، أسقط قول بعض القدماء و مدرك قولهم عن الاعتبار.

(4) إجماعا و نصوصا مستفيضة تقدم بعضها، منها قول الصادق عليه السّلام:

«كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه و الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مكره» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير: «لا يجوز طلاق الصبي و السكران» (3)، و إطلاقه يشمل ما إذا كان بحق أو باطل.

(5) للحصر في قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله المعتبر بين الفريقين: «الطلاق بيد من أخذ بالساق» (4)، مضافا إلى الإجماع و أصالة عدم الولاية.

(6) إجماعا و نصوصا كثيرة منها قول الصادق عليه السّلام في رواية شهاب بن عبد ربه: «المعتوه الذي لا يحسن أن يطلّق طلّق عنه وليه على السنة» (5)- إلى غير ذلك من الأخبار- و ذكر المعتوه من باب المثال إجماعا.

كما أن إطلاق الأخبار يشمل من بلغ فاسد العقل أو عرض عليه الجنون

ص: 8


1- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 4.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 4.
4- راجع السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 360.
5- الوسائل باب: 35 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.

مع مراعاة الغبطة و الصلاح (7)، فإن لم يكن له أب وجد، فالأمر إلى الحاكم (8)، و إن كان أحدهما معه صحّ الاكتفاء بأحدهما من دون مراجعة الحاكم، و إن كان الأحوط أن يكون الطلاق منه مع الحاكم (9).

______________________________

جائز إلا طلاق المعتوه، أو الصبي، أو مبرسم، أو مجنون، أو مكره» (1) و المعتوه ناقص العقل، و البرسم مرض معروف يوجب الهذيان في الكلام و قول بعد ذلك، مضافا إلى الأصل في الأول.

ثمَّ أن المراد بالولي- هنا و في الأخبار و كلمات الفقهاء- الأب و الجد كما مر في كتاب النكاح.

(7) لظهور إجماعهم على اعتبار ذلك، مضافا إلى أصالة عدم الأثر إلا به بعد عدم كون الإطلاقات واردة في مقام البيان من هذه الجهة حتى يتمسك بإطلاقها.

(8) إجماعا و نصوصا أرسل فيها الولاية للإمام أو السلطان إرسال المسلّمات، منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح أبي خالد القماط: «ما أرى وليه إلا بمنزلة السلطان» (2)، أو قوله عليه السّلام فيه أيضا: «يطلق عنه وليه فإني أراه بمنزلة الإمام» (3)إلى غير ذلك من الأخبار، فيستفاد من أمثال هذه الأخبار مسلّمية الحكم و الموضوع لديه عليه السّلام ولدي أصحابه.

(9) أما صحة الاكتفاء بأحدهما فقط فلإطلاق قوله عليه السّلام: «يطلق عنه وليه على السنة» (4) الشامل له أيضا.

و أما الاحتياط في الرجوع إلى الحاكم الشرعي، فلشدة أمر الطلاق المطلوب فيه الاحتياط على كل حال. فالأقسام ثلاثة:

ص: 9


1- الوسائل باب: 35 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 35 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.
الثالث: القصد
اشارة

الثالث: القصد فلا يصح طلاق غير القاصد (10)، كالنائم و الساهي و الغالط بل الهازل الذي لا يريد وقوع الطلاق جدا، بل يتكلم بلفظه هزلا (11).

مسألة 4: لو أوقع صيغة الطلاق ثمَّ قال: «إني ما قصدت الطلاق بها» يقبل منه فيما بينه و بين اللّه تعالى

(مسألة 4): لو أوقع صيغة الطلاق ثمَّ قال: «إني ما قصدت الطلاق بها» يقبل منه فيما بينه و بين اللّه تعالى إن لم تكن قرينة على الخلاف (12).

______________________________

الأول: وجود الأب و الجد معا فيتوقف الطلاق على إذنهما معا.

الثاني: وجود أحدهما فقط، فينحصر الإذن فيه، و الأحوط مراجعة الحاكم أيضا.

الثالث: وجود الحاكم فقط فينحصر الإذن فيه.

(10) للعقل الحاكم بأن كل فعل اختياري متقوم بالقصد و الإرادة مضافا إلى الإجماع و النصوص منها، قول الصادق عليه السّلام في المعتبر: «لا طلاق إلا لمن أراد الطلاق» (1)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر اليسع: «لو أن رجلا طلّق و لم ينو الطلاق لم يكن طلاقه طلاقا» (2) إلى غير ذلك من الأخبار.

(11) لعدم تحقق القصد و الإرادة الجدية في جميع ذلك، فالعقل يحكم بعدم تحقق الطلاق فيها مضافا إلى إجماع الفقهاء.

و أما قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «ثلاثة جدّهن جد و هزلهن جد: النكاح، و الطلاق و الرجعة» (3)، فمضافا إلى قصور سنده غير معمول به بالنسبة إلى الطلاق عندنا.

(12) للأصل و موثق منصور بن يونس قال: «سألت العبد الصالح عليه السّلام و هو بالعريض، فقلت له: جعلت فداك إني تزوجت امرأة و كانت تحبني فتزوجت

ص: 10


1- الوسائل باب: 11 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 8.
3- السنن الكبرى للبيهقي ج: 10 صفحة: 341.
الرابع: الاختيار بمعنى عدم الإكراه و الإجبار
اشارة

الرابع: الاختيار بمعنى عدم الإكراه و الإجبار (13)،

______________________________

عليها ابنة خالي، و قد كان لي من المرأة ولد، فرجعت إلى بغداد فطلّقتها واحدة ثمَّ راجعتها، ثمَّ طلقتها الثانية ثمَّ راجعتها، ثمَّ خرجت من عندها أريد سفري هذا، حتى إذا كنت بالكوفة أردت النظر إلى ابنة خالي فقالت أختي و خالتي لا تنظر إليها و اللّه أبدا حتى تطلّق فلانة، فقلت: و يحكم و اللّه مالي إلى طلاقها من سبيل؛ فقال لي: هو ما شأنك ليس لك إلى طلاقها من سبيل؟ فقلت: إنه كانت لي منها ابنة و كانت ببغداد، و كانت هذه بالكوفة، و خرجت من عندها قبل ذلك بأربع، فأبوا عليّ إلّا تطليقها ثلاثا، و لا و اللّه جعلت فداك ما أردت اللّه و لا أردت إلا أن أداريهم عن نفسي و قد امتلأ قلبي من ذلك؟ فمكث عليه السّلام طويلا مطرقا ثمَّ رفع رأسه و هو متبسم فقال: أما بينك و بين اللّه فليس بشي ء و لكن إن قدّموك إلى السلطان أبانها منك» (1)، و لأنه أعرف بقصده فلا مدعي على خلافه في البين.

(13) لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «رفع عن أمتي ما أكرهوا عليه» (2) المتفق عليه بين الفريقين، و معنى رفعه رفع ترتب آثار الصحة عليه، و لنصوص خاصة كقول أبي جعفر عليه السّلام في موثق زرارة في طلاق المكره و عتقه: «ليس طلاقه بطلاق و لا عتقه بعتق» (3)، و عن الصادق عليه السّلام: «لا يجوز الطلاق في استكراه- إلى أن قال- إنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراه و لا إضرار على العدة- إلى أن قال- فمن خالف هذا فليس طلاقه بشي ء يرد إلى كتاب اللّه عزّ و جلّ» (4) و عنه عليه السّلام أيضا كما عن صاحبي الجواهر و الحدائق: «لا يقع الطلاق بإكراه، و لا إجبار و لا مع سكر و لا على غضب» إلى غير ذلك من الأخبار، مضافا إلى الإجماع.

ص: 11


1- الوسائل باب: 38 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.
3- الوسائل باب: 37 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 6.

فلا يصح طلاق المكره الذي قد الزم على إيقاعه مع التوعيد و التهديد على تركه (14).

مسألة 5: الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده

(مسألة 5): الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه بإيقاع ما يضر بحاله عليه، نفسا أو عرضا أو مالا، بشرط كون الحامل قادرا على إيقاع ما توعّد به، إما بالعلم أو الظن بإيقاعه على تقدير عدم امتثاله (15)، و يلحق به موضوعا أو حكما (16) ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من عقوبته و الإضرار عليه لو خالفه و إن لم يقع منه توعيد و تهديد. و لا يلحق به لا موضوعا و لا حكما (17)

______________________________

(14) كما يأتي التفصيل في المسألة اللاحقة.

(15) هذا هو معنى الإكراه لغة و عرفا و شرعا، و لا فرق فيه بين جميع موارد استعمالاته من أول الفقه إلى آخره، و لا وجه لذكر معناه في خصوص المقام.

نعم، جرت عادتهم رحمهم اللّه على بيان معناه في المقام لكثرة أهميته.

و بالجملة: اصطلاح الفقهاء فيه ليس اصطلاحا خاصا و زائدا على معناه العرفي في سائر الموارد، فكل ما هو معناه عرفا يكون كذلك في الفقه من أوله إلى آخره، فالإكراه الموجب لتبدّل الطهارة المائية إلى الترابية، و الموجب لجواز الإفطار في شهر رمضان و الموجب لتبدّل الحج إلى العمرة المفردة، و الموجب لبطلان كل عقد إلّا مع الإجازة جميعها متحد مع ما في المقام في المعنى من دون زيادة في أي منها على المعنى اللغوي و العرفي بشي ء.

(16) بل هو نفس الإكراه الموضوعي، لأن مجرد خوف ترتب الأثر على ترك ما أمره بغير حق إكراه له موضوعا.

(17) أما عدم كونه إكراها موضوعا، فلعدم تحقق الإلزام من المكره (بالكسر) على المكره (بالفتح).

ص: 12

ما لو أوقع الفعل مخافة إضرار الغير عليه بتركه من دون إلزام منه عليه، فلو تزوج على امرأة ثمَّ رأى أنه لو بقيت في حباله لوقعت عليه وقيعة من بعض متعلقيها- كأبيها أو أخيها- فالتجأ إلى طلاقها فطلّقها فإنها يصح طلاقها (18).

مسألة 6: لو قدر المأمور على دفع ضرر الآمر

(مسألة 6): لو قدر المأمور على دفع ضرر الآمر ببعض التفصّيات مما ليس فيه ضرر عليه- كالفرار أو الاستعانة بالغير- لم يتحقق الإكراه (19)، فلو أوقع الطلاق مثلا حينئذ وقع صحيحا (20).

نعم، لو قدر على التورية و أوقع الطلاق من دون تورية فالظاهر وقوعه مكرها عليه و باطلا (21).

______________________________

و أما عدم كونه منه حكما، فللإجماع على الصحة مضافا إلى ما تقدم من موثق منصور بن يونس (1)؛ فيدل على صحة طلاق الأول و الثاني و الرجوع بعدهما، و على بطلان الطلاق الثالث لعدم القصد فيه حقيقة إلى الطلاق و إنما قصده صورة مداراة لا واقعا و حقيقة.

(18) لما مر من النص مضافا إلى الإجماع، فيكون كما إذا باع داره لأجل أن جاره يؤذيه بحيث إذا أبقى داره لوقع عليه إيذاء كثير، و إضرار خطيرة.

و المسألة سيالة في الفقه في جميع الموارد.

(19) لعدم تحقق موضوعه لا لغة و لا عرفا و لا شرعا.

(20) لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع عنها، فتشمله الإطلاقات و العمومات لا محالة.

(21) لصدق الإكراه عرفا حتى مع القدرة عليها فعلا، و عدم جعل أهل المحاورة و متعارف الناس القدرة عليها كالقدرة على دفع المكره (بالكسر) فعلا.

ص: 13


1- تقدم في صفحة: 10.
مسألة 7: لو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه فطلّق إحداها المعينة وقع مكرها عليه

(مسألة 7): لو أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه فطلّق إحداها المعينة وقع مكرها عليه (22)، و لو طلّقهما معا ففي وقوع طلاق إحداها مكرها عليه فيعين بالقرعة أو صحة كليهما؟ وجهان لا يخلو أولهما من رجحان (23).

مسألة 8: لو أكرهه على طلاق كلتا زوجتيه فطلّق إحداهما

(مسألة 8): لو أكرهه على طلاق كلتا زوجتيه فطلّق إحداهما، فالظاهر أنه وقع مكرها عليه (24).

______________________________

و الوجدان يحكم بذلك أيضا، فإنا لا نرى القادر الفعلي على دفع المكره (بالكسر) مكرها (بالفتح) بخلاف القادر الفعلي على التورية. و لعل السر فيه أن الشارع ألغى اعتبار عدم القدرة على التورية عن موضوع الإكراه رأسا، لعدم التفات عامة الناس إلى ذلك بخلاف الفرار عن شر المكره (بالكسر) فإنه فطري لكل أحد مع إمكانه.

(22) لأن الإكراه وقع بالنسبة إلى الجنس و الجنس متحقق في ضمن الفرد فالإكراه متحقق في ضمن الفرد أيضا.

(23) لتقوم الجنس خارجا بالفرد. و الجنس وقع مورد الإكراه فيكون الفرد أيضا كذلك، فيخرج بالقرعة لأنها في كل أمر مشكل.

و أما وجه صحة طلاق كلتيهما فلأن الطلاق وقع بالاختيار، لأن مورد الإكراه شي ء و هو الجنس، و مورد الطلاق شي ء آخر و هو طلاقهما معا، فما هو مورد الطلاق لا إكراه فيه، و ما هو مورد الإكراه لا طلاق فيه، فلا بد من الصحة.

و فيه: أنه من المغالطة بين المفهوم و المصداق، إذ لا ريب في اختلاف الجنس و الفرد مفهوما و لكنهما متحدان مصداقا.

(24) لفرض انحلال عنوان الإكراه إلى كل واحد منهما عرفا.

و دعوى: أن الواحد بالخصوص ليس من عنوان المكره عليه، فيصح الطلاق.

ص: 14

مسألة 9: لو أكرهه على أن يطلّق زوجته ثلاث طلقات

(مسألة 9): لو أكرهه على أن يطلّق زوجته ثلاث طلقات بينهما رجعتان، فطلقها واحدة أو اثنين، ففي وقوع ما أوقعه مكرها عليه إشكال (25)، إلا إذا كان ذلك بقصد احتمال التخلص عن المكروه و أنه لعل المكره اقتنع بما أوقعه و أغمض عما لم يوقعه (26).

مسألة 10: لو أوقع الطلاق عن إكراه ثمَّ تعقّبه الرضا، لم يفد ذلك في صحته

(مسألة 10): لو أوقع الطلاق عن إكراه ثمَّ تعقّبه الرضا، لم يفد ذلك في صحته (27)، و ليس كالعقد المكره عليه الذي تعقّبه الرضا (28).

مسألة 11: لو افترى شخص على امرأة مزوّجة ليطلّقها زوجها فطلّقها و تزوّجها المفتري، ثمَّ بان الخلاف للزوج

(مسألة 11): لو افترى شخص على امرأة مزوّجة ليطلّقها زوجها فطلّقها و تزوّجها المفتري، ثمَّ بان الخلاف للزوج، ففي صحة مثل هذا الطلاق وجهان (29).

______________________________

مخدوشة: بأن ذلك بحسب الدقة العقلية، لكن العرف الذي عليه مدار الأحكام يحكم بما ذكرنا.

(25) من حيث كونهما مدلولا ضمنيا لعنوان الإكراه فيقع مكرها بالدلالة الضمنية. و من حيث إمكان لحاظهما مستقلا فيقع صحيحا، و الظاهر اختلاف ذلك باختلاف الجهات و الخصوصيات فمع فرض صدق الشروع في امتثال المكره عليه يقع مكرها، و مع عدمه لا يكون كذلك.

(26) هذا من القرينة على صدق الإكراه، و كذا لو أوقع ذلك لمخالفته فيما أكره.

و أما لو أوقع ذلك لبغضه للطلاق البائن و حبه للطلاق الرجعي، فالظاهر عدم صدق الإكراه.

(27) لأن الطلاق إيقاع و الإيقاعات لا ينفعها لحوق الرضا بها إجماعا.

(28) كما تقدم في البيع الفضولي من أن الرضا اللاحق يوجب صحة العقد، فراجع هناك.

(29) من تحقق قصد الطلاق و إنشائه منه بحسب الظاهر، و أن قول

ص: 15

مسألة 12: لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به

(مسألة 12): لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به (30).

أما الثانية فهي خمسة

اشارة

أما الثانية (31) فهي خمسة:

الأول: أن تكون زوجة

الأول: أن تكون زوجة (32).

الثاني: أن تكون دائمة

الثاني: أن تكون دائمة فلا يقع الطلاق على المتمتع بها (33).

الثالث: أن تكون طاهرة من الحيض و النفاس
اشارة

الثالث: أن تكون طاهرة من الحيض و النفاس (34).

______________________________

المفتري كالداعي للطلاق فيصح الطلاق حينئذ. و من عدم تحقق قصد الطلاق الواقعي في الحقيقة و إنما صدر منه القصد التقديري أي: على تقدير صدق الافتراء، و المفروض تبيّن الخلاف فلا أثر لمثل هذا الطلاق، و لا بد من العمل بالاحتياط في مثل المقام.

(30) للأصل و الإطلاق و الاتفاق.

(31) أي: ما يعتبر من الشرائط في المطلّقة.

(32) لعدم الموضوع للطلاق بدون الزواج، فلا طلاق في المملوكة و غير المتزوجة، و تدل على ذلك روايات خاصة (1).

(33) إجماعا و نصوصا، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم في المتعة: «ليست من الأربع لأنها لا تطلق و لا ترث و إنما هي مستأجرة» (2) فما في الجواهر: «لم يحضرني من النصوص ما يدل على عدم وقوع الطلاق بالمستمتع بها»، لعله من كبوة الجواد و أي جواد أفضل منه رحمه اللّه في السير في الأحاديث الفقهية.

(34) إجماعا و نصوصا، مستفيضة منها قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح:

«كل طلاق لغير العدة- السنّة- فليس بطلاق أن يطلقها و هي حائض أو في دم

ص: 16


1- الوسائل باب: 12 من أبواب مقدمات الطلاق.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 4 و 5.
مسألة 13: لا يصح طلاق الحائض و النفساء

(مسألة 13): لا يصح طلاق الحائض و النفساء، و المراد بهما ذات الدمين فعلا أو حكما كالنقاء المتخلل في البين (35).

مسألة 14: لو نقيت النفساء من الدم أو الحائض كذلك

(مسألة 14): لو نقيت النفساء من الدم أو الحائض كذلك و لم تغتسلا من الحدث، صحّ طلاقهما (36).

الرابع: أن لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها
اشارة

الرابع: أن لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها (37).

مسألة 15: إنما يشترط خلو المطلّقة من الحيض في المدخول بها الحائل

(مسألة 15): إنما يشترط خلو المطلّقة من الحيض في المدخول بها الحائل (38)

______________________________

نفاسها أو بعد ما يغشاها قبل أن تحيض فليس طلاقه بطلاق» (1)، و تدل عليه الآية الشريفة إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (2) أي: استقبال العدة و كمالها.

(35) تقدم التفصيل في كتاب الحيض من أن النقاء المتخلل حيض مع ما مر من الشرط. فراجع.

(36) للأصل و الإجماع و النص- كما مر- فإنه معلق على الحيض و النفاس، و المنساق منهما الموضوعي و الحكمي دون مجرد حدثهما.

(37) إجماعا و نصوصا، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في الموثق: «لا طلاق إلا على طهر من غير جماع» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا في الصحيح: «إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلينتظر بها حتى تطمث و تطهر، فإذا خرجت من طمثها طلقها تطليقة من غير جماع» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على الاستبراء من المواقعة.

(38) لما مر من الإطلاق و الاتفاق، و لما يأتي بعد ذلك.

ص: 17


1- الوسائل باب: 8 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 9.
2- سورة الطلاق: 1.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 4.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 4.

دون غير المدخول بها، و دون الحامل (39). بناء على مجامعة الحيض للحمل كما هو الأقوى (40) فإنه يصح طلاقهما في حال الحيض (41).

مسألة 16: يشترط الطّهر من الحيض و النفاس فيما إذا كان الزوج حاضرا

(مسألة 16): يشترط الطّهر من الحيض و النفاس فيما إذا كان الزوج حاضرا بمعنى كونهما في بلد واحد- حين الطلاق (42)، و لو كان غائبا عنها صحّ طلاقها و إن وقع في حال الحيض (43)، لكن إذا لم يعلم حالها من حيث الطّهر و الحيض و تعذّر أو تعسّر عليه استعلامها (44)،

______________________________

(39) إجماعا و نصوصا، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «خمس يطلقن على كل حال: الحامل المتبين حملها، و التي لم يدخل بها زوجها، و الغائب عنها زوجها، و التي لم تحض، و التي قد جلست عن المحيض» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في الصحيح أيضا: «خمس يطلقهن أزواجهنّ متى شاءوا:

الحامل المستبين حملها، و الجارية التي لم تحض، و المرأة التي قد قعدت من المحيض، و الغائب عنها زوجها» (2) و مثلهما غيرهما.

و المراد من قوله عليه السّلام: «المستبين حملها» هو إحراز وجود الحمل بأي وجه معتبر، و لو كان بالتحليلات أو الفحوصات العصرية إذا أفادت الاطمئنان، و ليس المراد الاستبانة الظاهرية التي لا تكون إلا بعد مضي شهور مثلا.

(40) تقدم وجهه في كتاب الحيض، و إن ما يظهر منه عدم الجمع(3) محمول على الغالب.

(41) لإطلاق ما مر من النصوص، و إطلاق معقد الإجماع.

(42) لأن هذا معنى الحضور لغة و عرفا فتنزل عليه الأدلة شرعا.

(43) لظاهر إطلاق معقد الاتفاق، و النص كما تقدم.

(44) لأن هذا هو المتيقن من الأدلة اللبية، و المنساق من الأدلة اللفظية- كما مر- بعد رد بعضها إلى بعض، مضافا إلى ظهور الإجماع في ذلك كله.

ص: 18


1- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 4.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 4.
3- راجع ج: 3 صفحة: 137.

فإذا علم أنها في حال الحيض- و لو من جهة علمه بعادتها الوقتية على الأظهر (45) أو تمكن من استعلام حالها، و طلّقها فتبين وقوعه في حال الحيض بطل الطلاق (46).

______________________________

(45) لأن هذا أيضا من العلم العرفي العادي، و لا وجه لدعوى انصراف العلم عنه.

و أما قول الصادق عليه السّلام في معتبرة معاوية بن عمار: «إذا غاب الرجل عن امرأته سنة أو سنتين أو أكثر، ثمَّ قدم و أراد طلاقها و كانت حائضا، تركها حتى تطهر ثمَّ يطلقها» (1)، فلا ربط له بالمقام، لأن المنساق منه ما إذا أحرز حيضها فعلا. فتصير الأقسام ستة:

الأول: العلم بأنها حائض حين الطلاق و لا وجه لصحته حينئذ.

الثاني: العلم بالطهر حين الطلاق فيصح بلا إشكال.

الثالث: الجهل به مع التصادف في حال الطهر، و عدم إمكان الاستعلام بوجه، يصح بلا إشكال.

الرابع: الصورة السابقة بعينها مع وقوع الطلاق في حال الحيض، و مقتضى إطلاق ما تقدم من الأدلة الصحة.

الخامس: الجهل به- مع إمكان الاستعلام عرفا- و وقوعه في حال الطهر تصادفا، مقتضى الإطلاقات الصحة كما مر مع تحقق قصد إنشاء الطلاق و سائر الشرائط.

السادس: ما تقدم من الصورة بعينها مع وقوع الطلاق في حال الحيض و لا وجه للصحة حينئذ.

ثمَّ الظاهر أن الاستعلامات المتداولة في هذه الأعصار مثل الهواتف و نحوها مع التيسير يعد من إمكان الاستعلام عرفا.

(46) لعموم ما دل على بطلان الطلاق في حال الحيض الشامل لهذه

ص: 19


1- الوسائل باب: 24 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
مسألة 17: إذا غاب الزوج

(مسألة 17): إذا غاب الزوج فإن خرج في حال حيضها لم يجز طلاقها إلا بعد مضي مدة يقطع بانقطاع الحيض عنها (47)، فإن طلّقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضا في ذلك الزمان صحّ طلاقها و إن اتفق وقوعه في حال الحيض (48).

مسألة 18: لو غاب الزوج و خرج في حال الطّهر الذي لم يواقعها فيه طلّقها في أي زمان لم يعلم بكونها حائضا و صحّ طلاقها

(مسألة 18): لو غاب الزوج و خرج في حال الطّهر الذي لم يواقعها فيه طلّقها في أي زمان لم يعلم بكونها حائضا و صحّ طلاقها و إن صادف زمان الحيض (49)، و أما إن خرج في الطّهر الذي واقعها فيه ينتظر مضي زمان انتقلت بمقتضى العادة من ذلك الطّهر إلى طهر آخر (50)، و يكفي تربّص شهر (51).

______________________________

الصورة من غير ما يصلح للتخصيص.

(47) للأصل و الاتفاق و الإطلاق كما مر.

(48) لإطلاق دليل صحة طلاق الغائب على كل حال كما يأتي، الشامل لهذه الصورة بعد حصول القطع له بانقطاع زمان الحيض، و لكن اتفق لها حيض آخر جامعا للشرائط في هذا الشهر لا يعلم به الزوج مع قطعه بانقضاء زمان الحيض الأول.

(49) لما مر في سابقة من غير فرق.

(50) للاستصحاب، و إجماع الأصحاب، و إطلاق أخبار الباب. و لأن المناط كله في هذه الموارد هو حصول الاطمئنان العادي بالانتقال من حالها إلى حالة أخرى و ليس في البين تعبد بشي ء أبدا.

(51) لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة إسحاق بن عمار: «الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا» (1)، مع أن المتعارف في النساء المعتادة انتقال حالها من

ص: 20


1- الوسائل باب: 26 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.

.....

______________________________

حالة إلى أخرى، يتحقق في شهر غالبا، فيحصل للزوج الاطمئنان العادي بالانتقال و لا دليل على اعتبار الأزيد منه، بل الأصل و الإطلاق ينفيانه. ثمَّ إن أخبار المقام على أقسام:

الأول: الإطلاقات الدالة على أن الغائب يطلّق على كل حال، مثل صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن الرجل يطلق امرأته و هو غائب؟ قال: يجوز طلاقه على كل حال و تعتد امرأته من يوم طلقها» (1)، و لا بد من تقييد قوله «على كل حال» بما إذا أحرز الانتقال، و لا يصح الأخذ بإطلاقها كما هو معلوم.

الثاني: ما دلّ على تركها شهرا، كما تقدم، و هو الغالب المتعارف المعتاد.

الثالث: ما دلّ على المضي ثلاثة أشهر، كقول الصادق عليه السّلام: في صحيح جميل بن دراج: «الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلّق حتى تمضي ثلاثة أشهر» (2).

الرابع: التحديد بالأهلة و الشهور، لقول أبي جعفر عليه السّلام: «الغائب يطلق بالأهلة و الشهور» (3)، و يحمل على ما إذا لم يعلم الانتقال إلا بذلك.

الخامس: ما دلّ على مضي خمسة أشهر أو ستة أشهر، مثل قول أبي إبراهيم عليه السّلام في موثق إسحاق بن عمار: «الغائب الذي يطلق أهله كم غيبته؟ قال:

خمسة أشهر ستة أشهر، قال: حدّ دون ذا؟ قال عليه السّلام: ثلاثة أشهر» (4).

و هذه الأخبار ليست في مقام التحديد الحقيقي حتى يتحقق التعارض بينها، بل في مقام بيان الإرشاد إلى إحراز الانتقال عن حال عدم صلاحية الطلاق إلى حالة صلاحه. المختلف ذلك باختلاف العادات و الحالات اختلافا كثيرا، مع إحراز الحمل و عدمه بالتأخير أيضا، فيصح أن يكون اختلافا لهذه الجهة أيضا.

فالجميع ينبئ عن حالة واحدة، و هي الانتقال إلى طهر غير المواقعة.

ص: 21


1- الوسائل باب: 26 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 26 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 26 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 8.

و الأحوط أن لا ينقص عن ذلك (52)، و الأولى تربّص ثلاثة أشهر (53)، فإذا أوقع الطلاق بعد التربّص لم يضر مصادفة الحيض في الواقع (54)، بل الظاهر أنه لا يضر مصادفته للطهر الذي واقعها فيه (55) بأن طلّقها بعد شهر مثلا ثمَّ تبين أنها لم تخرج من الطهر الأول إلى ذلك الزمان.

______________________________

و خلاصة ما يستفاد من مجموع الأخبار أنه: لا بد من إحراز انتقالها من حالة فقدان شرط الطلاق إلى حالة الوجدان، و هو يحصل بمضي أيام، و قد يحصل بمضي شهر، و قد يحصل بثلاثة أشهر، و يمكن حمل خمسة أشهر أو ستة أشهر على ذلك أيضا، و إن لم أجد قائلا معتبرا بهما عاجلا.

مع أنه يمكن أن يقال إنها في مقام الإرشاد إلى تأخير الطلاق لعله يرتدع عن هذه الإرادة و يمسك زوجته و لا يتسارع إلى الفراق مهما أمكن ذلك، فتكون أجنبيا عن المقام بالمرة.

(52) لأن الغالب المتعارف إنما هو معرفة حالها بمضي شهر. و قد اختار ذلك جمع- منهم الشيخ رحمه اللّه- و عن بعض إرجاعه إلى ثلاثة أشهر من باب ذكر الجزء و إرادة الكل، و لكنه بعيد.

(53) كما تقدم في قول الصادق عليه السّلام في صحيح جميل بن دراج: «الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلق حتى تمضي ثلاثة أشهر» (1)، و اختاره جمع منهم المفيد.

و أما قول أبي جعفر في صحيح زرارة: «الغائب يطلق بالأهلة و الشهور» (2)، فيمكن جمعه مع الشهر الواحد و الثلاثة.

(54) لإطلاق الأدلة و إجماع الأجلة.

(55) لإطلاق الأدلة الشامل لهذه الصورة أيضا، مضافا إلى ظهور الإجماع فيصح الإطلاق في جميع الصور الثلاثة:

ص: 22


1- الوسائل باب: 26 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 8.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 7 2.
مسألة 19: الحاضر الذي يتعذّر أو يتعسّر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطّهر و الحيض كالغائب

(مسألة 19): الحاضر الذي يتعذّر أو يتعسّر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطّهر و الحيض كالغائب (56)، كما أن الغائب لو فرض إمكان علمه بحالها كان كالحاضر (57).

مسألة 20: يجوز الطلاق في الطّهر الذي واقعها فيه

(مسألة 20): يجوز الطلاق في الطّهر الذي واقعها فيه في اليائسة، و الصغيرة، و في الحامل، و المسترابة (58)

______________________________

الأولي: بقاء التردد و الاشتباه.

الثانية: ظهور كون إنشاء الطلاق في الحيض أو طهر المواقعة.

الثالثة: ظهور كون الطلاق جامعا للشرائط.

(56) إجماعا و نصا، ففي صحيح عبد الرحمن قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أهلها «أهله»، و هي في منزل أهلها «أهله» و قد أراد أن يطلّقها و ليس يصل إليها فيعلم طمثها إذا طمثت و لا يعلم بطهرها إذا طهرت؟

فقال عليه السّلام: هذا مثل الغائب عن أهله يطلّق بالأهلة و الشهور، قلت: أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان و الأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلّقها؟ قال: إذا مضى له شهر لا يصل إليها فيه يطلّقها إذا نظر إلى غرة الشهر الآخر بشهود و يكتب الشهر الذي يطلّقها فيه، و يشهد على طلاقها رجلين، فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه و هو خاطب من الخطاب و عليه نفقتها في تلك الثلاثة التي تعتد فيها» (1) و من المعلوم عدم الموضوعية للغيبة من حيث هي بل المناط كله إمكان تعرف الحال و عدمه.

(57) لما عرفت سابقا من أن المناط كله معرفة الحال، و لو تيسر له وجب و إن كان غائبا.

(58) للإجماع في ذلك كله، مع أن اعتبار هذا الشرط إنما هو لضبط العدة بعد وقوع الطلاق و لا عدة لليائسة، و لا للصغيرة، و عدة الحامل وضع الحمل

ص: 23


1- الوسائل باب: 28 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.

- و هي المرأة التي كانت في سن من تحيض و هي لا ترى الحيض لخلقة أو عارض (59)- لكن يشترط في الأخيرة- يعني المسترابة- مضي ثلاثة أشهر من زمان المواقعة (60)، فإذا أراد تطليق هذه المرأة اعتزلها ثلاثة أشهر ثمَّ طلّقها، فلو طلّقها قبل مضي ثلاثة أشهر من حين المواقعة لم يقع الطلاق (61).

مسألة 21: لا يشترط في تربّص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك

(مسألة 21): لا يشترط في تربّص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك و بقصد أن يطلّقها بعد ذلك، فلو واقعها ثمَّ لم يتفق

______________________________

مطلقا، سواء كان الطلاق في طهر غير المواقعة أم فيه؛ و في المسترابة يعتبر مضي ثلاثة أشهر من زمان المواقعة، كما يأتي، فيصير قهرا من طهر غير المواقعة، هذا مع شمول إطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح إسماعيل بن جابر الجعفي:

«خمس يطلّقن على كل حال: الحامل المتبين حملها، و التي لم يدخل بها زوجها، و الغائب عنها زوجها، و التي لم تحض، و التي قد جلست عن المحيض» (1)

(59) لإطلاق الإجماع، و قوله عليه السّلام في الحديث الذي مر آنفا: «و التي لم تحض».

(60) إجماعا و نصا، قال الصادق عليه السّلام: في مرسل العطار المنجبر: «في المرأة يستراب بها و مثلها تحمل و مثلها لا تحمل و لا تحيض، و قد واقعها زوجها كيف يطلقها إذا أراد طلاقها؟ قال عليه السّلام: ليمسك عنها ثلاثة أشهر ثمَّ يطلّقها» (2)، و عليها يحمل صحيح الأشعري قال: «سألت الرضا عليه السّلام عن المسترابة من الحيض كيف تطلّق؟ قال عليه السّلام: تطلّق بالشهور» (3).

(61) لقاعدة «فقد المشروط بفقد شرطه».

ص: 24


1- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 11.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 17.

له المواقعة بسبب من الأسباب إلى أن مضى ثلاثة أشهر ثمَّ بدا له أن يطلقها، صحّ طلاقها في الحال و لم يحتج إلى تجديد الاعتزال (62).

مسألة 22: لو واقعها في حال الحيض، لم يصح طلاقها في الطّهر

(مسألة 22): لو واقعها في حال الحيض، لم يصح طلاقها في الطّهر الذي بعد تلك الحيضة، بل لا بد من إيقاعه في طهر آخر بعد حيض آخر، لأن ما هو شرط في الحقيقة هو كونها مستبرئة بحيضة بعد المواقعة لا مجرد وقوع الطلاق في طهر غير طهر المواقعة (63).

الخامس: تعيين المطلقة بما يرفع الإبهام و الإجمال
اشارة

الخامس: تعيين المطلقة بما يرفع الإبهام و الإجمال (64)، بأن يقول «فلانة طالق»، أو يشير إليها كذلك.

مسألة 23: لو كانت له زوجة واحدة، فقال: «زوجتي طالق» صحّ

(مسألة 23): لو كانت له زوجة واحدة، فقال: «زوجتي طالق» صحّ (65)، بخلاف ما إذا كانت له زوجتان أو أكثر و قال: «زوجتي طالق»، فإنه لا يصح (66)

______________________________

(62) كل ذلك للأصل و الإجماع، و ما تقدم من الإطلاق.

(63) لأن هذا هو المتيقن من الإجماع، و المنساق من مجموع الأخبار- التي تقدم بعضها- و مقتضى أصالة بقاء الزوجية إلى أن يتحقق العلم بالفراق.

(64) لاستصحاب بقاء الزوجية إلى أن يعلم بالمطلقة بعينها، مضافا إلى الإجماع و النص، مثل مكاتبة العسكري قال: «كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السّلام: إني تزوجت بأربع نسوة و لم أسأل عن أساميهن، ثمَّ إني أردت طلاق إحداهن و أتزوج امرأة أخرى، فكتب إليّ انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهن، فتقول: اشهدوا أن فلانة التي بها علامة كذا و كذا هي طالق، ثمَّ تزوج الأخرى إذا انقضت العدة» (1)، و قريب منه غيره.

(65) لأن تعيّنها الخارجي يغني عن تعيينها.

(66) لفرض تحقق الإهمال و الإجمال، و هو يوجب بطلان أصل الإنشاء،

ص: 25


1- الوسائل باب: 3 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 3 كتاب (النكاح).

إلا إذا نوى في نفسه معينة (67)، و يقبل تفسيره بمعينة من غير يمين (68).

مسألة 24: لو كان عنده زوجتان

(مسألة 24): لو كان عنده زوجتان اسم كل واحدة منهما سعيدة مثلا، فقال: «زوجتي سعيدة طالق»، فإن نوى واحدة منهما المعينة بالخصوص وقع الطلاق عليها (69)، فإن لم يقصد إلا مجرد اللفظ من دون تعيين خارجي بطل أصل الطلاق (70).

أما الثالثة فهي أربعة

اشارة

أما الثالثة فهي أربعة (71):

الأول: إنشاء الطلاق بصيغة خاصة
اشارة

الأول: إنشاء الطلاق بصيغة خاصة (72)، و هي قوله: «أنت طالق»، أو «فلانة» أو «هذه»، أو ما شاكلها من الألفاظ الدالة على تعيين المطلقة (73)،

______________________________

فلا موضوع لأصل الصحة حتى يستخرج بالقرعة، فلا وجه لما نسب إلى الشيخ، و يظهر من الشرائع الصحة و الإخراج بالقرعة.

(67) للإطلاق، و الاتفاق، و عدم دليل على اعتبار أزيد من التعيين في النية و القصد.

(68) لأنه لا يعرف إلا من قبل نفسه، فيقبل قوله بلا حاجة إلى اليمين كما في نظائره.

(69) لوجود المقتضي للطلاق و فقد المانع، فتؤثر أدلة صحة الطلاق أثرها.

(70) لعدم تعيين المطلقة، و هو معتبر كما عرفت.

و احتمال الصحة مع الإخراج بالقرعة، لأنّها لكل أمر مشكل غير صحيح، لأن أدلة القرعة تجري في مورد الصحة الواقعية و التردد الظاهري، و المفروض في المقام عدم الصحة واقعا لعدم تعيين المطلقة. إلّا أن يقال بعموم أدلة القرعة حتى في مثل المقام- كما نسب إلى الشيخ- و لكنه مشكل.

(71) أي: شرائط الصيغة التي يقع بها الطلاق كما يأتي.

(72) ضرورة من الفقه لنصوص كثيرة كما يأتي.

(73) لأصالة بقاء النكاح، مضافا إلى نصوص متواترة.

ص: 26

فلا يقع بقوله «أنت- أو هي- مطلقة» أو «طلقت فلانة»، فضلا عن بعض الكنايات كقوله: «أنت خلية» أو «برية» أو «حبلك على غاربك» أو «الحقي بأهلك» و غير ذلك (74)، فإنه لا يقع به الطلاق و إن نواه (75)

______________________________

منها: ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في رجل قال لامرأته: أنت عليّ حرام، أو بائنة، أو بتّة، أو بريّة، أو خليّة، قال: هذا كله ليس بشي ء، إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها: أنت طالق أو اعتدي، يريد بذلك الطلاق، و يشهد على ذلك رجلين عدلين» (1).

و منها: موثق سماعة (2) قال: «ليس الطلاق إلا كما روى بكير بن أعين، أن يقول لها و هي طاهر من غير جماع: أنت طالق و يشهد شاهدي عدل، و كل ما سوى ذلك فهو ملغى» إلى غير ذلك من الأخبار.

و هذا من خصوصيات الطلاق من بين سائر الإنشاءات. كما تقدم أنها تتحقق بكل لفظ ظاهر فيها عرفا بخلاف الطلاق، حيث يعتبر فيه لفظ خاص إجماعا و نصا كما مر.

(74) للأصل، و الإجماع، و النصوص تقدم بعضها، و لا خصوصية للتعيين بنحو خاص، بل يحصل بكل ما حكم العرف بثبوت التعيين به من الألفاظ و القرائن المعتبرة.

(75) إجماعا و نصوصا، منها: ما تقدم من الحصر في قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي:

«رجل قال لامرأته: أنت مني خليّة، أو بريّة، أو بتّة أو بائن، أو حرام، قال: ليس بشي ء» (3)، و مثله غيره.

ص: 27


1- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 1.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 1.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.

حتى قوله «اعتدّي» المنوي به الطلاق على الأقوى (76).

مسألة 25: يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة

(مسألة 25): يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة (77)، فلو كانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال: «زوجتاي طالقان» أو «زوجاتي طوالق»، صحّ طلاق الجميع (78).

الثاني: العربية
اشارة

الثاني: العربية (79)،

______________________________

(76) ظاهر ما تقدم من قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم:

«إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها:

أنت طالق، أو اعتدى، يريد بذلك الطلاق، و يشهد على ذلك رجلين عدلين» (1) وقوع الطلاق بهذا اللفظ «اعتدى» أيضا، و لكن احتمال التقية، و أن يكون المراد به الاعتداد عن الطلاق الذي أنشأ سابقا يسقط هذا الظهور، فيرجع حينئذ إلى أصالة بقاء النكاح و عدم انقطاع علقة الزواج.

(77) لوجود المقتضي و فقد المانع، فيشمله الإطلاق و الاتفاق بلا محذور مدافع.

و يمكن أن يقال: إن الأصل في كل إنشاء ذلك إلا ما خرج بالدليل، فيجوز البيع و الصلح و الهبة و الإجارة لأشياء متعددة بإنشاء واحد و قبول واحد، و يجوز نكاح جمع من النساء بإنشاء واحد عن وكيلهن، و قبول واحد وكالة عن رجال متعددين.

(78) لما عرفت من عدم الدليل على البطلان، مع شمول الإطلاق له فيؤثر الطلاق أثره.

(79) على المشهور، لما تقدم من النصوص (2) الظاهرة في ذلك، و لما يأتي.

ص: 28


1- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.

فلا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من لغة غير العربية مع القدرة على إيقاعه بتلك الصيغة (80) بها.

مسألة 26: لو عجز عن العربية يجزي إيقاع الطلاق بما يرادفها

من أي لغة كان (81).

الثالث: النطق بصيغة الطلاق
اشارة

الثالث: النطق بصيغة الطلاق المتقدمة، فلا يقع الطلاق بالإشارة و الكتابة مع القدرة عليه (82).

______________________________

(80) لأصالة عدم ترتب الأثر، و لما مر من ظواهر الأدلة، و إجماع الأجلة.

و أما ما نسب إلى علي عليه السّلام: «كل طلاق بكل لسان فهو طلاق» (1)، فقصور سنده و إعراض الأصحاب عنه أسقطه عن الاعتبار، إلا أن يحمل على صورة العجز عن العربية، و عدم التمكن من التوكيل كما يأتي.

(81) لظهور الإجماع على الجواز حينئذ، و ما ورد في طلاق الأخرس (2)، و لانصراف ظاهر النصوص المانعة عن هذه الصورة.

و قد يقال: إن المتيقن من الإجماع ما إذا عجز عن التوكيل بالإنشاء عربية.

و فيه: أنه مخالف لإطلاق الكلمات هنا، و في طلاق الأخرس.

و دعوى: أنه مع القدرة على التوكيل لا يصدق العجز أصلا، لفرض أنه قادر على اللغة بالتسبيب.

مردودة: بأن المنساق من الأدلة ما إذا كان العجز و صفا بحال ذات المطلّق.

بالكسر لا الأعم منه و من التوكيل، ما في سائر الموارد.

(82) للأصل و الإجماع، و ما تقدم من ظواهر الأدلة، و في صحيح زرارة قال: «سألته عن رجل كتب إلى امرأته بطلاقها، أو كتب بعتق مملوكه، و لم ينطق

ص: 29


1- الوسائل باب: 17 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب مقدمات الطلاق.
مسألة 27: إذا عجز عن النطق

(مسألة 27): إذا عجز عن النطق كما في الأخرس، يصح منه إيقاعه بالإشارة و الكتابة (83)،

______________________________

به لسانه؟ قال: ليس بشي ء حتى ينطق به» (1)، و في صحيحه أيضا قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: رجل كتب بطلاق امرأته أو بعتق غلامه، ثمَّ بدا له فمحاه، قال:

ليس ذلك بطلاق و لا عتاق حتى يتكلم به» (2).

و ما دل على وقوع الطلاق بالكتابة مثل صحيح الثمالي قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قال لرجل: اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها، أو اكتب إلى عبدي بعتقه، يكون ذلك طلاقا أو عتقا؟ قال: لا يكون طلاقا و لا عتقا حتى ينطق به لسانه، أو يخطه بيده، و هو يريد الطلاق أو العتق، و يكون ذلك منه بالأهلة و الشهود يكون غائبا عن أهله» (3) محمول أو مطروح.

(83) إجماعا و نصوصا منها:

قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في رواية السكوني: «طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها و يضعها على رأسها ثمَّ يعتزلها»(4).

و منها: قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صحيح ابن أبي نصر: «في الرجل تكون عنده المرأة فيصمت فلا يتكلم، قال: أخرس؟ قلت: نعم، قال: يعلم منه بغض لامرأته و كراهة لها؟ قلت: نعم؛ أ يجوز له أن يطلق عنه وليه؟ قال عليه السّلام: لا، و لكن يكتب و يشهد على ذلك، قلت: أصلحك اللّه تعالى لا يكتب و لا يسمع كيف يطلقها؟ قال: بالذي يعرف به من فعله مثل ما ذكرت من كراهته لها أو بغضه لها» (5).

ص: 30


1- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 19 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 5.
5- الوسائل باب: 19 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.

و الأحوط تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة (84).

مسألة 28: لو أوقع صيغة الطلاق ملحونة- مادة أو هيئة- يقع الطلاق

(مسألة 28): لو أوقع صيغة الطلاق ملحونة- مادة أو هيئة- يقع الطلاق (85)، و إن كان الأحوط خلافه (86).

مسألة 29: يجوز للزوج أن يوكل غيره في تطليق زوجته

(مسألة 29): يجوز للزوج أن يوكل غيره في تطليق زوجته (87)،

______________________________

(84) يظهر وجه الاحتياط مما مر آنفا من حديث الرضا عليه السّلام، و مقتضى الأصل عدم وجوب الترتيب المذكور فيه، و أقصاه الدلالة على أن الكتابة بالنسبة إليه يكتفي بها أيضا، و يشهد له خبر يونس: «في رجل أخرس كتب في الأرض بطلاق امرأته قال: إذا فعل في قبل الطهر بشهود و فهم عنه كما يفهم عن مثله، و يريد الطلاق جاز طلاقه على السنّة» (1).

(85) لشمول الإطلاقات و العمومات له إذا كان اللحن نوعيا، كما مر في النكاح.

(86) جمودا على صيغة «طالق» المذكور في ما مر من الأخبار.

(87) لعمومات أدلة الوكالة و الإجماع، و نصوص خاصة، منها ما عن الصادق عليه السّلام في موثق سعيد الأعرج قال: «سألته عن رجل جعل أمر امرأته إلى رجل فقال: اشهدوا أني قد جعلت أمر فلانة إلى فلان، فيطلقها، أ يجوز ذلك للرجل؟ فقال: نعم» (2)، و في رواية محمد بن عيسى اليقطيني قال: «بعث إليّ أبو الحسن عليه السّلام رزم ثياب- إلى أن قال- و أمر بدفع ثلاثمائة دينار إلى رحيم زوجة كانت له، و أمرني أن أطلقها عنه، و أمتعها بهذا المال، و أمرني أن أشهد على طلاقها صفوان بن يحيى- الرواية-» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على ذلك.

ص: 31


1- الوسائل باب: 19 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 39 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 39 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 6.

بنفسه بالمباشرة أو بتوكيل غيره، سواء كان الزوج غائبا أم حاضرا، بل و كذا له أن يوكل نفس الزوجة في تطليق نفسها بنفسها أو بتوكيل غيرها (88).

مسألة 30: يجوز أن يوكلها على أنه لو طال سفره أزيد من ثلاثة أشهر مثلا

(مسألة 30): يجوز أن يوكلها على أنه لو طال سفره أزيد من ثلاثة أشهر مثلا- أو سامح في الإنفاق عليها أزيد من شهر مثلا- طلّقت نفسها (89)، لكن يشترط أن يكون الشرط قيدا للموكل فيه لا تعليقا في الوكالة، فتبطل كما مر في كتاب الوكالة (90).

الرابع: التنجيز
اشارة

الرابع: التنجيز (91) فلو علّق صيغة الطلاق على شرط بطل، سواء كان الشرط مما يحتمل وقوعه كما إذا قال: «أنت طالق إن جاء زيد» أو مما يتيقن حصوله كما إذا قال: «إذا طلعت الشمس» (92).

______________________________

و أما قوله عليه السّلام في صحيح زرارة: «لا تجوز الوكالة في الطلاق»(1)، فمحمول أو مطروح كما مر في كتاب الوكالة (2).

(88) كل ذلك للإجماع، و إطلاق أدلة الوكالة، و أخبار المقام.

(89) لشمول الإطلاق، و الاتفاق لهذه الصورة أيضا.

(90) و تقدم هناك الوجه في بطلان ذلك فراجع (3) فلا وجه للتكرار.

ثمَّ إنه هل يجوز توكيل نفسها في تطليق نفسها متى شاءت دون شرط و قيد؟ مقتضى الإطلاق الجواز لو لم يرجع ذلك إلى جعل أصل الطلاق إليها، و هو غير مشروع؛ لأن «الطلاق بيد من أخذ بالساق» (4)، و الأحوط ترك ذلك مطلقا.

(91) لظهور الاتفاق و ظواهر الأدلة الواردة في الطلاق على ما مر، و تقدم التفصيل في اعتبار التنجيز في البيع، فراجع.

(92) لإطلاق دليلهم الشامل لذلك أيضا.

ص: 32


1- الوسائل باب: 39 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 5.
2- راجع ج: 21 صفحة: 206.
3- راجع ج: 21 صفحة: 206.
4- كنز العمال ج: 5 صفحة: 155 حديث: 3151.
مسألة 31: لا يبعد جواز تعليق الطلاق بما يكون معلّقا عليه في الواقع

(مسألة 31): لا يبعد جواز تعليق الطلاق بما يكون معلّقا عليه في الواقع كما إذا قال: «إن كانت فلانة زوجتي فهي طالق»، سواء كان عالما بأنها زوجته أم جاهلا به (93).

مسألة 32: لو كرر صيغة الطلاق ثلاثا

(مسألة 32): لو كرر صيغة الطلاق ثلاثا فقال: «هي طالق، هي طالق، هي طالق» من دون تخلل رجعة في البين قاصدا تعدد الطلاق تقع واحدة و لغت الأخريان (94)،

______________________________

(93) لأن الإنشاء معلّق عليه في حاق الواقع، و التعليق اللفظي لا يزيد ذلك إلا توضيحا و بيانا، و مع الشك في كونه من التعليق المبطل يكفي فيه في الرجوع إلى أصالة الصحة، و عدم صحة الرجوع إلى الأدلة المانعة؛ لكونه حينئذ من الرجوع إلى الدليل في الموضوع المشكوك.

(94) أما وقوع الواحدة فبالإجماع و نصوص كثيرة، منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة: «في رجل طلّق امرأته ثلاثا في مجلس واحد و هي طاهر، قال: هي واحدة» (1)، و عن أحدهما عليهما السّلام في الصحيح: «سألته عن الذي يطلق في حال طهر في مجلس ثلاثا؟ قال: هي واحدة» (2) إلى غير ذلك من الروايات، و تقتضيه القاعدة أيضا لوجود المقتضي و فقد المانع بالنسبة إلى صحة الواحدة، فتشملها الإطلاقات و العمومات بلا محذور.

و أما بطلان البقية فبضرورة المذهب، و نصوص كثيرة، منها ما مر من قول الصادقين عليهما السّلام.

و لكن مجموع الأخبار الواردة في المقام على أقسام أربعة:

الأول: ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام مما دلّ على صحة الواحدة و بطلان البقية.

ص: 33


1- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2 و 3.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2 و 3.

و لو قال: «هي طالق ثلاثا» لم تقع الثلاث قطعا (95)، و هل تقع واحدة كالصورة السابقة أو يبطل الطلاق و لغت الصيغة بالمرة؟ قولان، أقواهما الثاني (96)،

______________________________

الثاني: ما يدلّ على البطلان رأسا، كقوله عليه السّلام في صحيح أبي بصير: «من طلّق ثلاثا في مجلس فليس بشي ء» (1)، و قريب منه غيره. و يمكن حمله على أنه ليس بشي ء في الثلاثة لا بالنسبة إلى الواحد، فلا تنافي بينه و بين القسم الأول، أو أنه ليس بشي ء إذا فقد بعض شرائط الصحة.

الثالث: ما عنه عليه السّلام أيضا الدال على صحة الثلاث، مثل رواية محمد بن سعيد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلّق ثلاثا في مقعد واحد؟ قال: أما أنا فأراه قد لزمه، و أما أبي، فكان يرى ذلك واحدة» (2)، و ظهوره في التقية مما لا يخفى.

الرابع: خبر ابن الصيرفي عنه عليه السّلام أيضا المفصّل بين ما إذا طلق ثلاثا في كلمة واحدة فتحصل البينونة حتى تنكح زوجا غيره، و بين ما إذا قال: هي طالق، هي طالق، هي طالق، فتحصل الطلاق بالمرة الأولى (3).

و المتأمل في مجموع الأخبار يرى الحكم الواقعي فيه يلمع كالنجم المشرق في ليلة ظلماء، و إنما لم يبادر الأئمة الهداة إلى إظهاره أولا لئلا يقع في يد غير أهله أو يستهين بحكم اللّه من لا قابلية له لقبوله، و هذا هو سر التقية من أول الفقه إلى آخره، التي التزم بها أئمة الدين على أنفسهم بها ما لم تظهر دولتهم عليهم السّلام.

(95) بضرورة المذهب و نصوصه التي تقدم بعضها، و يأتي بعضها الأخر.

(96) لأصالة بقاء علقة النكاح بعد تعارض النصوص، و ظهور كون لفظ

ص: 34


1- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 8.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 14 و 15.
3- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 14 و 15.

.....

______________________________

«ثلاثا» قيدا لنفس الطلاق، فيكون من قبيل وحدة المطلوب، و هو من مختصات غيرنا، و مما ابتدعوه في الطلاق، و نسب هذا القول إلى جمع منهم ابنا عقيل و حمزة و سلار.

و نسب إلى المشهور وقوع الطلاق الواحد و بطلان الزائد، و يمكن تطبيقه على القاعدة إذا كان كل من ذكر الطلاق و العدد من باب تعدد المطلوب، فبطلان العدد حينئذ لا يوجب بطلان أصل الطلاق، لكن ظاهر العنوان عند الخاصة و العامة أنه من باب وحدة المطلوب، و هو المنساق من الأخبار المختلفة أيضا.

و أما أخبار المقام، فهي على أقسام كما مر:

الأول: ما عن أحدهما عليهما السّلام في صحيح زرارة قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثا في مجلس واحد و هي طاهر؟ قال: هي واحدة» (1)، و هو ظاهر فيما ذكرنا.

الثاني: قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «من طلق ثلاثا في مجلس فليس بشي ء، من خالف كتاب اللّه عزّ و جل رد إلى كتاب اللّه عزّ و جل» (2) و عنه عليه السّلام أيضا: «في رجل طلق ثلاثا في مقعد واحد، فقال: أما أنا فأراه قد لزمه، و أما أبي فكان يرى ذلك واحدة» (3).

الثالث: خبر إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «ان عليا كان يقول: إذا طلّق الرجل المرأة قبل أن يدخل بها ثلاثا في كلمة واحدة، فقد بانت منه، و لا ميراث بينهما، و لا رجعة، و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، و إن قال:

هي طالق، هي طالق، هي طالق، فقد بانت منه بالأولى، و هو خاطب من الخطّاب إن شاءت نكحته نكاحا جديدا و إن شاءت لم تفعل» (4).

الرابع: خبر الخزاز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كنت عنده فجاء رجل فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا؟ قال: بانت منه، قال: فذهب ثمَّ جاء رجل آخر من أصحابنا، فقال: رجل طلق امرأته ثلاثا، فقال: تطليقه، و جاء آخر فقال: رجل طلق

ص: 35


1- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 8 و 15 و 14.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 8 و 15 و 14.
3- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 8 و 15 و 14.
4- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 8 و 15 و 14.

و إن كان الأشهر هو الأول. و عند العامة وقوع الثلاث في الصورتين (97) فتبين منه و حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره (98).

مسألة 33: لو كان الزوج من العامة ممّن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكررة و أوقع الطلاق ثلاثا بأحد النحوين، ألزم بذلك

(مسألة 33): لو كان الزوج من العامة ممّن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكررة و أوقع الطلاق ثلاثا بأحد النحوين، ألزم بذلك (99)،

______________________________

امرأته ثلاثا، فقال: ليس بشي ء، ثمَّ نظر إليّ فقال: هو ما ترى، قال: قلت كيف هذا؟ قال: هذا يرى أن من طلق امرأته ثلاثا حرمت عليه، و أنا أرى أن من طلق امرأته ثلاثا على السنة فقد بانت منه، و رجل طلق امرأته ثلاثا و هي على طهر فإنّما هي واحدة، و رجل طلق امرأته ثلاثا على غير طهر فليس بشي ء» (1).

و الناظر في هذه الأخبار و بالنظر السطحي الأولي يرى أن المجموع ليس في مقام حكم اللّه الواقعي الأولي، فلا بد من حمل ما دل على الصحة مطلقا على التقية، و ما دل على البطلان مطلقا على فقد بعض الشرائط، و ما دل على صحة الواحدة فقط كونها بالخصوص واجدة للشرائط، و منها تحقق قصد تعدد المطلوب، فيصير المجموع بعد رد بعضها إلى بعض مطابقا للقاعدة، فقول الماتن: «أقواهما الثاني» أي: فيما إذا كان القصد من باب وحدة المطلوب، و قوله:

«و إن كان الأشهر هو الأول» أي: فيما إذا كان القصد من باب تعدد المطلوب.

و يمكن الجمع بين الكلمات بذلك أيضا، فيصير النزاع بينهم لفظيا.

(97) بلا فرق ظاهر بينهم و بين ما إذا كان المقصود وحدة المطلوب أو تعدده، لظهور إطلاق كلماتهم و دليلهم في ذلك، فراجع.

(98) لأنّ ذلك من آثار الطلاق الثلاث على ما يأتي التفصيل.

(99) إجماعا و نصوصا، منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن الأحكام؟

قال عليه السّلام: يجوز على أهل كل دين ما يستحلون» (2)، و في رواية عبد اللّه بن

ص: 36


1- الوسائل باب: 29 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 16.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب ميراث الأخوة الحديث: 4.

.....

______________________________

طاوس: «قلت له: امرأة طلقت على غير السنة؛ فقال: تتزوج هذه المرأة لا تترك بغير زوج»(1)، إلى غير ذلك من النصوص، و المقام من موارد قاعدة الإلزام، فلا بأس بالإشارة إليها؛ لأن موردها و إن كان في الطلاق و لكنها عامة تشمل غيره أيضا.

قاعدة الإلزام و هي من القواعد المسلّمة بين الفقهاء و البحث فيها من جهات:

الأولى: في مدركها و استدل عليها.

تارة: بالإجماع.

و نوقش فيه: بأنه معلوم المدرك لأن مدركه الأخبار الواصلة إلينا من المعصومين عليهم السّلام، فلا اعتبار به كما ثبت في الأصول.

و فيه: أن غالب الإجماعات بل جميعها يكون في موردها حديث معتبر، بل أحاديث كذلك، و لو اعتمدنا على هذه المناقشة لسقط اعتبار الإجماع مطلقا، بل ظاهر الإجماع هو الاعتبار إلا إذا ثبت استناده إلى خبر معتبر بقرائن معلومة.

و أخرى: بأنها من القواعد التسهيلية النظامية في جميع الملل و الأديان، فتعتبر ما لم يردع عنها الشرع، فإذا دفع أهل ملة إلى أهل ملة أخرى مالا- مثلا- و قال الدافع: إن ديني و ملتي يقتضي أن أدفع إليك هذا المال، يقبل منه مع وجود المقتضي و فقد المانع عن القبول، و هذا في الجملة مسلّم في المرتكزات. و إنما البحث في تعميم حكمه لكل مورد أو تخصيصه، و يأتي البحث عنه.

و ثالثة: بالأخبار الواردة في المقام، و هي كثيرة فمنها: صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «يجوز على أهل كل دين ما يستحلون» (2)، و منها قول

ص: 37


1- الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب ميراث الأخوة الحديث: 4.

.....

______________________________

أبي الحسن عليه السّلام في رواية عبد اللّه بن جبلة: «في المطلقة على غير السنّة، أ يتزوجها الرجل؟ فقال عليه السّلام: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم، و تزوجوهن فلا بأس بذلك» (1)، و منها قول الصادق عليه السّلام: «خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنّتهم» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في حديث آخر: «خذهم بحقك في أحكامهم و سنّتهم، كما يأخذون منكم فيه» (3)، و منها ما ورد في تقرير نكاحهم، مثل قوله عليه السّلام: «لكل قوم نكاح» (4)، و طلاقهم كما مر، و معاملاتهم مثل رواية منصور قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام لي على رجل ذمي دراهم، فيبيع الخمر و الخنزير و أنا حاضر، فيحل لي أخذها؟ فقال: إنما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك» (5)، و كذلك في الدين و المواريث، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

و الحاصل: «إنه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم» (6).

و لو لا ذلك لما استقر للمسلمين سوق، و لا قام لهم عمود، خصوصا في هذه الأعصار التي صارت الدنيا بأسرها كبلد واحد اختلط أبناء غربها بشرقها و جنوبها بشمالها.

فهذه القاعدة من أحسن القواعد النظامية التي قررها الشارع تسهيلا على الأمة و تخفيفا عليهم.

و خلاصة ما في سياق تلك الأخبار تقرير المذاهب الفاسدة في ترتب آثار الصحة- الملتزمة عندهم- عليها تسهيلا و امتنانا من الشارع الأقدس على الأمة و تأليفا بينهم مهما أمكن السبيل إليه.

الثانية: في مفادها يعني أن القاعدة عامة تشمل جميع الموارد إلا ما خرج بالدليل المخصوص، أو أنها مختصة بكل مورد ورد فيه الدليل بالخصوص،

ص: 38


1- الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 5 و 1 و 2.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 5 و 1 و 2.
3- الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 5 و 1 و 2.
4- الوسائل باب: 83 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 2.
5- الوسائل باب: 60 من أبواب ما يكتسب به الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 30 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 11.

.....

______________________________

مقتضى كونها من القواعد التسهيلية الامتنانية هو الأول، فتتسع القاعدة و تعم ما لم يدلّ دليل على الخلاف، و ما ذكر في بعض الموارد المتقدمة، إنما هو من باب المثال و الغالب.

فتكون مفاد القاعدة من الأحكام المجاملية، و من سنخ الأحكام الثانوية الاضطرارية التي يكون الاضطرار النوعي حكمة الجعل لا علة المجعول، فتعم القاعدة جميع ما ألزموا به أنفسهم إلا ما خرج بالدليل.

الثالثة: هل القاعدة تختص بخصوص المخالفين من المسلمين على اختلاف فرقهم، أو تعم غيرهم أيضا من جميع الملل غير المسلمة؟ مقتضى الإطلاقات و العمومات، بل صريح بعض الروايات كما مر، هو الأخير. و ما يظهر منه الأول- كما تقدم- يكون من الغالب في تلك الأعصار، فلا وجه للتقييد حينئذ.

الرابعة: لا يعتبر أن يكون مفاد القاعدة يعني «ما ألزموا به أنفسهم» متفقا عليه بين جميع المذاهب الأربعة المشهورة أو غيرهم، بل يصح جريانها و لو كان الإلزام عند مذهب واحد دون غيره من المذاهب، للعموم و الإطلاق الشامل لكل من القسمين، ما لم يكن المذهب من الأقل الذي يصح دعوى انصراف الأدلة المتقدمة عنه.

الخامسة: اختلفوا في هذه القاعدة أنها من الأمارات أو من الأصول، و ذكروا أن الثمرة تظهر في حجية اللوازم، فتعتبر بناء على أنها من الأمارة، و لا تكون كذلك لو كانت من الأصول.

و لكن ذكرنا في كتاب [تهذيب الأصول] أن هذه الثمرة ساقطة مطلقا؛ لأن اعتبار اللوازم مطلقا يدور مدار القرائن المعتبرة و لو كانت من الدلالات السياقية، فمع وجودها تعتبر مطلقا و لو كان المورد أصلا، و مع عدمها لا تعتبر و لو كانت أمارة.

السادسة: لا فرق في إلزامهم بما ألزموا به على أنفسهم بين ما إذا كان

ص: 39

.....

______________________________

المورد مستندا إلى حديث من طرقهم عن النبي صلّى اللّه عليه و آله، أو فتوى فقيههم، أو حكم حاكمهم، لشمول إطلاق الأدلة للجميع.

نعم، إن كان ذلك من جور الجائر أو صار عادة لهم من غير انتساب إلى التزام ديني، فلا يشمله الدليل.

السابعة: لو شك في مورد أنه فيما التزموا به على أنفسهم أو لا؟ فمقتضى الأصل عدم ترتب الأثر على الإلزام بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات و العمومات لأجل الشبهة الموضوعية، فلا مجرى للقاعدة أصلا.

الثامنة: هل يختص مورد جريان القاعدة بما إذا انطبق عليه عنوان التقية أو يعمها و غيرها؟ الظاهر هو الثاني، للإطلاقات و العمومات الواردة في مقام البيان، و لو كان شي ء معتبرا لظهور و بان.

التاسعة: لا يشترط في مورد جريانها عدم المندوحة، فتجري و لو مع وجودها، لما تقدم من الإطلاق و العموم الواردين مورد التسهيل و الامتنان، و أن سياق تلك الروايات المتقدمة سياق التأليف و التآلف المنافيين لاعتبارها.

العاشرة: لا ملازمة بين الزامنا لهم بما ألزموا على أنفسهم في مقابل إلزامهم بما ألزمنا على أنفسنا، بحيث لو لم يكن مورد للثاني لا يكون موردا للأول، لما مر من إطلاق الدليل من غير ما يصلح للتقييد و التعليل.

نعم، قد يكون كذلك في بعض الموارد، و ذلك من باب التقريب للحكم لا من باب الارتباط.

الحادية عشرة: مورد جريان هذه القاعدة فيما إذا كان المورد معلوم البطلان عندنا و مفروغ الصحة عندهم، و أما لو شك في البطلان عندنا فهل تجري القاعدة حينئذ؟ الظاهر ترتب آثار الصحة في مثل المورد، إما لقاعدة الإلزام إن كان في الواقع باطلا عندنا مع فرض الصحة عندهم، أو لقاعدة الصحة لو بقي الموضوع على الشك و لم يتبين البطلان، فحينئذ لا مورد لجريان قاعدة الإلزام، و قد تقدم أيضا عدم جريانها لو لم تحرز الصحة عندهم.

ص: 40

سواء كانت المرأة شيعية أم مخالفة (100)، و نرتب نحن عليها آثار المطلّقة ثلاثا (101)، فلو رجع إليها نحكم ببطلانه (102)، فنتزوج بها بعد انقضاء العدة (103)، و كذلك الزوجة إذا كانت شيعية جاز لها التزويج بالغير (104)، و لا فرق في ذلك بين الطلاق ثلاثا بغير تخلّل الرجوع و غيره مما هو صحيح عندهم فاسد عندنا، كالطلاق المعلق و الحلف بالطلاق، و الطلاق في طهر المواقعة و الحيض و بغير شاهدين، فإن المذكورات و إن كانت فاسدة عندنا فإذا وقعت من رجل منا لا نرتب على زوجته آثار المطلّقة، و لكن إذا وقعت من أحد المخالفين القائلين بصحتها نرتب على طلاقه بالنسبة إلى زوجته آثار الطلاق الصحيح فنتزوج بها بعد انقضاء العدة (105).

______________________________

ثمَّ إنه تتفرع على هذه القاعدة فروع كثيرة في أبواب الفقه، تقدم بعضها في الموضع المناسب له، و سيأتي ما يناسب المقام منها في الإرث و غيره إن شاء اللّه تعالى.

(100) لإطلاق الدليل الشامل لكل واحدة منهما، مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم الفرق بينهما في هذه الجهة.

(101) لفرض أن الصحة في دينهم تلازم الصحة عندنا أيضا، كما في سائر أمورهم الدينية كما مر في القاعدة.

(102) لبطلان الرجوع إليها قبل أن تنكح زوجا آخر عندنا و عندهم.

نعم، لو صح هذا الرجوع عندهم شملته قاعدة الإلزام كما مر.

(103) لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشملها عمومات صحة التزويج و إطلاقاتها بلا محذور مدافع.

(104) لما مر في سابقة من غير فرق.

(105) كل ذلك لإطلاق الأدلة و إجماع فقهاء الملة الدالين على ذلك كله،

ص: 41

و هذا الحكم جار في غير الطلاق أيضا، فنأخذ بالعول و التعصيب منهم الميراث مثلا، مع أنهما باطلان عندنا (106).

مسألة 34: لو كان المطلّق من الخاصة فطلق زوجته بطريق العامة

(مسألة 34): لو كان المطلّق من الخاصة فطلق زوجته بطريق العامة أي: فاقدا لشرط من شرائط الصحة عندنا لا يصحّ (107)، و لو كان بالعكس و حصل منه قصد الإنشاء جامعا للشرائط صحّ (108)، و لو كان من العامّة فطلّق زوجته على حسب مذهبه صحيحا و باطلا عندنا ثمَّ استبصر بعد العدة فهل له الرجوع حينئذ؟ (109).

______________________________

و عدم الفرق بين جميع ما ذكر، كما لا فرق في ذلك كله بين حال التمكّن و عدمه، كما لا فرق بين طلاق المخالف و طلاق سائر الملل، لما مر من القاعدة.

(106) للإجماع، و قاعدة الإلزام، كما يأتي التفصيل في كتاب الإرث إن شاء اللّه المتعال.

(107) لما مر من انعدام الحكم بانعدام الموضوع.

(108) لوجود المقتضي و فقد المانع.

(109) مقتضى الأصل بقاء علقة النكاح- بعد فرض أن الطلاق لم يكن جامعا للشرائط عنده حالا- و عدم الأثر له، و كذا مقتضى العمومات و الإطلاقات الدالة على بطلان الطلاق الفاقد للشرائط، كما تقدم بعضها فيجوز له الرجوع.

إن قلت: لا وجه لجريان استصحاب بقاء علقة النكاح لأن المورد يقتضي جريان استصحاب الطلاق، لفرض أنه وقع جامعا للشرائط عندهم، و إنا ملتزمون بالصحة لوفق مذهبهم، كما مر من القاعدة، و لو استبصر بعد ذلك.

يقال: لا وجه لاستصحاب الطلاق، للشك في تحقق أصل الطلاق واقعا؛ لدورانه بين الطلاق الصحيح بضميمة قاعدة الإلزام، و الطلاق الباطل لأجل استبصاره، و مع ذلك كيف يستصحب الطلاق و البينونة؟

إن قيل: إن المورد قابل لجريان قاعدة الصحة فيصح الطلاق من هذه

ص: 42

.....

______________________________

الجهة.

يقال: جريانها في المقام مترتب على عدم جريان قاعدة الإلزام، و مع جريان قاعدة الإلزام لفرض أن الطلاق معلوم البطلان لا مشكوكه، كيف تجري قاعدة الصحة؟! فلا مورد لجريان القاعدتين بعد فرض استبصاره.

إن قيل: لكن مقتضى صحيح بريد بن معاوية العجلي عن الصادق عليه السّلام:

«كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته، ثمَّ منّ اللّه عليه و عرّفه الولاية، فإنه يؤجر عليه، إلا الزكاة فإنه يعيدها؛ لأنه وضعها في غير موضعها؛ لأنها لأهل الولاية» (1)، و كذا مقتضى قاعدة الإلزام المتقدمة بالسنة مختلفة صحة الطلاق.

يقال: أما صحيح بريد بن معاوية العجلي فظاهره الأعمال العبادية التي يؤجر عليها دون غيرها، فلا يشمل المقام. و أما القاعدة، فالمستفاد منها أن الحكم بالإلزام حكم تسهيلي اجتماعي إقرارا لمذهبهم، و تسهيلا على الإمامية، و تأليفا بينهم و بين غيرهم حتى من هذه الجهة ما داموا على مذهبهم، لا ما إذا عدلوا عن مذهبهم إلى مذهبنا كما في الفرض فلا تشمله القاعدة، و الشك في الشمول يكفي في عدم صحة التمسك بها. و كذا الأخبار الواردة في موردها لأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك، فيرجع إلى أصالة بقاء علقة النكاح و عدم ترتب الأثر على مثل هذا الطلاق، و لذا يشكل التمسك بها للصحة لمن يعلم منهم بالبطلان اجتهادا أو تقليدا في خصوص هذا الحكم، و إن اعتقد بصحة مذهبه.

و بالجملة: الأحكام الظاهرية التأليفية يقتصر فيها على المتيقن منها بعد ملاحظة جميعها مع سائر القواعد و الأصول.

و أما صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع: «سألت الرضا عليه السّلام عن ميّت ترك أمه و إخوة و أخوات، فقسم هؤلاء ميراثه، فأعطوا الأم السدس، و أعطوا الإخوة و الأخوات ما بقي، فمات بعض الأخوات فأصابي من ميراثه فأحببت أن

ص: 43


1- الوسائل باب: 31 من أبواب مقدمة العبادات الحديث: 1.

.....

______________________________

أسألك، هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسمة أم لا؟

فقال: بلى، فقلت: إن أم الميت- فيما بلغني- قد دخلت هذا الأمر أعني الدين.

فسكت قليلا ثمَّ قال عليه السّلام: خذه» (1).

ففيه: أن هذا الحديث و إن كان صحيحا سندا، و لكن لم يعلم وجه صدوره و سكوته، فلا بد من حمله على بعض المحامل.

نعم، لو طلق زوجته حسب مذهبه جامعا للشرائط و تزوجت المرأة برجل آخر كذلك، و بعد زمان كثير استبصر الرجل، فحينئذ لا معنى لبطلان الطلاق لاستنكار المتشرعة ذلك، و يمكن حمل الرواية على مثل ذلك. و هذا غير فرض المقام.

و الحاصل: أن الاقسام المتصورة في الطلاق أربعة:

الأول: لو طلق رجل زوجته في حال استبصاره طلاقا جامعا للشرائط، و بقي على استبصاره كذلك، لا ريب في صحة هذا الطلاق، و يترتب عليه جميع آثار الصحة، لوجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات و العمومات المتقدمة.

الثاني: لو طلّق مخالف زوجته على طبق مذهبه و بقي عليه و لم يعدل عنه، و هذا الطّلاق كما هو صحيح عندهم صحيح عندنا؛ لقاعدة الإلزام على ما تقدم.

الثالث: رجل إمامي طلّق زوجته طلاقا صحيحا على طبق مذهبه، ثمَّ بعد ذلك اختار مذهبا من مذاهب المسلمين فهو صحيح أيضا بلا إشكال؛ لشمول عمومات أدلة الصحة و إطلاقاتها له بلا محذور.

الرابع: لو طلّق مخالف زوجته على حسب مذهبه، و كان صحيحا عنده و باطلا عندنا ثمَّ استبصر بعد، فمقتضى الأصل بقاء علقة النكاح و عدم الأثر للطلاق، كما عرفت مفصلا.

ص: 44


1- الوسائل باب: 4 من أبواب ميراث الإخوة الحديث: 6.

الرابع: الإشهاد

اشارة

الرابع: الإشهاد، فيشترط في صحة الطلاق- زائدا على ما تقدم- الإشهاد (110). و يشترط فيه أمور أربعة:

الأول: السماع، فيعتبر في صحة الطلاق إيقاعه بحضور شخصين يسمعان الإنشاء (111)، أو يريانه (112)، سواء قال لهما اشهدا أو لم يقل (113).

______________________________

(110) بالأدلة الثلاثة، أما الكتاب فقوله تعالى وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ (1)، و أما النصوص فهي متواترة، قال أبو جعفر عليه السّلام في معتبرة محمد بن مسلم: «و إن طلّقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع و لم يشهد على ذلك رجلين عدلين، فليس طلاقه إياها بطلاق» (2)، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في رواية أبي نصر البزنطي: «يطلّقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشاها بشاهدين عدلين، كما قال اللّه عزّ و جلّ في كتابه، فإن خالف ذلك رد إلى كتاب اللّه عزّ و جلّ» (3)، و قول أبي جعفر عليه السّلام: «و إن طلّقها للعدة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه بطلاق، و لا يجوز فيه شهادة النساء» (4)، و أما الإجماع فهو من المسلّمات لدى الإمامية، بل الحكم من ضروريات فقههم.

(111) للإجماع، و لما تقدم من النصوص.

(112) كما في إشارة الأخرس، أو كتابة العاجز على ما مر من التفصيل.

(113) كل منهما للإجماع و الإطلاق، و ما عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في موثق صفوان: «سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها، فقال: فلانة طالق، و قوم يسمعون كلامه و لم يقل لهم: اشهدوا، أ يقع الطلاق عليها؟ قال: نعم هذه شهادة» (5)، و قريب منه خبر أبي نصر البزنطي.

ص: 45


1- سورة الطلاق: 2.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 3 و 2.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 3 و 2.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 3 و 3 و 2.
5- الوسائل باب: 21 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 4 و 2.

الثاني: العدالة (114).

الثالث: الاجتماع حين سماع الإنشاء (115).

الرابع: الذكورة و التعدد (116).

مسألة 35: لو شهد أحدهما بالطلاق

(مسألة 35): لو شهد أحدهما بالطلاق و سمع في مجلس ثمَّ كرر اللفظ و سمع الآخر في مجلس آخر بانفراده، لم يقع الطلاق (117).

مسألة 36: لو شهدا بإقراره بالطلاق

(مسألة 36): لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما لا في تحمل الشهادة و لا في أدائها (118).

______________________________

(114) للكتاب (1)، و السنة المتقدمة كقولهم عليهم السّلام: «بشاهدين عدلين» أو «رجلين عدلين»، و قول أبي جعفر عليه السّلام في رواية بكير بن أعين: «و إن طلقها للعدة بغير شاهدي عدل، فليس طلاقه بطلاق» (2) إلى غير ذلك من الروايات، مضافا إلى الإجماع.

(115) لظواهر الأدلة، و إجماع فقهاء الملة، و أصالة عدم ترتب الأثر في غيره، و قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام في موثق البزنطي: «إنما أمرا أن يشهدا جميعا» (3)، و في صحيح إسماعيل بن بزيع: «لا يجوز حتى يشهدا جميعا» (4).

(116) لقول أبي جعفر عليه السّلام: «رجلين عدلين» أو «شاهدي عدلين»، إلى غير ذلك كما مر.

(117) للأصل، و لما مر من قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «أن يشهدا جميعا»، أو لا يجوز الطلاق «حتى يشهدا جميعا».

(118) لأنه ليس من نفس الطلاق في شي ء، و الاجتماع معتبر في الشهادة على الطلاق لا في الإقرار به، فتشمله حينئذ إطلاق أدلة اعتبار الشهادة حينئذ تحملا و أداء.

ص: 46


1- سورة الطلاق: 2.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 20 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 1 و 2.
مسألة 37: لا اعتبار بشهادة النساء و سماعهن في الطلاق لا منفردات و لا منضمات إلى الرجل

(مسألة 37): لا اعتبار بشهادة النساء و سماعهن في الطلاق لا منفردات و لا منضمات إلى الرجل (119).

مسألة 38: لا يعتبر علم المطلّق بشخص العادلين

(مسألة 38): لا يعتبر علم المطلّق بشخص العادلين، بل يكفي وقوع الطلاق عندهما و سماعهما و إن كانا في ضمن جمع (120).

مسألة 39: لا يعتبر علم الشاهدين بالمطلّق و لا المطلقة

(مسألة 39): لا يعتبر علم الشاهدين بالمطلّق و لا المطلقة، بل يكفي سماعهما لإنشاء الطلاق جامعا للشرائط (121).

______________________________

(119) إجماعا و نصا، كما عن أبي جعفر في الصحيح: «و لا يجوز فيه شهادة النساء» (1).

(120) لإطلاق ما تقدم من الأدلة الشامل لهذه الصورة أيضا، و يدل عليه موثق صفوان أيضا (2).

(121) للإطلاق، و السيرة المستمرة عند الفقهاء (رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين)، و صحيح أبي بصير قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل تزوج أربع نسوة في عقد واحد، أو قال في مجلس واحد، و مهورهن مختلفة؟ قال: جائز له و لهن، قلت: أرأيت إن هو خرج إلى بعض البلدان فطلق واحدة من الأربع، و أشهد على طلاقها قوما من أهل تلك البلاد و هم لا يعرفون المرأة، ثمَّ تزوج امرأة من أهل تلك البلاد بعد انقضاء عدة المطلقة ثمَّ مات بعد ما دخل بها، كيف يقسم ميراثه؟ قال: إن كان له ولد فإن للمرأة التي تزوجها أخيرا من تلك أهل البلاد ربع ثمن ما ترك، و إن عرفت التي طلّقها بعينها و نسبها فلا شي ء لها من الميراث و ليس عليها العدة، و تقسم الثلاث نسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا و عليهن جميعا العدة، و إن لم تعرف التي طلّقت من الأربع اقتسمن النسوة ثلاثة أرباع ثمن ما ترك بينهن جميعا و عليهن جميعا العدة» (3)، و هو

ص: 47


1- الوسائل باب: 10 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2.
2- تقدم في صفحة: 45.
3- التهذيب ج: 8 صفحة: 92 أحكام الطلاق.
مسألة 40: لو طلق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين

(مسألة 40): لو طلق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين، كما أنه لا يكتفى بالموكل مع عدل آخر (122).

مسألة 41: المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غير المقام

(مسألة 41): المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غير المقام (123) ما رتب عليه بعض الأحكام، و هو من كانت له حالة رادعة

______________________________

صريح فيما ذكرنا.

و نسب إلى بعض اعتبار علمهما التفصيلي بالمطلّق و المطلّقة، لأنه لا معنى للإشهاد إلى ذلك، و لخبر حمران عن الصادق عليه السّلام: «لا يكون خلع و لا تخيير و لا مباراة إلا على طهر من المرأة من غير جماع، و شاهدين يعرفان الرجل و يريان المرأة و يحضران التخيير و إقرار المرأة على أنها طهر من غير جماع يوم خيّرها، فقال له محمد بن مسلم: ما إقرار المرأة هنا؟ قال: يشهد الشاهدان عليها بذلك للرجل حذار أن يأتي بعد فتدعي أنه خيّرها و هي طامث، فيشهدان عليها بما سمعا منها» (1)، و لأصالة بقاء علقة النكاح إلا بما ذكر.

و الكل باطل. أما الأول: فلأن مورد الشهادة سماع الصيغة لا الجهات الأخر، و لا ريب في صدق العلم بالنسبة إليه، فعلمهما ثابت في ما هو مورد الشهادة، و في غيره لا موضوع للشهادة حتى يعتبر فيه العلم، فلا ربط له بمورد الشهادة حتى يختلط أحدهما بالآخر.

و أما الثاني: فسياقه ظاهر في أنه في مقام الإرشاد لئلا يقع نزاع في البين، و أما الأصل فلا وجه له في مقابل الإطلاقات و السيرة على الخلاف.

(122) للأصل في كل منهما، و الإجماع، و أن المنساق من الأدلة اختلاف الوكيل و الموكل مع الشاهدين.

(123) العدالة: بمعنى الاستواء و الاستقامة في الدين، و هي.

تارة: حالة زائلة.

و أخرى: حالة راسخة، و يعبر عن الثانية بالملكة، فهي عبارة عن العدالة

ص: 48


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الخلع الحديث: 4.

عن ارتكاب الكبائر و عدم الإصرار على الصغائر، و هي التي تسمّى بالملكة، و الكاشف عنها حسن الظاهر، بمعنى كونه عند الناس حسن الأفعال (124)، بحيث لو سألوا عن حاله قالوا في حقه هو رجل خيّر لم نر منه إلا خيرا، و مثل هذا الشخص ليس عزيز المنال.

مسألة 42: إذا كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلّق

(مسألة 42): إذا كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلّق أصيلا كان أو وكيلا- فاسقين في الواقع، يشكل ترتيب آثار الطلاق الصحيح لمن يطّلع على فسقهما (125). و كذلك إذا كانا عادلين في اعتقاد الوكيل دون الموكل فإنه يشكل جواز ترتيب آثار الطلاق على طلاقه، بل الأمر فيه أشكل من سابقة (126).

______________________________

في الأحكام التي وردت في الفقه من أوله إلى آخره. أينما ذكرت العدالة موضوعا لحكم من الأحكام، و قد تعرضنا للتفصيل في بحث الاجتهاد و التقليد، و عدالة إمام الجماعة.

(124) كما هو مضمون صحيح ابن أبي يعفور الوارد في شرح العدالة (1)، فراجع.

(125) لأن حسن الظاهر الكاشف عن العدالة إنما هو لمن لا يعلم بالخلاف، و أما مع العلم فكيف يصح الاكتفاء؟! بل الظاهر انصراف الدليل عنه أيضا، إلا أن يدل دليل على الخلاف و هو مفقود.

إلا أن يقال: إن التسهيل في هذا الأمر العام البلوى يقتضي كفاية إحراز العدالة عند المتعارف حتى لمن يعتقد بالخلاف تسهيلا و تيسيرا و تخطئة لاعتقاد من يعتقد بالخلاف، لئلا يتسرع كل أحد إلى المناقشة في عدالة كل عادل.

(126) بدعوى ظهور الأدلة في إحرازه بالخصوص لعدالة الشاهدين، و لكنه ممنوع لوحدة السياق في الجميع.

ص: 49


1- تقدم في المجلد الثامن صفحة: 108.

الفصل الثاني في أقسام الطلاق

اشارة

الفصل الثاني في أقسام الطلاق الطلاق نوعان: بدعي، و سني (1)

فالأول هو الطلاق غير الجامع للشرائط المتقدمة

فالأول هو الطلاق غير الجامع للشرائط المتقدمة، و هو على أقسام:

فاسدة عندنا صحيحة عند غيرنا، فالبحث عنها لا يهمنا (2).

______________________________

(1) أي غير صحيح، و صحيح كما في غيره من العبادات و المعاملات، فإنهما قد تختلف فروعهما فسادا و صحة باختلاف مذاهب المسلمين، و لم أظفر في أخبار المقام على إطلاق البدعة على الطلاق غير الجامع للشرائط، و إنما هو من اصطلاح الفقهاء. و يبقى عليهم الفرق بين المقام و سائر ما ابتدع من الأحكام في شريعة الإسلام مما ورد النهي عنه من سادات الأنام.

و المحقق في الشرائع جعل أقسام البدعة ثلاثة: طلاق الحائض بعد الدخول، أو الطلاق في طهر المواقعة، و طلاق الثلاث من غير رجعة.

لا وجه له لأن البدعي كل ما فقد شرطا من شروط الصحة فلا وجه له، للحصر في الثلاثة، و لعل نظره الشريف الى ما هو الغالب عند غيرنا. و كيف كان لا وجه له لتكثير الأقسام هنا.

(2) فكل طلاق فاقد لشرط من شرائط الصحة إذا أنشئ بقصد ترتب الأثر بدعة محرمة، سواء كان ذلك في حال الحيض، أم النفاس، أو طهر المواقعة، أو الطلاق الثلاث مترسلا مع عدم تخلل الرجوع في البين.

ص: 50

و الثاني: ما جمع الشرائط في مذهبنا

اشارة

و الثاني: ما جمع الشرائط في مذهبنا، و هو قسمان بائن و رجعي (3)،

فالبائن ما ليس للزوج الرجوع إليها بعده
اشارة

فالبائن ما ليس للزوج الرجوع إليها بعده سواء كانت لها عدة أم لا، و هو ستة و هو ستة:

الأول: الطلاق قبل الدخول

الأول: الطلاق قبل الدخول.

الثاني: طلاق الصغيرة

الثاني: طلاق الصغيرة أعني من لم تبلغ التسع و إن دخل بها.

الثالث: طلاق اليائسة

الثالث: طلاق اليائسة، و هذه الثلاث ليست لها عدة كما يأتي (4).

الرابع و الخامس: طلاق الخلع و المبارأة

الرابع و الخامس: طلاق الخلع و المبارأة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت، و إلا كانت له الرجعة.

السادس: الطلاق الثالث إذا وقع منه رجوعان في البين

السادس: الطلاق الثالث إذا وقع منه رجوعان في البين (5) بين الأول و الثاني و بين الثاني و الثالث. و أما إذا وقعت الثلاث متوالية بلا رجعة صحت و وقعت واحدة كما مر (6).

مسألة 1: إذا طلقها ثلاثا مع تخلل رجعتين

(مسألة 1): إذا طلقها ثلاثا مع تخلل رجعتين حرمت عليه و لو بعقد جديد (7)،

______________________________

(3) إجماعا و ضرورة، كما يأتي ما يدلّ على ذلك من النصوص.

(4) فيكون خروج هذه الثلاثة عن الرجعي تخصصا؛ لأن الرجعة لا بد و أن تكون في العدة، و لا عدة لهذه الثلاثة، و يأتي تفصيل كل ذلك في محله إن شاء اللّه تعالى.

(5) كما يأتي تفصيل ذلك كله في المسائل الآتية إن شاء اللّه تعالى.

(6) تقدم في مسألة 32 فراجع.

(7) كتابا (1)، و سنة، و إجماعا قال تعالى حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ، و في خبر أبي بصير يسأل الصادق عليه السّلام: «عن الذي يطلّق ثمَّ يراجع ثمَّ

ص: 51


1- سورة البقرة: 228.

و لا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجا غيره، فإذا نكحها غيره ثمَّ فارقها بموت أو طلاق و انقضت عدتها جاز للأول نكاحها (8).

مسألة 2: كل امرأة حرة و إن كانت تحت عبد إذا استكملت الطلاق ثلاثا

(مسألة 2): كل امرأة حرة و إن كانت تحت عبد إذا استكملت الطلاق ثلاثا مع تخلل رجعتين في البين حرمت على المطلّق (9)

______________________________

يطلّق ثمَّ يراجع ثمَّ يطلق؟ قال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فيتزوجها رجل آخر فيطلّقها على السنّة، ثمَّ ترجع إلى زوجها الأول» (1)، و مثله غيره مما هو كثير.

(8) لظاهر الكتاب الكريم (2)، و الإجماع، مع أنه مطابق للعمومات حينئذ لوجود المقتضي لنكاح زوج الأول. و فقد المانع عنه، فعن الصادق عليه السّلام في خبر أبي بصير قال: «المرأة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره، التي تطلق ثمَّ تراجع ثمَّ تطلق ثمَّ تراجع ثمَّ تطلق الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، إن اللّه يقول الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ (3)، و التسريح هو التطليقة الثالثة» (4)، و في خبر عبد اللّه بن عقيل بن أبي طالب قال: «اختلف رجلان في قضية علي عليه السّلام و عمر في امرأة طلّقها زوجها تطليقة أو اثنتين فتزوجها آخر فطلّقها أو مات عنها، فلما انقضت عدتها تزوجها الأول، فقال عمر: هي على ما بقي من الطلاق، و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: سبحان اللّه يهدم الثلاث و لا يهدم واحدة؟!» (5).

و لا بد من مراعاة الشروط الآتية في المحلل.

(9) لإطلاق الأدلة الشامل لما إذا كانت تحت عبد أيضا، و يأتي ما يدل عليه بالخصوص.

ص: 52


1- الوسائل باب: 4 من أقسام الطلاق الحديث: 2 و 10.
2- سورة البقرة: 230.
3- سورة البقرة: 230.
4- الوسائل باب: 4 من أقسام الطلاق الحديث: 2 و 10.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3.

حتى تنكح زوجا غيره (10)، سواء واقعها بعد كل رجعة و طلقها في طهر آخر غير طهر المواقعة، و هذا يقال له: «طلاق العدة» (11). أم لم يواقعها (12)، سواء وقع كل طلاق في طهر أم وقع الجميع في طهر

______________________________

(10) بالأدلة الثلاثة، أما الكتاب و السنّة فقد تقدما، و أما الإجماع فمن الإمامية بل المسلمين.

(11) إجماعا و نصا، قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «و أما طلاق العدة الذي قال اللّه عز و جل فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ، فإذا أراد الرجل منكم أن يطلّق امرأته طلاق العدة فلينتظر بها حتى تحيض و تخرج من حيضها ثمَّ يطلقها تطليقة من غير جماع، بشهادة شاهدين عدلين، و يراجعها من يومه ذلك إن أحب أو بعد ذلك بأيام قبل أن تحيض، و يشهد على رجعتها و يواقعها حتى تحيض، فإذا حاضت و خرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع، يشهد على ذلك، ثمَّ يراجعها أيضا متى شاء قبل أن تحيض.

و يشهد على رجعتها و يواقعها و تكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثالثة، فإذا خرجت من حيضها الثالثة طلقها التطليقة الثالثة بغير جماع و يشهد على ذلك، فإذا فعل ذلك فقد بانت منه و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قيل له: و إن كانت ممن لا تحيض؟ فقال: مثل هذه تطلق طلاق السنّة» (1)، فهو ظاهر في أن طلاق العدة متقوم بأمرين.

الأول: أن يكون الرجوع بخصوص الرجعة دون العقد.

الثاني: المواقعة بعد كل رجوع، و طلاق السنّة أعم من طلاق العدة، إذ لا يعتبر فيه المواقعة بعد كل رجوع.

(12) هذا من طلاق السنّة و لا يطلق عليه طلاق العدة لاشتراطه بالمواقعة بعد كل رجوع.

ص: 53


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.

واحد (13)، فلو طلّقها مع الشرائط ثمَّ راجعها ثمَّ طلّقها ثمَّ راجعها في مجلس واحد حرمت عليه (14)، فضلا عما إذا طلّقها ثمَّ راجعها ثمَّ تركها حتى حاضت و طهرت ثمَّ طلّقها و راجعها ثمَّ تركها حتى حاضت و طهرت ثمَّ طلّقها (15)، هذا في الحرة. و أما الأمة فإذا طلقت طلاقين بينهما رجعة حرمت على زوجها حتى تنكح زوجا غيره و إن كانت تحت حر (16).

مسألة 3: العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق

(مسألة 3): العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق (17)،

______________________________

(13) لإطلاق أدلة طلاق السنة الشامل لكل واحد منهما، مضافا إلى الإجماع.

(14) لما تقدم من قول الصادق عليه السّلام: «لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره» (1) و غيره مما مر من الأدلة.

(15) لما مر من الأدلة الشاملة لجميع ذلك.

(16) إجماعا و نصوصا، منها صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن حر تحته أمة أو عبد تحته حرة، كم طلاقها و كم عدتها؟ فقال: السنّة في النساء في الطلاق، فإن كانت حرة فطلاقها ثلاثا و عدتها ثلاثة أقراء، و إن كان حر تحته أمة فطلاقها تطليقتان و عدتها قران» (2)، و في صحيح عيص بن القاسم قال:

«إن ابن شبرمة قال: الطلاق للرجل، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: الطلاق للنساء، و تبيان ذلك أن العبد تكون تحته الحرة فيكون تطليقها ثلاثا، و يكون الحر تحته الأمة فيكون طلاقها تطليقتين» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(17) إجماعا و نصوصا، منها صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل طلّق امرأته ثمَّ تركها حتى انقضت عدتها ثمَّ تزوجها ثمَّ طلّقها من غير أن يدخل بها حتى فعل ذلك بها ثلاثا، قال عليه السّلام: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره» (4)،

ص: 54


1- تقدم في صفحة: 51.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2 و 1.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه الحديث: 4.

فلو طلّقها ثلاثا بينها عقدان مستأنفان حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره (18)، سواء لم تكن لها عدة- كما إذا طلّقها قبل الدخول ثمَّ عقد عليها ثمَّ طلّقها ثمَّ عقد عليها ثمَّ طلّقها- أم كانت ذات عدة و عقد عليها بعد انقضاء العدة (19).

مسألة 4: المطلّقة ثلاثا إذا نكحت زوجا آخر و فارقها بموت أو طلاق حلت للزوج الأول

(مسألة 4): المطلّقة ثلاثا إذا نكحت زوجا آخر و فارقها بموت أو طلاق حلت للزوج الأول و جاز له العقد عليها بعد انقضاء العدة من الزوج الثاني (20)، فإذا طلقها ثلاثا حرمت عليه أيضا حتى تنكح زوجا آخر و إن كان ذاك الزوج الثاني في الثلاثة الأولى (21)، فإذا فارقها حلت للأول، فإذا عقد عليها و طلّقها ثلاثا حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، و هكذا تحرم عليه بعد كل طلاق ثالث و تحل له بنكاح الغير بعده و إن طلقت مائة مرة (22).

______________________________

و يقتضيه إطلاق قوله تعالى الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ.

(18) لإطلاق ما تقدم من الكتاب و السنة، و الإجماع الشامل لذلك.

(19) كل ذلك لما مر من الإطلاق من غير ما يصلح للتقييد.

(20) لما تقدم سيأتي في المسائل اللاحقة أيضا.

(21) لعين ما تقدم سابقا.

(22) بضرورة المذهب بل الدين و تدل عليه النصوص (1)، و الكتاب المبين (2).

و الأقسام المتصورة في المقام ثلاثة: لأن الطلاق الصحيح إما واحد أو متعدد، و الأول: إما بائن أو رجعي، و تقدم ما يتعلق بهما، و الثاني: أقسام ثلاثة،

ص: 55


1- تقدم في صفحة: 52.
2- سورة البقرة: 269.

.....

______________________________

و جميعها يحتاج في حلية الزوجة في الطلاق الثالث إلى محلّل.

الأول: ما إذا طلّقها فخرجت من العدة ثمَّ نكحها مستأنفا بعقد جديد ثمَّ طلّقها و تركها حتى انقضت العدة ثمَّ استأنف نكاحها كذلك ثمَّ طلّقها ثالثة، حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، فإذا فارقها و اعتدّت جاز للزوج الأول مراجعتها، و لا تحرم هذه في التاسعة، و لا يهدم استيفاء عدتها تحريمها في الثالثة، للإجماع و إطلاق الدليل كما مر.

و نسب إلى ابن بكير و الصدوق رحمهما اللّه أن الخروج من العدة هادم للطلاق، فله حينئذ نكاحها بلا محلّل. و نعم ما قال في الجواهر: «قد سبقهما الإجماع و لحقهما، و يمكن دعوى تواتر النصوص بالخصوص بخلافهما». و الأول ادعى أنه مما رزقه اللّه تعالى من الرأي، و هو كالصريح في أنه اجتهاد في مقابل النص، و نسبه إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام يقول: «الطلاق الذي يحبه اللّه و الذي يطلّق الفقيه و هو العدل بين المرأة و الرجل أن يطلّقها في استقبال الطهر بشهادة شاهدين و إرادة من القلب ثمَّ يتركها حتى تمضي ثلاثة قروء، فإذا رأت الدم في أول قطرة من الثالثة و هو آخر القروء لأن الأقراء هي الأطهار، فقد بانت منه و هي أملك بنفسها، فإن شاءت تزوجته و حلّت له بلا زوج، فإن فعل هذا بها مائة مرة هدم ما قبله و حلّت له بلا زوج، و إن راجعها قبل أن تملك نفسها ثمَّ طلّقها ثلاث مرات يراجعها و يطلّقها، لم تحل له إلا بزوج» (1).

قال الشيخ رحمه اللّه: «إنه يجوز أن يكون ابن بكير أسند ذلك إلى زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام نصرة لمذهبه الذي كان أفتى به لمّا رأى أصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه، و ليس هو معصوما لا يجوز عليه ذلك بل وقع عنه في العدول عن مذهب إلى اعتقاد مذهب الفطحية ما هو معروف من مذهبه، و الغلط في ذلك أعظم من إسناده فيما يعتقد صحته بشبهة إلى بعض أصحاب الأئمة».

أقول: فإذا بطل الإسناد بطل الاسناد لا محالة.

أقول: فإذا بطل الإسناد بطل الاستناد لا محالة.

الثاني: أن يكون الطلاق طلاق العدة، بأن طلّقها ثمَّ راجعها و واقعها ثمَّ

ص: 56


1- الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 16.

نعم، لو طلقت تسعا طلاق العدة بالتفسير الذي أشرنا إليه حرمت عليه أبدا، و ذلك بأن طلّقها ثمَّ راجعها ثمَّ واقعها ثمَّ طلّقها في طهر آخر ثمَّ راجعها ثمَّ واقعها ثمَّ طلّقها في طهر آخر، و هذا هو طلاق العدة، فإذا حلت للمطلّق بنكاح زوج آخر و عقد عليها ثمَّ طلّقها ثلاثا كالثلاثة الأولى ثمَّ حلت له بمحلل آخر ثمَّ عقد عليها ثمَّ طلّقها ثلاثا كالأوليين حرمت عليه أبدا (23).

و بالجملة: إنما توجب التسع طلقات الحرمة المؤبدة إذا وقع طلاق العدة ثلاث مرات، و يعتبر فيه أمران (24):

______________________________

طلّقها في طهر آخر و هكذا فعل ثلاثا حرمت عليه، فإذا حلّت للمطلّق بنكاح زوج آخر ثمَّ عقد عليها ثمَّ طلّقها كالثلاثة الأولى ثمَّ حلت بمحلل آخر ثمَّ عقد عليها ثمَّ طلّقها كالثلاثة الأولى ثمَّ حلّت بمحلل ثمَّ عقد عليها ثمَّ طلّقها ثلاثا كالأولين، حرمت عليه أبدا، فيعتبر فيه أمران تخلل رجعتين فلا يكفي غيرهما على ما فصل في المتن و وقوع المواقعة بعد كل رجعة، فيوجب حينئذ الحرمة الأبدية.

الثالث: أن يطلّق ثلاثا بالشرائط المتقدمة فتحرم الزوجة حرمة موقتة لا أبدية، يعني تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره، كما عرفت دليله مما مر.

(23) إجماعا و نصوصا، منها قول الرضا عليه السّلام في موثق محمد بن سنان:

«و علة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له أبدا؛ عقوبة لئلا يتلاعب بالطلاق فلا يستضعف المرأة و يكون ناظرا في أمور متيقظا معتبرا و ليكون ذلك مؤيسا لهما عن الاجتماع بعد تسع تطليقات» (1)، و لا بد من حمله على ما ذكر بقرينة غيره كما عرفت.

(24) للإجماع و النصوص، منها خبر أبي بصير سأل الصادق عليه السّلام: «عن

ص: 57


1- الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 8.

أحدهما: تخلل رجعتين، فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين و لا وقوع رجعة و عقد مستأنف في البين.

الثاني: وقوع المواقعة (25) بعد كل رجعة، فطلاق العدة مركب من ثلاث طلقات، اثنتان منها رجعية و واحدة منها بائنة (26)،

______________________________

الذي يطلّق ثمَّ يراجع ثمَّ يطلّق، ثمَّ يراجع ثمَّ يطلّق، قال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. فيتزوجها رجل آخر فيطلقها على السنّة ثمَّ ترجع إلى زوجها الأول، فيطلّقها ثلاث تطليقات فتنكح زوجا غيره، ثمَّ ترجع إلى زوجها الأول، فيطلّقها ثلاث مرات على السنّة ثمَّ تنكح، فتلك التي لا تحل له أبدا» (1)، فإنه ظاهر في اشتراط تخلل رجعتين في البين، و في رواية جميل بن دراج عن الصادق عليه السّلام:

«إذا طلّق الرجل المرأة فتزوجت، ثمَّ طلّقها زوجها فتزوجها الأول ثمَّ طلّقها فتزوجت رجلا ثمَّ طلّقها فتزوجها الأول ثمَّ طلّقها الزوج الأول، فإذا طلّقها على هذا ثلاثا لم تحل له أبدا» (2)، و في خبر معلى بن خنيس عن الصادق عليه السّلام: «في رجل طلّق امرأته، ثمَّ لم يراجعها حتى حاضت ثلاث حيض ثمَّ تزوجت ثمَّ طلّقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض، ثمَّ تزوجها ثمَّ طلّقها من غير أن يراجع، ثمَّ تركها حتى حاضت ثلاث حيض قال عليه السّلام: له أن يتزوجها أبدا ما لم يراجع و يمس» (3). إلى غير ذلك من الروايات.

و المستفاد من المجموع بعد رد بعضها إلى البعض بقرينة الإجماع اعتبار أمرين- التخلل برجعتين، و المواقعة- فلا وجه لما عن صاحب الجواهر من أنه لا يستفاد منها اعتبار المواقعة إذ المجموع من حيث المجموع يستفاد ذلك.

(25) قبلا أو دبرا.

(26) لما مر في النصوص السابقة.

ص: 58


1- الوسائل باب: 4 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 13.

فإذا وقعت ثلاثة منه حتى كملت تسع طلقات حرمت عليه أبدا. هذا و الأحوط الاجتناب عن المطلقة تسعا مطلقا و إن لم تكن الجميع طلاق العدة (27).

مسألة 5: إنما يوجب التحريم الطلقات الثلاث إذا لم تنكح في البين زوجا آخر

(مسألة 5): إنما يوجب التحريم الطلقات الثلاث إذا لم تنكح في البين زوجا آخر، و أما إن تزوجت للغير انهدم حكم ما سبق و تكون كأنها غير مطلقة (28)،

______________________________

(27) تمسكا ببعض الإطلاقات و ذهاب بعض إليه، و إن كان الإطلاق لا بد من تقييده بغيره، كما مر فذهاب البعض يكون بلا دليل.

(28) لقوله تعالى فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (1) في الثلاثة، فبالفحوى بالنسبة إلى الواحدة يهدم، و للأخبار الكثيرة منها: موثق رفاعة عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل طلق امرأته حتى بانت منه و انقضت عدتها ثمَّ تزوجت زوجا آخر فطلّقها أيضا، ثمَّ تزوجها زوجها الأول، أ يهدم ذلك الطلاق الأول؟ قال عليه السّلام: نعم» (2).

و منها: خبره الآخر عن الصادق عليه السّلام أيضا: «سألته عن المطلّقة تبين ثمَّ تتزوج زوجا غيره قال عليه السّلام: انهدم الطلاق» (3).

و منها: خبره الثالث: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة فتبين منه، ثمَّ يتزوجها آخر فيطلّقها على السنّة فتبين منه ثمَّ يتزوجها الأول على كم هي عنده؟ قال: على غير شي ء» (4).

و منها: خبر عبد اللّه بن عقيل، قال: «اختلف رجلان في قضية إلى علي عليه السّلام و عمر في امرأة طلقها زوجها تطليقة أو اثنتين فتزوجها آخر فطلّقها أو مات عنها

ص: 59


1- سورة البقرة: 230.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 13 و 4.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 13 و 4.

.....

______________________________

فلما انقضت عدتها تزوجها الأول، فقال عمر: هي على ما بقي من الطلاق، و قال أمير المؤمنين عليه السّلام: سبحان اللّه أ يهدم ثلاثا و لا يهدم واحدة؟!» (1).

و بإزاء هذه الأخبار روايات أخرى، و فيها الصحيح و غيره تدل على عدم الهدم، منها: صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلّق امرأته تطليقة واحدة ثمَّ تركها حتى مضت عدتها، ثمَّ تزوجها رجل غيره، ثمَّ إن الرجل مات أو طلّقها فراجعها الرجل الأول؟ قال: هي عنده على تطليقتين باقيتين» (2).

و منها: صحيح منصور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في امرأة طلّقها زوجها واحدة أو اثنتين ثمَّ تركها حتى تمضي عدتها، فتزوجها غيره فيموت أو يطلّقها، فيتزوجها الأول، قال: هي عنده على ما بقي من الطلاق» (3).

و منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام كان يقول في الرجل يطلق امرأته تطليقة واحدة ثمَّ يتزوجها بعد زوج: إنها عنده على ما بقي من طلاقها» (4).

و منها: خبر محمد بن قيس عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن رجل طلّق امرأته تطليقه ثمَّ نكحت بعده رجلا غيره، ثمَّ طلّقها فنكحت زوجها الأول؟ فقال: هي عنده على تطليقة» (5).

إلى غير ذلك من الأخبار، و لكن إعراض الأصحاب عنها و استقرار المذهب على غيرها حتى إن الشهيد الثاني صرّح في كلامه بما يأتي أو هن الاعتماد عليها، و نعم ما قال في الجواهر: «فمن الغريب غرور المحدّث البحراني بها و أطنابه في المقام بما لا طائل تحته بل مرجعه إلى اختلال الطريقة، و أغرب منه تردد الفاضل في التحرير مع نزاهته عن هذا الاختلال، و من العجيب

ص: 60


1- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 6.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 9.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 10.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 11.

و يتوقف التحريم على إيقاع ثلاث طلقات مستأنفة (29).

مسألة 6: قد مر أن المطلّقة ثلاثا تحرم على المطلّق حتى تنكح زوجا غيره

(مسألة 6): قد مر أن المطلّقة ثلاثا تحرم على المطلّق حتى تنكح زوجا غيره، و يعتبر في زوال التحريم به أمور ثلاثة:

الأول: أن يكون الزوج المحلل بالغا، فلا اعتبار بنكاح غير البالغ و إن كان مراهقا (30).

الثاني: أن يطأها قبلا وطيا موجبا للغسل (31)

______________________________

أن ثاني الشهيدين الذي شرّع هذا الاختلال قال في المقام:- إن عمل الأصحاب على الأول فلا سبيل إلى الخروج عنه-».

(29) لأصالة عدم التحريم الذي يحتاج إلى تحلل زوج آخر إلا أن يتحقق سببه، و تحقق طلاقات ثلاثة بنحو ما مر.

(30) لاستصحاب بقاء الحرمة، بعد الشك في صحة التمسك بالإطلاق، و للإجماع، و النص، فعن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في خبر علي بن الفضل الواسطي قال: «كتبت إلى الرضا عليه السّلام رجل طلّق امرأته الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها غلام لم يحتلم، قال: لا حتى يبلغ» (1).

(31) للأصل- أي: أصالة عدم حصول التحلل إلا بذلك- بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات كما ذكرنا. و للإجماع و نصوص ذوق العسيلة الظاهرة في الدخول في القبل بلا شك و ريب، ففي الصحيح عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث:

«فإذا طلّقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فإذا تزوجها غيره و لم يدخل بها و طلّقها أو مات عنها لم تحل لزوجها الأول حتى يذوق الآخر عسيلتها»(2)، و في خبر سماعة قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته فتزوجها رجل آخر و لم

ص: 61


1- الوسائل باب: 8 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.

بغيبوبة الحشفة أو مقدارها من مقطوعها (32)، و هل يعتبر الانزال؟ فيه إشكال، الأحوط اعتباره (33).

______________________________

يصل إليها حتى طلّقها، تحل للأول؟ قال: لا حتى يذوق عسيلتها»(1)، و عن أبي جعفر عليه السّلام: «من طلق امرأته ثلاثا و لم يراجع حتى تبين فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فإذا تزوجت زوجا و دخل بها حلت لزوجها الأول» (2).

و هل يتحقق التحليل بالوطئ في الدبر من أصالة بقاء الحرمة و التشديد على الزواج أن لا يتلاعبوا بالطلاق، كما مر عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام عدم التحليل بالوطئ فيه.

و إن كان مقتضى جملة من الإطلاقات مثل قوله عليه السّلام: الدبر «أحد المأتيين» (3)، و أصالة المساواة بينهما إلا ما خرج بالدليل، كما تقدم في كتاب النكاح هو التحليل بالوطي فيه أيضا.

و أما ما تقدم من الروايات الشاملة على ذوق العسيلة، فإن كان المراد بالعسيلة لذّة المواقعة فهو يشمل الوطي في الدبر أيضا، و إن كان المراد بالعسيلة إنزال المرأة بعد الالتذاذ فالظاهر أنه مختص بالقبل كما مر.

(32) للإطلاق الشامل لمقطوعها أيضا.

(33) الأصل في ذلك قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في امرأة رفاعة القرطي قالت:

«كنت عند رفاعة فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، و أنه طلقني قبل أن يمسني- و أنا معه مثل هدبة الثوب- فتبسم النبي صلّى اللّه عليه و آله و قال: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته و يذوق عسيلتك» (4) و تقدم قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح التعبير بذلك أيضا.

ص: 62


1- الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3 و 2.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3 و 2.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب الجنابة.
4- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 333 و في كنز العمال ج: 9 صفحة: 389 حديث: 3214.

الثالث: أن يكون العقد دائما لا متعة (34).

مسألة 7: لا فرق في المحلل بين الحر و العبد بعد كونه جامعا للشرائط

(مسألة 7): لا فرق في المحلل بين الحر و العبد بعد كونه جامعا للشرائط (35)،

______________________________

و حيث إن ذوق العسيلة مردد بين لذّة الجماع و بين الإنزال، و الأول معلوم و الثاني مشكوك، فيرجع فيه إلى الأصل، و يحتمل إرادتهما معا أيضا فيكون منشأ للاحتياط.

(34) للأصل كما تقرر سابقا، و الإجماع، و النصوص، منها ما عن أحدهما في الصحيح: «سألته عن رجل طلّق امرأته ثلاثا ثمَّ تمتّع منها رجل آخر، هل تحل للأول؟ قال: لا» (1)، و في موثق هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل تزوج امرأة ثمَّ طلقها فبانت ثمَّ تزوجها رجل آخر متعة، هل تحل لزوجها الأول؟ قال: لا، حتى تدخل فيما خرجت منه» (2)، إلى غير ذلك من الروايات، و يمكن دعوى الانسباق من سياق قوله تعالى حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (3).

و كذا يعتبر أن يكون الوطي بالعقد لا بالملك أو الإباحة إذا كانت المطلقة أمة؛ للإجماع و النصوص، منها صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل يزوج جاريته رجلا ثمَّ تمكث عنده ما شاء اللّه ثمَّ طلّقها فرجعت إلى مولاها،! أ يحل لزوجها الأول أن يراجعها؟ قال عليه السّلام: لا، حتى تنكح زوجا غيره» (4)، و مثله:

غيره. و المراد بالطلاق جنسه الشامل للتطليقتين بقرينة صحيح فضيل (5).

كما لا يصح التحليل بالعقد الفاسد أو الوطي بالشبهة، لعدم صدق الزوج الوارد في الكتاب حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ (6)، و السنّة على ما تقدم.

(35) للإطلاق مضافا إلى خبر إسحاق بن عمار قال: «سألت أبا

ص: 63


1- الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2 و 3.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2 و 3.
3- سورة البقرة: 230.
4- الوسائل باب: 27 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3 و 2.
5- الوسائل باب: 27 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3 و 2.
6- سورة البقرة: 230.

و كذا لا يعتبر فيه العقل، فيصح أن يكون مجنونا (36).

مسألة 8: لو لم يقدر على الدخول لعنن أو نحوه لا يقع به التحليل

(مسألة 8): لو لم يقدر على الدخول لعنن أو نحوه لا يقع به التحليل (37)، و كذا من ليست له شهوة كالخصي و نحوه و إن قدر على الدخول (38).

مسألة 9: لو كانت المطلّقة مسلمة و المحلل غير مسلم لا يقع به التحليل

(مسألة 9): لو كانت المطلّقة مسلمة و المحلل غير مسلم لا يقع به التحليل (39)،

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلّق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره و تزوجها عبد ثمَّ طلّقها، هل يهدم الطلاق؟ قال: نعم، يقول اللّه عز و جل في كتابه حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ و هو أحد الأزواج» (1).

(36) لإطلاق الأدلة الشامل للمجنون أيضا إذا كان العقد بإذن الولي، أو وقع في حال الصحو، و وقع الدخول في حال الجنون. و لكن لو أراد المجنون الطلاق فلا يصح منه؛ لما تقدم في مسألة 2 من الفصل الأول إلا بعد المراجعة إلى الحاكم الشرعي، لأن له السلطة على ذلك.

(37) لما مر من اعتبار الدخول، و قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «حتى تذوقي عسيلته و يذوق عسيلتك» (2).

(38) لظهور الروايات المتقدمة في غيره، و ما مر من قوله صلّى اللّه عليه و آله، و يشهد له خبر محمد بن مضارب قال: «سألت الرضا عليه السّلام عن الخصي يحلل؟ قال: لا يحلل» (3)، بناء على أن المراد به من ليس له شهوة أصلا، و أما إن حصل منه الشهوة و تحقق سائر الشرائط فيحصل به التحليل، و تطرح الرواية أو تحمل.

(39) لعدم تحقق الزواج الشرعي، كما مر في كتاب النكاح.

ص: 64


1- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
2- تقدم في صفحة: 62.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.

و لو طلّقت الذميّة ثلاثا، ثمَّ تزوجت ذميّا آخر و بانت منه بعد الوطي يقع التحليل به، فيصح للزوج الأول تزويجها (40).

مسألة 10: إذا طلّقها ثلاثا و انقضت مدة فادعت أنها تزوجت و فارقها الزوج الثاني و مضت العدة

(مسألة 10): إذا طلّقها ثلاثا و انقضت مدة فادعت أنها تزوجت و فارقها الزوج الثاني و مضت العدة و احتمل صدقها صدقت و يقبل قولها بلا يمين (41)، فللزوج الأول أن ينكحها بعقد جديد و ليس عليه الفحص و التفتيش، و الأحوط الاقتصار على ما إذا كانت ثقة أمينة (42).

مسألة 11: لو دخل المحلّل فادعت الدخول و لم يكذّبها صدقت

(مسألة 11): لو دخل المحلّل فادعت الدخول و لم يكذّبها صدقت و حلت للزوج الأول (43)، و إن كذّبها لا يبعد قبول قولها أيضا (44)،

______________________________

(40) للعمومات و الإطلاقات الشاملة للمقام و غيره من أقسام الكفار أيضا.

(41) نسب ذلك إلى المشهور، لما عن الصادق عليه السّلام في الصحيح: «في رجل طلق امرأته ثلاثا فبانت منه فأراد مراجعتها فقال لها: إني أريد مراجعتك فتزوجي زوجا غيري، فقالت لي: قد تزوجت زوجا غيرك و حللت لك نفسي، أتصدق و يراجعها؟ و كيف يصنع؟ قال: إذا كانت المرأة ثقة صدّقت في قولها» (1)، بناء على أن المراد بالثقة احتمال صدقها.

(42) إن كان المراد بالأمانة مجرد الثقة فيدل عليه ما مر من الحديث، و إن كان مراده شيئا أخص من الثقة فلا دليل عليه، بل مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبارها.

(43) للإجماع، و لأنه أمر لا يعلم إلا من قبلهما، و المفروض عدم التكذيب من أحدهما في البين.

(44) لكونها بمنزلة ذي اليد، و لتعذر إقامة البينة.

ص: 65


1- الوسائل باب: 11 من أبواب أقسام الطلاق.

لكن الأحوط الاقتصار على صورة حصول الاطمئنان بصدقها (45). و لو ادعت الإصابة ثمَّ رجعت عن قولها، فإن كان قبل أن يعقد الأول عليها لم تحل له (46)، و إن كان بعد العقد عليها لم يقبل رجوعها (47).

مسألة 12: لا فرق في الوطي المعتبر في المحلّل بين المحرّم و المحلّل

(مسألة 12): لا فرق في الوطي المعتبر في المحلّل بين المحرّم و المحلّل (48)، فلو وطأها محرّما كالوطء في حال الإحرام أو في الصوم الواجب أو في الحيض و نحو ذلك، كفى في حصول التحليل للزوج الأول (49).

مسألة 13: لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق

(مسألة 13): لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق (50)، بل يحكم ظاهرا ببقاء علقة النكاح (51)، و لو علم بأصل الطلاق و شك في عدده بنى على الأقل (52)، سواء كان الطرف الأكثر الثلاث أم التسع، فلا يحكم مع الشك بالحرمة غير المؤبدة في الأول

______________________________

(45) لكون الاطمئنان من الحجج المقبولة الدائرة في الفقه و غيره.

(46) للاستصحاب، و ظهور إجماع الأصحاب.

(47) لأنه في حق الغير حينئذ و لا أثر لقوله في حق غيره، إلا مع ثبوته بحجة معتبرة.

(48) لظهور الإطلاق، و لأن المقام من الوضعيات التي لا فرق فيها بين الحلية و الحرمة.

(49) لوجود المقتضي للتزويج و فقد المانع عنه.

(50) لأصالة البراءة عن وجوبه و ظهور الإجماع على عدم وجوبه.

(51) لاستصحاب بقاء علقة النكاح ما لم يعلم بزوالها.

(52) لما أثبتوه في الأصول من أنه عند دوران الأمر بين الأقل و الأكثر أن الأول هو المتيقن، فلا بد من الأخذ به إلا أن يثبت الثاني بدليل معتبر، و المفروض انتفاؤه.

ص: 66

و بالحرمة الأبدية في الثاني (53).

نعم، لو شك بين الثلاث و التسع يشكل البناء على الأول بحيث تحل له بالمحلّل (54).

مسألة 14: لو ارتد المحلّل

(مسألة 14): لو ارتد المحلّل، فإن كان ذلك قبل الوطي فلا يتحقق التحليل و إن كان بعده حصل (55).

______________________________

(53) لأن خصوصية هذه الحرمة مشكوكة، فيرجع فيها إلى الأصل عند عدم الدليل عليها.

(54) لوجود الأصل الموضوعي في البين- الحاكم على الأصل الحكمي- و هو استصحاب الحرمة.

و ما يقال: من أن الأول مقطوع العدم بعد أن تنكح الزوجة زوجا غيره و فارقها، و الثاني مشكوك الحدوث رأسا فيرجع فيه إلى الأصل.

باطل: لما أثبتوه في الأصول من جريان الاستصحاب الكلي في مثل المقام، و تعرضنا لذلك في كتابنا [تهذيب الأصول] و من شاء فليرجع إليه.

و مقتضى ذلك الفتوى بعدم الجواز.

(55) أما الأول فلا فلانفساخ النكاح، و ظهور الأدلة في لزوم كون الزوجية باقية حين الوطي، و أما الثاني فلوقوع التحليل جامعا للشرائط و حصول الانفساخ بعده، فتشمله الإطلاقات و العمومات. و اللّه العالم.

ص: 67

الفصل الثالث في أحكام الطلاق

اشارة

الفصل الثالث في أحكام الطلاق ذكرنا جملة منها في المسائل السابقة إلا أن هنا مسائل:

مسألة 1: تقدم كراهة أصل الطلاق

(مسألة 1): تقدم كراهة أصل الطلاق و تتأكد الكراهة للمريض (1)، و إن طلق صحّ و يترتب عليه جميع أحكامه (2)، و هو يرث زوجته ما دامت في العدة الرجعية و ترثه هي- سواء كان طلاقها بائنا أم رجعيا- ما بين الطلاق و سنة (3)،

______________________________

(1) على المشهور المدعى عليه الإجماع، مضافا إلى قول الصادق عليه السّلام في رواية زرارة: «ليس للمريض أن يطلق، و له أن يتزوج» (1) و قوله عليه السّلام أيضا في خبر عبيد بن زرارة: «لا يجوز طلاق المريض و يجوز نكاحه» (2)، المحمول على شدة الكراهة جمعا بينها و بين ما في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام أيضا «في الرجل يحضره الموت فيطلّق امرأته، أ يجوز طلاقه؟

قال: نعم» (3).

(2) لإطلاقات الأدلة الشاملة له، مضافا إلى ما تقدم.

(3) أما الأول، فلأنها كالزوجة في الأحكام. و منها الإرث مضافا إلى نصوص خاصة، منها صحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يطلّق

ص: 68


1- الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3 و 4.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3 و 4.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الطلاق.

ما لم تتزوج و لم يبرأ من مرضه الذي طلقها فيه (4)، فلو برئ بعده ثمَّ مرض ثمَّ مات لم ترثه إلا في العدة الرجعية (5).

______________________________

المرأة؟ قال: ترثه و يرثها ما دام له عليها رجعة» (1)، و في الصحيح عن الصادق عليه السّلام: «أيما امرأة طلقت ثمَّ توفّى عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها و لم تحرم عليه، فإنها ترثه و تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، و إن توفيت و هي في عدتها و لم تحرم عليه، فإنه يرثها» (2) إلى غير ذلك من النصوص كما يأتي.

و أما الثاني: فللإجماع و نصوص خاصة منها موثق عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته و هو مريض حتى مضى لذلك سنة قال عليه السّلام: ترثه إذا كان في مرضه الذي طلّقها لم يصح بين ذلك» (3)، و في خبر أبي العباس عن الصادق عليه السّلام: قلت له: «رجل طلّق امرأته و هو مريض تطليقة، و قد كان طلقها قبل ذلك تطليقتين، قال: فإنها ترثه إذا كان في مرضه، قلت: فما حد ذلك؟ قال: لا يزال مريضا حتى يموت و إن طال ذلك إلى سنة» (4)، و في خبر الحذاء عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا طلق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ثمَّ مكث في مرضه حتى انقضت عدتها، فإنها ترثه ما لم تتزوج، فإن كانت قد تزوجت بعد انقضاء العدة فإنها لا ترثه» (5)، و عن الصادق عليه السّلام: في رواية أبي العباس: «إذا طلّق الرجل المرأة في مرضه، ورثته ما دام في مرضه ذلك، و إن انقضت عدتها إلا أن يصح منه. قال: قلت: فإن طال به المرض؟ فقال:

ما بينه و بين سنة» (6)، إلى غير ذلك من الروايات.

(4) لما ورد في النصوص المتقدمة.

(5) لما تقدم سابقا، و ما ورد من الروايات فيها.

ص: 69


1- الوسائل باب: 13 من أبواب ميراث الزوج الحديث: 4 و 8.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب ميراث الزوج الحديث: 4 و 8.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 7.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 8.
5- الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 5 و 1.
6- الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 5 و 1.

مسألة 2: لو ادّعى الرجل الطلاق في حال الصحة ثلاثا، قبلت منه

(مسألة 2): لو ادّعى الرجل الطلاق في حال الصحة ثلاثا، قبلت منه بالنسبة إلى أصل الطلاق (6)، و هل تقبل بالنسبة إلى إرثها؟ فيه إشكال (7).

مسألة 3: هل يثبت الإرث مع سؤالها الطلاق من المريض

(مسألة 3): هل يثبت الإرث مع سؤالها الطلاق من المريض، و كذا لو خالعته، أو بارأته؟ وجهان (8)، و الظاهر عدم الإرث (9).

مسألة 4: لو اختلفا في زمان وقوع الطلاق

(مسألة 4): لو اختلفا في زمان وقوع الطلاق مع الاتفاق على أصل وقوعه يقدّم قولها (10).

______________________________

(6) لعموم «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (1).

(7) من حيث التهمة بالنسبة إلى إرثها فلا تقبل، و من حيث أن أصل طلاق البائن في حال الصحة يلازم عدم الإرث و المفروض أنه يقبل ذلك.

و الظاهر اختلاف تحقق التهمة و عدمها باختلاف الموارد و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.

(8) مقتضى ما تقدم من الإطلاقات، أنها ترثه كما مر، و مقتضى قول الصادق عليه السّلام في خبر الهاشمي: «لا ترث المختلعة و لا المبارأة و المستأمرة في طلاقها من الزوج شيئا، إذا كان ذلك منهن في مرض الزوج، و إن مات في مرضه؛ لأن العصمة قد انقطعت منهن و منه» (2) و يقتضيه الأصل أيضا.

(9) لما مر من معتبرة الهاشمي.

(10) أما إذا ادعت التأخير فلبقاء الزوجية، و أصالة عدم تحقق الطلاق إلا في ما اتفقا عليه، فيترتب الأثر على بقاء الزوجية من وجوب النفقة و نحوها إلا إذا أتى الزوج بالبينة على قوله، و أما إذا ادعت التقدم، فلاعترافها بعدم النفقة مثلا و نحوها من آثار الزوجية إلا إذا أتى الزوج بالبينة على الخلاف.

ص: 70


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الإقرار الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: 1.

مسألة 5: إذا ادّعى الزوج أنه طلقها و أنكرت الزوجة الطلاق

(مسألة 5): إذا ادّعى الزوج أنه طلقها و أنكرت الزوجة الطلاق، ففي تقديم قوله أو قولها، وجهان، بل قولان (11). و الأحوط تجديد الطلاق.

مسألة 6: لو ادّعت المطلقة أن الطلاق وقع في حال المرض

(مسألة 6): لو ادّعت المطلقة أن الطلاق وقع في حال المرض و أنكر الوارث ذلك، يقدم قول الوارث (12).

مسألة 7: لا يلحق بالمرض الموت بالحوادث المخوفة كالغرق و الحبس و الاسارة- و نحو ذلك

(مسألة 7): لا يلحق بالمرض الموت بالحوادث المخوفة كالغرق و الحبس و الاسارة- و نحو ذلك (13).

مسألة 8: لا يلحق بالطلاق في حال المرض فسخ النكاح

(مسألة 8): لا يلحق بالطلاق في حال المرض فسخ النكاح (14).

مسألة 9: لو قتل في أثناء المرض الذي طلّق فيه، ففي ثبوت الإرث على ما تقدم إشكال

(مسألة 9): لو قتل في أثناء المرض الذي طلّق فيه، ففي ثبوت الإرث على ما تقدم إشكال (15).

______________________________

(11) وجه تقديم قولها أصالة بقاء الزوجية و عدم تحقق الطلاق. و أما وجه تقديم قوله أنه من فعله، و أن الطلاق بيده شرعا، و لقاعدة: «من ملك شيئا ملك الإقرار به»، كما مر مكررا.

و يمكن الإشكال فيهما، لعدم ثبوت الكلية في كل منهما إلا بقرائن خارجية توجب الاطمئنان، فالأحوط ما ذكرناه.

(12) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه، إلا إذا ثبت خلافه من بينة أو نحوها بأن الطلاق وقع في حال المرض.

(13) للأصل بعد الشك في شمول الدليل له.

(14) للأصل و ظهور الإجماع.

(15) لتعلق الإرث على الموت في المرض الذي طلّق فيه إلى سنة كما تقدم، و القتل غير الموت بالمرض لقوله تعالى أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ (1)، و كذا الحوادث التي تحدث في هذه الأعصار من غير الاختيار، كالموت بالكهرباء أو

ص: 71


1- سورة آل عمران: 144.

مسألة 10: لا فرق في ما مر من الأحكام بين الزوج الكبير و الصغير

(مسألة 10): لا فرق في ما مر من الأحكام بين الزوج الكبير و الصغير، إذا طلقها الولي مع مراعاة المصلحة (16).

مسألة 11: لو طلّقها بائنا ثمَّ وطئها شبهة وجب عليها مهر المثل مع جهله بالحال

(مسألة 11): لو طلّقها بائنا ثمَّ وطئها شبهة وجب عليها مهر المثل (17) مع جهله بالحال، و لو كانا عالمين فلا مهر بل يحد (18).

مسألة 12: لو ادّعت أن زوجها طلّقها و أنكر الزوج ذلك

(مسألة 12): لو ادّعت أن زوجها طلّقها و أنكر الزوج ذلك، فالقول قوله مع اليمين (19).

مسألة 13: لو كان له زوجتان فطلّق إحداهما المعينة

(مسألة 13): لو كان له زوجتان فطلّق إحداهما المعينة، ثمَّ نسيها وجب عليه الاجتناب عنهما إن كان الطلاق بائنا (20)، و لا يجوز لهما التزويج بالغير إلا بالفراق منه على الأحوط (21)،

______________________________

التصادمات في مراكب السير و استعمال بعض الأدوية المشتبهة، و لكن الأحوط للورثة التراضي معها.

(16) لعموم الأدلة الشاملة لجميع ذلك.

(17) لأن الدخول مع الشبهة يوجب المهر، كما فصلناه في كتاب النكاح.

(18) أما عدم المهر، فلأنه «لا مهر لبغي» (1)، و أما الحد فلتحقق الزنا، كما سيأتي في كتاب الحدود.

(19) لأصالة عدم الطلاق إلا مع البينة عليه، و المفروض عدمها. و أما اليمين فلفصل الخصومة ظاهرا.

(20) لأن ذلك من موارد العلم الإجمالي المنجز، فيترتب عليه أثره من الاجتناب عنهما.

(21) لفرض ترددهما بين من له زوج فعلي و من ليس لها زوج فعلا، و يمكن الإشكال بخروج كل منهما عن مورد ابتلاء الآخر.

ص: 72


1- ورد مضمونه في الوسائل باب: 5 من أبواب ما يكتسب به.

و إن كان الطلاق رجعيا يصح له الرجوع إلى كلتيهما (22)، و لو رجع إلى إحداهما دون الأخرى فالظاهر حلية الأخرى له (23).

مسألة 14: لو طلّق زوجته ثمَّ شك أنه من الطلاق الرجعي أو البائن لا يجوز له الرجوع إلا بعقد جديد.

(مسألة 14): لو طلّق زوجته ثمَّ شك أنه من الطلاق الرجعي أو البائن لا يجوز له الرجوع إلا بعقد جديد. و في النفقة لا بد من مراضاتهما عليها (24).

مسألة 15: إذا كان الطلاق موجبا للضرر نفسا على الزوجة ففي جوازه حينئذ إشكال

(مسألة 15): إذا كان الطلاق موجبا للضرر نفسا على الزوجة ففي جوازه حينئذ إشكال (25).

______________________________

(22) لأن كلا منهما تحل له إما بالزوجية أو بالرجوع إليها في الطلاق الرجعي.

(23) لاستصحاب بقاء الزوجية بعد خروج العلم الإجمالي عن التنجز بالرجوع إلى الأخرى و سقوطها عن طرفية العلم الإجمالي.

(24) لأن ذلك مقتضى الاحتياط في التكليف المردّد بين المتباينين مع العلم الإجمالي. هذا إذا لم يكن من الطلاق الثالث و إلا ففيه تفصيل.

(25) من كونه تسبيبا لإضرار الغير نفسا، فهو لا يجوز، و من إمكان دعوى شمول إطلاقات أدلة الطلاق و أنه «بيد من أخذ بالساق» (1) و ولايته على ذلك حتى في هذه الصورة.

نعم، لو كان الإضرار من حيث النفقة أو السكنى أو نحوهما، فحينئذ لا إشكال في الجواز؛ لأن رفع تلك الإضرار و تداركها يجب أن يكون من بيت المال، و إلا على المسلمين كفاية.

ص: 73


1- كنز العمال ج: 9 صفحة: 381 حديث: 3134.

فصل في أقسام العدد

اشارة

فصل في أقسام العدد يجب الاعتداد بأمور ثلاثة: الفراق بين الزوج و الزوجة بطلاق أو فسخ أو انفساخ في العقد الدائم، و انقضاء المدة أو بذلها في المتعة، و موت الزوج، و وطئ الشبهة (1).

______________________________

العدد جمع عدة، لاشتمالها على ذلك غالبا، و منه المعنى الاصطلاحي:

و هي أيام تربص المرأة حتى يطهر رحمها عن الماء المحترم.

(1) لأنه يتحقق احترام الماء بكل ذلك كما يأتي، و كل ماء محترم يكون في زوال سببه العدة.

ص: 74

القسم الأول في عدة الفراق طلاقا كان أو غيره

اشارة

القسم الأول في عدة الفراق طلاقا كان أو غيره

مسألة 1: لا عدة على من لم يدخل بها

(مسألة 1): لا عدة على من لم يدخل بها، و لا على الصغيرة (1)

______________________________

(1) أما الأول: فللأدلة الأربعة، فمن الكتاب قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها (1).

و من السنة نصوص مستفيضة، ففي موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها تطليقة واحدة، فهي بائن منه، و تتزوج من ساعتها إن شاءت» (2).

و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها، فليس عليها عدة، تزوجت من ساعتها إن شاءت» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و من الإجماع، فهو من الفريقين.

و أما العقل، فلقاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع.

نعم، في الوفاة لها عدة و إن لم يدخل بها.

ص: 75


1- سورة الأحزاب: 49.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العدد الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العدد الحديث: 4.

- و هي من لم تكمل التسع و إن دخل بها- و لا على اليائسة (2)،

______________________________

و أما الثاني: فيدل عليه مضافا إلى الإجماع- و ما تقدم من القاعدة- نصوص كثيرة، ففي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: «ثلاث يتزوجن على كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، و التي لم تحض و مثلها لا تحيض- أي: لم تبلغ تسع سنين- و التي لم يدخل بها» (1) و صحيح جميل عن أحدهما عليهما السّلام: «الرجل يطلّق الصبية التي لم تبلغ و لا يحمل مثلها و قد كان دخل بها، و المرأة التي قد يئست من المحيض و ارتفع حيضها، فلا يلد مثلها، ليس عليهما عدة و إن دخل بهما» (2).

و ما يظهر منه الخلاف مثل رواية ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الجارية التي لم تدرك الحيض يطلّقها زوجها بالشهور» (3)، و رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «عدة التي لم تحض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر» (4)، و غيرهما من الروايات (5)، فلا بد إما من حملها على المرأة التي لا تحيض و هي في سن من تحيض كما يأتي في مسألة 17، أو ردها إلى أهلها؛ لمخالفتها للمشهور و موافقتها للعامة (6).

(2) لما تقدم من النصوص، مضافا إلى قوله تعالى وَ اللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ (7)، فإنه يدل على أن اليأس المتحقق لا معنى للعدة فيه.

و ما يظهر منه الخلاف مثل خبر أبي بصير: «عدة التي لم تبلغ المحيض

ص: 76


1- الوسائل باب: 3 من أبواب العدد الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب العدد الحديث: 3 و 7.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب العدد الحديث: 3 و 7.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 9 و 7.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 9 و 7.
6- المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 102 ط بيروت.
7- سورة الطلاق: 4.

سواء بانت في ذلك كله بطلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها (3).

مسألة 2: يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا، أو دبرا

(مسألة 2): يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا (4)، أو دبرا (5)

______________________________

ثلاثة أشهر، و التي قعدت عن المحيض ثلاثة أشهر» (1)، و غيره من الأخبار لا بد من ردها إلى أهلها لمخالفتها للمشهور و موافقتها للعامة (2).

و الجامع: انه لا عدة فيما قبل قابلية الرحم لانعقاد النطفة كحال الصغيرة كما تقدم، و فيما بعد سقوطه عن القابلية كحال اليأس، و فيمن لم يدخل بها، بل لا ملاك لها أصلا، فهذه الموضوعات الثلاثة عقلائية تعرضت لها النصوص و الفتوى، و لم يتعرضوا لما حدث في هذه الأعصار من إخراج الرحم رأسا أو اعقامها أو فساد نطفة الرجل عن التأثير أو المرأة كذلك بالأجهزة الحديثة و الأدوية العصرية، و ظاهرهم ثبوت العدة في هذه الموارد؛ لأنهم يجعلونها من الحكمة لا العلة، و لا كلية لديهم في الحكم.

و لكنه مع ذلك مشكل، إذ لا يتصور موضوع الحكمة في بعض الموارد أصلا بل يكون من اللغو عند العرف و يصير الرحم كرحم اليائسة أو أفسد منها.

إلا أن يشمل التعبد جميع ذلك و نحوها.

(3) للاتفاق، و الإطلاق، الشامل لكل ذلك.

(4) إجماعا و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة» (3)، و في موثق عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام أيضا: «.. إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة» (4)، و المراد بالإدخال إدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها على ما هو المتسالم عليه في الفقه من أوله إلى آخره.

(5) للاتفاق، و الإطلاق، و لأصالة المساواة في أحكام الفرجين إلا ما

ص: 77


1- الوسائل باب: 2 من أبواب العدد الحديث: 6.
2- المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 89 ط بيروت.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1 و 3.
4- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1 و 3.

و إن لم ينزل (6)، بل و إن كان مقطوع الأنثيين (7).

مسألة 3: يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية و خمسين في غيرها

(مسألة 3): يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية و خمسين في غيرها (8)،

______________________________

خرج بالدليل، و لا دليل على الخروج في المقام بل الدليل على عدمه، و تقدم في كتاب النكاح ما يتعلق بذلك (1).

(6) للإطلاق، و الاتفاق، و عن الصادق عليه السّلام في موثق ابن سنان قال: «سأله أبي و أنا حاضر عن رجل تزوج امرأة فأدخلت عليه و لم يمسها و لم يصل إليها حتى طلقها، هل عليها عدة منه؟ فقال: إنما العدة من الماء، قيل له: فإن كان واقعها في الفرج و لم ينزل؟ فقال: إذا أدخله وجب الغسل و المهر و العدة» (2).

(7) لما تقدم من الإطلاق، و الاتفاق، و كذا يتحقق الدخول من الخصي الذي يحصل منه الإيلاج، و إن لم ينزل، و يدل عليه- مضافا إلى ما مر- صحيح أبي عبيدة: «سئل أبو جعفر عليه السّلام عن خصي تزوج امرأة و فرض لها صداقا و هي تعلم أنه خصي؟ فقال: جائز، فقيل: إنه مكث معها ما شاء اللّه ثمَّ طلقها، هل عليه عدة؟ قال عليه السّلام: نعم، أ ليس قد لذ منها و لذت منه؟» (3).

و أما صحيح ابن أبي نصر قال: «سئل الرضا عليه السّلام عن خصي تزوج امرأة على ألف درهم ثمَّ طلقها بعد ما دخل بها؟ قال: لها الألف الذي أخذت منه و لا عدة عليها» (4)، فلا بد من حمله أو طرحه لما عرفت سابقا.

(8) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن الحجاج: «ثلاث يتزوجن على كل حال: التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض قلت: و متى تكون

ص: 78


1- راجع ج: 24 صفحة: 63.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 39 من أبواب العدد الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 44 من أبواب المهور الحديث: 1.

و الأحوط مراعاة الستين مطلقا بالنسبة إلى التزويج بالغير و خمسين كذلك بالنسبة إلى الرجوع إليها (9).

مسألة 4: لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس و رأت الدم مرة أو مرتين ثمَّ يئست أكملت العدة بشهر أو شهرين

(مسألة 4): لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس و رأت الدم مرة أو مرتين ثمَّ يئست أكملت العدة بشهر أو شهرين (10)،

______________________________

كذلك؟ قال عليه السّلام: إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض- الحديث-» (1).

المحمول على القرشية بقرينة المرسل: «إن القرشية من النساء و النبطية تريان الدم إلى ستين سنة» (2)، و في رواية ابن أبي عمير: «إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش» (3)، و في صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «ثلاث يتزوجن على كل حال: التي لم تحض- إلى أن قال- و التي قد يئست من المحيض و مثلها لا تحيض، قلت: و ما حدها؟ قال: إذا كان لها خمسون سنة» (4)، و تقدم في أحكام الحيض ما يتعلق بالمقام(5).

(9) ظهر وجه الاحتياط- مما مر من الأخبار- و تقدم في كتاب الحيض ما ينفع المقام.

(10) إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في خبر هارون بن حمزة:

«في امرأة طلقت و قد طعنت في السن فحاضت حيضة واحدة ثمَّ ارتفع حيضها، فقال: تعتد بالحيضة و شهرين مستقبلين، فإنها قد يئست من المحيض» (6) و قول الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير: «.. لكل شهر حيضة» (7).

ص: 79


1- الوسائل باب: 3 من أبواب العدد الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب الحيض الحديث: 2 و 9.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب الحيض الحديث: 2 و 9.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب العدد الحديث: 4.
5- راجع المجلد الثالث صفحة 134.
6- الوسائل باب: 6 من أبواب العدد الحديث: 1.
7- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 2.

و كذلك ذات الشهور إذا أعتدت شهرا أو شهرين ثمَّ يئست أتمت ثلاثة (11).

مسألة 5: لو ادّعت المرأة أنها يائسة و لا ترى الدم

(مسألة 5): لو ادّعت المرأة أنها يائسة و لا ترى الدم فالظاهر قبول قولها (12).

مسألة 6: المطلّقة و من ألحقت بها إن كانت حاملا فعدتها مدة حملها

(مسألة 6): المطلّقة و من ألحقت بها إن كانت حاملا فعدتها مدة حملها (13)،

______________________________

(11) لقوله عليه السّلام في موثق أبي بصير: «في المرأة يطلقها زوجها و هي تحيض في كل ثلاثة أشهر حيضة، فقال: إذا انقضت ثلاثة أشهر انقضت عدتها يحسب لها لكل شهر حيضة» (1)، فإن قوله عليه السّلام: «لكل شهر حيضة» في مقام جعل القاعدة الكلية، مضافا إلى ظهور الاتفاق.

(12) لإطلاق قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «العدة و الحيض للنساء، إذا ادعت صدقت» (2) الشامل لوجودهما و عدمهما.

و دعوى: أن الخبر عن السن ليس من الأخبار بعدم العدة.

مردودة: بأن ذلك من ملازمات أصل الحيض، فإن له أمد معلوم يرجع فيه إليها كما يرجع إليها في أصلها.

(13) لقوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (3)، و لنصوص كثيرة، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «طلاق الحامل واحدة، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه» (4) و مثله موثق إسماعيل الجعفي (5)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «طلاق الحبلى واحدة و أجلها

ص: 80


1- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب الحيض.
3- سورة الطلاق: 4.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب العدد الحديث: 1 و 4.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب العدد الحديث: 1 و 4.

و تنقضي بأن تضع حملها و لو بعد الطلاق بلا فصل (14)، سواء كان تاما أو غير تام و لو كان مضغة أو علقة إن تحقق أنه حمل (15).

مسألة 7: إنما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له العدة

(مسألة 7): إنما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له العدة (16)، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدته، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدة بالوضع (17)، بل يكون انقضائها بالأقراء و الشهور كغير الحامل (18)، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلا لا بالنسبة إلى الزاني، لأنه لا عدة له و لا بالنسبة إلى المطلّق،

______________________________

أن تضع حملها و هو أقرب الأجلين» (1)، و عن أبي جعفر في صحيح زرارة: «إذا طلقت المرأة و هي حامل فأجلها أن تضع حملها و إن وضعت من ساعتها» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار، مضافا إلى إجماع المسلمين.

(14) لما مر في صحيح زرارة و غيره.

(15) كل ذلك لإطلاق الأدلة، و اتفاق فقهاء الملة، مضافا إلى موثق عبد الرحمن بن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن الحبلى إذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تمَّ أو لم يتم أو وضعته مضغة؟ فقال: كل شي ء يستبين أنه حمل تمَّ أو لم يتم، فقد انقضت عدتها و إن كان مضغة» (3).

(16) لأنه المنساق من جميع أخبار الباب و ما اتفقت عليه كلمة الأصحاب.

(17) للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة.

(18) لعدم الأثر لهذا الوضع شرعا، فلا بد إما أن نقول بعدم العدة لها أصلا و هو خلاف الضرورة، أو تتبدل العدة إلى الأقراء و الشهور و هو المطلوب.

ص: 81


1- الوسائل باب: 9 من أبواب العدد الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب العدد الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب العدد الحديث: 1.

لأن الولد ليس له (19).

مسألة 8: لو كان أول الوطي شبهة و آخره زنا، فهل يكون لهذا الوطي عدة أو لا؟

(مسألة 8): لو كان أول الوطي شبهة و آخره زنا، فهل يكون لهذا الوطي عدة أو لا؟ الظاهر هو الثاني (20).

مسألة 9: لو زنى بامرأة ثمَّ أراد تزويجها يستحب له الصبر

(مسألة 9): لو زنى بامرأة ثمَّ أراد تزويجها يستحب له الصبر حتى يطهر رحمهما من ماء الفجور (21).

______________________________

(19) فلا يبقى موضوع للعدة بالنسبة إلى ماء الزاني. و لا فرق في ذلك بين ما إذا كان الزنا بذات بعل كما مر أو بالخلية.

(20) لما تقدم، و إطلاق قولهم: «لا حرمة لماء الزاني». و يحتمل ثبوت العدة بدعوى أن التمسك بما تقدم تمسك بالدليل في الموضوع المشتبه، لفرض تركب الموضوع من الحرام و الحلال خصوصا مع تخلل الفصل.

(21) لموثق إسحاق بن حريز عن الصادق عليه السّلام قال: «قلت له: الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في تزويجها، هل يحل له ذلك؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور، فله أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها» (1)، و عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا، أ يحل له أن يتزوجها؟ فقال: يدعها حتى يستبرئها من نطفته و نطفة غيره، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما أحدثت معه، ثمَّ يتزوج بها أن أراد- الحديث-» (2). المحمولين على الندب جمعا- بينهما و بين الأخبار الكثيرة الدالة على جواز تزويج الزانية بل المشهورة بالزنا (3)- و إجماعا، فما نسب إلى التحرير و ارتضاه من الوجوب لا وجه له، و تقدم في كتاب النكاح ما يدل على ذلك.

ص: 82


1- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب العدد الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 11 و 12 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
مسألة 10: إذا حملت من وطئ الشبهة قبل الطلاق أو بعده

(مسألة 10): إذا حملت من وطئ الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه سبب لانقضاء العدة (22)، لكن بالنسبة إلى الواطئ (23) لا بالنسبة إلى الزوج المطلّق (24).

مسألة 11: لو كانت حاملا باثنين مثلا بانت بوضع الأول فلا رجعة للزوج بعده

(مسألة 11): لو كانت حاملا باثنين مثلا بانت بوضع الأول فلا رجعة للزوج بعده، و لا تنكح زوجا إلا بعد وضع الأخير على الأحوط فيهما (25).

______________________________

(22) لأن الوطي محترم شرعا، فيشمله ما تقدم من الأداة الدالة بأن وجوب العدة بالإدخال (1)، و ما تقدم من أن انقضاء عدة الحامل وضع حملها.

(23) لفرض احترام الوطي عند الشارع و الولد ملحق بالواطئ كذلك، فيترتب عليه جميع آثار الصحة، ما لم يدل دليل على الخلاف، و هو مفقود.

(24) لفرض عدم كون الحمل من الزوج المطلّق، فلا موضوع لانتسابه إليه. و حينئذ فإذا انقضت عدة المطلقة بالإقراء و الشهور ليس له أن يتزوجها؛ لأنها في عدة الواطئ- ما لم تضع- و إذا وضعت قبل تمام العدة بالأقراء و الشهور لا يجوز للواطئ أن يزوجها لفرض أنها في عدة الزوج.

نعم، لو انقضت الأقراء أو الشهور و وضعت يجوز لكل منهما التزويج بها، لوجود المقتضي و فقد المانع حينئذ. و سيأتي في المسائل الآتية ما يتعلق بالمقام.

(25) لصدق الوضع في الجملة بالأول، و صدق الحمل بعد في الجملة بالثاني، و عن الصادق عليه السّلام في خبر عبد الرحمن: «في رجل طلّق امرأته و هي حبلى و كان ما في بطنها اثنان فوضعت واحدا و بقي واحد قال عليه السّلام: تبين بالأول و لا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها» (2)، و عن جمع إطلاق انقضاء العدة بالواحد، و عن آخرين إطلاق عدم الانقضاء إلا بالجميع. و المتعين هو العمل بالاحتياط.

ص: 83


1- تقدم في صفحة: 89.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب العدد الحديث: 1.
مسألة 12: لو وطئت شبهة فحملت

(مسألة 12): لو وطئت شبهة فحملت و ألحق الولد بالواطئ لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثمَّ طلّقها الزوج، أو طلّقها ثمَّ وطئت شبهة- على نحو الملحق الولد بالواطئ- كانت عليها عدتان (26)

______________________________

(26) لإطلاق دليل العدتين، و أصالة عدم التداخل في البين، و ظهور الإجماع، و جملة من النصوص منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «في المرأة الحبلى المتوفى عنها زوجها تضع و تزوّج قبل أن يخلو أربعة أشهر و عشر؟ قال: إن كان زوجها الذي يتزوجها دخل بها فرّق بينهما و لم تحل له أبدا، و أعتدت بما بقي عليها من عدتها الأولى، و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء، و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما و أتمت ما بقي من عدتها و هو خاطب من الخطّاب» (1).

و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام أيضا قال: «سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها؟ قال: إن كان دخل بها فرّق بينهما و لن تحل له أبدا و أتمت عدتها من الأول، و عدة أخرى من الآخر» (2).

و في موثق بشير النبال قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة في عدتها و لم يعلم، و كانت هي قد علمت أنه قد بقي من عدتها و أنه قذفها بعد علمه بذلك؟ فقال عليه السّلام: إن كانت علمت أن الذي صنعت يحرم عليها- إلى أن قال- و تعتد ما بقي من عدتها الأولى، و تعتد بعد ذلك عدة كاملة» (3).

و في صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن المرأة الحبلى يموت عنها زوجها فتضع و تزوج قبل أن تمضي لها أربعة أشهر و عشرا؟ فقال:

إن كان دخل بها فرّق بينهما، و لم تحل له أبدا، و أعتدت ما بقي عليها من الأول،

ص: 84


1- الوسائل باب: 31 من أبواب العدد.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 9.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 18.

.....

______________________________

و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار، و إن مواردها من باب المثال لا الخصوصية.

و نسب إلى الصدوق رحمه اللّه التداخل، لأصالة البراءة عن التعدد، و هو عبارة أخرى عن أصالة التداخل التي أثبتها متأخرو المتأخرين، و لما عن الباقر عليه السّلام في صحيح زرارة: «في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها، قال عليه السّلام: يفرّق بينهما، و تعتد عدة واحدة منهما جميعا» (2).

و عنه عليه السّلام أيضا في رواية زرارة: «في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها فتزوجت، ثمَّ قدم زوجها بعد ذلك فطلقها، قال عليه السّلام: تعتد منهما جميعا ثلاثة أشهر عدة واحدة و ليس للآخر أن يتزوجها أبدا» (3).

و في رواية أبي العباس عن الصادق عليه السّلام: «في المرأة تتزوج في عدتها، قال عليه السّلام: يفرّق بينهما، و تعتد عدة واحدة عنهما جميعا» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و فيه: أن الأصل لا وجه له في مقابل ما مر من عدم التداخل، و الروايات موهونة بالإعراض، أو محمولة على عدم الدخول.

و عن بعض الفقهاء جعل التداخل مطابقا للقاعدة مع قطع النظر عن الأخبار، و عمدة دليله التمسك بالإطلاقين، أي: إطلاق الشرط و إطلاق الجزاء.

و خلاصة ما استدل به: إن السبب واحد، و هو زوال سبب الوطي المحترم، و المسبب واحد أيضا و هو تنقية الرحم عن الماء المحترم، فالمقام بعينه مثل سببية الحدث الأصغر للوضوء فلا موضوع لعدم التداخل.

و فيه: أنه قد ثبت في الأصول أن التمسك بالإطلاق لا بد من إحراز وروده في مقام البيان من جهة التمسك به و هو أول الدعوى، و قد تقدم في كتاب

ص: 85


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 11.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 6 و 11.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 12.

عدة لوطء الشبهة تنقضي بالوضع، و عدة الطلاق تستأنفها فيما بعده و كانت مدتها بعد انقضاء نفاسها (27).

مسألة 13: إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت

(مسألة 13): إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها و أنكر الزوج، أو انعكس فادعى الوضع و أنكرت هي، أو ادعت الحمل و أنكر، أو ادعت الحمل و الوضع معا و أنكرهما، يقدم قولها في الجميع بيمينها (28).

مسألة 14: لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل

(مسألة 14): لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدم و المتأخر فقال الزوج مثلا: «وضعت بعد الطلاق فانقضت عدتك» و قالت الزوجة: «وضعت قبل الطلاق، و الطلاق وقع و أنا حائل فبعد أنا في العدة» أو انعكس فقال الزوج: «وضعت قبل فأنت في

______________________________

النكاح أنه لا يجري في المقام بحث التداخل و عدمه بالمرة (1).

(27) لأصالة بقاء العدة الأولى إلى ذلك الحين، فيترتب عليها جميع الأحكام المترتبة على العدة من دون احتياج إلى إثبات التقدم و التأخر، حتى تأتي شبهة أنها من الأصل المثبت. ثمَّ إنه يكفي مسمّى الدم و إن كان الولد متلطخا به كما مر في أحكام النفاس.

(28) لأن الحمل و الوضع من فعلها، و هي أبصر بهما من غيرها، فلا بد من تقديم قولها. و ان اليمين لقطع الخصومة و النزاع، مع إطلاق قول الصادق عليه السّلام الوارد في تفسير قوله تعالى وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ قد فرض اللّه إلى النساء ثلاثة أشياء: الحيض، و الطهر، و الحمل» (2)، و قول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «العدة و الحيض للنساء إذا ادعت

ص: 86


1- راجع المجلد الرابع و العشرين صفحة: 104.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب العدد الحديث: 2.

العدة» و يريد الرجوع إليها و ادّعت الزوجة خلافه فالظاهر أنه يقدم قول من يدعى بقاء العدة (29)، سواء كان هو الزوج أو الزوجة، من غير فرق (30) بين ما لم يتفقا على زمان أحدهما كما إذا ادّعى أحدهما أن الطلاق كان في شعبان و الوضع في رمضان و ادّعى الآخر العكس، أو اتفقا على زمان أحدهما كما إذا اتفقا على أن الطلاق وقع في رمضان و اختلفا في زمان الوضع فقال أحدهما إنه كان في شوال و ادّعى الآخر أنه كان في شعبان أو اتفقا في أن الوضع كان في رمضان و اختلفا في أن الطلاق كان في شوال أو شعبان (31).

مسألة 15: إذا طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها

(مسألة 15): إذا طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها و كانت مستقيمة الحيض- بأن تحيض في كل شهر مرة كما هو المتعارف في الأغلب- كانت عدتها ثلاثة قروء (32)،

______________________________

صدقت»(1)، الشامل بالإطلاق لما ذكرناه، بعد القطع بعدم الفرق بين الموارد.

(29) لأصالة بقاء العدة ما لم يثبت الخلاف بدليل معتبر، و المفروض أنه مفقود.

و أما من يقول باعتبار قولها مطلقا لأن أصل العدة إليها كما مر، فتحديدها بوقت دون آخر يكون لها أيضا.

و فيه: عدم ثبوت الكلية الثانية حتى في مورد التخاصم.

(30) لعموم دليل حجية استصحاب بقاء العدة الشامل لجميع ذلك.

(31) و الوجه في ذلك كله ما عرفت من أصالة بقاء العدة.

و اما احتمال تقديم قول الزوجة مطلقا، فقد تقدم ما فيه من عدم الدليل على هذه الكلية.

(32) لظاهر قوله تعالى:

ص: 87


1- الوسائل باب: 24 من أبواب العدد الحديث: 1.

و كذا لو كانت تحيض في كل شهر أزيد من مرة (33)، أو ترى الدم في كل شهرين مرة (34). و بالجملة: كان الطهر الفاصل بين حيضتين منها أقل من ثلاثة أشهر (35).

مسألة 16: لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها

(مسألة 16): لو طلّقت الحائل أو انفسخ نكاحها و هي لا تحيض و في سن من تحيض- إما لمرض أو رضاع أو غيرهما (36).

______________________________

وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ (1)، و للإجماع، و النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في موثق داود بن سرحان: «عدة المطلقة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تكن تحيض» (2).

و منها: صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام أيضا: «لا ينبغي للمطلقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها ثلاثة أشهر إن لم تحض» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار كما سيأتي.

(33) لفرض صدق تحقق الأقراء بالنسبة إليها حينئذ.

(34) للإجماع على أن المراد بالقرء هنا الحيض دون الطهر، لأنّهما متلازمان قد يطلق أحدهما على الآخر، و يشهد له صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «عدة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر، و عدة التي تحيض و يستقيم حيضها ثلاثة قروء، قال: و سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ إِنِ ارْتَبْتُمْ ما الريبة؟ فقال: ما زاد على شهر فهو ريبة فلتعتد ثلاثة أشهر و لتترك الحيض، و ما كان في الشهر لم يزد في الحيض على ثلاث حيض فعدتها ثلاث حيض» (4)، و خبر سنان الآتي.

(35) للإجماع، و لأنه لو بلغت مدة الطهر إلى ثلاثة أشهر تدخل في موضوع آخر، يأتي التعرض له إن شاء اللّه تعالى بعد ذلك.

(36) مثل إنها صغيرة السن لم تبلغ الحد الذي ترى الحيض غالب النساء

ص: 88


1- سورة البقرة: 228.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب العدد الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب العدد الحديث: 2 و 1.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 7.

كانت عدتها ثلاثة أشهر (37)،

______________________________

فيه و إن كملت التسع.

(37) لقوله تعالى وَ اللّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَ اللّائِي لَمْ يَحِضْنَ (1)، و الإجماع، و النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «عدة المرأة التي لا تحيض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر» (2)، و في رواية أبي بصير قال: «عدة التي لم تحض و المستحاضة التي لا تطهر ثلاثة أشهر» (3)، المحمولان على المقام بقرينة خبر أبي نصر عن العبد الصالح عليه السّلام: «المرأة الشابة التي لا تحيض و مثلها تحيض طلقها زوجها، قال عليه السّلام: عدتها ثلاثة أشهر» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه الخلاف مثل خبر ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في الجارية التي لم تدرك الحيض، قال عليه السّلام: يطلّقها زوجها بالشهور. قيل: فإن طلّقها تطليقة ثمَّ مضى شهر ثمَّ حاضت في الشهر الثاني، فقال عليه السّلام: إذا حاضت بعد ما طلّقها بشهر ألغت ذلك الشهر و استأنفت العدة بالحيض، فإن مضى بعد ما طلّقها شهران ثمَّ حاضت في الثالثة تمت عدتها بالشهور، فإذا مضى لها ثلاثة أشهر فقد بانت منه» (5)، و قريب منه غيره محمول أو مطروح.

ثمَّ إن المراد بقوله تعالى إِنِ ارْتَبْتُمْ تحقق الارتياب في التحيض فعلا بعد العلم بأنها بلغت سن من تحيض، و بعد العلم بأنها ليست في سن اليائسة من الحيض، كما مر في صحيح الحلبي، فيستفاد من الآية الكريمة منطوقا و مفهوما حكم أربع نساء:

الأولى: البالغة سن اليأس، فلا عدة لها كما مر.

ص: 89


1- سورة الطلاق: 4.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 7 و 9 و 8.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 7 و 9 و 8.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 7 و 9 و 8.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب العدد الحديث: 7.

و تلحق بها من تحيض لكن الطهر الفاصل بين حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد (38).

______________________________

الثانية: المرأة التي لا تحيض بعد أن لم تبلغ سن من تحيض أمثالها، فلا عدة لها أيضا.

الثالثة: المرأة المرتابة في تحقق الحيض و عدمه بأن كانت أول رؤيتها للدم عدتها بالشهور.

الرابعة: المرأة المرتابة في تحقق اليأس و عدمه، عدتها ثلاثة أشهر.

و يستفاد من مجموع النصوص الواصلة إلينا قاعدة كلية و هي: إن العدة أحد الأمرين الأقراء أو الأشهر الثلاثة، و أيهما سبق كان الاعتداد بما سبق. و هي المستفادة من مجموع الآيات المباركة بقرينة ما وردت في شرحها من الروايات كما عرفت.

تنبيه لو تأملنا في مجموع ما ورد من الأخبار في الطلاق- و ما فيها من الاختلافات الكثيرة حتى في ألفاظ ما يقع به الطلاق فضلا عن غيرها- حصل لنا الاطمئنان بأن الأصل في أخبار الطلاق التقية إلا ما خرج عنه بدليل معتبر، من إجماع، أو صحيح محكم، أو نحوهما، و لم يصح لنا إجراء مثل هذا الأصل في غيره من الأبواب الفقهية، فلا بد من التأمل البليغ في أخبار الباب ورد متشابهاتها إلى محكماتها، ثمَّ الأخذ بالمتحصل بعد تطبيقه على ما اشتهر بين الإمامية، و نظير المقام ما ورد من الأخبار المتعارضة في ذبيحة الكتابي، و أكثر النفاس، و حكم الركعتين الأخيرتين. و اللّه العالم.

(38) للإجماع، و لتحقق الموضوع، فيشمله إطلاق الحكم لا محالة، و في صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السّلام: «أي الأمرين سبق إليها فقد انقضت عدتها إن

ص: 90

هذا كله في الحرة و إن كانت تحت عبد (39).

مسألة 17: لو كانت المعتدّة أمة

(مسألة 17): لو كانت المعتدّة أمة سواء كانت تحت حر أو عبد فعدتها قرءان في مستقيمة الحيض (40) و خمسة و أربعون يوما إن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض (41).

______________________________

مرت ثلاثة أشهر لا ترى فيها دما فقد انقضت عدتها، و إن مرت ثلاثة أقراء فقد انقضت عدتها» (1).

(39) للإجماع، و أن المدار في العدة و أحكامها النساء على ما تقدم، فلا عبرة بالرجال فيها.

(40) إجماعا، و نصا، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن حر تحته أمة أو عبد تحته حرة، كم طلاقها؟ و كم عدتها؟ فقال: السنّة في النساء في الطلاق، فإن كانت حرة فطلاقها ثلاثا و عدتها ثلاثة أقراء، و إن كان حر تحته أمة، فطلاقها تطليقتان و عدتها قرءان» (2)، و المراد من القرء الطهر كما في الحرة، هذا إن دخلت بها و كانت غير يائسة، و إلا لا عدة لها كما مر في الحرة.

(41) للإجماع، و النصوص، ففي خبر سماعة: «عدّة الأمة التي لا تحيض خمسة و أربعون يوما» (3)، المحمول على الأمة التي لا تحيض و هي في سن من تحيض، كالمرضعة كما تقدم في الحرة، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:

«عدة الأمة حيضتان أو خمسة و أربعون يوما» (4) إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه الشهران مثل خبر سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأمة إذا طلقت ما عدتها؟ فقال: حيضتان أو شهران حتى

ص: 91


1- الوسائل باب: 4 من أبواب العدد الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب العدد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 42 من أبواب العدد الحديث: 7.
4- الوسائل باب: 45 من أبواب العدد الحديث: 4.
مسألة 18: المراد بالقرء و القرءين الأطهار و الطهران

(مسألة 18): المراد بالقرء و القرءين الأطهار و الطهران (42)، و يكفي في الطهر الأول مسماه و لو قليلا (43)، فلو طلقها و قد بقيت من طهرها لحظة يحسب ذلك طهرا (44)،

______________________________

تحيض» (1)محمول، أو مطروح.

(42) إجماعا، و نصوصا، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «القرء ما بين الحيضتين» (2)، و عنه عليه السّلام في موثق زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «الأقراء الأطهار» (3)، و عنه أيضا في الصحيح (4): «سمعت ربيعة الرأي يقول: إن من رأيي أن الأقراء التي سمى اللّه في القرآن إنما هو الطهر بين الحيضتين، فقال: كذب لم يقله برأيه، و لكن إنما بلغه عن علي عليه السّلام، فقلت:

أصلحك اللّه تعالى، أ كان علي عليه السّلام يقول ذلك؟ فقال: نعم، إنما القرء الطهر يقرأ فيه الدم فتجمعه، فإذا جاء الحيض دفعته» إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما يظهر منه الخلاف (5) محمول أو مطروح للتقية (6).

و ما يقال: من أن المراد بالقرء الحيض بقرينة قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «دعي الصلاة أيام أقرائك» (7)، و غيره من الأخبار.

مردود: بأن القرء تستعمل في كل منهما مع القرينة، و فيما تقدم من قوله صلّى اللّه عليه و آله القرينة واضحة للدلالة على الحيض، كما أن في المقام القرينة موجودة على الطهر كما تقدم سابقا (8).

(43) لظهور الإطلاق- كما مر- و الاتفاق.

(44) لوقوع الطلاق فيه فتشمله الإطلاقات، و العمومات.

ص: 92


1- الوسائل باب: 40 من أبواب العدد الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب العدد الحديث: 1 و 3 و 4 و 7.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب العدد الحديث: 1 و 3 و 4 و 7.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب العدد الحديث: 1 و 3 و 4 و 7.
5- الوسائل باب: 14 من أبواب العدد الحديث: 1 و 3 و 4 و 7.
6- راجع المغني لابن قدامة ج: 92 صفحة: 82.
7- السنن الكبرى ج: 1 باب غسل المستحاضة.
8- راجع صفحة: 17.

فإذا رأت طهرين آخرين تامين بتخلل حيضة بينهما في الحرة و طهر آخر تام بين حيضتين في الأمة انقضت العدة (45)، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث أو الثاني (46).

نعم، لو اتصل آخر صيغة الطلاق بأول زمان الحيض صح الطلاق (47)، لكن لا بد في انقضاء العدة من أطهار تامة (48)، فتنقضي برؤية الدم الرابع في الحرة و رؤية الدم الثالث في الأمة (49).

مسألة 19: بناء على كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأول

(مسألة 19): بناء على كفاية مسمّى الطهر في الطهر الأول و لو لحظة و إمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرة، ستة و عشرون يوما و لحظتان (50)-

______________________________

(45) فتكون ثلاثة قروء، لفرض تحقق قرءين تامين، و القرء الذي وقع فيه الطلاق.

(46) لما تقدم، و لصدق تخلل الطهرين أو الاطهار، فيشملها جميع ما مر من الأخبار.

(47) لصدق وقوعه في حال الطهر عرفا، فيصح لا محالة.

(48) للإجماع، و لأن المنساق من الأخبار كما تقدم ثلاثة أقراء مستأنفة بعد الحيض عرفا.

(49) لأن برؤية الدم الرابع يتحقق ثلاثة أقراء في الحرة، و في الأمة برؤية الدم الثالث يتحقق القرءان كما مر.

(50) و هو الموافق لإطلاق الأدلة، و المصرح به في كلمات جمع من الأجلة، منهم المحقق في الشرائع.

و أما أطول العدد فهو في خبر سورة بن كليب قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة على طهر من غير جماع بشهود طلاق السنّة، و هي ممن تحيض فمضى ثلاثة أشهر فلم تحض إلا حيضة واحدة

ص: 93

بأن كان طهرها الأول لحظة ثمَّ تحيض ثلاثة أيام ثمَّ ترى أقل الطهر عشرة أيام ثمَّ تحيض ثلاثة أيام، ثمَّ ترى أقل الطهر عشرة أيام، ثمَّ تحيض- فبمجرد رؤية الدم الأخير لحظة من أوله انقضت العدة (51)، و هذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدة (52)، و إنما يتوقف عليها تمامية الطهر الثالث (53). هذا في الحرة، و أما في الأمة فأقل ما يمكن انقضاء عدتها لحظتان و ثلاثة عشر يوما (54).

______________________________

ثمَّ ارتفعت حيضتها حتى مضى ثلاثة أشهر أخرى و لم تدر ما رفع حيضتها؟

فقال: إن كانت شابة مستقيمة الطمث فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلا حيضة ثمَّ أرتفع طمثها فلا تدري ما رفعها، فإنها تتربص تسعة أشهر من يوم طلّقها ثمَّ تعتد بعد ذلك ثلاثة أشهر ثمَّ تزوج إن شاءت» (1).

(51) لتحقق الأقراء بالنسبة إليها فيكون ما زاد خارجا عن حقيقة العدة حينئذ.

(52) لأنها سبب كاشف عن انقضاء مدة الطهر كما مر.

(53) و يشهد له الوجدان، و صرح به جمع من الأعيان منهم المحقق في الشرائع، و نسب إلى الشيخ أنها جزء من العدة.

و الظاهر أن النزاع لفظي كما صرح به في الجواهر، فراجع. و مثل هذا النزاع يجري في كل حد مشترك بين شيئين فيصح احتسابه من الجزء الأول فرضا، فيكون منه كما يصح جعله علامة انقضائه فيكون خارجا عنه، و إطلاق ما مر من النص يشهد لتعين الثاني.

(54) لأن لها نصف عدة الحرة و تجري فيها عين ما جرت في الحرة.

ص: 94


1- الوسائل باب: 13 من أبواب العدد الحديث: 2.
مسألة 20: عدة المتعة في الحامل وضع حملها

(مسألة 20): عدة المتعة في الحامل وضع حملها (55)، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان و المراد بهما هنا حيضتان على الأقوى (56)

______________________________

(55) لإطلاق الآية الشريفة وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (1)، و ظهور الاتفاق، و النصوص الواردة في المطلّقة كما تقدم (2)، بناء على كون الطلاق عبارة أخرى عن مطلق الفراق، كما يظهر من إرسال الفقهاء ذلك إرسال المسلمات، و إلا فلم نعثر على أن عدة المتمتعة بها الحامل وضع حملها فيما تفحصنا عاجلا.

و أما ما ذكره الطبرسي في مجمع البيان في قوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ أنها: «في المطلّقات خاصة و هو المروي عن أئمتنا عليهم السّلام» (3) يحمل على ما ذكرنا.

(56) على المشهور نصا، و فتوى، ففي صحيح إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة؟ فقال: ألق عبد الملك بن جريح، فاسأله عنها فإن عنده منها علما، فأتيته، فأملى عليّ شيئا كثيرا في استحلالها- إلى أن قال- و عدتها حيضتان فإن كانت لا تحيض فخمسة و أربعون يوما، فأتيت بالكتاب أبا عبد اللّه عليه السّلام فعرضته عليه، فقال: صدق و أقر به» (4)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في المتعة: «و لا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، و عدتها حيضتان» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة.

و الروايات الواردة في المقام على أقسام:

الأول: ما تقدم و أنها مشهورة، و عمل بها الأصحاب.

ص: 95


1- سورة الطلاق: 4.
2- تقدم في صفحة: 80.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب العدد الحديث: 9.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب المتعة الحديث: 8.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب المتعة الحديث: 6.

.....

______________________________

الثاني: الروايات الدالة على أنها حيضة مثل صحيحة زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عدة المتمتعة إن كانت تحيض فحيضة، و إن كانت لا تحيض فشهر و نصف» (1)، و خبر عبد اللّه بن عمر قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة- إلى أن قال- فكم عدتها؟ قال: خمسة و أربعون يوما، أو حيضة مستقيمة» (2)، و في رواية محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام عدة المتمتعة حيضة، و قال: خمسة و أربعون يوما» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و لكن ندرة القول به أسقطها عن الاعتبار، و يمكن حمله على أن الحيضة أول الشروع في العدة و الدخول فيها، و أنها تتم بتمام الثانية، و يشهد له ذكر خمس و أربعين الوارد في معتبرة البزنطي لغير من تحيض حيضة مستقيمة.

الثالث: حيضة و نصف، كما في صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام:

«المرأة يتزوجها الرجل متعة ثمَّ يتوفى عنها، هل عليها العدة؟ قال: تعتد أربعة أشهر و عشرا، و إذا انقضت أيامها و هو حي فحيضة و نصف مثل ما يجب على الأمة» (4).

و يمكن حمله على الإشراف على تمام الثانية، فيجتمع جميع الأخبار على شي ء واحد و هو القسم الأول مع أن الأصل يقتضي ذلك.

و على ما ذكرنا يحمل خبر الحميري المروي في كتاب الاحتجاج عن صاحب الزمان (عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف): «أنه كتب إليه في رجل تزوج امرأة بشي ء معلوم إلى وقت معلوم، و بقي له عليها وقت فجعلها في حل مما بقي له عليها، و قد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حل من أيامها بثلاثة أيام، أ يجوز أن يتزوجها رجل آخر بشي ء معلوم إلى وقت معلوم عند طهرها من هذه

ص: 96


1- التهذيب ج: 8 صفحة: 165 الحديث: 573.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 6 و 5.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 6 و 5.

و إن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض فخمسة و أربعون يوما (57).

و لا فرق بين كون المتمتع بها حرة أو أمة (58)، و المراد من الحيضتين الكاملتان (59)، فلو وهبت مدتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين (60).

______________________________

الحيضة، أو يستقبل بها حيضة أخرى؟ فأجاب عليه السّلام: يستقبل بها حيضة غير تلك الحيضة؛ لأن أقل العدة حيضة و طهرة تامة» (1).

و أما حمل أخبار الحيضتين على الاستحباب كما هو عادة الأصحاب في أمثال المقام. غير صحيح لمخالفته للإجماع.

و عن المفيد، و الشهيد، و غيرهما: أن العدة في المتمتع بها طهران مستدلين بما هو ظاهر الخدشة، فإن أمكن إرجاعه إلى ما ذكرنا و إلا فالمناقشة فيه ظاهرة كما لا يخفى على من راجع المطولات، فمن شاء فليرجع إليها.

(57) إجماعا و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة سهل بن زياد:

«عدة المتعة خمسة و أربعون يوما» (2)، و في صحيح زرارة قال: «عدة المتعة خمسة و أربعون يوما، كأني أنظر إلى أبي جعفر عليه السّلام يعقده بيده خمسة و أربعين» (3)، و تقدمت روايات أخرى تدل على ذلك.

(58) لظاهر الإطلاق و الاتفاق كما مر.

(59) لأنهما المنساق من الأدلة، مضافا إلى ظهور إجماع الأجلة.

(60) لفرض إن البقية من متممات الحيض الكامل، لا أن تكون بنفسه كاملا.

ص: 97


1- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 53 من أبواب العدد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 3.
مسألة 21: إذا كانت المتمتع بها غير مستقيمة الحيض أو مسترابة

(مسألة 21): إذا كانت المتمتع بها غير مستقيمة الحيض أو مسترابة يحتمل أن تكون عدتها أسبق العدتين من الأيام أو القرءين، و لكنه مشكل (61)، فالأحوط أبعد الأجلين (62).

مسألة 22: لو عقد على الحرة متعة فدخل بها ثمَّ تبين فساد العقد فعدتها عدة الطلاق

(مسألة 22): لو عقد على الحرة متعة فدخل بها ثمَّ تبين فساد العقد فعدتها عدة الطلاق (63)، كما في العقد الدائم إذا تبين فساده بعد الدخول (64)، و إن عقد على الأمة متعة فتبين الفساد بعد الدخول فحكمها الاستبراء كما في الوطي المجرد عن العقد و كما في العقد الدائم عليها مع تبين الفساد (65).

مسألة 23: إذا لم يعلم أن العقد كان دائما أو متعة يجري عليه حكم الدوام في موارد اختلاف حكمهما

(مسألة 23): إذا لم يعلم أن العقد كان دائما أو متعة يجري عليه حكم الدوام في موارد اختلاف حكمهما (66).

______________________________

(61) لعدم الدليل إلا التنظير على الطلاق، و هو لا يخلو عن القياس أو التمسك بخبر قرب الإسناد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: «قال أبو جعفر عليه السّلام:

عدة المتعة حيضة، و قال: خمسة و أربعون يوما لبعض أصحابه» (1)، و مثله غيره فهو مجمل لا يستفاد منه حكم المقام.

(62) لحصول العلم حينئذ بتحقق العدة الواقعية.

(63) لظهور عدم انطباق عنوان المتعة عليها- كما هو المفروض- فلا موضوع حينئذ للاعتداد بالتمتع، فتدخل في الوطي المحترم، فتشمله إطلاقات أدلة العدة من غير تقييد كما تقدم.

(64) لفرض أن الوطي محترم، فيترتب عليه عدة الوطي المحترم.

(65) لتحقق الوطي المحترم في الأمة، فتشملها إطلاقات أدلة الاستبراء مع الوطي من غير دليل حاكم عليها.

(66) يمكن التمسك بأصالة عدم ذكر المدة، فيجري عليه حكم الدوام،

ص: 98


1- الوسائل باب: 22 من أبواب المتعة الحديث: 6.
مسألة 24: الحاجة إلى العدة إنما هي فيما لو أراد الغير تزويجها

(مسألة 24): الحاجة إلى العدة إنما هي فيما لو أراد الغير تزويجها، و أما بالنسبة إلى الزوج فلا إشكال في جواز تجديد العقد عليها بعد انقضاء المدة أو هبتها بلا فصل (67).

مسألة 25: المدار في الشهور على الهلالية منها

(مسألة 25): المدار في الشهور على الهلالية منها (68)، فإن وقع الطلاق في أول رؤيته فلا إشكال، و أما إن وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف و إشكال (69). و لعل الأقوى في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين و إكمال الأول من الرابع بمقدار ما فات منه (70).

______________________________

و لا وجه لتوهم الإثبات، لأن المنقطع و الدائم حقيقة واحدة، و إنما يتحقق الانقطاع بذكر المدة، و المفروض عدمه بالأصل، فيجري نفس حكم الدائم بلا وساطة شي ء، و يصح أيضا استصحاب بقاء الكلي حتى ينقضي حكم الدوام.

(67) لما تقدم من أن تشريع العدة إنما هو لعدم اختلاط المياه، و المفروض عدم تحقق ذلك، مضافا إلى ظهور الإجماع و الاعتبار.

(68) لأنها هي المتعارفة بين المسلمين، فيحمل اللفظ عليه مع عدم القرينة.

(69) هذا الخلاف و الإشكال، وقع بينهم في موارد مختلفة من نظائر المقام، كصوم الكفارة، و صوم الإجارة شهرين مثلا، فمن قائل في المقام بجعل الشهرين الوسطين هلاليين و إكمال الأول من الرابع بقدر ما فات منه، و من قائل بجعل الأول عدديا و إكمال من الرابع ثلاثين يوما، و من قائل باعتبار العددي في الجميع إلى غير ذلك مما قيل فيه.

و منشأ الكل استظهارات حصلت في أذهان القائلين بذلك من غير اعتماد على نص أو إجماع، و يمكن الاختلاف باختلاف العرف و العادات.

(70) أما جعل الوسط هلاليين، فلانطباق الإطلاق عليهما قهرا. و أما تتميم الأول من الرابع، فلحكم العرف به بعد حكمه بتقديم جعل الوسطين هلاليين

ص: 99

مسألة 26: لو اختلفا في انقضاء العدة و عدمه قدم قولها بيمينها

(مسألة 26): لو اختلفا في انقضاء العدة و عدمه قدم قولها بيمينها (71)، سواء ادعت الانقضاء أم عدمه و سواء كانت عدتها بالأقراء أم الأشهر (72).

مسألة 27: دم النفاس كدم الحيض في باب العدة

(مسألة 27): دم النفاس كدم الحيض في باب العدة (73).

مسألة 28: لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقته حتى تحسب من ذلك الوقت أعتدت من وقت وصول خبر الطلاق إليها

(مسألة 28): لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقته حتى تحسب من ذلك الوقت أعتدت من وقت وصول خبر الطلاق إليها (74)،

______________________________

على التكسير في كل شهر. و لكن الأحوط إتمام الأول ثلاثين يوما من الرابع.

(71) أما تقديم قولها فلقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «العدة و الحيض للنساء إذا ادعت صدقت» (1)، و أما اليمين فلقطع النزاع و رفع الاختلاف مضافا إلى الإجماع.

(72) لما مر من الإطلاق الشامل لجميع شؤون العدة و الحيض لها، مضافا إلى الإجماع.

(73) إجماعا، و لما في النصوص من أنها حيض محتبس (2)، و بناء الفقهاء على ترتيب جميع أحكام الحيض عليه إلا ما خرج بالدليل، فإذا طلّقها بعد الوضع مباشرة قبل رؤية الدم جامعا للشرائط، ثمَّ رأت الدم لحظة مثلا، ثمَّ مضى أقل الطهر و هو عشرة أيام ثمَّ رأت أقل الحيض- ثلاثة أيام- ثمَّ مضى أقل الطهر، فتخرج من العدة برؤية الدم، و يكون المجموع ثلاثة و عشرين يوما، كما تقدم سابقا.

(74) لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «عن الرجل يطلّق امرأته و هو غائب عنها من أي يوم تعتد به؟ فقال: إن قامت لها بينة عدل أنها طلقت في يوم معلوم و تيقنت، فلتعتد من يوم طلّقت، و إن لم تحفظ في أي يوم و في أي شهر

ص: 100


1- الوسائل باب: 24 من أبواب العدد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب الحيض الحديث: 13 و 14.

و إذا لم تعلم بالطلاق إلا بعد انقضاء العدة فلا عدة عليها (75).

مسألة 29: لو نكح الزانية المشهورة بالزنا

(مسألة 29): لو نكح الزانية المشهورة بالزنا شخص تمتعا مع العلم بأنها تزني حين النكاح الصحيح الشرعي و بعده أيضا فانقضت المدة أو وهبها لها فهل لهذه المرأة عدة لأجل النكاح الشرعي أو لا؟ الظاهر هو الأول (76).

______________________________

فلتعتد من يوم يبلغها» (1)، و في صحيح زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل طلّق امرأته و هو غائب، متى تعتد؟ فقال: إذا قامت لها بينة أنها طلّقت في يوم معلوم و شهر معلوم، فلتعتد من يوم طلقت، فإن لم تحفظ في أي يوم و في أي شهر، فلتعتد من يوم يبلغها» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار، مضافا إلى دعوى الإجماع عليه.

(75) لصحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام: «إذا طلّق الرجل المرأة و هو غائب، و لا تعلم إلا بعد ذلك بسنة أو أكثر أو أقل، فإذا علمت تزوجت و لم تعتد» (3)، و في صحيح أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا ع: «في المطلّقة إذا قامت البينة أنه قد طلقها منذ كذا و كذا، فكانت عدتها قد انقضت، فقد بانت» (4)، مضافا إلى الإجماع.

و القول بأنها تعتد من حين بلوغ الخبر شاذ ضعيف لا وجه له.

(76) لتغليب الشارع المقدس الفراش، فيلحق به الولد مع استجماع سائر الشرائط، و تقدم أنه «لا حرمة لماء الزاني».

ص: 101


1- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 27 من أبواب العدد الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 27 من أبواب العدد الحديث: 2.

القسم الثاني من العدد عدة الوفاة

اشارة

القسم الثاني من العدد عدة الوفاة

مسائل في عدة الوفاة
مسألة 1: عدة الحرة المتوفى عنها زوجها

(مسألة 1): عدة الحرة المتوفى عنها زوجها و إن كانت تحت عبد- أربعة أشهر و عشرة أيام (1)،

______________________________

(1) لقوله تعالى وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً (1) الناسخة لآية الوصية و هي قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ (2) سورة البقرة: 240.(3)، كما ذكرنا في التفسير (4)، و لإجماع المسلمين إن لم يكن من ضرورة دينهم، و نصوص مستفيضة منها صحيح ابن جعفر، عن أخيه موسى عليهما السّلام: «المتوفى عنها زوجها كم عدتها؟ قال: أربعة أشهر و عشرا» (5)، و في موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال للنساء: أف لكنّ قد كنتن قبل أن أبعث فيكن و أن المرأة منكن إذا توفي عنها زوجها أخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها ثمَّ قالت لا امتشط و لا اكتحل و لا اختضب حولا كاملا، و انما أمرتكن بأربعة أشهر و عشرا ثمَّ لا تصبرن؟!» (6)، و قريب منه غيره، و في ذلك كثير من الأخبار.

ص: 102


1- سورة البقرة: 234.
2-
3-
4- راجع مواهب الرحمن في تفسير القرآن ج 4 صفحة: 111 ط النجف الأشرف.
5- الوسائل باب: 30 من أبواب العدد الحديث: 6.
6- الوسائل باب: 30 من أبواب العدد الحديث: 1.

إذا كانت حائلا (2)، صغيرة كانت أو كبيرة، يائسة كانت أو غيرها (3)، و سواء كانت مدخولا بها أو غيرها (4)، دائمة كانت أو منقطعة، و كانت من ذوات الأقراء أو غيرها (5). و أما إن كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين من وضع الحمل و المدة المزبورة (6)،

______________________________

(2) لما يأتي من أن عدة الحامل أبعد الأجلين.

(3) كل ذلك لإطلاق الأدلة، مضافا إلى الإجماع.

(4) لما تقدم في سابقة.

و أما خبر الساباطي قال: «سألت الرضا عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة فطلّقها قبل أن يدخل بها؟ قال: لا عدة عليها، و سألته عن المتوفى عنها زوجها من قبل أن يدخل بها قال: لا عدة عليها هما سواء» (1)، فلا بد من رد علمه إلى أهله لمخالفته للكتاب المبين، و معارضته للسنة المستفيضة التي منها صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يموت و تحته امرأة لم يدخل بها، قال: لها نصف المهر و لها الميراث كاملا و عليها العدة» (2)، و منها موثق ابن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين في المتوفى عنها زوجها و لم يمسها، قال:

لا تنكح حتى تعتد أربعة أشهر و عشرا، عدة المتوفى عنها زوجها» (3) إلى غير ذلك من الروايات.

(5) كل ذلك لظاهر الإطلاق و الاتفاق، و ما يأتي من الأخبار، و لأن عدة الوفاة في الواقع نحو احترام للزوج قرره الشارع، فأمر فيها بالحداد كما يأتي، و لذلك اعتبرت بالأشهر لا بالأقراء.

(6) إجماعا و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة عبد اللّه بن سنان:

ص: 103


1- الوسائل باب: 35 من أبواب العدد الحديث: 4 و 1.
2- الوسائل باب: 35 من أبواب العدد الحديث: 4 و 1.
3- الوسائل باب: 35 من أبواب العدد الحديث: 2.

فلو وضعت قبل تلك المدة لم تنقض العدة، و كذا لو تمت المدة و لما وضعت بعد (7). هذا في الحرة.

مسألة 2: الأمة و ان كانت تحت حر ففي عدتها خلاف

(مسألة 2): الأمة و ان كانت تحت حر ففي عدتها خلاف، و الأحوط وجوبا مساواتها للحرة (8)،

______________________________

«الحبلى المتوفى عنها زوجها عدتها آخر الأجلين» (1)، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها آخر الأجلين» (2)، و في موثق محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في امرأة توفي زوجها و هي حبلى فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر و عشرا فتزوجت. فقضى أن يخلّى عنها ثمَّ لا يخطبها حتى ينقضي آخر الأجلين، فإن شاء أولياء المرأة أنكحوها، و إن شاءوا أمسكوها، فإن أمسكوها ردوا عليه ماله» (3)، و يقتضيه إطلاق الآيتين: و هما قوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (4)، و قوله تعالى وَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَ يَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَ عَشْراً (5)، فإن العرف يحكم بأن أيهما تأخر تنقضي به العدة.

(7) لما عرفت من النصوص، مضافا إلى الإجماع.

(8) أقوالهم في عدة الأمة المتوفى عنها زوجها ثلاثة:

الأول: المساواة مع الحرة مطلقا.

الثاني: التنصيف بشهرين و خمسة أيام مطلقا.

الثالث: التفصيل بين ذات الولد فالأول، و غير ذات الولد فالثاني.

و منشأ الخلاف اختلاف الأخبار. و تدل على الأول جملة من الأخبار، منها

ص: 104


1- الوسائل باب: 31 من أبواب العدد الحديث: 5 و 1 و 3.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب العدد الحديث: 5 و 1 و 3.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب العدد الحديث: 5 و 1 و 3.
4- سورة الطلاق: 4.
5- سورة البقرة: 234.

.....

______________________________

قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «يا زرارة كل النكاح إذا مات الزوج فعلى المرأة حرة كانت أو أمة و على أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين، فالعدة أربعة أشهر و عشرا» (1)، و هذه الصحيحة في مقام بيان القاعدة الكلية، و من محكمات الأخبار الموافق لإطلاق الكتاب، و عمل به جمع، منهم الصدوق و ابن إدريس.

و في صحيحه الآخر عن أبي جعفر عليه السّلام: «أن الأمة و الحرة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة، إلا أن الحرة تحد و الأمة لا تحد» (2).

و في موثق سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام: «عدة المملوكة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر و عشرا» (3) إلى غير ذلك من الأخبار.

و يدل على القول الثاني جملة أخرى من الأخبار، منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس: «و إن مات عنها زوجها فأجلها نصف أجل الحرة شهران و خمسة أيام» (4) و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «عدة الأمة إذا توفي عنها زوجها شهران و خمسة أيام» (5) إلى غير ذلك من الأخبار، و تدل عليه قاعدة التنصيف أيضا، و قد عمل به جمع منهم المحقق في الشرائع و غيره.

و أما القول الثالث يدل عليه صحيح سليمان بن خالد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأمة إذا طلّقت ما عدتها؟ فقال: حيضتان أو شهران حتى تحيض، قلت: فإن توفي عنها زوجها، فقال: إن عليا عليه السّلام قال في أمهات الأولاد:

لا يتزوجن حتى يعتددن بأربعة أشهر و عشرا و هن إماء» (6)، و في خبر وهب بن عبد ربه عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل كانت له أم ولد فزوجها من رجل فأولدها غلاما، ثمَّ إن الرجل مات فرجعت إلى سيدها، إله أن يطأها قبل أن

ص: 105


1- الوسائل باب: 52 من أبواب العدد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب العدد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 42 من أبواب العدد الحديث: 10.
4- الوسائل باب: 42 من أبواب العدد الحديث: 5 و 8.
5- الوسائل باب: 42 من أبواب العدد الحديث: 5 و 8.
6- الوسائل باب: 42 من أبواب العدد الحديث: 1.

فتعتد بأربعة أشهر و عشرا إن كانت حائلا، و بأبعد الأجلين منها و من وضع الحمل إن كانت حاملا كالحرة (9)، و لو طلّقها الزوج رجعية ثمَّ مات و هي في العدة استأنفت عدة الحرة (10)، و لو كان الطلاق بائنا بقيت على عدتها منه (11).

مسألة 3: المراد بالأشهر هي الهلالية

(مسألة 3): المراد بالأشهر هي الهلالية (12)، فإن مات عند رؤية الهلال أعتدت بأربعة أشهر هلاليات و ضمت إليها من الشهر الخامس عشرة أيام. و إن مات في أثناء الشهر فالأحوط أنها تجعل ثلاثة أشهر هلاليات (13)

______________________________

يتزوج بها؟ قال: لا يطأها حتى تعتد من الزوج الميت أربعة أشهر و عشرا» (1)، و غيرهما من الأخبار، و اختاره المحقق أيضا في الشرائع في أم الولد.

ثمَّ إن مقتضى عموم الكتاب، و استصحاب بقاء العدة، و كون صحيح زرارة في مقام بيان القاعدة الكلية، و إمكان حمل أخبار التنصيف على التقية (2)، و أنه لا مفهوم للقسم الثالث هو الاحتياط الوجوبي في مساواة الأمة مع الحرة في عدة الوفاة. و حيث لا موضوع لها في هذه الأعصار، فلا وجه للتفصيل بأزيد من ذلك، و اللّه العالم بالحقائق.

(9) للإجماع، مضافا إلى ما تقدم من الأخبار.

(10) للإجماع، و لما يأتي في المطلقة الحرة الرجعية.

(11) للأصل، و على ما تقدم في الحرة البائنة.

(12) للانصراف إليها عند عرف العامة خصوصا عند المتشرعة.

(13) تقدم الوجه في ذلك في عدة ذات الشهور فراجع. فلا وجه للإعادة و التكرار (3).

ص: 106


1- الوسائل باب: 44 من أبواب العدد الحديث: 3.
2- راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 106.
3- تقدم في صفحة: 99.

في الوسط و أكملت الأول بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس، حتى صارت ثلاثة أشهر هلاليات و شهرا ملفقا و تضيف إليها من الشهر الخامس عشرة (14)، و تبين المرأة بعد إكمال أربعة أشهر بغروب الشمس من اليوم العاشر (15).

مسألة 4: لو كانت المرأة في حال لا تعرف الهلال لحبس أو غيره حتى بالإخبار من الغير أعتدت بالأيام

(مسألة 4): لو كانت المرأة في حال لا تعرف الهلال لحبس أو غيره حتى بالإخبار من الغير أعتدت بالأيام و هي مائة و ثلاثون يوما (16).

مسألة 5: لو طلقها ثمَّ مات قبل انقضاء العدة

(مسألة 5): لو طلقها ثمَّ مات قبل انقضاء العدة، فإن كان رجعيا بطلت عدة الطلاق و أعتدت به من حين موته عدة الوفاة (17)،

______________________________

(14) فتخرج عن العدة، لإكمالها «أربعة أشهر و عشرا».

(15) لأنه المنساق من الأيام كما ذكرناه في موارد كثيرة من الفقه.

(16) لإتمام الشهور عند الشك حينئذ، و لاستصحاب بقاء العدة إلى أن تعلم الخلاف.

(17) إجماعا، و نصوصا كثيرة، ففي موثق محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «أيما امرأة طلّقت ثمَّ توفى عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها و لم تحرم عليه، فإنها ترثه ثمَّ تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، و إن توفيت و هي في عدتها و لم تحرم عليه فإنه يرثها» (1).

و في معتبرة سماعة قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته ثمَّ إنه مات قبل أن تنقضي عدتها؟ قال عليه السّلام: تعتد عدة المتوفى عنها زوجها و لها الميراث» (2).

و في معتبرة محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل طلق امرأته تطليقة على طهر ثمَّ توفى عنها و هي في عدتها قال: ترثه ثمَّ تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، و إن ماتت قبل انقضاء العدة ورثها و ورثته» (3) إلى غير

ص: 107


1- الوسائل باب: 36 من أبواب العدد الحديث: 3 و 9.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب العدد الحديث: 3 و 9.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب ميراث الأزواج الحديث: 5.

فإن كانت حائلا أعتدت أربعة أشهر و عشرا (18)، و إن كانت حاملا أعتدت بأبعد الأجلين منها و من وضع الحمل كغير المطلّقة (19)، و إن كانت بائنا اقتصرت على إتمام عدة الطلاق و لا عدة عليها بسبب الوفاة (20).

مسألة 6: يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدة

(مسألة 6): يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد (21) ما دامت في العدة (22)،

______________________________

ذلك من الروايات، مع ما يستظهر من الأدلة أن المطلقة الرجعية بمنزلة الزوجة (1).

(18) لأن ذلك عدة المتوفى عنها زوجها فلا بد لها من استينافها، هذا كله على فرض زيادة عدة الوفاة على عدة الطلاق.

و أما لو انعكس كما في المسترابة- في بعض الموارد كما تقدم- تعتد بأبعد الأجلين، لاستصحاب بقاء العدة بعد الشك في شمول إطلاق انقضاء عدة الوفاة فقط لمثل المقام.

(19) إجماعا و نصوصا، كما تقدم (2).

(20) للإجماع؛ و لانقطاع العصمة بينهما بالطلاق، فلا موضوع لعدة الوفاة لها بعد ذلك. و أما مرسل علي بن إبراهيم «في المطلقة البائنة إذا توفي عنها زوجها و هي في عدتها، قال: تعتد بأبعد الأجلين» (3)، محمول أو مطروح.

(21) الحرة، و أما في الأمة المتوفى عنها زوجها فلا حداد عليها، نصا كما تقدم، و إجماعا.

(21) في الحرة، و أما في الأمة المتوفى عنها زوجها فلا حداد عليها، نصا كما تقدم، و إجماعا.

ص: 108


1- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 6 و باب 20 منها حديث: 11.
2- تقدم في صفحة: 103.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب العدد الحديث: 6.

و المراد به ترك الزينة في البدن بمثل التكحيل و التطيب و الخضاب و تحمير الوجه و الخطاط و نحوها (23)، و في اللباس بلبس الأحمر و الأصفر و الحلي و نحوها (24).

______________________________

أن تحد عليه» (1).

و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة حسن بن زياد «المرأة إذا بلغها نعي زوجها:

تعتد من يوم يبلغها إنما تريد أن تحد له» (2).

و عن أبي جعفر في صحيح الفضلاء: «المتوفى عنها زوجها تعتد من يوم يأتيها الخبر، لأنها تحد عليه» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

(23) أصل الحد: المنع، و في المقام هو الامتناع عن التزيين المختلف باختلاف العادات و الأزمنة و الأمكنة، فعن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إن مات عنها يعني و هو غائب فقامت البينة على موته فعدتها من يوم يأتيها الخبر أربعة أشهر و عشرا، لأن عليها أن تحد عليه في الموت أربعة أشهر و عشرا، فتمسك عن الكحل و الطيب و الأصباغ» (4).

و في صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام: «المتوفى عنها زوجها ليس لها أن تطيب و لا تزين حتى تنقضي عدتها أربعة أشهر و عشرة أيام» (5).

و في صحيح محمد بن مسلم عنه عليه السّلام: «ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاث إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها» (6) المحمول في الثلاث على الندب إلى غير ذلك من الروايات.

(24) لأن ذلك كله من الزينة إجماعا و نصوصا، ففي صحيح ابن أبي

ص: 109


1- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 4 و 5 و 3.
2- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 4 و 5 و 3.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 4 و 5 و 3.
4- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 4 و 5.
6- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 4 و 5.

و بالجملة: ترك كل ما يعد زينة تتزين بها للزوج في الأوقات المناسبة لها في العادة كالأعياد و الأعراس و نحوها (25)، و يختلف ذلك بحسب الأشخاص و الأزمان و البلاد، فيلاحظ في كل بلد ما هو المعتاد و المتعارف فيه للتزين (26).

نعم، لا بأس بتنظيف البدن و اللباس و تسريح الشعر و تقليم الأظفار و دخول الحمام و الافتراش بالفراش الفاخر و السكنى في المساكن المزينة و تزيين أولادها و خدمها (27).

مسألة 7: لو ادعت الضرورة للتكحيل

(مسألة 7): لو ادعت الضرورة للتكحيل أو الخطاط أو غيرهما مما يرجع إلى الزينة جاز ذلك (28)،

______________________________

يعفور عن الصادق عليه السّلام: «و لا تلبس ثوبا مصبوغا» (1)، و الظاهر أنه لا فرق بين كون الثوب بلونه من الزينة أو بنفسه كذلك، إذ المناط كله التزيين، و ذكر الصبغ الوارد في الروايات من باب المثال، و يأتي حديث الحلي.

(25) للإجماع، و إطلاق قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «و لا تزين حتى تنقضي عدتها أربعة أشهر و عشرة أيام» (2)، و في رواية أخرى: «حتى تنقضي عدتها» (3).

(26) لشمول الإطلاق و الاتفاق لكل ما هو المتعارف في كل زمان و مكان، بل في الأحوال أيضا، و ليست هناك ضابطة للزينة و التزين بل المدار على العرف و العادة.

(27) كل ذلك للأصل بعد كون المتعارف المعتاد من التزيين غير ذلك كله.

(28) للأدلة الدالة على رفع الحكم عند حصول الاضطرار اليه، و يحمل

ص: 110


1- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 2 و 4 و 5.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 2 و 4 و 5.
3- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 2 و 4 و 5.

و الأحوط أن تفعل ذلك ليلا و تمسحه نهارا (29).

مسألة 8: الحداد ليس شرطا في صحة العدة

(مسألة 8): الحداد ليس شرطا في صحة العدة (30)، بل هو تكليف على حدة في زمانها، فلو تركته عصيانا أو جهلا أو نسيانا في تمام المدة أو

______________________________

على ذلك إطلاق الجواز في بعض الأخبار، مثل موثق عمار الساباطي عن الصادق عليه السّلام: «في المرأة يموت عنها زوجها، هل يحل لها أن تخرج من منزلها في عدتها؟ قال: نعم، و تختضب و تكتحل و تمتشط و تصبغ و تلبس المصبغ ما شاءت بغير زينة لزوج» (1).

(29) لما عن جمع من الفقهاء الفتوى بذلك، و يكفي فتواهم للاحتياط و ان لم يصلح للفتوى، لعدم بلوغه إلى مرتبة الإجماع و لعلهم أخذوا ذلك عما نسب إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في قصة أم سلمة: «و هي حادة على أبي سلمة و قد جعلت على عينيها صبرا، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما هذا يا أم سلمة؟ فقالت: يا رسول اللّه إنما هو صبرا، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اجعليه بالليل و امسحيه بالنهار» (2).

(30) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق إلا فيما نسب إلى بعض من ذهابه إلى الشرطية، و هو نادر لا يعتني به.

كما أن ما يظهر من صاحب الجواهر من الميل إليه، لأن الأصل في كل واجب في واجب أن يكون شرطا له، و لإمكان استفادة الشرطية من الأخبار كما تقدم (3).

لا وجه له: لأن ما ذكره من الأصل غير أصيل، و إمكان استفادة الشرطية من الأخبار بلا دليل، فيكون الحداد واجبا مستقلا لا شرطيا.

ص: 111


1- الوسائل باب: 29 من أبواب العدد الحديث: 7.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 باب المعتدة تضطر إلى الكحل صفحة: 440.
3- تقدم بعضها في صفحة: 108.

بعضها لم يجب عليها استينافها أو تدارك مقدار ما أعتدت بدونه (31).

مسألة 9: لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمية

(مسألة 9): لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمية، كما أنه لا فرق على الظاهر بين الدائمة و المنقطعة (32).

نعم، لا يبعد عدم وجوبه على من قصرت مدة تمتعها كيوم أو يومين أو ساعة أو ساعتين (33)، و هل يجب على الصغيرة و المجنونة أم لا؟

قولان أشهر هما الوجوب (34)،

______________________________

(31) لأصالة البراءة عن وجوب ذلك كله بعد الشك في أصل الشرطية، و لا منافاة بين تحقق المعصية لترك الحداد و انقضاء العدة الواجبة.

(32) للإطلاق الشامل للجميع، و دعوى الاتفاق.

و أما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «المتمتعة عليها مثل ما على الأمة» (1) الدال على عدم وجوب الحداد عليها لعدم وجوبه على الأمة، فلم يظهر عامل بإطلاقه، فلا بد من حمله على بعض المحامل.

(33) لصحة دعوى الانصراف حينئذ، و يشهد لها خبر عبد الرحمن ابن الحجاج قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ثمَّ يتوفى عنها زوجها، هل عليها العدة؟ فقال: تعتد أربعة أشهر و عشرا، فإذا انقضت أيامها و هو حي فحيضة و نصف مثل ما يجب على الأمة، قلت: فتحد؟ فقال: نعم إذا مكثت عنده أياما فعليها العدة و تحد، و إذا كانت عنده يوما أو يومين أو ساعة من النهار فقد وجبت العدة كملا و لا تحد» (2)، و لكن الأحوط الحداد مطلقا.

(34) منشأ الوجوب الجمود على الإطلاقات، و إطلاق ولاية الولي بالنسبة إلى كل ما يكون على المولّى عليه وضعا. و منشأ عدم الوجوب دعوى انصراف إطلاقات الأدلة عن ذلك.

ص: 112


1- الوسائل باب: 52 من أبواب العدد الحديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 52 من أبواب العدد الحديث: 2 و 1.

بمعنى وجوبه على وليهما، فيجنبهما عن التزيين ما دامتا في العدة و فيه تأمل و إن كان أحوط (35).

مسألة 10: لو كانت الزوجة مجنونة أو صغيرة و توفى عنها زوجها

(مسألة 10): لو كانت الزوجة مجنونة أو صغيرة و توفى عنها زوجها حينئذ ففي كون مبدإ العدة من حين تحقق السبب و هو الفوت أو من حين بلوغ الخبر؟ قولان (36).

مسألة 11: لا فرق في الزوج المتوفى بين البالغ و غيره

(مسألة 11): لا فرق في الزوج المتوفى بين البالغ و غيره و المجنون و العاقل (37).

مسألة 12: لا حداد على الأمة لا من موت سيدها و لا من موت زوجها إذا كانت مزوجة

(مسألة 12): لا حداد على الأمة لا من موت سيدها و لا من موت زوجها إذا كانت مزوجة (38).

______________________________

(35) ظهر وجهه مما مر بعد إمكان المناقشة في دعوى الانصراف.

(36) من إطلاق أدلة أن عدة الوفاة من حين بلوغ الخبر فيشملهما، فحينئذ يكون ترتيب الأثر بالنسبة إلى الولي، فحالهما كحال البالغة العاقلة. و من أنه لا أثر لعلمهما لفرض قصورهما عن ذلك، فيكون من حين تحقق السبب كما في الطلاق.

و يمكن ترجيح إطلاق أدلة أن عدة المتوفى عنها زوجها من حين البلوغ، إذ يستفاد منها أن الشارع ألغى السببية المطلقة في هذه العدة بخلاف عدة الطلاق.

(37) كل ذلك للإطلاق و الاتفاق بلا فرق بين أصل العدة و الحداد فيجبان عليها.

(38) لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إن الأمة و الحرة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما، سواء في العدة إلا أن الحرة تحد و الأمة لا تحد» (1).

ص: 113


1- الوسائل باب: 42 من أبواب العدد الحديث: 2.
مسألة 13: يجوز للمعتدة بعدة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدتها في حوائجها

(مسألة 13): يجوز للمعتدة بعدة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدتها في حوائجها (39)، خصوصا إذا كانت ضرورية (40)،

______________________________

و ما عن الشيخ من وجوب الحداد عليها تمسكا بما نسب إلى نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا يحل لامرأة تؤمن باللّه و اليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر و عشرا» (1)، و قريب منه ما عن محمد بن مسلم (2)، محمول على مطلق الرجحان في الأمة بقرينة ما مر من الحديث أو على التقية (3).

(39) للأصل و الإطلاق خصوصا إطلاق ما عن الصادق عليه السّلام في موثق عبد اللّه بن بكير، قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التي يتوفى زوجها تحج؟ قال:

نعم و تخرج و تنتقل من منزل إلى منزل» (4)، و لا منافاة بين الحداد الواجب و التردد في الحوائج المتعارفة.

و في موثق عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام «المتوفى عنها زوجها تخرج من بيت زوجها؟ قال عليه السّلام: تخرج من بيت زوجها، تحج و تنتقل من منزل إلى منزل» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(40) لما تقدم، و لمكاتبة الصفار في الصحيح إلى العسكري عليه السّلام:

«في امرأة مات عنها زوجها و هي محتاجة لا تجد من ينفق عليها و هي تعمل للناس، هل يجوز لها أن تخرج و تعمل و تبيت عن منزلها في عدتها؟

فوقع عليه السّلام: لا بأس بذلك إن شاء اللّه» (6)، مضافا إلى الإجماع بل القاعدة أيضا.

ص: 114


1- مستدرك الوسائل باب: 25 من أبواب العدد الحديث: 9.
2- الوسائل باب: 29 العدد: 5.
3- راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 177.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب العدد الحديث: 3 و 5.
5- الوسائل باب: 33 من أبواب العدد الحديث: 3 و 5.
6- الوسائل باب: 34 من أبواب العدد الحديث: 1.

أو كان خروجها لأمور راجحة كالحج و الزيارة و عيادة المرضى و زيارة أرحامها و لا سيما والديها (41).

______________________________

(41) لما عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «المرأة يموت عنها زوجها، أ يصلح لها أن تحج أو تعود مريضا؟ قال عليه السّلام: نعم تخرج في سبيل اللّه» (1)، و هو شامل لكل قربة.

و في التوقيع الشريف إلى محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري في جواب مسائله: «حيث سأله عن المرأة يموت زوجها، هل يجوز لها أن تخرج في جنازته أم لا؟ التوقيع: تخرج في جنازة، و هل يجوز لها و هي في عدتها أن تزور قبر زوجها أم لا؟ التوقيع: تزور قبر زوجها و لا تبيت عن بيتها، و هل يجوز لها أن تخرج من قضاء حق يلزمها أم لا تخرج من بيتها و هي في عدتها؟ التوقيع: إذا كان حق خرجت فيه و قضته، و إن كان لها حاجة و لم يكن لها من ينظر فيها خرجت لها حتى تقضيها و لا تبيت إلا في منزلها» (2).

و عن الصادق عليه السّلام في موثق عمار: «المرأة المتوفى عنها زوجها تعتد في بيتها، أو حيث شاءت؟ قال عليه السّلام: بل حيث شاءت» (3).

و في موثق ابن سليمان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتوفى عنها زوجها تخرج إلى بيت أبيها و أمها من بيتها إن شاءت فتعتد؟ فقال عليه السّلام: إن شاءت أن تعتد في بيت زوجها أعتدت، و إن شاءت أعتدت في بيت أهلها، و لا تكتحل و لا تلبس حليا» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ص: 115


1- الوسائل باب: 33 من أبواب العدد الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب العدد الحديث: 8.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب العدد الحديث: 3 و 4.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب العدد الحديث: 3 و 4.

نعم، ينبغي بل الأحوط أن لا تبيت إلا في بيتها الذي كانت تسكنه في حياة زوجها (42)،

______________________________

(42) مقتضى الأصل و الإطلاقات- و بعض النصوص كما سيأتي- جواز البيتوتة لها في غير ذلك المنزل أيضا، لكن يظهر من جملة من الأخبار أنها لا تبيت إلا في منزلها، منها ما تقدم في التوقيع الشريف.

و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «المتوفى عنها زوجها أين تعتد؟ قال عليه السّلام: حيث شاءت و لا تبيت عن بيتها». (1)

و عن الصادق عليه السّلام في صحيح أبي بصير: «في المرأة يتوفى عنها زوجها و تكون في عدتها، أ تخرج في حق؟ فقال عليه السّلام: إن بعض نساء النبي صلّى اللّه عليه و آله سألته فقالت: إن فلانة توفي عنها زوجها فتخرج في حق ينوبها، فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أفّ لكن. قد كنتن قبل أن أبعث فيكن و أن المرأة منكن إذا توفي عنها زوجها أخذت بعرة فرمت بها خلف ظهرها، ثمَّ قالت: لا امتشط و لا اكتحل و لا اختضب حولا كاملا، و إنما أمرتكنّ بأربعة أشهر و عشرة أيام ثمَّ لا تصبرن، لا تمتشط و لا تكتحل و لا تختضب و لا تخرج من بيتها نهارا و لا تبيت عن بيتها، فقالت: يا رسول اللّه فكيف تصنع إن عرض لها حق؟ فقال صلّى اللّه عليه و آله: تخرج بعد زوال الشمس و ترجع عند المساء فتكون لم تبت عن بيتها، قلت له: فتحج؟ قال:

نعم» (2).

لكنها معارضة بأخبار أخرى تدل على الجواز مثل موثق ابن بكير قال:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التي يتوفى زوجها تحج؟ قال: نعم، و تخرج و تنتقل من منزل إلى منزل» (3)، و موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن المرأة المتوفى

ص: 116


1- الوسائل باب: 32 من أبواب العدد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب العدد الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب العدد الحديث: 1.

بأن تخرج بعد الزوال و ترجع عند العشي أو تخرج بعد نصف الليل و ترجع صباحا (43).

مسألة 14: لا حداد على المطلّقة

(مسألة 14): لا حداد على المطلّقة بائنة كانت أو رجعية (44)-

______________________________

عنها زوجها تعتد في بيتها أو حيث شاءت؟ قال: بل حيث شاءت» (1)، و تقدم في صحيح الحلبي: «تخرج في سبيل اللّه» (2).

فالأمر يدور بين حمل الأخبار الدالة على عدم الجواز على الكراهة، أو الحرمة. و لكن إعراض المشهور عنها- أو حملها على التقية (3)، و احتمال أن يكون النهي إرشادا إلى الردع عن بعض العادات الجاهلية فلا يفيد الإلزام- أسقطها عن الاعتبار. فيجوز لها الخروج متى ما شاءت، و إن كان الأولى أو الأحوط أن لا تبيت إلا في منزلها الذي كانت تسكنه في حياة زوجها أو سكنت فيه بعد موته. للاعتداد، لما تقدم من الأخبار و اللّه العالم.

(43) لتحقق البيتوتة في منزلها بكل منهما، و تقدم في بيتوتة منى تفصيل الكلام فراجع.

(44) للأصل، و لقول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «و ليس عليها في الطلاق أن تحد» (4)، و في التعليل الوارد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في معتبرة أبي نصر البزنطي: «في المطلقة إن قامت البينة أنه طلقها منذ كذا و كذا و كانت عدتها قد انقضت فقد بانت، و المتوفى عنها زوجها تعتد حين يبلغها الخبر لأنها تريد أن تحد له» (5)، و في خبر قرب الإسناد عن موسى بن جعفر عليهما السّلام: «سألته

ص: 117


1- الوسائل باب: 32 من أبواب العدد الحديث: 3.
2- تقدم في صفحة: 115.
3- راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 176.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب العدد الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 14.

بل يستحب التزيين للرجعية و تشوّقها لزوجها (45).

مسألة 15: لا إشكال في أن مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه

(مسألة 15): لا إشكال في أن مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه (46)،

______________________________

عن المطلقة أنها تكتحل و تختضب أو تلبس ثوبا مصبوغا؟ قال عليه السّلام: لا بأس إذا فعلته من غير سوء» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما خبر مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن علي عليه السّلام: «المطلقة تحد كما تحد المتوفى عنها زوجها، لا تكتحل، و لا تطيب، و لا تختضب و لا تمتشط» (2)، محمول على التقية (3)، و يمكن حمله على الرجحان كما يشهد له ما تقدم عن خبر قرب الإسناد.

(45) إجماعا و نصوصا، منها صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام: «المطلّقة تكتحل و تختضب و تطيب و تلبس ما شاءت من الثياب، لأن اللّه عز و جل يقول:

لَعَلَّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً لعلها إن تقع في نفسه فيراجعها» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا: «في المطلّقة تعتد في بيتها و تظهر له زينتها، لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرا» (5)، و غيرهما من الأخبار.

(46) إجماعا و نصوصا، منها قول علي عليه السّلام: «و المطلّقة تعتد من يوم طلّقها زوجها، و المتوفى عنها زوجها تعتد من يوم يبلغها الخبر» (6)، و في صحيح الفضلاء عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الغائب إذا طلّق امرأته فإنها تعتد من اليوم الذي طلّقها» (7)، إلى غير ذلك من الروايات كما تقدم، و تقتضيه قاعدة السببية في الطلاق و نحوه، و حيث إن في عدة الوفاة يجب الحداد فلا بد و أن يكون من حين الخبر كما يأتي.

ص: 118


1- الوسائل باب: 21 من أبواب العدد الحديث: 5 و 6.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب العدد الحديث: 5 و 6.
3- راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 178 ط بيروت.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب العدد الحديث: 2 و 1.
5- الوسائل باب: 21 من أبواب العدد الحديث: 2 و 1.
6- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 13.
7- الوسائل باب: 26 من أبواب العدد الحديث: 3.

حاضرا كان الزوج أو غائبا، بلغ الزوجة الخبر أم لا (47)، فلو طلّقها غائبا و لم يبلغها إلا بعد مدة و لو كانت سنة أو أكثر فقد انقضت عدتها و ليس عليها عدة بعد بلوغ الخبر إليها (48). و مثل عدة الطلاق عدة الفسخ و الانفساخ على الظاهر (49). و كذا عدة وطئ الشبهة (50)،

______________________________

(47) لشمول الإطلاق و الاتفاق لذلك كله.

(48) إجماعا و نصا، قال أبو جعفر عليه السّلام في الصحيح: «إذا طلّق الرجل و هو غائب فليشهد على ذلك، فإذا مضى ثلاثة أقراء من ذلك اليوم فقد انقضت عدتها» (1)، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صحيح محمد بن أبي نصر قال:

«سأله صفوان و أنا حاضر عن رجل طلّق امرأته و هو غائب فمضت أشهر؟

فقال عليه السّلام: إذا قامت البينة أنه طلّقها منذ كذا و كذا، و كانت عدتها قد انقضت فقد حلت للأزواج، قال: فالمتوفى عنها زوجها؟ فقال عليه السّلام: هذه ليست مثل تلك، هذه تعتد من يوم يبلغها الخبر لأن عليها أن تحد» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «الرجل يطلّق امرأته و هو غائب عنها من، أي يوم تعتد؟

فقال عليه السّلام: إن قامت لها بينة عدل أنها طلّقت في يوم معلوم و تيقّنت، فلتعتد من يوم طلّقت، و إن لم تحفظ في أي يوم أو في أي شهر، فلتعتد من يوم يبلغها» (3).

(49) لقاعدة السببية الجارية في الجميع؛ فإن كل سبب شرعي حصل لزوال حلية وطئ محترم لا بد من تأثير أثره حين وقوعه، ما لم يدل دليل على الخلاف و هو مفقود بلا فرق فيه بين الأسباب مطلقا. و في عدة الوفاة أيضا مطابق للقاعدة، لأنه متوقف على الحداد و هو متوقف على العلم بالوفاة.

(50) لأن الوطي بالشبهة سبب للعدة- على ما تقدم- و مقتضى قاعدة السببية أن تكون العدة بعد الفراغ منه، فإن كان الوطي واحدا فبعد الفراغ من الواحد، و إن كان متعددا فبعد الفراغ من الجميع.

ص: 119


1- الوسائل باب: 26 من أبواب العدد الحديث: 1 و 7 و 2.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب العدد الحديث: 1 و 7 و 2.
3- الوسائل باب: 26 من أبواب العدد الحديث: 1 و 7 و 2.

و إن كان الأحوط الاعتداد من حين ارتفاع الشبهة بل هذا الاحتياط لا يترك (51). و أما عدة الوفاة فإذا مات الزوج غائبا فعدتها من حين بلوغ الخبر إليها (52)،

______________________________

و يحتمل أن تكون العدة من حين انجلاء الشبهة، إلحاقا له بسائر أقسام الوطي المحترم، فكما أن العدة فيها تكون بتخلل الفصل و زوال سبب الحلية، ففي وطئ الشبهة أيضا كذلك.

ثمَّ إنه يمكن دعوى أصالة المساواة بين جميع العدد مطلقا، إلا ما خرج بالدليل لما تقدم من الأخبار، بعد رد بعضها إلى البعض.

(51) لظهور وحدة المناط إنما هو زوال سبب الحلية، و هو إنما يتحقق بانجلاء الشبهة. فكما في النكاح الحقيقي تكون العدة من حين ارتفاع عصمة النكاح، ففي المقام أيضا كذلك من حين انجلاء الشبهة، تنزيلا لهذا الوطي الحلال منزلة النكاح الحقيقي، و ليس هذا من القياس بل من قبيل سائر التنزيلات الشرعية. فيستفاد من المجموع القطع بالمناط.

(52) إجماعا و نصوصا- تقدم بعضها- منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي الصباح الكناني: «التي يموت عنها زوجها و هو غائب فعدتها من يوم يبلغها إن قامت البينة أو لم تقم» (1).

و في صحيح يزيد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السّلام: «في الغائب عنها زوجها إذا توفي؟ قال عليه السّلام: المتوفى عنها زوجها تعتد من يوم يبلغها الخبر، لأنها تحد عليه» (2).

و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «في رجل يموت و تحته امرأة و هو غائب، قال: تعتد من يوم يبلغها وفاته» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على أنها تعتد من حين بلوغ الخبر لا من حين الوفاة.

ص: 120


1- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 2 و 3 و 1.
2- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 2 و 3 و 1.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 2 و 3 و 1.

.....

______________________________

و ما يظهر منه الخلاف مثل صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «امرأة بلغها نعي زوجها بعد سنة أو نحو ذلك، فقال عليه السّلام: إن كانت حبلى فأجلها أن تضع حملها، و إن كانت ليست بحبلى فقد مضت عدتها إذا قامت لها البينة أنه مات في يوم كذا و كذا، و إن لم يكن لها بينة فلتعتد من يوم سمعت» (1).

و خبر حسن بن زياد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المطلقة يطلقها زوجها و لا تعلم إلا بعد سنة، و المتوفى عنها زوجها و لا تعلم بموته إلا بعد سنة؟

قال: إن جاء شاهدان عدلان فلا تعتدان و إلا تعتدان» (2).

و خبر وهب، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السّلام: «سئل عن المتوفى عنها زوجها إذا بلغها ذلك و قد انقضت عدتها، فالحداد يجب عليها؟ فقال علي عليه السّلام:

إذا لم يبلغها ذلك حتى تنقضي عدتها فقد ذهب ذلك كله، و قد انقضت عدتها» (3).

فمضافا إلى قصور سند بعضها، لا بد من حمل تلك الأخبار على التقية (4)، أو طرحها لمخالفتها للإجماع كما تقدم.

و أما صحيح منصور قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في المرأة يموت زوجها أو يطلقها و هو غائب: إن كانت مسيرة أيام، فمن يوم يموت زوجها تعتد، و إن كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر، لأنها لا بد و أن تحد له» (5)، فإن أمكن حمله على الغائب عن الزوجة و الحاضر في البلد مثلا فهو، و إلا فلا بد من رد علمه إلى أهله. هذا كله في العدة التي لا تكون منقلبة عن عدة الطلاق.

و أما في عدة الوفاة المنقلبة عن عدة الطلاق، فقد مر في المسألة الخامسة أنها تعتد من حين موته كما عرفت.

ص: 121


1- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 10.
2- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 9.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 7.
4- راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 188.
5- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 12.

و لا يبعد عدم اختصاص الحكم بصورة غيبة الزوج، بل يعم صورة حضوره أيضا إذا خفي عليها موته لمرض أو حبس أو غير ذلك، فتعتد من حين إخبارها بموته (53).

مسألة 16: إذا مات الواطئ بالشبهة لا يجري عليه حكم الزوج

(مسألة 16): إذا مات الواطئ بالشبهة لا يجري عليه حكم الزوج و تعتد المرأة عدة الطلاق (54).

مسألة 17: لا يعتبر في الإخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجة شرعية

(مسألة 17): لا يعتبر في الإخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجة شرعية، فلا يعتبر أن يكون من عدلين بل و لا عدل واحد (55).

______________________________

ثمَّ إن استعلام حال الغائب بحسب الوسائل الحديثة العصرية على أقسام:

الأول: ما إذا أمكن الاطلاع على حال الزوج من حياته و مماته بلا مشقة و كلفة عرفية، و الظاهر وجوبه مقدمة لوجوب الحداد.

الثاني: ما إذا لم يمكن ذلك بلا مشقة و كلفة عرفية.

الثالث: ما إذا شك فيه، أنه من القسم الأول أو الأخير.

و في القسم الثاني لا يجب الفحص، و في القسم الأخير يجب الفحص حتى يحصل اليأس، فتعتد حينئذ من حين وصول الخبر.

(53) بناء على أنه ليست للغيبة موضوعية خاصة، و إنما تكون طريقا إلى عدم إمكان الاطلاع على الحال عرفا. و لكنه مشكل جمودا على ظواهر الأدلة و قاعدة اتصال السبب بالمسبب.

و أما بناء على ما قلناه من التفصيل لا فرق فيه بين الغيبة و غيرها، فيكون المناط كله على إمكان العلم بالحال و عدمه فيما مر من الأقسام الثلاثة.

(54) أما الأول فلانتفاء الموضوع و هي الزوجية. و أما الثاني و هو وجوب العدة لأن الوطي محترم، فلا بد في زواله من العدة كما تقدم سابقا.

(55) لظهور الاتفاق و الإطلاق، و صريح ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام في خبر أبي الصباح الكناني: «التي يموت عنها زوجها و هو غائب، فعدتها من يوم

ص: 122

نعم، لا يجوز لها التزويج بالغير ما لم تقم حجة شرعية على موته و لا تكتفي بمجرد بلوغ الخبر (56). و فائدته أنه إذا لم تكن حجة بعد ما ثبت موته شرعا تكتفي بالاعتداد من حين البلوغ و لا تحتاج إلى الاعتداد من حين الثبوت (57).

مسألة 18: لو كان له زوجات متعددة و طلّق إحداهن

(مسألة 18): لو كان له زوجات متعددة و طلّق إحداهن المعينة طلاقا بائنا و مات قبل التعيين لها ظاهرا أعتدت كل واحدة منهن بعدة الوفاة (58).

______________________________

يبلغها إن قامت البينة أو لم تقم» (1) إذ المراد بقوله مجرد حصول الاطمئنان العرفي من أي سبب حصل و لو بواسطة الوسائل الحديثة للإعلام و الإخبار.

(56) الاستصحاب بقاء الحياة ما لم تقم حجة معتبرة على الممات، و هذا التفكيك فيما إذا لم يحصل الاطمئنان العرفي من مجرد الخبر، و إلا فهو حجة يصح التزويج بعد العدة، لفرض حصول الاطمئنان بالموت.

(57) لفرض تحقق الاعتداد، فيكون وجوبه بعد ذلك لغوا و باطلا.

(58) للعلم الإجمالي المنجز بوجوب العدة على تلك الزوجات، بناء على تنجزه في نظائر المقام، و يحتمل تعيين الحاكم المطلّقة بالقرعة، لأنها لكل أمر مشكل و المقام منه.

ص: 123


1- الوسائل باب: 28 من أبواب العدد الحديث: 2.
فصل في أحكام المفقود عنها زوجها
اشارة

فصل في أحكام المفقود عنها زوجها

مسألة 1: إذا فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة

(مسألة 1): إذا فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته و لا حياته، فإن بقي له مال تنفق به زوجته، أو كان له ولي يتولى أموره و يتصدى لانفاقها أو متبرع بالإنفاق عليها وجب عليها الصبر و الانتظار (1)، و لا يجوز لها أن تتزوج أبدا حتى تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه (2)،

______________________________

(1) للأصل، و الإجماع، و النصوص، منها صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «فما أنفق عليها فهي امرأته، قلت: فإنها تقول: فإني أريد ما تريد النساء، قال: ليس ذاك لها و لا كرامة» (1)، و في صحيح بريد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ فقال: ما سكتت عنه و صبرت فخل عنها- إلى أن قال- دعا ولي الزوج المفقود، فقيل له: هل للمفقود مال؟ فإن كان للمفقود مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته» (2)، و في معتبرة السكوني عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السّلام: «المفقود لا تتزوج امرأته حتى يبلغها موته، أو طلاق، أو لحوق بأهل الشرك» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار كما سيأتي.

(2) كما مر في النصوص السابقة، و مثلها سائر المطلّقات مما سيق ذلك المساق، و يجب تقييدها بما يأتي من الأدلة.

ص: 124


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 4 و 3 و 1.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 4 و 3 و 1.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 4 و 3 و 1.

و إن لم يكن له مال و لا من ينفق عليها فإن صبرت فلها ذلك (3)، و إن لم تصبر و أرادت الزواج رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي (4)،

______________________________

(3) للإجماع، و الأصل، و ظاهر النصوص بعد رد بعضها إلى بعض، و يأتي في صحيح بريد ما يدل على ذلك.

(4) لظاهر بعض النصوص المشتمل على ذلك مثل صحيح بريد بن معاوية قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ فقال: ما سكتت عنه و صبرت فخل عنها، و إن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجّلها أربع سنين، ثمَّ يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه فليسأل عنه، فإن خبر عنه بحياة صبرت، و إن لم يخبر عنه بحياة حتى تمضي الأربع سنين دعا ولي الزوج المفقود، فقيل له: هل للمفقود مال؟ فإن كان للمفقود مال أنفق عليها حتى يعلم حياته من موته، و إن لم يكن له مال قيل: للوليّ أنفق عليها، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوج ما أنفق عليها، و إن أبى أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلقه تطليقة في استقبال العدة، و هي طاهر- الحديث-» (1)، فهذه الصحيحة ظاهرة في اعتبار الطلاق بعد الرجوع إلى الحاكم الشرعي، و كون المدة من حين الرفع إلى الحاكم.

و في موثق سماعة قال: «سألته عن المفقود؟ فقال: إن علمت أنه في أي أرض فهي تنتظر له أبدا حتى يأتيها موته أو طلاقه، و إن لم تعلم أين هو من الأرض كلها و لم يأتها منه كتاب و لا خبر، فإنها تأتي الإمام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين فيطلب في الأرض، فإن لم يوجد أثر حتى تمضي أربع سنين، أمرها أن تعتد أربعة أشهر و عشرا ثمَّ تحل للأزواج- الحديث-» (2)، فإنه ظاهر في كفاية الأمر بالاعتداد من غير حاجة إلى الطلاق- و سيأتي الكلام فيه- بعد الرجوع إلى

ص: 125


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب المصاهرة الحديث: 2.

فيؤجلها أربع سنين من حين رفع الأمر إليه (5)،

______________________________

الحاكم الشرعي، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على الرجوع إلى الحاكم، و عليها يحمل إطلاق غيرها (1)، مع أن الناس في هذه الأمور بفطرتهم الدينية يرجعون إلى الحاكم الشرعي.

(5) على المشهور، لظاهر ما مر في صحيح بريد بن معاوية و موثق سماعة. و عليهما يحمل إطلاق سائر الأخبار لو تحقق لها إطلاق وارد في مقام البيان من هذه الجهة.

مع أن الموضوع في معرض المخاصمة و المنازعة لو ظهر زوجها بعد ذلك، و من عادة الشرع أنه في مثل هذه الموارد يرجع الأمر إلى الحاكم الشرعي دفعا للنزاع و الخصومة، و هذا مما يؤيد ما هو المشهور من أن تحديد المدة إنما يكون بعد الرجوع إلى الحاكم الشرعي، فلا وجه لما نسب إلى صاحب الحدائق و الكاشاني من استظهارهما مضي المدة و لو قبل الرجوع إلى الحاكم.

و أما مثل صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «المفقود إذا مضى له أربع سنين بعث الوالي أو يكتب إلى الناحية التي هو غائب فيها، فإن لم يجد له أثرا أمر الوالي وليه أن ينفق عليها فما أنفق عليها فهي امرأته، قلت: فإنها تقول: فإني أريد ما تريد النساء، قال: ليس لها ذلك و لا كرامة، فإن لم ينفق عليها وليّه أو وكيله أمره بأن يطلقها، و كان ذلك عليها طلاقا واجبا» (2) فلم يعلم أنه مضى أربع سنين بعد الرجوع إلى الحاكم الشرعي أو قبله، فهو من هذه الجهة مجمل فلا وجه للاعتماد عليه.

و أما معتبرة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام في امرأة غاب عنها زوجها أربع سنين، و لم ينفق عليها، و لم تدر أحي هو أم ميت، أ يجبر وليّه على

ص: 126


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب الطلاق الحديث: 4.

ثمَّ يتفحص عنه في تلك المدة (6)، فإن لم يتبين موته و حياته، فإن كان للغائب ولي- أعني من كان يتولى أموره بتفويضه أو توكيله- يأمره الحاكم بطلاق المرأة (7)، و إن لم يقدم على الطلاق و لم يمكن إجباره عليه طلّقها الحاكم (8)، ثمَّ تعتد أربعة أشهر و عشرا عدة الوفاة (9)،

______________________________

أن يطلّقها؟ قال عليه السّلام: نعم و إن لم يكن له ولي طلّقها السلطان- الحديث-» (1).

فتقيد بالفحص و بالرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضرب لها الأجل كما تقدم في صحيح بريد و موثق سماعة و اللّه العالم.

(6) إجماعا و نصوصا، كما مر في صحيح بريد و موثق سماعة و صحيح الحلبي، مع أن هذا من الأمور الحسبية التي له الولاية عليها قطعا- كما تقدم في كتاب النكاح (2)- و مقتضاها الفحص، و ما مر من إطلاق بعض الروايات لا بد من تقييده بذلك كما عرفت.

(7) لما ورد في صحيح الحلبي: «أمره- أي: أمر الحاكم الولي أو الوكيل- أن يطلّقها» (3)، و في صحيح بريد (أجبره الوالي أن يطلّقها) (4)، و في معتبرة أبي الصباح: «و إن لم يكن له ولي طلّقها السلطان» (5)، مضافا إلى الإجماع، و الولاية على الحسبة.

(8) لما مر في النصوص السابقة من الإذن في تطليق السلطان أو الوالي الظاهر في الحاكم الشرعي، مع أن هذا هو المتيقن من ولاية الحاكم الشرعي على هذه الأمور.

(9) لما ورد في موثق سماعة من التصريح بها بقوله عليه السّلام: «أمرها أن تعتد أربعة أشهر و عشرا ثمَّ تحل للأزواج» (6)، فيحمل غيره عليه جمعا و إجماعا.

ص: 127


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 5.
2- راجع ج: 24 صفحة: 255.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 4 و 1 و 5.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 4 و 1 و 5.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 4 و 1 و 5.
6- تقدم في صفحة: 125.

فإذا تمت هذه الأمور جاز لها التزويج بلا إشكال، و إن كان اعتبار بعضها محل التأمل و النظر إلا أن الجميع هو الأحوط (10).

مسألة 2: ليست للفحص و الطلب كيفية خاصة

(مسألة 2): ليست للفحص و الطلب كيفية خاصة (11)، بل المدار على ما يعد طلبا و فحصا و تفتيشا، و يتحقق ذلك ببعث من يعرف المفقود رعاية باسمه و شخصه أو بحليته إلى مظان وجوده للظفر به، و بالكتابة و نحوها كالتلغراف المتداول في هذه الأعصار إلى من يعرفه ليتفقد عنه في بلده، و بالالتماس من المسافرين كالزوّار و الحجّاج و التجّار و غيرهم بأن يتفقدوا عنه في مسيرهم و منازلهم و مقامهم، و بالاستخبار منهم إذا رجعوا من أسفارهم (12).

مسألة 3: لا يشترط في المبعوث و المكتوب إليه و المستخبرين منهم من المسافرين العدالة

(مسألة 3): لا يشترط في المبعوث و المكتوب إليه و المستخبرين منهم من المسافرين العدالة (13)،

______________________________

(10) المسألة خلافية بحسب الأنظار، و منشأ الاختلاف هو اختلاف ظواهر الأخبار على ما عرفت من جعل المدة من غير تعيين و لو قبل المراجعة إلى الحاكم الشرعي، كما في صحيح الحلبي و غيره، و في بعض الأخبار جعلها بعد المراجعة إليه و الأمر بذلك.

و المتحصل من الجميع بعد رد بعضها إلى بعض ما ذكرناه و اللّه العالم بالحقائق.

(11) لأن ذلك بجميع الحدود و القيود من الموضوعات العرفية، فمع الصدق عرفا يجزي، و مع عدمه أو الشك فيه لا يجزي.

(12) المناط كله الاستخبار و الفحص، و الظاهر كفاية الصحف العامة و الإذاعة و غيرهما من الأجهزة الحادثة في هذه الأعصار التي تكون في تناول أيدي أكثر الناس.

(13) للأصل، و الإطلاق- كما مر- و ظهور الاتفاق.

ص: 128

بل تكفي الوثاقة (14).

مسألة 4: لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة

(مسألة 4): لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة و نحوها من الحاكم (15)، بل يكفي كونه من كل أحد حتى نفس الزوجة (16)، إذا كان بأمره بعد رفع الأمر إليه (17)، فإذا رفعت أمرها إليه فقال: تفحصوا عنه إلى أن تمضي أربع سنين، ثمَّ تصدت الزوجة أو تصدى بعض أقاربها للفحص و الطلب حتى مضت المدة كفى (18).

مسألة 5: مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام

(مسألة 5): مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام (19)،

______________________________

(14) لأن العدالة على فرض اعتبارها لها طريقية إلى الصدق و الأمانة، و هما متحققان في الموثوق به أيضا و لا وجه للموضوعية للعدالة في المقام، كما هي معتبرة موضوعا في القضاء، و المرجعية في الفتوى، و إمام الجماعة، و الشاهد، و نحوها.

(15) لأن المناط كله تحقق الفحص و الطلب عنه بأي وجه تحقق، للاتفاق و الإطلاق.

نعم، يعتبر أن يكون ذلك بنظر الحاكم الشرعي و اطلاعه و إشرافه لئلا يهمل ذلك و لا تعطل المرأة و لا تضيع حقها.

(16) لتحقق المناط، و هو حصول الوثوق بذلك، و هو يحصل من قولها أيضا. و لكن إذا لم يحصل الوثوق و الاطمئنان من قولها، فمقتضى الأصل عدم الاعتماد عليها.

(17) لما مر من أن المناط كله نظر الحاكم الشرعي في الفحص و اطلاعه على الخصوصيات.

(18) لفرض تحقق الفحص و عدم اعتبار دخالة شخص خاص فيه، كما عرفت.

(19) لورود النصوص في هذا المقدار، كما تقدم ذلك.

ص: 129

و لا يعتبر فيه الاتصال التام (20)، بل هو على الظاهر نظير تعريف اللقطة سنة كاملة يكفي فيه تصدي الطلب عنه بحيث يصدق عرفا أنه قد تفحّص عنه في تلك المدة (21).

مسألة 6: المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف

(مسألة 6): المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك (22)، و ما هو المعتاد فلا يعتبر استقصاء الممالك و البلاد (23)، و لا يعتني بمجرد إمكان وصوله إلى مكان و لا بالاحتمالات البعيدة (24)، بل إنما يتفحص عنه في مظان وجوده و وصوله إليه و ما احتمل فيه ذلك احتمالا قريبا (25).

مسألة 7: إذا علم أنه قد كان في بلد معين في زمان ثمَّ انقطع أثره، يتفحص عنه أولا في ذلك البلد

(مسألة 7): إذا علم أنه قد كان في بلد معين في زمان ثمَّ انقطع أثره، يتفحص عنه أولا في ذلك البلد على المعتاد (26)، فيكفي التفقد عنه في جوامعه و مجامعة و أسواقه و متنزهاته و مستشفياته و الأمكنة المعدة لنزول

______________________________

(20) لإطلاق ما تقدم من الأدلة الشاملة للمتصل و المنفصل.

(21) لما مر غير مرة من أن المناط في موضوعات الأحكام مطلقا هو العرف و المتعارف ما لم يكن دليل على الخلاف، و هو مفقود.

(22) لما عرفت من أن الأدلة منزلة عليها ما لم يحد الموضوع بحد تعبدي شرعي، و هو مفقود، فمقتضى الأصل و الإطلاق إجزاء المقدار المتعارف بحسب الكمية و الكيفية و سائر الجهات.

(23) الظاهر اختلاف ذلك باختلاف الأشخاص و الأزمنة و الأمكنة و تعارف الذهاب إلى الممالك البعيدة و عدمه و كذا في الأمكنة.

(24) إذ المناط في الفحص الاحتمالات المتعارفة لا مجرد الإمكان العقلي و احتماله.

(25) أي احتمالا عرفيا، كما عرفت أنه المناط لا مجرد الاحتمال العقلي.

(26) لفرض أن ذلك البلد مظنة وجوده دون غيره.

ص: 130

الغرباء و نحوها (27). و لا يلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش أو السؤال (28)، بل يكفي بفحص بعضها المعتد به من مشتهراتها (29)، و ينبغي ملاحظة زي المفقود و صنعته و حرفته فيتفقد عنه في المحال المناسبة له و يسأل عنه من أبناء صنفه و حرفته (30)، مثلا إذا كان من طلبة العلم فالمحل المناسب له المدارس و مجامع العلم و ينبغي أن يسأل عنه من أهل العلم في محل العلماء و الطلبة (31)، بخلاف ما إذا كان من غيرهم كما إذا كان جنديا مثلا، فإذا تمَّ الفحص في ذلك البلد و لم يظهر منه أثر و لم يعلم موته و لا حياته، فإن لم يحتمل انتقاله منه إلى محل آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص و السؤال (32)، و اكتفى بانقضاء مدة التربص أربع سنين (33)، و إن احتمل الانتقال فإن تساوت الجهات في احتمال انتقاله منه إليها تفحص عنه في تلك الجهات (34)،

______________________________

(27) لأن الفحص في كل ذلك من موجبات الظفر عليه لو كان موجودا فيها.

(28) للأصل، و السيرة في التفحص عن الأشياء المفقودة.

(29) مما يكون مظنة نزوله فيها.

(30) لأن ذلك كله من طرق الوصول إليه لو كان موجودا في تلك المحال.

(31) كل ذلك من باب طرق الظفر إليه لو كان.

(32) لعدم الموضوعية للفحص و السؤال، و إنما يكون طريقا إلى الظفر بالحال، و مع إحراز عدم الأثر لهما لا وجه للوجوب حينئذ، كما في سائر موارد وجوب الفحص و السؤال.

(33) للأصل، و ظهور الإجماع و ظهور، الأدلة كما مر في أن كل واحد منهما واجب مستقل و أن ظرف الفحص و السؤال إنما هو أربع سنين لا أن يكون من مقوماته بحيث ينتفي بانتفائه.

(34) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق بعد وجود الاحتمال.

ص: 131

و لا يلزم الاستقصاء بالتفتيش في كل قرية قرية و لا في كل بلدة بلدة (35)، بل يكفي الاكتفاء ببعض المحال المهمة و المشتهرة في كل جهة مراعيا للأقرب ثمَّ الأبعد إلى البلد الأول (36)، و إن كان الاحتمال في بعضها أقوى، جاز اختصاص محل الفحص بذلك البعض و الاكتفاء به (37)، خصوصا إذا بعد احتمال انتقاله إلى غيره، و إذا علم أنه قد كان في مملكة كالهند أو العراق و غيرهما أو سافر إليها ثمَّ انقطع أثره، كفى أن يتفحص عنه مدة التربص في بلادها المشهورة التي يشد إليها الرحال (38)، و إن سافر إلى بلد معين من مملكة كالعراق إلى المدينة المنورة يكفي الفحص عنه في البلاد و المنازل الواقعة في طريقه إلى ذلك البلد و في نفس ذلك البلد (39)، و لا ينظر إلى الأماكن البعيدة عن الطريق فضلا عن البلاد الواقعة في أطراف المملكة، و إذا خرج من منزله مريدا للسفر أو هرب و لا يدري إلى أين توجه و انقطع أثره تفحص عنه مدة التربص في الأطراف

______________________________

(35) لما مر من أن الفحص و السؤال منزل على المتعارف، و ليس ذلك منه كما لا يخفى.

(36) لأن ذلك كله هو المتعارف المنساق من الفحص و السؤال عن مثل هذه الأمور.

(37) للقاعدة المركوزة في الأذهان من تقديم الراجح على المرجوح، أو تقديم المظنون على الموهوم.

(38) الظاهر اختلاف ذلك باختلاف الموارد و الأشخاص و سائر الجهات، فربما كان العوام الملتفتون إلى هذه الأمور أعرف بها من الفقيه الجامع للشرائط، فإيكال معرفة الموضوع إلى الجهات الخارجية أولى من بيان القاعدة الكلية له.

(39) إن كان احتمال وجوده فيها من المظنون و في غيرها من الموهوم، و أما مع التساوي في هذه الجهة فلا فرق فيها في لزوم الفحص و السؤال.

ص: 132

و الجوانب مما يحتمل قريبا وصوله إليه، و لا ينظر إلى ما بعد احتمال توجهه إليه (40).

مسألة 8: قد عرفت أن الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم

(مسألة 8): قد عرفت أن الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم، فإذا لم يمكن الوصول إليه، فإن كان للحاكم وكيل و مأذون في التصدي للأمور الحسبية. فلا يبعد قيامه مقامه في هذا الأمر (41)، و مع عدمه فالظاهر قيام عدول المؤمنين مقامه (42).

مسألة 9: إذا علم أن الفحص لا ينفع و لا يترتب عليه أثر

(مسألة 9): إذا علم أن الفحص لا ينفع و لا يترتب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه (43)، و كذا لو حصل اليأس من الاطلاع على حاله في أثناء المدة (44)،

______________________________

(40) لصيرورة الاحتمالين من الراجح و المرجوح، و العرف و العقلاء يرتبون الأثر على الأول دون الأخير.

(41) لظاهر الإذن و الوكالة الشامل لمثل ذلك من الأمور الحسبية.

نعم، لو كان مورده مختص بموارد خاصة أو شك في شمول الإذن و عدمه، فلا يشمل ذلك و يحتاج إلى استيذان خاص منه.

(42) لأن الموضوع من المعروف، فيشمله إطلاق قولهم عليهم السّلام: «كل معروف صدقة» (1). و الظاهر كفاية الوثاقة و الأمانة و لا تعتبر العدالة، للأصل، و الإطلاق كما مر.

(43) لأن موضوع الفحص يتقوم بما إذا كان في معرض ترتب الأثر، كما هو المنساق من سياق الأدلة، و مع العلم بعدمه لا معنى لوجوبه، مع ظهور إجماعهم على عدم الوجوب حينئذ، و كذا الكلام في الفرع اللاحق.

(44) لعدم الفرق في ذلك بين الحدوث و البقاء.

ص: 133


1- الوسائل باب: 6 من أبواب فعل المعروف الحديث: 7.

فيكفي مضي المدة في جواز طلاقها ثمَّ زواجها ممن شاءت (45).

مسألة 10: لا فرق فيما مر من الحكم بين كون الزوج حرا أو عبدا

(مسألة 10): لا فرق فيما مر من الحكم بين كون الزوج حرا أو عبدا، كما لا فرق بين الحرة و الأمة (46).

مسألة 11: يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلّق

(مسألة 11): يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلّق و لو بعد تحقق الفحص و انقضاء الأجل، فليست هي ملزمة باختيار الطلاق (47)، و لها أن تعدل عن اختيار البقاء إلى اختيار الطلاق (48)، و حينئذ لا يلزم تجديد ضرب الأجل و الفحص بل يكتفي بالأول (49).

______________________________

(45) لما مر من أن الفحص و مضي المدة من باب تعدد المطلوب، لا الوحدة الحقيقية و التقييد الواقعي.

(46) لإطلاق الدليل- كما مر- الشامل للجميع، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(47) لأصالة عدم وجوب هذا الإلزام و بقاء الاختيار للفاعل المختار، و ما دل من الأخبار مثل ما مر من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح بريد بن معاوية «ما سكتت عنه و صبرت فخلّ عنها» (1).

و ما عن علي عليه السّلام: «هذه امرأة ابتليت فلتصبر» (2)، و في بعض الأخبار:

«ليس لها أن تقول إني أريد ما تريد النساء» (3)، الظاهران في وجوب الصبر عليها محمولان على صورة علمها ببقائه، أو على ما إذا وجد من ينفق عليها كما مر.

(48) لأصالة بقاء الاختيار موضوعا و حكما.

(49) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

ص: 134


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
2- مستدرك الوسائل باب: 18 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 4 و 5.
مسألة 12: إذا لم يكن للمرأة ما تنفق على نفسها في الأجل المضروب وجب الإنفاق عليها من بيت المال

(مسألة 12): إذا لم يكن للمرأة ما تنفق على نفسها في الأجل المضروب وجب الإنفاق عليها من بيت المال (50)، إلا إذا حصل للمفقود مال أو أمكن الإنفاق من ماله بعد إن لم يكن ممكنا فإن اللازم حينئذ الإنفاق من ماله (51).

مسألة 13: إذا كان له زوجات متعددة و واحدة منهن رفعت الأمر إلى الحاكم من طرف نفسها و حصل الفحص و نحوه

(مسألة 13): إذا كان له زوجات متعددة و واحدة منهن رفعت الأمر إلى الحاكم من طرف نفسها و حصل الفحص و نحوه، كفى ذلك للجميع (52)، فيجوز للحاكم طلاق الكل مع إرادتهن ذلك على إشكال (53).

مسألة 14: يختص الحكم بالدوام فلا يجري في المتعة

(مسألة 14): يختص الحكم بالدوام فلا يجري في المتعة و لو كان زمان التمتع كثيرا (54).

مسألة 15: إذا أنفق الولي أو الحاكم على الزوجة من مال الزوج المفقود

(مسألة 15): إذا أنفق الولي أو الحاكم على الزوجة من مال الزوج المفقود ثمَّ تبين موته قبل هذا تكون ضامنة (55).

______________________________

(50) لأنها معدة للمصالح، و المقام من أهمها.

(51) لما تقدم من الأدلة من أنه إذا كان للمفقود مال أنفق عليها منه حتى يعلم حياته من موته.

(52) لتعلق الحكم بالطبيعة، أي: طبيعة الزوجة، و المفروض تحقق ذلك في الخارج، و لا فرق في تحقق الطبيعة بين الفرد و الأفراد.

(53) منشأ الإشكال احتمال رفع الأمر من كل زوجة بالخصوص إلى الحاكم الشرعي؛ لأن كل واحدة منهن مورد الدليل و محكومة بهذا الحكم، فلا يكون من سنخ تعلق الأحكام بالطبائع، بل يكون مثل تعلق التكاليف الخاصة بالأفراد، فلا يجري امتثال أحد عن غيره. و لكنه كما ترى.

(54) للأدلة المتقدمة المشتملة على الإنفاق و الطلاق، المختصين بالدوام.

(55) لقاعدة اليد بعد عدم دليل حاكم عليها، إلا ما نسب إلى المسالك من عدم الضمان؛ لأن الإنفاق كان بإذن الحاكم أو الولي، فلا وجه للضمان.

و فيه: أن الإذن أعم من الضمان، و إنما هو يكفي في عدم الإثم فقط.

ص: 135

مسألة 16: لو بان بعد العدة عدم وقوع المقدمات على الوجه الصحيح

(مسألة 16): لو بان بعد العدة عدم وقوع المقدمات على الوجه الصحيح، بأن تبين عدم تحقق الفحص على وجهه، أو عدم انقضاء المدة، أو عدم تحقق شروط الطلاق أو نحو ذلك وجب التدارك و لو بالاستيناف (56)، و لو كان ذلك بعد تزويجها من الغير كان باطلا (57)، و إن كان الزوج الثاني دخل بها حرمت عليه أبدا (58).

مسألة 17: لا يسقط الفحص عن حال المفقود

(مسألة 17): لا يسقط الفحص عن حال المفقود لو لم يتمكن منه بل لا بد من الانتظار إلى زمان إمكانه (59).

مسألة 18: لو انقضت المدة و لم يتم الفحص، فالأحوط الإتمام و لو بعد المدة

(مسألة 18): لو انقضت المدة و لم يتم الفحص، فالأحوط الإتمام و لو بعد المدة (60).

مسألة 19: لا فرق في المفقود بين ما إذا كان في السفر أو الحضر

(مسألة 19): لا فرق في المفقود بين ما إذا كان في السفر أو الحضر، أو الفقد في السفينة أو في معركة القتال أو غير ذلك (61).

______________________________

(56) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه، و أصالة بقاء الزوجية من غير دليل حاكم عليهما.

(57) لفرض وقوع التزويج في غير المحل، فيكون باطلا قهرا.

(58) لوقوع العقد مع الدخول على ذات البعل ظاهرا، و يكفي ذلك في الحرمة الأبدية، و إن كان جاهلا، كما تقدم في محله من كتاب النكاح (1).

(59) لأن المنساق من ظواهر الأدلة كما مر أن الفحص شرط في صحة الطلاق مع الإمكان، و مع عدمه يصبر حتى يتمكن منه. هذا إذا لم تتضرر المرأة بالتأخير إلى زمان الإمكان، و إلا سيأتي حكمه.

(60) لاحتمال أن يكون لإتمام الفحص موضوعية خاصة، و المدة إنما ذكرت من باب الغالب و إن كان مقتضى الجمود الاكتفاء بإتمام المدة.

(61) لصدق الموضوع، و هو عنوان المفقود في جميع ذلك، و ما ورد في

ص: 136


1- راجع ج: 24 صفحة: 99.
مسألة 20: لو تتضرر الزوجة من الصبر على فقد زوجها أو تقع في حرام

(مسألة 20): لو تتضرر الزوجة من الصبر على فقد زوجها أو تقع في حرام، فهل للحاكم الشرعي الطلاق حينئذ؟ وجهان (62).

______________________________

الروايات «في امرأة غاب عنها زوجها» (1) أو «المفقود» (2) من باب ذكر المصداق، كما أنه لو علم بالموت فلا فرق حينئذ بين جميع أقسامه، مع أن عنوان «المفقود» يشمل جميع الأقسام.

فما ذكره صاحب الحدائق قدس سرّه من أنها تتزوج إذا فقد زوجها- في السفينة أو في معركة القتال مثلا- من دون رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي و من دون ضرب المدة، فإن كان مراده حصول العلم بموته فهو إن أعتدت بعدة الوفاة كما مر، و إلا فقوله ظاهر الخدشة.

(62) من إطلاقات أدلة نفي الضرر (3)، و الحرج (4)، و ظاهر قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ربعي في قول اللّه عز و جل وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللّهُ: «إذا أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة، و إلا فرّق بينهما» (5)، و مثله غيره من الأخبار.

و في صحيح أبي بصير قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها، و يطعمها ما يقيم صلبها، كان حقا على الإمام أن يفرّق بينهما» (6)، و غيرهما من الروايات الدالة على صحة الطلاق لو تصدى الحاكم الشرعي به. فيجوز.

و من الجمود على قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الطلاق بيد من أخذ بالساق» (7)، و انسباق إجبار الحاكم الشرعي الزوج على التطليق، مما مر من الأخبار. فلا يجوز.

ص: 137


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق.
3- سورة البقرة: 232، و في الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات حديث: 3.
4- سورة الحج: 78.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 1 من أبواب النفقات الحديث: 1.
7- تقدم في صفحة: 8.
مسألة 21: الظاهر أن العدة الواقعة بعد الطلاق عدة طلاق

(مسألة 21): الظاهر أن العدة الواقعة بعد الطلاق عدة طلاق (63)، و إن كانت بقدر عدة الوفاة أربعة أشهر و عشرا (64)، و يكون الطلاق رجعيا (65)، فتستحق النفقة في أيامها (66)،

______________________________

و لكن هذه الموارد من الأمور التي يتوقف على تشخيص الموضوع بنظر الحاكم الشرعي، و إحراز ما هو الأهم لديه و قطعه بذلك. و اللّه العالم.

(63) لظواهر ما تقدم من الأخبار (1)، كما يأتي ما يدل على ذلك أيضا، مضافا إلى الإجماع.

(64) لموثق سماعة قال: «سألته عن المفقود؟ فقال: إن علمت أنه في أرض فهي منتظرة له أبدا حتى يأتيها موته أو يأتيها طلاق، و إن لم تعلم أين هو من الأرض و لم يأتها منه كتاب و لا خبر، فإنها تأتي الإمام فيأمرها أن تنتظر أربع سنين فيطلب في الأرض، فإن لم يوجد له خبر حتى تمضي الأربع سنين أمرها أن تعتد أربعة أشهر و عشرا ثمَّ تحل للأزواج، فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدتها فليس له عليها رجعة، و إن قدم و هي في عدتها أربعة أشهر و عشرا فهو أملك برجعتها» (2).

(65) لما مر، و لظاهر خبر بريد بن معاوية في حديث عن الصادق عليه السّلام:

«و إن أبي أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلق تطليقة في استقبال العدة، و هي طاهر، فيصير طلاق الولي طلاق الزوج، فإن جاء زوّجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلقها الولي، فبدا له أن يراجعها فهي امرأته و هي عنده على تطليقتين» (3).

(66) لظاهر النصوص المتقدمة الدالة على أن الطلاق رجعي، و يجري

ص: 138


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.

و إذا ماتت يرثها لو كان في الواقع حيا، و إذا تبين موته فيها ترثه (67)، و ليس عليها حداد بعد الطلاق (68).

مسألة 22: لو أعتدت بعد الطلاق الجامع للشرائط و خرجت من العدة و لم تتزوج ثمَّ حضر الزوج فلا سبيل له عليها

(مسألة 22): لو أعتدت بعد الطلاق الجامع للشرائط و خرجت من العدة و لم تتزوج ثمَّ حضر الزوج فلا سبيل له عليها (69)، إلا بعقد جديد كذلك.

______________________________

عليه حكم الطلاق الرجعي مطلقا إلا ما خرج بالدليل، و ما خرج به إنما هو كمية العدة فقط كما مر، فلا وجه للتردد في المسألة كما عن المحقق قدّس سرّه.

و الرجوع إلى أصالة البراءة كما يظهر من أول كلام صاحب الجواهر مع اعترافه رحمه اللّه بأن ظاهر النصوص كون الطلاق رجعيا، فتستحق النفقة لا محالة، لما تقدم في كتاب النكاح.

(67) لفرض بقاء الزوجية اعتبارا في العدة الرجعية، فيرثها و ترثه، و قد أرسلوا ذلك إرسال المسلّمات.

(68) لفرض أن الطلاق صحيح شرعا، فانقطعت الزوجية قهرا، و لا موضوع للحداد على موته.

(69) لانقطاع العصمة بينهما بتحقق الطلاق الشرعي، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في موثق سماعة: «أمرها أن تعتد أربعة أشهر و عشرا ثمَّ تحل للأزواج، فإن قدم زوجها بعد ما تنقضي عدتها فليس له عليها رجعة، و إن قدم و هي في عدتها أربعة أشهر و عشرا، فهو أملك برجعتها» (1).

و ما عن المحقق قدّس سرّه من أن فيه روايتان، فلم نظفر على رواية الخلاف كما اعترف به جمع.

ص: 139


1- الوسائل باب: 44 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
مسألة 23: ليس للولي أن يطلقها ثلاثا

(مسألة 23): ليس للولي أن يطلقها ثلاثا حتى تستبين منه إن لم يطلقها الزوج سابقا تطليقتين (70).

مسألة 24: إذا تبين موته قبل انقضاء المدة أو بعده وجب عليها عدة الوفاة

(مسألة 24): إذا تبين موته قبل انقضاء المدة أو بعده وجب عليها عدة الوفاة (71)، و إذا تبين بعد انقضاء العدة اكتفى بها (72)، سواء كان التبيّن قبل التزويج أو بعده، و سواء كان موته المتبين وقع قبل العدة أم بعدها أو في أثنائها أو بعد التزويج (73)، و أما لو تبين موته في أثناء العدة، فهل يكتفي بإتمامها أو تستأنف عدة الوفاة من حين التبين؟ وجهان بل

______________________________

(70) لتوقفه على الرجوع، و لا يحصل ذلك إلا من الزوج، و المنساق من الروايات المتقدمة بل صريح بعضها الطلاق الرجعي.

إلا أن يقال: إنها ليست في مقام بيان هذه الجهات، و إنما هي في مقام بيان انقطاع العصمة بينهما، و هو يحصل بواحد كما يحصل بالثلاث، فلا بد من تطبيقها على القواعد و هي ما قلنا.

نعم، يمكن أن يقال: مقتضى إطلاق دليل الولاية بعد تفويض الطلاق إليه أنه يصح ثلاثا كما يصح واحدا. و لكنه كما ترى.

هذا كله إن لم يطلقها الزوج سابقا تطليقتين و إلا بطلاق الولي تستبين منه بلا إشكال؛ للإطلاقات، و ما تقدم من الأدلة سابقا كما هو واضح.

(71) لبقاء الزوجية في الحال، فتشملها إطلاقات أدلة العدة بوفاة الزوج على كل حال، مضافا إلى الإجماع.

(72) لانقطاع العصمة بينهما بالطلاق الصحيح الشرعي و انتهاء العدة، فلا موضوع لعدة الوفاة بعد ذلك.

(73) كل ذلك لإطلاق ما مر من الدليل الشامل لجميع ذلك بلا فرق بين الأقسام كما هو معلوم.

ص: 140

قولان؟ أحوطهما الثاني لو لم يكن الأقوى (74).

مسألة 25: إذا جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل

(مسألة 25): إذا جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل فإن كان قبل الطلاق فهي زوجته (75)، و إن كان بعد ما تزوجت بالغير فلا سبيل له عليها (76)، و إن كان في أثناء العدة فله الرجوع إليها (77)، كما أن له إبقاءها حتى تنقضي عدتها و تبين عنه (78).

______________________________

(74) لإطلاق دليل السببية، و عدم دليل على التداخل، بل مقتضى الأصل عدمه.

و منشأ التداخل التمسك بإطلاق الدليلين، و لكن كونهما في مقام البيان من هذه الجهة مشكل بل ممنوع، و أصالة البراءة عن وجوب الآخر بعد الإتيان بأحد الواجبين. مردود بعد ظهور الإطلاق في الدليلين.

(75) للأصل، و الإجماع، و ما تقدم من النصوص.

(76) إجماعا، بل ضرورة من الفقه.

(77) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح بريد بن معاوية: «فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلّقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته» (1)، مضافا إلى الإجماع و القاعدة.

(78) لقوله عليه السّلام في صحيح بريد المتقدم: «و إن انقضت العدة قبل أن يجي ء و يراجع فقد حلت للأزواج و لا سبيل للأول عليها» (2)، مضافا إلى الإجماع، و ظاهر الأخبار من أن العدة عدة الطلاق و إن كانت بقدر عدة الوفاة (3).

و أما لو جاء الزوج بعد انقضاء العدة و قبل التزويج فقد تقدم في مسألة 33

ص: 141


1- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 2.
مسألة 26: إذا حصل لزوجه الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلم بموته جاز لها بينها و بين اللّه أن تتزوج بعد العدة

(مسألة 26): إذا حصل لزوجه الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلم بموته جاز لها بينها و بين اللّه أن تتزوج بعد العدة (79)، من دون حاجة إلى مراجعة الحاكم (80)، و ليس لأحد عليها الاعتراض ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم (81).

نعم، في جواز الاكتفاء بقولها و اعتقادها لمن أراد تزويجها، و كذا لمن يصير وكيلا عنها في إيقاع العقد عليها اشكال (82)، و الأحوط أن تتزوج ممن لم يطلع بالحال و لم يدر أن زوجها قد فقد و لم يكن في البين إلا دعواها بأنها عالمة بموته، بل يقدم على تزويجها مستندا إلى دعواها أنها خلية و بلا مانع، و كذلك توكل من كان كذلك (83).

مسألة 27: لو طلّقت المفقود عنها زوجها

(مسألة 27): لو طلّقت المفقود عنها زوجها و كان بعد الدخول

______________________________

حكمه، فلا وجه للإعادة بالتكرار.

(79) لمكان علمها بموت الزوج و لا حجة وراء العلم.

(80) للأصل بعد عدم دليل على الرجوع إلى الحاكم الشرعي من عقل أو نقل.

(81) لظهور الإجماع، و قاعدة الصحة، ما لم يعلم الخلاف.

(82) منشأه عدم حصول الإنشاء المتقوم بالجزم بمفاده مطلقا، فلا يصح.

و من أن الجزم حاصل عادة من دعواها العلم بموت الزوج بعد فرض كونها مأمونة و حصول الاطمئنان العادي فيصح.

(83) لتحقق قصد الإنشاء و الجزم به حينئذ، و قد ورد النص في قبول قولها بأنها خلية (1).

ص: 142


1- الوسائل باب: 25 من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد.

استحقت المهر كله، و إن كان قبله تستحق النصف فيؤخذ من أمواله بإذن الحاكم الشرعي (84).

مسألة 28: الظاهر أن المدة المذكورة لها موضوعية خاصة

(مسألة 28): الظاهر أن المدة المذكورة لها موضوعية خاصة (85).

______________________________

(84) لأن الطلاق الواقع صحيح شرعا فيشمله جميع الأحكام المترتبة على الطلاق، مثل النفقة في أيام العدة- كما ذكرنا في النفقات- و استحقاق تمام المهر بالدخول، و نصفه لو كان قبله، كما تقرر في محله.

(85) لانسباق ذلك من الأخبار، و ظهور الكلمات في ذلك، فلو علم بعدم ترتب الأثر على الفحص، أو بحصول الفحص المطلوب بأقل من ذلك- لأجل ما تداول في هذه الأعصار من الصحف و الإذاعات- وجب الصبر إلى الانقضاء.

و اللّه العالم بحقائق الأحكام.

ص: 143

القسم الثالث عدة الوطي بالشبهة

اشارة

القسم الثالث عدة الوطي بالشبهة المراد من وطئ الشبهة: وطئ الأجنبية بشبهة أنها حليلته، إما لشبهة في الموضع كما إذا وطأ امرأة باعتقاد أنها زوجته فتبيّن أنها أجنبية، و إما لشبهة في الحكم كما إذا عقد على أخت الموطوءة معتقدا صحته و دخل بها (1).

مسألة 1: لا عدة على المزني بها

(مسألة 1): لا عدة على المزني بها (2)،

______________________________

(1) تقدم ما يتعلق بذلك في أول كتاب النكاح، فلا وجه للإعادة بالتكرار (1).

(2) للإجماع، و لظاهر قول نبينا الأعظم صلى اللّه عليه و آله: «و للعاهر الحجر» (2)، الظاهر في نفي الاحترام و الأثر، و لما هو المعروف بين الفقهاء (قدس اللّه أسرارهم) من أنه لا حرمة لما الزاني، بناء على شموله حتى للمقام أيضا، و لإطلاق الأدلة الدالة على جواز نكاح الزانية، كما تقدم بعضها (3).

و أما ما دل على وجوبها على الزانية، كما في رواية إسحاق بن جرير عن الصادق عليه السّلام: «الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في تزويجها، هل يحل له ذلك؟

ص: 144


1- راجع المجلد الرابع و العشرين صفحة: 147.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.
3- راجع المجلد الرابع و العشرين صفحة: 109.

.....

______________________________

قال عليه السّلام: نعم، إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور» (1)، و مثلها غيرها فلا بد من حملها على مطلق الرجحان كما مر في كتاب النكاح، أو حملها على التقية (2)، فلا وجه لما عنون في الوسائل: «باب وجوب عدة الزانية» (3)، و حق التعبير أن يقال: «حكم عدة الزانية».

ثمَّ إنه لا فرق في عدم وجوب العدة بين أن يكون النكاح الشرعي من نفس الزاني أو من غيره.

أما الأول، فلقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في معتبرة الحلبي: «أيما رجل فجر بامرأة ثمَّ بدا له أن يتزوجها حلالا- أوله سفاح و آخره نكاح- و مثله مثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها حراما، ثمَّ اشتراها بعد، فكانت له حلالا» (4)، فإنه غير مقيد جواز نكاحها بأخذ العدة لها و قريب منه غيره.

و أما الثاني: فللإطلاقات، بل و ظواهر أدلة جواز المتعة بالزانية- على كراهة- مثل صحيح زرارة قال: «سأله عمار و أنا عنده عن الرجل يتزوج الفاجرة متعة؟ قال عليه السّلام: لا بأس، و إن كان التزويج الآخر فليحصّن بابه» (5)، و ما دل على جواز التمتع بنساء فواسق (6).

و توهم: أن أدلة جواز نكاحها مطلقا إنما هي في مقام بيان أصل جواز نكاح الزانية، لا في مقام بيان ثبوت العدة لها و عدمها.

مدفوع: بأن من لوازم الصحة و جواز نكاحها شرعا، ترتب جميع ما يتعلق بالزانية من الآثار الشرعية- كما قلنا- إلا ما خرج بالدليل، كما أن إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الولد للفراش و للعاهر الحجر» (7) يشمل جميع ما يتعلق بها إلّا ما

ص: 145


1- الوسائل باب: 44 من أبواب العدد.
2- راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 79.
3- الوسائل باب: 44 من أبواب العدد.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 3.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب المتعة الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 9 من أبواب المتعة الحديث: 2.
7- الوسائل باب: 58 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.

سواء حملت من الزنا أم لا على الأقوى (3)،

______________________________

خرج بالدليل.

فمن تأمل في مجموع الروايات الواردة في المقام يطمئن بعدم ثبوت العدة لها كما هو المشهور.

و دعوى: شمول العمومات و الإطلاقات لها، مثل قوله عليه السّلام في الصحيح:

«إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة» (1)، و قوله عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «العدة من الماء» (2)، فتجب لها العدة.

غير صحيحة: لظهور تلك الأخبار في الماء المحترم لا ما ألغى الشارع احترامه، و لذا ورد ذكر المهر في بعضها، مع أن الاعتداد إنما هو لأجل إلحاق الولد، و لا يلحق الولد بالزاني شرعا، و إن كانت الولدية التكوينية ثابتة بلا إشكال، كما تقدم مرارا، فلا مناص عما هو المشهور، من عدم العدة لها و جواز نكاحها على كراهة مطلقا. و اللّه العالم.

(3) لإطلاق الأدلة الشامل لكل منهما. و نسب إلى بعض وجوبها على غير الحامل حذرا من اختلاط المياه، و إلى آخر وجوبها مطلقا لما تقدم.

و الكل بلا دليل بعد إطلاق ما دل على جواز نكاح الزانية على كراهة (3)، و ضعف سند ما يمكن أن يستظهر منه الوجوب، مثل خبر علي بن شعبه عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليه السّلام: «أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا، أ يحل له أن يتزوجها؟ فقال عليه السّلام: يدعها حتى يستبرئها من نطفته و نطفة غيره، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما أحدثت معه، ثمَّ يتزوج بها إن

ص: 146


1- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العدد الحديث: 1.
3- راجع الوسائل باب: 21 و 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

و أما الموطوءة شبهة فعليها العدة (4)، سواء كانت ذات بعل أم خلية، و سواء كانت الشبهة من الطرفين أم من طرف الواطئ خاصة (5) و أما إذا كانت من طرف الموطوءة خاصة ففيه قولان (6)،

______________________________

أراد، فإنما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراما ثمَّ اشتراها فأكل منها حلالا» (1).

(4) لأن وطئ الشبهة وطئ محترم شرعا، و أدلة العدة تشمل كل وطئ محترم شرعي، كقوله عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «العدة من الماء»(2)، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(5) لما مر من العموم، و الإطلاق، مضافا إلى الإجماع.

(6) نسب وجوب العدة عليها حينئذ إلى جمع- منهم الشيخ و الشهيد الثاني و صاحب الحدائق- و عن المحقق رحمه اللّه في الشرائع، و عن كشف اللثام عدم وجوبها عليها حينئذ.

أما دليل الأول: الإطلاقات و العمومات مثل ما تقدم من قوله عليه السّلام: «العدة من الماء» (4)، و قولهم عليهم السّلام: «إذا أدخله فقد وجبت العدة و الغسل و المهر» (5)، و غيرهما مما مر.

و أما دليل الثاني: الأصل بعد الشك في شمول الإطلاقات للمقام، و ما هو المعروف من أنه: «لا حرمة لماء الزاني»، المستفاد من قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الولد للفراش و للعاهر الحجر» (6)، و إن المرأة وعاء فقط، و احترام الماء لا بد و أن يكون من

ص: 147


1- الوسائل باب: 44 من أبواب العدد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العدد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 54 من أبواب المهور الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 58 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.

أحوطهما لزوم العدة بل لا يخلو من قوة (7).

مسألة 2: عدة وطئ الشبهة كعدة الطلاق

(مسألة 2): عدة وطئ الشبهة كعدة الطلاق بالأقراء و الشهور (8)، و بوضع الحمل لو حملت من هذا الوطي (9)،

______________________________

ناحية الرجل.

و لكن الأصل لا وجه له بعد صدق الإطلاقات و العمومات عرفا، و ما هو المعروف لم نظفر على كونه خبرا معتبرا حتى نتمسك بإطلاقه، مع أن المنساق منه- على فرض اعتباره- عدم المهر، كقوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا مهر لبغي» (1)، و الأخير مجرد استحسان لا يصلح لإثبات الأحكام الشرعية، فمقتضى احترام الماء في الجملة، و ما ورد في حكمة تشريع العدة (2)، هو وجوبها.

(7) ظهر وجه الاحتياط و القوة مما مر، فلا وجه للتكرار.

(8) لظواهر ما تقدم من الأدلة في الأقراء بالنسبة إلى مستقيمة الحيض (3)، و أما الشهور فبالنسبة إلى غيرها كما مر.

(9) لإطلاق قوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (4)، و لنصوص كثيرة تقدم في مسألة 6 من القسم الأول من أقسام العدد، و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إذا طلّقت المرأة و هي حامل فأجلها أن تضع حملها، و إن وضعت في ساعتها» (5)، و غيره من الروايات.

ص: 148


1- راجع الوسائل باب: 5 من أبواب ما يكتسب به.
2- علل الشرائع ج: 20 صفحة: 194 باب: 277.
3- راجع صفحة: 78.
4- سورة الطلاق: 4.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب العدد الحديث: 7.

على التفصيل المتقدم (10)، و من لم يكن عليها عدة الطلاق كالصغيرة و اليائسة ليس عليها هذه العدة أيضا (11).

مسألة 3: إذا كانت الموطوءة شبهة ذات بعل

(مسألة 3): إذا كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطيها في مدة عدتها (12)، و هل يجوز له سائر الاستمتاعات منها أم لا؟

قولان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول (13)، و الظاهر أنه لا تسقط نفقتها في أيام العدة و إن قلنا بحرمة جميع الاستمتاعات عليه (14).

مسألة 4: إذا كانت خليّة يجوز لواطئها أن يتزوج بها

(مسألة 4): إذا كانت خليّة يجوز لواطئها أن يتزوج بها في زمن

______________________________

(10) مر في مسألة 10 من القسم الأول من أقسام العدد.

(11) للإطلاق، و إرسالهم لذلك كله إرسال المسلّمات، و مر في المسألة الأولى من القسم الأول من أقسام العدد ما يتعلق بالمقام، فراجع.

(12) للإطلاق كما تقدم في أحكام الوطي في العدة (1)، مضافا إلى الاتفاق.

(13) للأصل، و الإطلاقات، بعد عدم خروجها عن زوجيته. و انما حرم خصوص الوطي لحكمة عدم اختلاط المياه، و لا ربط لسائر الاستمتاعات بذلك. و وجه الاحتياط أن مقتضى إطلاق جعل الحرمة حرمة جميع ذلك.

(14) للأصل، و لأن ذلك عذر شرعي، و تقدم في النفقات عدم سقوط النفقة للأعذار الشرعية كالإحرام. و لا يصح للزوج الرجوع إلى الواطئ شبهة.

و دعوى: أن المجانية بالإنفاق من الزوج حصلت بفعله، فيجب على الزوج بذل النفقة- و مع ذلك يحرم عليه جميع الاستمتاعات- و يرجع بها إلى الواطئ، لأنه صار سببا لذلك.

مدفوعة: لأن المجانية حصلت من ناحية حكم الشرع، فلا وجه للرجوع إلى الواطئ.

ص: 149


1- راجع ج: 24 صفحة: 104.

عدتها (15)، بخلاف غيره فإنه لا يجوز له ذلك على الأقوى (16).

مسألة 5: لا فرق في حكم وطئ الشبهة من حيث العدة و غيرها بين أن يكون مجردا أو يكون بعد العقد

(مسألة 5): لا فرق في حكم وطئ الشبهة من حيث العدة و غيرها بين أن يكون مجردا أو يكون بعد العقد بأن وطء المعقود عليها بشبهة صحة العقد مع فساده واقعا (17).

مسألة 6: إذا كانت معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة

(مسألة 6): إذا كانت معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة أو وطئت ثمَّ طلقها أو مات عنها زوجها، فعليها عدتان عند المشهور، و هو الأحوط لو لم يكن الأقوى (18)،

______________________________

(15) للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(16) لأصالة عدم ترتب الأثر على مثل هذا العقد، و إطلاق ما دل على عدم صحة النكاح في العدة، كما مر في كتاب النكاح (1).

و نسب إلى المسالك الجواز و إن لم يجز له مقاربته إلا بعد الخروج من العدة، و لا منافاة بين كونها ذات بعل و هي في العدة.

و عن الجواهر، الابتناء على جواز سائر الاستمتاعات غير الوطي كما مر في مسألة 3- فيصح العقد، و إلا فلا يجوز، لأنه لا يبقى تأثير للعقد أصلا، فلا يصح بخلاف الأول، لكفاية تأثيره في ما سوى الوطي من سائر الاستمتاعات.

و الحق ما ذكرناه من عدم صحة العقد لغير الواطئ، لما عرفت.

(17) لأن المناط كله عدم تحقق الزنا، و هو غير متحقق في الصورتين، مضافا إلى إطلاق الدليل الشامل لهما.

(18) لأصالة تعدد المسبب عند تعدد السبب، و للإجماع، و الأخبار، ففي صحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها؟ قال عليه السّلام: إن كان دخل بها فرّق بينهما، و لن تحل له أبدا،

ص: 150


1- تقدم في المجلد الرابع و العشرين صفحة: 91.

.....

______________________________

و أتمت عدتها من الأول و عدة أخرى من الآخر، و إن لم يكن دخل بها فرّق بينهما و أتمت عدتها من الأول» (1).

و في موثق علي بن بشير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل تزوج امرأة في عدتها و لم يعلم و كانت هي قد علمت أنه قد بقي من عدتها، و أنه قذفها بعد علمه بذلك- إلى أن قال- و تعتد ما بقي من عدتها الأولى، و تعتد بعد ذلك عدة كاملة» (2).

و في صحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام: «في المرأة الحبلى يتوفى عنها زوجها، فتضع و تزوّج قبل أن تعتد أربعة أشهر و عشرا، فقال: إن كان الذي تزوجها دخل بها فرّق بينهما، و لم تحل له أبدا، و أعتدت بما بقي عليها من عدة الأول و استقبلت عدة أخرى من الآخر ثلاثة قروء» (3).

و عن السيد المرتضى في الطبريات: «إن امرأة نكحت في العدة ففرّق بينهما أمير المؤمنين عليه السّلام، و قال: أيما امرأة نكحت في عدتها فإن لم يدخل بها زوجها الذي تزوجها، فإنها تعتد من الأول و لا عدة عليها للثاني، و كان خاطبا من الخطاب، و إن كان دخل بها فرّق بينهما، و تأتي ببقية العدة عن الأول، ثمَّ تأتي عن الثاني بثلاثة أقراء مستقلة».

و عن جمع منهم الصدوق في المقنع التداخل، و أن عليها عدة واحدة، لوحدة السبب و المسبب ذاتا، و التعدد إنما هو فردي، و هو لا يوجب التعدد الخارجي، كما في تعدد الأحداث الصغيرة، مثلا: إذا وردت على المكلف يجزيه و ضوء واحد إجماعا، و لجملة من الأخبار:

منها: صحيح زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام: «في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها، قال عليه السّلام: يفرّق بينهما، و تعتد عدة واحدة منهما جميعا» (4).

ص: 151


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 9.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 21.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 18.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 11.

فإن كانت حاملا من أحدهما تقدم عدة الحمل (19)،

______________________________

و منها: صحيح جميل بن دراج، عن الصادق عليه السّلام: «في المرأة تزوج في عدتها، قال: يفرّق بينهما، و تعتد عدة واحدة منهما جميعا» (1).

فحملوا ما تقدم من الأخبار الدالة على التعدد على التقية، بقرينة ورود خبر عن غيرنا (2)، و لخبر زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن امرأة نعي إليها، فاعتدت فتزوجت فجاء زوجها الأول، ففارقها و فارقها الآخر، كم تعتد للثاني؟

قال: بثلاثة قروء، و إنما يستبرء رحمها بثلاثة قروء تحلها للناس كلهم، قال زرارة: و ذلك أن أناسا قالوا: تعتد عدتين لكل واحدة عدة، فأبى ذلك أبو جعفر و قال: تعتد ثلاثة قروء فتحل للرجال» (3).

فيدور الأمر في القسم الأول من الأخبار بين الحمل على الندب، و الاحتياط، أو التقية (4) على ما قيل، و الاسقاط. و ذهب صاحب الجواهر إلى الثاني. و عن جمع اختيار الأول، و يظهر ذلك من صاحب الجواهر أيضا، و اعتماد المشهور عليه خلفا عن سلف يوجب الأخذ به، و تقدم في كتاب النكاح مسألة 12 من فصل لا يجوز التزويج في عدة الغير بعض الكلام (5)، كما تقدم هنا أيضا.

(19) للإجماع، و إطلاق قوله تعالى وَ أُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (6)، فإنه ظاهر في فعلية العدة مع فعلية الحمل، و انتهائها بانتهائه، و مع كونها ذات عدة فعلية للحمل لا موضوع لعدة أخرى قبل الوضع.

ص: 152


1- الوسائل باب: 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث: 12.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 441.
3- الوسائل باب: 38 من أبواب العدد الحديث: 1.
4- راجع المغني لابن قدامة ج: 9 صفحة: 120- 122.
5- تقدم في مجلد الرابع و العشرين صفحة: 102- 104.
6- سورة الطلاق: 4.

فبعد وضعه تستأنف العدة الأخرى (20)، أو تستكمل الأولى (21)، و إن كانت حائلا يقدم الأسبق منهما (22)، و بعد تمامها استقبلت عدة أخرى من الآخر (23).

مسألة 7: تكفي عدة واحدة مع تعدد الوطء شبهة و لو من أشخاص متعددة

(مسألة 7): تكفي عدة واحدة مع تعدد الوطء شبهة و لو من أشخاص متعددة (24).

مسألة 8: لو كانت معقودة بالعقد الانقطاعي فوطئها العاقد ثمَّ تبين فساده

(مسألة 8): لو كانت معقودة بالعقد الانقطاعي فوطئها العاقد ثمَّ تبين فساده، فهل تعتد عدة المتمتع بها (25)، أو تعتد عدة وطئ بالشبهة وجهان (26).

______________________________

(20) لانحصار الاعتداد للعدة الأخرى بذلك حينئذ، فينطبق عليها إطلاق دليلها قهرا.

(21) لأصالة بقاء صحتها، و تخلل المانع الشرعي، فتلحق بها البقية بعد الفراغ من الثانية، للإطلاق كما مر، و ظهور الاتفاق.

(22) لإطلاق دليل السببية، مضافا إلى ظهور الاتفاق.

(23) لتعين ذلك بعد لزوم سبق السابق.

(24) لوحدة طبيعة السبب، فيكفي مسبب واحد، كما في توارد الأحداث الصغيرة على المكلف، فيكفي وضوء واحد، و تعدد الواطئ لا يخرجه عن الوحدة الحقيقية للطبيعة بعد كون أصل المنشأ هو الوطي المحترم. هذا هو المنساق من الأدلة أيضا كما مر هذا.

و لكنها لا تثبت إلا التداخل في الجملة، و أما بالنسبة إلى الابتداء و الانتهاء فلا بد من مراعاة الجهات الخارجية.

(25) و هي قرءان، كما مر في مسألة 21 من القسم الأول من أقسام العدد.

(26) من تحقق الوطي بالشبهة واقعا، فتترتب عليه أحكامه، و منها العدة، كما تقدم.

ص: 153

مسألة 9: إذا طلّق زوجته بائنا ثمَّ وطأها شبهة أعتدت عدة أخرى

(مسألة 9): إذا طلّق زوجته بائنا ثمَّ وطأها شبهة أعتدت عدة أخرى على التفصيل الذي تقدم (27).

مسألة 10: الموجب للعدة أمور

(مسألة 10): الموجب للعدة أمور (28): الوفاة، و الطلاق بأقسامه، و الفسخ بالعيوب، و الانفساخ بمثل الارتداد أو الإسلام أو الرضاع، و الوطي بالشبهة مجردا عن العقد أو معه، و انقضاء المدة أو هبتها في المتعة (29).

و يشترط في الجميع كونها مدخولا بها عدا الأول (30).

مسألة 11: قد مر سابقا أنه لا عدة على من لم يدخل بها

(مسألة 11): قد مر سابقا أنه لا عدة على من لم يدخل بها (31)، فليعلم أنه إذا طلقها رجعيا بعد الدخول ثمَّ رجع ثمَّ طلّقها قبل الدخول لا يجري عليه حكم الطلاق قبل الدخول (32)،

______________________________

و من احتمال الانصراف عن مثل هذه الصورة، فتعتد عدة المتمتع بها.

و لكنه مخدوش، لأن التعليل بالذاتي أولى من العرضي الحادث الزائل، و تقدم نظير المقام في مسألة 23 من القسم الأول من أقسام العدد.

(27) لإطلاق دليل عدة الطلاق و عدة الوطي بالشبهة، فعليها عدتان، فينطبق عليها الحكم المتقدم في مسألة 6 قهرا.

(28) و الجامع زوال منشأ حلية الوطي، أو زعم الحلية.

(29) تقدم وجه الجميع (1)، فلا داعي للإعادة و التكرار.

(30) فلا يعتبر الدخول بها، لأن العدة في المتوفى عنها زوجها نحو احترام للزوج، و تعبد من الشارع، كما تقدم.

(31) كما مر وجهه في مسألة 1 من القسم الأول في عدة الفراق، فلا وجه للإعادة و التكرار.

(32) لأن الطلاق وقع على المطلّقة الرجعية المدخول بها، و المطلّقة

ص: 154


1- راجع صفحة: 74.

حتى لا يحتاج إلى العدة من غير فرق بين كون الطلاق الثاني رجعيا أو بائنا (33). و أما إذا طلّقها بائنا ثمَّ جدد نكاحها في أثناء العدة ثمَّ طلّقها قبل الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول عليه و عدمه وجهان بل قولان (34)، أحوطهما الثاني (35)، و بحكمه ما إذا عقد عليها بالعقد المنقطع ثمَّ وهب مدتها بعد الدخول ثمَّ تزوجها ثمَّ طلّقها قبل الدخول (36)، فيشكل ما ربما يحتال في نكاح جماعة في يوم واحد بل في مجلس واحد، امرأة شابة ذات عدة مع دخول الجميع بها، و ذلك بأن يتمتع بها أحدهم ثمَّ يهب مدتها بعد الدخول ثمَّ يعقد عليها ثمَّ يطلقها قبل الدخول ثمَّ يفعل بها الثاني ما فعل بها الأول و هكذا، بزعمهم أنه لا عدة

______________________________

الرجعية زوجة على ما هو المتسالم بينهم، و يدل عليها النصوص المتفرقة في الأبواب المختلفة على ما يأتي بعضها في محله، فالطلاق الثاني وقع على الزوجة المدخول بها.

(33) لوقوعه في كلتا الصورتين على المطلّقة الرجعية، التي هي بحكم الزوجة، و المفروض الدخول بها، فلا يجري عليهما حكم الطلاق قبل الدخول.

(34) منشأ القول بأنه من الطلاق قبل الدخول، الجمود على الطلاق الثاني، و لحاظه من حيث هو فقط مستقلا. و منشأ عدمه، صدق طلاق المدخول بها عرفا، فيترتب عليه حكمه قهرا.

و قد تعرض لهذا الفرع في الجواهر في موردين من كتاب الطلاق، الأول في باب الحيل الشرعية للطلاق عند قول المحقق «المقصد الرابع»، الثاني عند قول المحقق «المسألة السادسة» قبل كتاب الخلع، فراجع.

(35) لصحة استصحاب حكم الدخول بعد الشك في أن هذا الطلاق من الطلاق قبل الدخول أو لا.

(36) لما عرفت من صحة الأصل، و الشك في شمول الإطلاق.

ص: 155

عليها، أما من العقد الأول فبسبب وقوع العقد الثاني، و أما من العقد الثاني فلأنه طلقها قبل الدخول (37).

مسألة 12: يكفي في الأمة الاستبراء من الوطي بالشبهة بحيضة

(مسألة 12): يكفي في الأمة الاستبراء من الوطي بالشبهة بحيضة و لو كانت ذات زوج (38).

______________________________

(37) لأن مجرد الشك في كون ذلك من الحيل الشرعية المبيحة للزوج الثاني، يكفي في أصالة عدم ترتب الأثر بعد الشك في شمول عموم الأدلة و إطلاقها له.

نعم، يجوز ذلك بوجه آخر لا إشكال فيه، و هو أن يتزوج شخص بامرأة شابة دواما أو متعة، و يتلذذ منها جميع أنحاء التلذذات، إلا الدخول، ثمَّ يطلّقها أو يهب المدة فيتزوجها شخص كذلك، و هكذا مما لا إشكال فيه حينئذ.

(38) لقول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله كما عن الصادق عليه السّلام: «استبرؤا سباياكم بحيضة» (1) الشامل للمقام، للإجماع بعدم الفصل، و قد تقدم في كتاب البيع ما ينفع المقام (2).

ص: 156


1- الوسائل باب: 17 من أبواب نكاح العبيد و الإماء.
2- راجع المجلد الثامن عشر صفحة: 98- 102.

فصل في الرجعة و أحكامها

اشارة

فصل في الرجعة و أحكامها الرجعة: هي رد المطلقة في زمان عدتها إلى نكاحها السابق (1)،

______________________________

(1) هذا هو موضوع الرجعة لغة و عرفا، بل و عقلا أيضا، لأنه مع فرض أن موضوع الرجعة باق، فلو لم يؤثر الرجوع يلزم الخلف.

و هي: من الإيقاعات تحصل بالقول، و الفعل، كما يأتي.

و يدل على أصل تشريعها مضافا إلى إجماع المسلمين، و قوله تعالى:

وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (1)، أخبار كثيرة منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «يطلّقها تطليقة من غير جماع بشهادة شاهدين عدلين، و يراجعها من يومه إن أحب أو بعد ذلك بأيام قبل أن تحيض» (2).

و منها: موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «و أما طلاق الرجعة فإن يدعها حتى تحيض و تطهر ثمَّ يطلّقها بشهادة شاهدين ثمَّ يراجعها و يواقعها» (3).

و منها: ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح الفضلاء: «إذا حاضت المرأة و طهرت من حيضها أشهد رجلين عدلين قبل أن يجامعها على تطليقة، ثمَّ هو أحق برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء» (4)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ص: 157


1- سورة البقرة: 228.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 7.

فلا رجعة في البائنة و لا في الرجعية بعد انقضاء العدة (2).

مسألة 1: الرجعة، إما بالقول

(مسألة 1): الرجعة، إما بالقول، و هو كل لفظ دل على إنشاء الرجوع، كقوله: «راجعتك» أو «رجعتك» أو «ارتجعتك إلى نكاحي»، أو دل على الإمساك بزوجيتها، كقوله: «رددتك إلى نكاحي» أو «أمسكتك في نكاحي»، و يجوز في الجميع إسقاط قوله: (إلى نكاحي) و (في نكاحي) (3). و لا يعتبر فيه العربية (4)، بل يقع بكل لغة إذا كان بلفظ أفاد المعنى المقصود في تلك اللغة (5). و إما بالفعل (6)،

______________________________

(2) إجماعا، و نصوصا في كل منهما، فعن أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح:

«إن مضت ثلاثة قروء قبل أن يراجعها، فهي أملك بنفسها، فإن أراد أن يخطبها مع الخطاب خطبها» (1)، و قريب منه غيره، و تقدم ما يتعلق بالبائنة في أقسام الطلاق فلا وجه للتكرار.

(3) لأن المناط كله ظهور اللفظ في أفهام المعنى المقصود منه عرفا بكل وجه حصل ذلك، و اكتفى به في المحاورات، فتشمله الأدلة و الإطلاقات. و لا ريب في انفهام المقصود من مجرد اللفظ، و لو بدون قيد (في نكاحي أو إلى نكاحي)، و قد ورد الرد و الإمساك في القرآن الكريم بدون القيد، قال تعالى:

وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (2)، و قال جل شأنه فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ (3).

(4) لإطلاق الأدلة، و صدقها بدونها عرفا، فتشمله الأدلة قهرا.

(5) لصدق إبراز المعنى المقصود، فيشمله إطلاق الدليل لا محالة.

(6) للإطلاق، و الاتفاق، و النص الخاص، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح

ص: 158


1- الوسائل باب: 3 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 7.
2- سورة البقرة: 228.
3- سورة الطلاق: 2.

بأن يفعل بها ما يحل فعله للزوج بحليلته كالوطء و التقبيل و اللمس بشهوة أو بدونها (7). و في الأخرس بالإشارة المفهمة (8)، و يصح الرجوع بالكتابة (9).

مسألة 2: لا يتوقف حلية الوطي و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظا

(مسألة 2): لا يتوقف حلية الوطي و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظا، و لا على قصد الرجوع به (10)، لأن المطلّقة الرجعية زوجة أو بحكم الزوجة فيستباح منها للزوج ما يستباح منها. و هل يعتبر في كونه رجوعا أن يقصد به الرجوع؟ قولان، أقواهما العدم (11)،

______________________________

محمد بن القاسم: «من غشي امرأته بعد انقضاء العدة جلد الحد، و إن غشيها قبل انقضاء العدة كان غشيانه إياها رجعة لها» (1).

(7) لظهور الإطلاق، و الاتفاق. و سيأتي حكم اللمس بلا شهوة، و مع الغفلة و السهو أو الاتفاق.

(8) لفرض أن الشارع نزّل إشارته منزلة قوله، كما مر في الطلاق، و يصح بالفعل منه كما في غيره.

(9) لأنها مبرز للقصد، فيقع بها الرجوع إن كانت الكتابة معتبرة و مأمونة.

(10) للأصل، و الاتفاق، مضافا إلى ما في المتن.

(11) لما مر في سابقة.

و دعوى: أن الزوجية قد زالت بالطلاق فلا يصح الرجوع إلا بالقصد، فيكون الرجوع متقوما بالقصد كما في أصل النكاح.

غير صحيحة: لعدم زوال النكاح من كل جهة بعد فرض أن المطلّقة الرجعية زوجة- كما عرفت سابقا- فالزوجية إما ثابتة مطلقا، كما قبل تحقق الطلاق، أو ثابتة في الجملة ثبوتا برزخيا- كالمطلقة الرجعية- أو منفية مطلقا، كما

ص: 159


1- الوسائل باب: 29 من أبواب حد الزنا الحديث: 1.

بل يحتمل قويا كونه رجوعا و إن قصد العدم (12).

نعم، لا عبرة بفعل الغافل و الساهي و النائم و نحوها مما لا قصد فيه للفعل (13)، كما لا عبرة بالفعل المقصود به غير المطلّقة كما لو واقعها باعتقاد أنها غيرها (14).

______________________________

إذا انقضت عدتها أو البائن، فهي ما دامت في العدة و لم يكن بائنا تكون في حكم الزوجة، و تترتب عليها الآثار من غير حاجة إلى قصد الرجوع.

(12) لأنها من سنخ الوضعيات التي تدل على بقاء العصمة و عدم انقطاعها بعد، مضافا إلى ظهور الإطلاق و الاتفاق، فالأقسام أربعة:

الأول: سبق قصد الرجوع على الفعل مثل ما يقصد الرجوع، ثمَّ بعد ذلك يصدر منه فعل متأخر عنه.

الثاني: الرجوع بذات الفعل.

الثالث: عدمهما رأسا، أي: لم يقصد الرجوع لا مستقبلا و لا بالفعل.

الرابع: قصد الخلاف كما إذا قصد الزنا بوطء المطلّقة الرجعية في العدة.

و الكل رجوع و يقع صحيحا، لظاهر الإطلاقات، و المطلّقة الرجعية زوجة كما مر.

(13) لأن قصد أصل الفعل من القبلة و اللمس مثلا شي ء، و قصد الرجوع بالفعل شي ء آخر، لا ربط لأحدهما بالآخر. و عدم قصد الرجوع لا يستلزم عدم قصد الفعل، بوجه، و حينئذ يرجع إلى أصالة بقاء العدة، و عدم تحقق الرجوع في الفعل الصادر من النائم و الغافل نحوه.

و بعبارة أخرى: السهو و الغفلة و نحوهما، مانع عن الرجوع لا أن يكون قصد الرجوع شرطا.

(14) لصدق عدم قصد الفعل بالنسبة إلى المطلّقة، فيكون من وقوع الفعل عليها، كالنائم و الساهي، و المعتبر هو قصد الفعل لا مجرد وقوع الفعل.

ص: 160

مسألة 3: لو أنكر أصل الطلاق، و هي في العدة كان ذلك رجوعا

(مسألة 3): لو أنكر أصل الطلاق، و هي في العدة كان ذلك رجوعا (15)، و إن علم كذبه (16).

مسألة 4: المطلّقة بالطلاق الرجعي زوجة أو بحكم الزوجة ما دامت في العدة

(مسألة 4): المطلّقة بالطلاق الرجعي زوجة أو بحكم الزوجة ما دامت في العدة (17)،

______________________________

و لو قبّل المطلّقة الرجعية زوجها المطلّق لها، و رضي الزوج بذلك، فالظاهر كونه رجوعا، و كذا في اللمس و غيره مما يثير الشهوة.

(15) إجماعا، و نصا، ففي صحيح أبي ولاد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن امرأة ادعت على زوجها أنه طلّقها- تطليقة طلاق العدة- طلاقا صحيحا يعني: على طهر من غير جماع، و أشهد لها شهودا على ذلك، ثمَّ أنكر الزوج بعد ذلك؟ فقال عليه السّلام: إن كان إنكار الطلاق قبل انقضاء العدة فإن إنكاره [للطلاق] رجعة لها، و إن كان أنكر الطلاق بعد انقضاء العدة، فإن على الإمام أن يفرّق بينهما بعد شهادة الشهود، بعد أن تستحلف أن إنكاره الطلاق بعد انقضاء العدة و هو، خاطب من الخطاب» (1).

و في الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه السّلام: «و أدنى المراجعة أن يقبّلها، أو إنكار الطلاق، فيكون إنكار الطلاق رجعة» (2)مع أنه متضمن للتمسك بالزوجية، فيدل على الرجوع بذلك.

(16) لظهور الإطلاق الشامل لهذه الصورة أيضا.

(17) إجماعا، و قد أرسل قضية: المطلقة الرجعية زوجة إرسال المسلّمات الفقهية، لأنهم استفادوا ذلك من النصوص الكثيرة الواردة فيها في الأبواب المتفرقة، كما يأتي التعرض لبعضها إن شاء اللّه تعالى، و يصرّحون في كتبهم

ص: 161


1- الوسائل باب: 14 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 1.
2- مستدرك الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الطلاق.

فيترتب عليها آثار الزوجية (18)، من استحقاق النفقة و السكنى و الكسوة (19)، إذا لم تكن و لم تصر ناشزة (20)،

______________________________

الفقهية بعدم انقطاع العصمة بينها و بين زوجها ما دامت في العدة، و يمكن استفادة ذلك من إطلاق قوله تعالى وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (1).

(18) لأن ترتب الأحكام عند ثبوت الموضوع حقيقة أو حكما قهري، كما هو معلوم.

(19) إذ لا معنى لبقاء أحكام الزوجية إلا ذلك، مضافا إلى الإجماع، و النصوص، منها موثق سعد قال: «سألت أبا الحسن موسى عليه السّلام عن شي ء من الطلاق؟ فقال عليه السّلام: إذا طلّق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة، فقد بانت منه ساعة طلّقها- إلى أن قال- و المرأة التي يطلّقها الرجل تطليقة ثمَّ يدعها حتى يخلو أجلها، فهذه أيضا تقعد في منزل زوجها، و لها النفقة و السكنى حتى تنقضي عدتها» (2).

و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «المطلّقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها، إنما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة» (3).

و في صحيح شهاب بن عبد ربه: «يسد جوعتها، و يستر عورتها» (4)، و تقدم في أحكام النفقات ما ينفع المقام.

(20) لما تقدم في كتاب النكاح في باب النفقات من اشتراط وجوب النفقة بالتمكين، و مع النشوز ينتفي هذا الشرط، فيسقط وجوب النفقة، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في خطبة حجة الوداع: «إن لنسائكم عليكم حقا، و لكم عليهن حقا- إلى أن قال- فإذا انتهين و أطعنكم، فعليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف» (5).

ص: 162


1- سورة البقرة: 228.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب النفقات الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب النفقات الحديث: 2.

و من التوارث بينهما لو مات أحدهما في العدة (21)، و عدم جواز نكاح أختها و الخامسة (22)،

______________________________

(21) لتحقق الزوجية بينهما، و نصوصا، منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس: «أيما امرأة طلّقت. ثمَّ توفى عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها و لم تحرم عليه، فإنها ترثه، ثمَّ تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، و إن توفيت و هي في عدتها و لم تحرم عليه فإنه يرثها» (1)، و في رواية الشيخ: «و إن قتل ورثت من ديته، و إن قتلت ورث من ديتها، ما لم يقتل أحدهما الآخر» (2) إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على التوارث بينهما.

(22) لما تقدم في كتاب النكاح من حرمة الجمع بين الأختين، و الخامسة دواما، و لنصوص خاصة، ففي صحيح عمار عن الصادق عليه السّلام: «رجل جمع أربع نسوة، و طلّق واحدة، فهل يحل له أن يتزوج أخرى مكان التي طلّق؟ قال عليه السّلام: لا يحل له أن يتزوج أخرى حتى يعتد مثل عدتها، و إن كان التي طلّقها أمة أعتدت نصف العدة، لأن عدة الأمة نصف العدة خمسة و أربعون يوما» (3).

و في صحيح حماد قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ما تقول في رجل له أربع نسوة طلّق واحدة منهن و هو غائب عنهن، متى يجوز له أن يتزوج؟ قال عليه السّلام:

بعد تسعة أشهر، و فيها أجلان فساد الحيض و فساد الحمل» (4).

و في صحيح الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل طلّق امرأة، أو اختلعت، أو بانت، إله أن يتزوج بأختها؟ فقال: إذا برئت عصمتها و لم يكن له عليها رجعة، فله أن يخطب أختها» (5).

ص: 163


1- الوسائل باب: 36 من أبواب العدد الحديث: 3 و 4.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب العدد الحديث: 3 و 4.
3- الوسائل باب: 47 من أبواب العدد الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 47 من أبواب العدد الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 48 من أبواب العدد الحديث: 2.

و كون كفنها و فطرتها عليه (23).

و أما البائنة كالمختلعة و المبارأة و المطلّقة ثلاثا فلا يترتب عليها آثار الزوجية أصلا لا في زمن العدة و لا بعده، لانقطاع العصمة بينهما بالمرة (24).

نعم، إذا كانت حاملا من زوجها استحقت النفقة و الكسوة و السكنى عليه حتى تضع حملها (25)،

______________________________

و عن الكاظم عليه السّلام في معتبرة علي بن أبي حمزة قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته، أ يتزوج أختها؟ قال عليه السّلام: لا حتى تنقضي عدتها. قال: سألته عن رجل كانت له امرأة فهلكت، أ يتزوج أختها؟ قال: من ساعته إن أحب» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

(23) لتحقق الموضوع شرعا، فتترتب الأحكام قهرا. و تقدم في أحكام الجنائز: أن كفن الزوجة على الزوج (2)، فلا وجه للإعادة هنا، كما تقدم في كتاب الزكاة ما يتعلق بوجوب فطرتها على الزوج (3).

(24) إجماعا، و نصوصا، و قد علل الحكم في كثير منها بقوله عليه السّلام: «برئت عصمتها منه، و ليس له عليها رجعة» (4)، و بذلك علل كثير من الفقهاء في جملة من كلماتهم (قدس اللّه أسرارهم) أيضا.

(25) إجماعا، و نصوصا، فعن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس:

«الحامل أجلها أن تضع حملها، و عليه نفقتها بالمعروف حتى تضع حملها» (5).

ص: 164


1- الوسائل باب: 48 من أبواب العدد الحديث: 3.
2- راجع المجلد الرابع صفحة: 45.
3- تقدم في المجلد الحادي عشر صفحة: 337.
4- الوسائل باب: 48 من أبواب العدد الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 7 من أبواب النفقات.

كما مر في باب النفقات من كتاب النكاح (26).

مسألة 5: نفقة الرجعية أو البائنة الحامل كنفقة الزوجة

(مسألة 5): نفقة الرجعية أو البائنة الحامل كنفقة الزوجة (27). بلا فرق فيها بين المسلمة و الذمية (28).

مسألة 6: قد عرفت أنه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقا

(مسألة 6): قد عرفت أنه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقا، و في الرجعي بعد انقضاء العدة (29)، لكنه إذا طلّقها في حال المرض (30)،

______________________________

و في معتبرة سماعة قال: «قلت له: المطلّقة ثلاثا لها سكنى أو نفقة؟

فقال عليه السّلام: حبلى هي؟ قلت: لا، قال: ليس لها سكنى و لا نفقة» (1)، و يحمل عليه صحيح ابن سنان قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المطلّقة ثلاثا على العدّة لها سكنى أو نفقة؟ قال: نعم» (2).

(26) و تقدم بيان أن هذه النفقة للحمل أو للحامل في باب النفقات، فراجع.

(27) في الكمية، و الكيفية، و لم تتغير- على ما تقدم في كتاب النكاح- لأن الطلاق لم يسقطها، و أنها في حكم الزوجة.

(28) للإطلاق كما مر، و الإجماع.

(29) لانقطاع العصمة بينهما في الطلاق البائن بمجرد الطلاق مطلقا.

و ما يظهر منه الخلاف مثل خبر الأزرق عن أبي الحسن عليه السّلام: «المطلّقة ثلاثا ترث و تورّث ما دامت في عدتها» (3)، و خبر عبد الرحمن عن موسى بن جعفر عليه السّلام: «في رجل يطلّق امرأته آخر طلاقها، قال: نعم يتوارثان في العدة» (4)، و قريب منهما غيرهما، فلا بد من حمله أو طرحه لما عرفت.

و بعد انقضاء العدة في الرجعي، فلا موضوع للتوارث بعد ذلك.

(30) إجماعا، و نصوصا، تقدم بعضها في مسألة 1 من الفصل الثالث في

ص: 165


1- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 3 و 8.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب النفقات الحديث: 3 و 8.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 12 و 13.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 12 و 13.

فإن كان موته بعد سنة من حين الطلاق و لو يوما أو أقل لا ترثه (31)، و إن كان بمقدار سنة و ما دونها ترثه سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا (32)، على ما تقدم.

مسألة 7: لا يجوز لمن طلّق رجعيا أن يخرج المطلّقة من بيتها حتى تنقضي عدتها

(مسألة 7): لا يجوز لمن طلّق رجعيا أن يخرج المطلّقة من بيتها حتى تنقضي عدتها (33).

______________________________

أحكام الطلاق.

(31) للعمومات، و الإطلاقات، الدالة على انقطاع العصمة بينهما حينئذ، مضافا إلى الإجماع، و ظاهر الأدلة الخاصة مثل قوله عليه السّلام: «ما بينه و بين سنة» «1»، و غيره من الروايات.

(32) لظاهر الإطلاق، و الاتفاق. و ذكرنا أن التوارث إنما يكون بشروط ثلاثة: أن لا تتزوج، و أن لا يبرأ الزوج من المرض الذي طلّقها فيه، و أن لا يكون الطلاق بالتماس منها، و تقدم ما يتعلق بها في مسألة 1 من الفصل الثالث في أحكام الطلاق، فلا وجه للتكرار و الإعادة هنا.

(33) للكتاب، و السنة الكثيرة، و الإجماع قال تعالى لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (1).

و في رواية أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «في المطلّقة أين تعتد؟ فقال: في بيتها إذا كان طلاقا له عليها رجعة، ليس له أن يخرجها، و لا لها أن تخرج حتى تنقضي عدتها» (2).

و في موثق عمار، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن المطلّقة أين تعتد؟

قال: في بيت زوجها» (3).

ص: 166


1- سورة الطلاق: 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب العدد الحديث: 6 و 4.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب العدد الحديث: 6 و 4.

إلا أن تأتي بفاحشة (34)، أعلاها ما أوجب الحد (35)،

______________________________

و في صحيح الحلبي قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلا بإذن زوجها حتى تنقضي عدتها، ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر إن لم تحض» (1).

و في موثق سماعة قال: «سألته عن المطلّقة أين تعتد؟ فقال: في بيتها لا تخرج» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و أما البائن، فتعتد حيث شاءت و إن كانت حاملا و تجب نفقتها على الزوج، لانقطاع العصمة بينهما، و في صحيح سعد بن أبي خلف قال: «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام عن شي ء من الطلاق؟ فقال: إذا طلّق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة، فقد بانت منه ساعة طلّقها، و ملكت نفسها و لا سبيل له عليها، و تعتد حيث شاءت، و لا نفقة لها، قال: قلت: أ ليس اللّه تعالى يقول: لا تخرجوهن من بيوتهن و لا يخرجن؟ فقال: إنما عنى بذلك الذي يطلّق تطليقة، فتلك التي لا تخرج حتى تطلّق الثالثة، فإذا طلّقت الثالثة فقد بانت منه و لا نفقة لها، و المرأة التي يطلّقها الرجل تطليقة ثمَّ يدعها حتى يخلو أجلها، فهذه أيضا تعتد في منزل زوجها، و لها النفقة و السكنى حتى تنقضي عدّتها» (3).

(34) للكتاب كما مر، و السنة كما يأتي، و الإجماع.

(35) إجماعا، و نصوصا، قال الصادق عليه السّلام: «في قول اللّه عز و جل لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ إلا أن تزني فتخرج، و يقام عليها الحد» (4)، و عن الحجة (عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف) في خبر سعد بن عبد اللّه: «قلت له: أخبرني عن الفاحشة المبينة، التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته، قال عليه السّلام: الفاحشة المبينة هي

ص: 167


1- الوسائل باب: 18 من أبواب العدد الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب العدد الحديث: 6.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب العدد الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب العدد الحديث: 3.

و أدناها أن تؤذي أهل البيت بالشتم و بذاءة اللسان (36).

مسألة 8: لو أخرجت لإقامة الحد فأقيم عليها الحد ففي وجوب الرجوع بعد الإقامة إلى بيتها و عدمه وجهان؟

(مسألة 8): لو أخرجت لإقامة الحد فأقيم عليها الحد ففي وجوب الرجوع بعد الإقامة إلى بيتها و عدمه وجهان؟ (37).

______________________________

السحق دون الزنا، فإن المرأة إذا زنت و أقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحد، و إذا سحقت وجب عليها الرجم، و الرجم خزي، و من قد أمر اللّه عز و جل برجمه فقد أخزاه، و من أخزاه فقد أبعده، و من أبعده فليس لأحد أن يقربه» (1)، فلا بد من حمل ذيله على سائر الأخبار، أو رد علمه إلى أهله.

و لا يشمل الفاحشة في قوله تعالى مطلق معصيتها في نفسها. و هل يشمل قوله عليه السّلام: «يقام عليها الحد» مطلق ما فيه الحد، كشرب الخمر مثلا؟ مقتضى الجمود على التعليل ذلك.

(36) كما في النصوص، ففي رواية محمد بن علي بن جعفر قال: «سأل المأمون الرضا عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ؟ قال عليه السّلام: يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها، فإذا فعلت، فإن شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل» (2)، و قد روي عنه عليه السّلام أيضا: «الفاحشة أن تؤذي أهل زوجها و تسبهم» (3)، كما ورد أنها «البذاء» (4)، و عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أيضا في ما تقدم من قوله تعالى قال: «أذاها لأهل زوجها، و سوء خلقها» (5)، مضافا إلى الإجماع.

(37) من إطلاقات وجوب البقاء في محلها، و الشك في أن المخصص دائمي، أو لأجل خصوص إقامة الحد فقط، فعليها الرجوع و البقاء في بيتها. و من

ص: 168


1- الوسائل باب: 23 من أبواب العدد الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب العدد الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب العدد الحديث: 6 و 5 و 1.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب العدد الحديث: 6 و 5 و 1.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب العدد الحديث: 6 و 5 و 1.

مسألة 9: لو أمكن إقامة الحد عليها في منزلها

(مسألة 9): لو أمكن إقامة الحد عليها في منزلها فالظاهر عدم وجود منشأ للخروج و الإخراج عن بيتها (38).

مسألة 10: لا يجوز لها الخروج بدون إذن الزوج

(مسألة 10): لا يجوز لها الخروج بدون إذن الزوج (39)،

______________________________

احتمال أن البقاء في البيت محدود بحد إتيان الفاحشة، فبعد إتيانها يرتفع الوجوب، فلا يجب عليها الرجوع. و الأحوط هو الأول، و يجري الوجهان في الفرع اللاحق أيضا.

(38) لما هو المنساق من الأخبار.

(39) للإجماع، و ما تقدم من الآية الشريفة لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ لا يَخْرُجْنَ إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (1)، و النصوص المتقدمة ففي رواية أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «ليس له أن يخرجها، و لا لها أن تخرج حتى تنقضي عدتها» (2)، و غيرها كما مر.

و لكن الخروج و الإخراج يتصور على قسمين:

الأول: ما إذا كان في كل واحد منهما مصلحة متعارفة، لا توجب التباغض و البغضاء و النفرة و التنافر، مثل ما يأذن الزوج- رغبة منه و تشويقا- لذهابها لزيارة أرحامها أو الأماكن المتبركة، و هي أيضا رغبة كذلك.

الثاني: أن يكون الخروج بعنوان المراغمة، و إظهار التباغض، مثل ما أن الزوج لا يرضى بخروجها من البيت، و هي رغما له و تباغضا تخرج من البيت.

لا ريب في عدم جواز الثاني بالنسبة إلى كل منهما، فلا يجوز لها الخروج، كما لا يجوز له الإخراج كذلك، لأنه المتيقن من النهي.

و أما القسم الأول، فالظاهر جوازه مع الإذن، كما هو المفروض لبقاء جهة

ص: 169


1- سورة الطلاق: 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب العدد الحديث: 6.

إلا لضرورة أو لأداء واجب مضيق (40).

مسألة 11: لو احتاجت إلى الخروج فالأحوط أن تخرج بعد انتصاف الليل

(مسألة 11): لو احتاجت إلى الخروج فالأحوط أن تخرج بعد انتصاف الليل و تعود قبل الفجر (41).

______________________________

التعارف و التودد بينهما، و عليه تحمل الأدلة الدالة على الجواز، ففي موثق معاوية بن عمار: «المطلّقة تحج في عدّتها إن طابت نفس زوجها» (1).

ثمَّ إن السكنى على أقسام:

الأول: ما كانت من حقه عليها.

الثاني: ما كانت من حقها عليه، مثل أصل سكنى الزوجة و سائر نفقاتها.

الثالث: ما يكون حكما شرعيا، كسكنى المطلّقة الرجعية، فإن فيها شائبة الحكمية، مضافا إلى جهة الحقية في الجملة، فيكون برزخا بينهما، و بذلك يمكن الجمع بين جميع الروايات الواردة في المقام. و اللّه العالم.

(40) نصا، و إجماعا، ففي مكاتبة محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السّلام: «في امرأة طلّقها زوجها، و لم يجر عليها النفقة للعدة، و هي محتاجة، هل يجوز لها أن تخرج و تبيت عن منزلها للعمل أو الحاجة؟

فوقع عليه السّلام لا بأس بذلك إذا علم اللّه الصحة منها» (2)، بل قاعدة تقديم الأهم على المهم تقتضي ذلك، و لذلك لا بد من الاقتصار على مقدار الحاجة و الضرورة.

(41) لموثق سماعة قال: «سألته عن المطلّقة، أين تعتد؟ قال عليه السّلام: في بيتها لا تخرج، و إن أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل و رجعت بعد نصف الليل، و لا تخرج نهارا» (3)، و حيث أن سياقها سياق مطلق الرجحان، و التستر لها لا يستفاد منها الوجوب، فما جزم به في المسالك من الوجوب إن كان مستنده هذه

ص: 170


1- الوسائل باب: 22 من أبواب العدد الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 55 من أبواب العدد الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 19 من أبواب العدد.

مسألة 12: لا يعتبر الإشهاد في الرجعة

(مسألة 12): لا يعتبر الإشهاد في الرجعة (42)، و إن استحب دفعا لوقوع التخاصم و النزاع و حفظ الحق (43)،

______________________________

الرواية ففيه ما لا يخفى.

و يستفاد العود قبل الفجر من إطلاق قوله عليه السّلام فيها: «و لا تخرج نهارا».

هذا إذا لم يترتب عليها ضرر، و تمكنت من دفع الضرر بخروجها ليلا و عودها قبل الفجر، و أما إذا ترتب على خروجها بعد انتصاف الليل أو قبله حرج أو ضرر أو لم تتمكن من دفع ضرورتها، خرجت متى شاءت- حتى بناء على الوجوب- لأدلة نفي الضرر (1)، و الحرج (2)، و لما تقدم من المكاتبة. و اللّه العالم.

(42) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق، مضافا إلى نصوص خاصة، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في الذي يراجع و لم يشهد، قال عليه السّلام: يشهد أحب إليّ، و لا أرى بالذي صنع بأسا» (3).

و في صحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن الطلاق لا يكون بغير شهود، و أن الرجعة بغير شهود رجعة، و لكن ليشهد بعد فهو أفضل» (4).

(43) كما في النصوص، ففي صحيح محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عن رجل طلّق امرأته واحدة؟ قال عليه السّلام: هو أملك برجعتها ما لم تنقض العدة، قلت: فإن لم يشهد على رجعتها؟ قال عليه السّلام: فليشهد، قلت: فإن غفل عن ذلك؟ قال: فليشهد حين يذكر، و إنما جعل ذلك لمكان الميراث» (5).

و في روايته الثانية قال: «سئل أبو جعفر عليه السّلام عن رجل طلّق امرأته واحدة، ثمَّ راجعها قبل أن تنقضي عدتها، و لم يشهد على رجعتها؟ قال عليه السّلام: هي امرأته ما لم تنقض العدة، و قد كان ينبغي له أن يشهد على رجعتها، فإن جهل ذلك

ص: 171


1- الوسائل باب: 12 من أبواب إحياء الموات.
2- سورة الحج: 78.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2 و 3 و 1.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2 و 3 و 1.
5- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2 و 3 و 1.

و كذا لا يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها (44)، فإن راجعها عند نفسه من دون اطلاع أحد صحت الرجعة و عادت إلى النكاح السابق واقعا (45)، لكن لو ادعاها بعد انقضاء المدة و لم تصدقه الزوجة لم تسمع دعواه (46)، غاية الأمر له عليها يمين نفي العلم لو ادعى عليها العلم بذلك (47)، كما أنه لو ادعى الرجوع الفعلي كالوطء و أنكرته كان القول قولها بيمينها (48)،

______________________________

فليشهد حين علم، و لا أرى بالذي صنع بأسا، و إن كثيرا من الناس لو أرادوا البينة على نكاحهم اليوم، لم يجدوا أحدا يثبت الشهادة على ما كان من أمرهما، و لا أرى بالذي صنع بأسا، و إن يشهدوا فهو أحسن» (1)، مضافا إلى الإجماع، و ما مر من الروايات.

(44) للإطلاق، و الاتفاق، و الأصل.

(45) لوجود المقتضي و فقد المانع، مضافا إلى الإجماع، و إلى أنها بحكم الزوجة. و في التعبير بالعود مسامحة.

(46) لأصالة عدم ترتب الأثر إلا بحجة معتبرة، من بينة عادلة، أو يمين قاطعة، و يشهد له صحيح محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السّلام انه قال: «في رجل طلّق امرأته و أشهد شاهدين، ثمَّ أشهد على رجعتها سرا منها. و استكتم ذلك الشهود، فلم تعلم المرأة بالرجعة حتى انقضت عدتها، قال: تخيّر المرأة، فإن شاءت زوجها، و إن شاءت غير ذلك، و إن تزوجت قبل أن تعلم بالرجعة التي أشهد زوجها، فليس للذي طلّقها عليها سبيل، و زوجها الأخير أحق بها» (2).

(47) لأن البينة على المدعي، و اليمين على المدعى عليه، و حيث أن موضوع الدعوى هنا دعوى علمها بالرجعة، تحلف على نفي العلم مع إنكارها لذلك.

(48) لأصالة عدم وقوع الفعل، فيقدم قولها مع اليمين.

ص: 172


1- الوسائل باب: 13 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 6.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب أقسام الطلاق الحديث: 2.

لكنه على البت لا على نفي العلم (49).

مسألة 13: إذا اتفقا على الرجوع و انقضاء العدة

(مسألة 13): إذا اتفقا على الرجوع و انقضاء العدة، و اختلفا في المتقدم منهما، فادعى الزوج أن المتقدم هو الرجوع و ادعت هي أن المتقدم انقضاء العدة، فإن تعين زمان الانقضاء و ادعى الزوج أن رجوعه كان قبله فوقع في محله و ادعت هي وقوعه بعده فوقع في غير محله، فالأقرب أن القول قوله بيمينه (50)، و إن كان بالعكس- بأن تعين زمان الرجوع و انه يوم الجمعة مثلا و ادعى أن انقضاء العدة كان في يوم السبت و ادعت هي أنه كان في يوم الخميس- فالقول قولها بيمينها (51).

مسألة 14: لو طلّق و راجع، فأنكرت هي الدخول بها قبل الطلاق

(مسألة 14): لو طلّق و راجع، فأنكرت هي الدخول بها قبل الطلاق لئلا تكون عليها عدة و لا تكون له الرجعة، و ادعى هو الدخول كان القول قولها مع يمينها (52).

______________________________

(49) لفرض أن مورد الدعوى وقوع الوطي- مثلا- عليها، كما يكون من فعله أيضا، فإن الوطي متقوم بالطرفين، و من الصفات ذات الإضافة، فيصح الحلف على البت.

(50) لأن النزاع في الواقع يرجع إلى صحة الرجوع و عدمها، فمقتضى أصالة الصحة صحة الرجوع، ما لم يثبت الخلاف بالحجة المعتبرة، و اليمين إنما تكون لقطع الخصومة.

(51) لأن النزاع يرجع في الواقع إلى العدّة و عدمها، و قولها معتبر في العدّة إجماعا و نصا، ففي صحيح زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام: «الحيض و العدة إلى النساء إذا ادعت صدقت» (1)، و اليمين إنما تكون لقطع الخصومة، كما مر.

(52) لأصالة عدم الدخول ما لم يثبت بحجة معتبرة، مع قوله صلّى اللّه عليه و آله: «البينة

ص: 173


1- الوسائل باب: 24 من أبواب العدد الحديث: 1.

مسألة 15: الظاهر أن جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط

(مسألة 15): الظاهر أن جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط، و ليس حقا قابلا للإسقاط (53)، كالخيار في البيع الخياري، فلو قال الزوج: «أسقطت ما كان لي من حق الرجوع» لم يسقط و كان له الرجوع بعد ذلك (54)، و كذلك إذا صالح عنه بعوض أو غير عوض.

مسألة 16: الظاهر اختصاص الرجعة بخصوص الطلاق

(مسألة 16): الظاهر اختصاص الرجعة بخصوص الطلاق، فلا تجري في الفسخ مطلقا (55).

______________________________

على المدعي و اليمين على المدعى عليه» (1).

نعم، بالنسبة إلى سائر الأحكام يؤخذ بإقراره، كتزويج أختها، أو الخامسة، أو المهر، على ما تقدم في محله في كتابي النكاح و القضاء.

(53) تقدم الفرق بين الحق و الحكم مكررا من أن الأول قابل للإسقاط في الجملة دون الأخير (2)، كما مر الفرق بين أقسام الحقوق، فلا وجه للإعادة في المقام.

(54) لأنه المنساق من الأدلة، و لأصالة عدم السقوط و الإسقاط، و عدم ترتب أثر الصلح و نحوه. و قوله تعالى وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (3)، لا يستفاد منه الحقية، إذ المراد منه مجرد الأولوية التي تناسب الحكم أيضا.

(55) للأصل، و ظواهر الأدلة المذكورة فيها الطلاق و تقسيمه إلى الرجعي و البائن، كما تقدم دون الفسخ.

ص: 174


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كيفية الحكم.
2- راجع ج: 22 صفحة: 149.
3- سورة البقرة: 228.

مسألة 17: لا يصح العقد على المطلّقة الرجعية مطلقا

(مسألة 17): لا يصح العقد على المطلّقة الرجعية مطلقا (56).

______________________________

نعم، يصح العقد عليها مستأنفا بعد الفسخ للزوج.

(56) أما بالنسبة إلى زوجها فلفرض أنها بحكم الزوجة، لأن «المطلّقة الرجعية زوجة»، كما مر، و أما بالنسبة إلى الغير فقد تقدم في كتاب النكاح بطلانه.

نعم، يمكن أن يقال إنه بالنسبة إلى الزوج ذلك رجوع منه، لو كان متوجها إلى هذه الجهة، و أما لو كان غافلا بالمرة لا يتحقق به الرجوع أيضا.

ص: 175

ص: 176

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب الخلع و المبارأة

اشارة

كتاب الخلع و المبارأة

______________________________

مادة [خ ل ع] تأتي بمعنى النزع لغة و عرفا و شرعا، حيث إن كل واحد من الزوجين لباس للآخر، كما في الكتاب الكريم قال تعالى هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ (1)، و ذكرنا في التفسير ما يتعلق بهذا التعبير القرآني (2) فكأن الزوجة تنتزع هذا اللباس من نفسها بسؤالها الطلاق، فليس المعنى الشرعي مخالفا للمعنى اللغوي و العرفي، بل الجامع القريب واحد بينهما، و المخالعة تستعمل بينهما لأجل هذه الجهة.

و الخلع اسم مصدر، و المصدر بالفتح كالغسل و الغسل.

ثمَّ إن الطلاق باعتبار الكراهة بين الزوجين على أقسام:

الأول: أن تكون الكراهة الموجبة له من الزوج فقط، و هو الطلاق المعهود المعروف الذي مر أحكامه و شرائطه.

ص: 177


1- سورة البقرة: 187.
2- راجع مواهب الرحمن في تفسير القرآن ج: 3 صفحة: 79 ط- 3 بغداد.

مسائل في الخلع و المبارأة

مسألة 1: الخلع: هو الطلاق بفدية

(مسألة 1): الخلع: هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها (1)،

______________________________

الثاني: ما إذا كانت الكراهة من الزوجة فتفدى فداء لتخلع نفسها عن زوجها، و هذا هو المسمّى بالخلع كما مر.

الثالث: ما إذا كانت الكراهة من الطرفين، و هذا هو المسمّى بالمباراة، فيبرأ كل منهما عن الآخر مع بذل فدية منها لذلك على ما يأتي التفصيل.

(1) و هو الحق كما هو المشهور المنصور، و قد عرف بتعاريف أخرى ذكرها الفقهاء في المطولات.

و يدل على شرعيته الكتاب المبين، و إجماع المسلمين، و نصوص كثيرة بين الفريقين قال تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ (1)، و ذكرنا في التفسير في البحث الدلالي للآية الشريفة الوجه في التعبير بالفداء (2)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في قصة جميلة بنت عبد اللّه بن أبيّ:

«أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، و كان يحبها و تبغضه، فقالت: يا رسول اللّه لا أنا و لا ثابت لا يجمع رأسي و رأسه شي ء، و اللّه ما أعيب عليه في دين و لا خلق و لكني أكره الكفر في الإسلام ما أطيقه بغضا، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدّهم سودا و أقصرهم قامة، و أقبحهم وجها، فنزلت الآية و كان قد أصدقها حديقة، فقال ثابت: يا رسول اللّه مرها فلترد عليّ الحديقة التي أعطيتها [ترد الحديقة] فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما تقولين؟

قالت: نعم و أزيده، فقال صلّى اللّه عليه و آله: لا، حديقته فقط، فاختلعت منه بها، و كان ذلك أول خلع في الإسلام» (3).

ص: 178


1- سورة البقرة: 229.
2- راجع المجلد الرابع من مواهب الرحمن صفحة: 20 ط 2 بيروت.
3- تفسير الكشاف و الرازي في تفسير آية 229 من سورة البقرة. و راجع تفسيرنا مواهب الرحمن ج: 4 صفحة: 24.

فهو قسم من الطلاق. و يعتبر فيه جميع شروط الطلاق المتقدمة (2)، و يزيد عليها بأنه يعتبر فيه كراهة الزوجة لزوجها خاصة (3)،

______________________________

و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «إذا قالت المرأة لزوجها: جملة لا أطيع لك أمرا، مفسرا و غير مفسر، حلّ له ما أخذ منها، و ليس له عليها رجعة» (1) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي تمر عليك في ضمن البحث.

(2) لفرض أنه فرد من مطلق الطلاق، فتشمله أدلة اعتبار شروطه لا محالة، مضافا إلى الإجماع و النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «لا طلاق، و لا خلع، و لا مباراة، و لا خيار، إلا على طهر من غير جماع» (2)، و عن محمد بن مسلم أيضا في صحيحه: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا اختلاع إلا على طهر من غير جماع» (3).

هذا إذا كانت مدخولا بها، غير يائسة، و لا صغيرة، على ما تقدم التفصيل في الطلاق.

و في معتبرة حمران عن الصادق عليه السّلام قال: «لا يكون خلع، و لا تخيير، و لا مباراة، إلا على طهر من المرأة من غير جماع، و شاهدين يعرفان الرجل، و يريان المرأة و يحضران التخيير، و إقرار المرأة أنها على طهر من غير جماع يوم خيّرها» (4) إلى غير ذلك من الروايات.

(3) إجماعا، و كتابا- كما تقدم- و سنة، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «لا يحلّ خلعها حتى تقول لزوجها: و اللّه لا أبر لك قسما، و لا أطيع لك أمرا، و لا اغتسل لك من جنابة، و لأوطئن فراشك، و لآذنن عليك بغير

ص: 179


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الخلع و المبارأة.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الخلع و المبارأة.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب الخلع و المبارأة.

فإن كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة (4)، و إن كان من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعا و لا مباراة (5).

مسألة 2: الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق

(مسألة 2): الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الآخر أو منضما (6)،

______________________________

إذنك، و قد كان الناس يرخصون فيما دون هذا، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها» (1)، و قريب منه غيره إلى غير ذلك من الروايات كما تقدم بعضها، و سيأتي البحث في تحديد مقدار الكراهة.

(4) للكتاب، و السنة، و الإجماع. أما الكتاب، فظاهر قوله تعالى وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما (2). و من السنة قوله عليه السّلام في موثق سماعة: «فيكره كل واحد منهما صاحبه» (3)

(5) و هو صحيح أيضا للكتاب، و السنة، و الإجماع، و تقدم جملة منها في كتاب الطلاق، فراجع.

(6) البحث في هذه المسألة.

تارة: بحسب الأصل.

و أخرى: بحسب الإطلاقات، و العمومات.

و ثالثة: بحسب الأدلة الخاصة.

أما الأولى: فيكفي أصالة عدم اعتبار شي ء، و عدم اشتراط لفظ خاص بعد كون اللفظ الصادر مفيدا للمعنى المقصود، كما أوضحناه غير مرة في الإيقاعات و العقود (4)، فلا مجرى لاستصحاب بقاء النكاح ما لم يجمع بين اللفظين،

ص: 180


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع الحديث: 3.
2- سورة النساء: 35.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 3.
4- راجع ج: 16 صفحة: 215.

.....

______________________________

لوجود الإطلاقات، و العمومات في البين، و هي حاكمة على الاستصحاب كما ثبت في محله.

و أما الثانية: فمقتضى الإطلاقات، و العمومات- كما مر- كفاية اللفظ المفيد للمعنى، لصدق الإطلاق و العموم قهرا على اللفظ الظاهر في المعنى المفهوم، الذي هو الخلع فيقول: «خلعتك»، و لا يعتبر أزيد من ذلك في اعتبار الكلام عند الخاص و العام.

و أما الأخير: فمقتضى النصوص المستفيضة كفاية الخلع عن الطلاق.

منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «عدة المختلعة عدة المطلّقة و خلعها طلاقها، و هي تجزي من غير أن يسمّى طلاقا» (1)، و هو صحيح سندا، و صريح متنا، و حمله على التقية مخالف للأصل من غير دليل يدل عليه.

و منها: صحيح ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن المرأة تبارئ زوجها أو تختلع منه بشهادة شاهدين على طهر من غير جماع، هل تبين منه بذلك، أو هي امرأته ما لم يتبعها بالطلاق؟ فقال: تبين منه و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت، فقلت: إنه قد روي أنه لا تبين منه حتى يتبعها بطلاق، قال عليه السّلام: ليس ذلك إذا خلعا، فقلت: تبين منه؟ قال: نعم» (2).

و منها: صحيح سليمان بن خالد عن الصادق عليه السّلام: «قلت له: أرأيت إن هو طلّقها بعد ما خلعها، أ يجوز؟ قال عليه السّلام: و لم يطلّقها و قد كفاه الخلع؟ و لو كان الأمر إلينا لم نجز طلاقها» (3).

و منها: صحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني و أنا أعطيتك ما أخذت منك، فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: و اللّه لا أبر لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لآذنن في بيتك بغير إذنك و لأوطئن فراشك غيرك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها حل له ما أخذ منها، و كانت تطليقة بغير طلاق يتبعها، و كانت بائنا بذلك، و كان خاطبا من

ص: 181


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4 و 9 و 8.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4 و 9 و 8.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4 و 9 و 8.

فبعد ما أنشأت الزوجة بذل الفدية ليخلعها مثلا يجوز أن يقول: (خلعتك على كذا) أو (أنت مختلعة (7) على كذا) و يكتفي به. أو يتبعه بقوله: (فأنت طالق على كذا) أو يقول (أنت طالق على كذا) و يكتفي به أو يتبعه بقوله:

(فأنت مختلعة على كذا) (8).

مسألة 3: الخلع و إن كان قسما من الطلاق

(مسألة 3): الخلع و إن كان قسما من الطلاق (9)،

______________________________

الخطاب» (1)، إلى غير ذلك من النصوص، و فيها الصحاح كما مر.

و لكن في خبر موسى قال: «قال علي عليه السّلام: المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في العدة» (2)، و هذا الحديث ضعيف سندا، و مهجور عند الأصحاب لم ينسب العمل به، إلا إلى الشيخ و ابني زهرة و إدريس. إذا فالصحيح وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الآخر أو منضما.

(7) نسب كسر اللام في (مختلعة) إلى كشف اللثام و فتحها إلى الكفاية، و في الجواهر: «الأولى هو الأولى»، و الوجه في الجميع الإطلاق، و العموم الشاملان لكل منهما. و وجه الأولوية أن اللفظ على الفتح مثل المطلّقة (بالفتح)، و لا يقع الطلاق بالمطلّقة (بالكسر)، فلا يقع بالمختلعة كذلك، و هو احتياط حسن لا بأس به.

(8) كل ذلك لما عرفت من الاجتزاء منضما أو مجردا.

نعم، لا يقع الخلع بالكنايات، مثل: فاسختك أو فاديتك، و غيرهما للإجماع، و لما مر في الطلاق من الأصل و النص.

(9) للإجماع، و لما تقدم من النصوص، مثل قوله عليه السّلام: «الخلع و المبارأة تطليقة بائن، و هو خاطب من الخطاب» (3)، و قوله عليه السّلام: «خلعها طلاقها» (4)، إلى

ص: 182


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 3 و 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 3 و 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1.

و هو من الإيقاعات إلا أنه يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين و إنشاءين (10)، بذل شي ء من طرف الزوجة ليطلّقها الزوج، و إنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت (11)، و يقع ذلك على نحوين (12):

الأول: أن يقدم البذل من طرفها (13) على أن يطلّقها فيطلّقها على ما بذلت.

______________________________

غير ذلك خلافا للشيخ، فقال: إنه فسخ. و يمكن حمل كلامه بالنسبة إلى المهر المعين خارجا الذي تفدي، و إلا فصريح النصوص أنه طلاق كما عرفت.

(10) إجماعا، و نصوصا، منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني و أنا أعطيك ما أخذت منك، فقال:

لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: و اللّه لا أبرّ لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لآذنن في بيتك بغير إذنك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلّمها حل له ما أخذ منها» (1).

و منها: صحيح أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: (إذا خلع الرجل امرأته فهي واحدة بائنة، و هو خاطب من الخطاب، و لا يحل له أن يخلعها حتى تكون هي التي تطلب ذلك منه، من غير أن يضربها، و حتى تقول: لا أبر لك قسما و لا أغتسل لك من جنابة و لأدخلن بيتك من تكره و لأوطئن فراشك و لا أقيم حدود اللّه فإذا كان هذا منها فقد طاب له ما أخذ منها» (2).

(11) و تطابقت على هذا المعنى النصوص المتقدمة، و الفتوى.

(12) لصدق طلاق الخلع على القسمين، يشملهما الإطلاق و العموم و الإجماع. و لا ينافيه اشتمال غالب النصوص على الأول، لأن ذلك من باب المثال و الغالب لا التقييد.

(13) و هذا هو المنساق من ظواهر النصوص المتقدمة، و الفتاوى.

ص: 183


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4 و 6.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4 و 6.

الثاني: أن يبتدئ الزوج بالطلاق مصرّحا بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده (14)، و الأحوط أن يكون الترتيب على النحو الأول، بل هذا الاحتياط لا يترك (15).

مسألة 4: يعتبر في المختلعة الشرائط العامة

(مسألة 4): يعتبر في المختلعة الشرائط العامة (16)، و عدم الحجر عليها (17).

مسألة 5: يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق

(مسألة 5): يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما يخل بالفورية العرفية (18)، فلو أخل بها بطل الخلع (19)،

______________________________

(14) لأنه خلع لغة و عرفا و شرعا، فتشمله الأدلة الواردة فيه.

(15) جمودا على ظواهر النصوص، و خروجا عن خلاف من قال ببطلان غيره، و إن كان لا دليل على هذا الجمود من عقل أو نقل بعد كفاية الظهور العرفي في المعنى المقصود.

(16) من البلوغ و العقل و الاختيار، لأن الخلع من حيث البذل يجري عليه أحكام المعاوضة، و إن كان من حيث الطلاق إيقاعا.

(17) لأن طلاق الخلع من حيث ذات الطلاق و إن كان إيقاعا و هو قائم بالزوج، و لكن من حيث بذل الفدية يجري عليه حكم العقد، فيعتبر فيه عدم الحجر على تفصيل مر في كتاب الحجر (1)، فلا وجه للإعادة و التكرار.

(18) للإجماع على اعتبار الفورية العرفية في المعاوضات، و المفروض أن المقام منها من هذه الجهة.

(19) لتركب الخلع من جهتين، جهة المعاوضة و جهة الطلاق، فتبطل الجهة الأولى لفقد شرطها، و تبقى الجهة الثانية بحالها.

ص: 184


1- راجع ج: 21 صفحة: 154.

و لم يستحق الزوج العوض (20)، و لكن لم يبطل الطلاق (21)، و وقع رجعيا مع فرض اجتماع شرائطه، و إلا كان بائنا (22).

مسألة 6: يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما

(مسألة 6): يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف (23)، و يجوز أن يوكّلا شخصا واحدا ليبذل عنها و يطلق عنه (24)، بل الظاهر أنه يجوز لكل منهما أن يوكّل الآخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلا فيما يرجع إليه و وكيلا فيما يرجع إلى الآخر (25).

______________________________

(20) لأن ذلك من لوازم بطلان الخلع، كما هو واضح.

(21) للأصل، و الإطلاق- كما مر- و انحلال الموضوع إلى أمرين: أحدهما أخذ العوض، و الثاني الطلاق، فيكون من تعدد المطلوب، و في مثله لا يستلزم بطلان الأول بطلان الثاني.

نعم، لو أحرز التقييد الحقيقي و وحدة المطلوب بأن يكون إنشاء الطلاق مقيد بصحة العوض، لا وجه حينئذ لصحة الطلاق. و بذلك يمكن أن يجمع بين الكلمات.

(22) لتحقق المقتضي- و هو اجتماع شرائط الطلاق الرجعي أو البائن- و فقد المانع، فلا بد من ترتب الأثر، إلا إذا كان إنشاء الطلاق مقيدا لصحة الطلاق كما تقدم.

(23) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(24) لما مر في سابقة من الأصل، و الإطلاق، و الاتفاق. و الانصراف هنا لو فرض فهو بدوي لا اعتبار به.

(25) لشمول الإطلاق لهذه الصورة أيضا، و لا عبرة بالانصراف البدوي، كما مر في علم الأصول.

ص: 185

مسألة 7: يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه

(مسألة 7): يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه و قبضه و إيقاع الطلاق، و من المرأة في جميع ما يتعلق بها من استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه (26).

______________________________

(26) كل ذلك لإطلاق دليل الوكالة- كما تقدم في كتاب الوكالة- في كل شي ء إلا ما خرج بالدليل، و لا دليل على خروج بعض ذلك في المقام، فيشملها إطلاق الدليل بلا كلام.

ص: 186

فصل في إنشاء صيغة الخلع

اشارة

فصل في إنشاء صيغة الخلع

مسألة 8: إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين

(مسألة 8): إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين، فإما أن تبدأ الزوجة و تقول: (بذلت لك- أو أعطيتك- ما عليك من المهر- أو الشي ء الفلاني- لتطلّقني) فيقول فورا: (أنت طالق- أو مختلعة «بكسر اللام»- على ما بذلت أو على ما أعطيت) (27)، و إما أن يبتدئ الزوج بعد ما تواطئا على الطلاق بعوض فيقول: (أنت طالق- أو مختلعة- بكذا أو على كذا) فتقول فورا: (قبلت أو رضيت) (28)، و إن وقع من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطبا لوكيل الزوج: (من قبل موكّلتي فلانة بذلت لموكّلك ما عليه من المهر أو المبلغ الفلاني ليخلعها و ليطلّقها)، فيقول وكيل الزوج فورا: (زوجة موكلي طالق على ما بذلت)، أو يقول:

______________________________

تقدم أن الخلع و إن كان إيقاعا من حيث إضافته إلى الزوج، لكنه عقد من حيث توقفه على بذل المرأة الفداء و قبول الزوج ذلك، فيترتب عليه أحكام كل منهما، فلا بد من تصدي كل منهما أو وكيلهما لذلك.

(27) لما مر من كونه عقدا، و كل عقد متقوم بالإيجاب و القبول، كما هو معلوم.

(28) لفرض أن الطلاق بيده، و هذا القسم من الطلاق متقوّم بالفدية، فيجري عليه من هذه الجهة حكم العقد، بلا فرق بين تقدم إيجاب المرأة من حيث تقوّمه ببذل الفدية، أو تقدم قول الزوج من حيث تقوّمه بالفدية.

ص: 187

(عن قبل موكّلي خلعت موكّلتك على ما بذلت). و إن وقع من وكيل أحدهما مع الآخر كوكيل الزوجة مع الزوج يقول وكيلها مخاطبا للزوج:

(عن قبل موكّلتي فلانة- أو زوجتك- بذلت لك ما عليك من المهر أو الشي ء الفلاني على أن تطلقها) فيقول الزوج فورا: (هي- أو زوجتي- طالق على ما بذلت) أو يبتدئ الزوج مخاطبا لوكيلها: (موكّلتك- أو زوجتي- فلانة طالق على كذا) فيقول: (عن قبل موكّلتي قبلت ذلك) و إن وقع ممن كان وكيلا عن الطرفين يقول: (عن قبل موكّلتي فلانة بذلت لموكلي فلان الشي ء الفلاني ليطلّقها) ثمَّ يقول فورا: (زوجة موكّلي طالق على ما بذلت) أو يبتدئ من طرف الزوج و يقول: (زوجة موكّلي طالق على الشي ء الفلاني) ثمَّ يقول من طرف الزوجة: (عن قبل موكلتي قبلت) (29)، لو فرض أن الزوجة وكّلت الزوج في البذل يقول (عن قبل موكّلتي زوجتي بذلت لنفسي كذا لأطلقها) ثمَّ يقول فورا (هي طالق على ما بذلت) (30).

مسألة 9: يعتبر في الوكيل الشرائط العامة

(مسألة 9): يعتبر في الوكيل الشرائط العامة (31).

مسألة 10: يعتبر في إنشائها للبذل تحقق قصدها به

(مسألة 10): يعتبر في إنشائها للبذل تحقق قصدها به (32).

______________________________

(29) لصحة جريان الوكالة فيها بالنسبة إلى جهة كونه عقدا، و جهة كونه إيقاعا، كما يصح اختلاف الجهة الأولى بأن يكون من أحد الطرفين وكيلا، و الآخر أصيلا. كل ذلك للإطلاق و الاتفاق.

(30) لصحة أن يوكل أحد طرفي العقد الآخر في إنشائه.

(31) لما مر في كتاب الوكالة من اعتبارها في كل عاقد مطلقا، سواء كان أصيلا أم وكيلا على تفصيل تقدم هناك.

(32) لما تقدم في كتاب البيع من تقوّم العقود بقصد الإنشاء، كما يعتبر فيه جميع ما مر فيها، من اعتبار الجزم، و عدم التعليق، و نحوهما.

ص: 188

مسألة 11: يجوز أن يكون البذل من طرف الزوجة

(مسألة 11): يجوز أن يكون البذل من طرف الزوجة باستدعائه الطلاق (33) من الزوج بعوض معلوم بأن تقول له: (طلقني أو اخلعني بكذا) فيقول فورا: (أنت طالق أو مختلعة بكذا) فيتم الخلع (34)، و الأحوط اتباعه بالقبول منها (35) بأن تقول بعد ذلك (قبلت).

مسألة 12: يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق

(مسألة 12): يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق (36)،

______________________________

(33) للإطلاق، و الاتفاق، و ظواهر النصوص المتقدمة.

(34) أما اعتبار الفورية، فلظهور اتفاقهم على جريان حكم المعاوضة عليه، و تقدم اعتبار الفورية فيها، فتعتبر في المقام أيضا، و يشهد للمعاوضة قول علي عليه السّلام: «لكل مطلّقة متعة، إلا المختلعة فإنها اشترت نفسها» (1).

و أما تمامية الخلع حينئذ، فلوجود المقتضي و فقد المانع، فلا بد من ترتب الأثر حينئذ.

(35) جمودا على كونه من المعاوضة، و هي تحتاج إلى القبول، فالمقام يكون كذلك.

و فيه: أنه يمكن أن يكون إنشاؤها بمنزلة القبول المقدم على ما هو بمنزلة الإيجاب، و تقدم في محله (2) جواز التقديم، خصوصا إذا لم يكن بلفظ القبول.

(36) نصوصا تقدم بعضها، بل ضرورة من الفقه لتقوّم الخلع بذلك، و مع انتفائه فلا موضوع له أصلا، قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: (لا يكون) الخلع حتى تقول: لا أطيع لك أمرا، و لا أبر لك قسما، و لا أقيم لك حدا، فخذ مني و طلقني، فإذا قالت فقد حل له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير» (3).

ص: 189


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الخلع و المبارأة.
2- تقدم في ج: 16 صفحة: 216.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 5.

و يجوز الفداء بكل متمول من عين أو دين أو منفعة قلّ أو كثر (37). و إن زاد عن المهر المسمّى (38)، فإن كان عينا حاضرة يكفي فيها المشاهدة (39)، و إن كان كليا في الذمة أو غائبا ذكر جنسه و وصفه و قدره (40)، فلو جعل الفداء ألفا و لم يذكر المراد فسد الخلع (41).

______________________________

(37) للإطلاق، و الاتفاق الشاملين لذلك كله، ففي صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «فإذا قالت ذلك فقد حلّ له أن يأخذ منها جميع ما أعطاها و كل ما قدر عليه مما تعطيه من مالها، فإن تراضيا على ذلك على طهر بشهود، فقد بانت منه بواحدة، و هو خاطب من الخطاب» (1)، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «فقد حلّ له أن يخلعها بما تراضيا عليه من قليل أو كثير» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «حلّ له أن يأخذ منها ما وجد» (3)، إلى غير ذلك من الروايات الشاملة للمقام.

(38) للأصل، و الاتفاق، و خصوص قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة:

«المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر» (4)، و قريب منه غيره كما مر.

(39) كما في عوض كل ما يبذل بإزائه العوض.

(40) للإجماع، و لقطع منشأ النزاع، و ما يوجب إثارة الخصومة، و لا يعتبر أزيد من ذلك مما ذكروه في المعاوضات الحقيقية، للأصل، و الإطلاق، بل الاتفاق على عدم اعتبار تلك الخصوصيات.

(41) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط، مضافا إلى ظهور إجماعهم عليه، و المتيقن منه ما إذا لم يرجع إلى التعيين عرفا، و التراضي به مقارنا له، و إلا

ص: 190


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 5 و 6 و 1.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 6 و 1.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 6 و 1.

و يصح جعل الفداء إرضاع ولده لكن مشروطا بتعيين المدة (42) و إذا جعل كليا في ذمتها يجوز جعله حالا و مؤجلا مع تعيين الأجل بما لا إجمال فيه (43).

مسألة 13: يصح بذل الفداء منها و من وكيلها

(مسألة 13): يصح بذل الفداء منها و من وكيلها، بأن يبذل وكالة عنها من مالها الموجود أو من مال في ذمتها (44)، و هل يصح ممن يضمنه في ذمته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل بأن تقول لشخص: (اطلب من زوجي أن يطلقني بألف درهم مثلا عليك و بعد ما دفعتها إليه ارجع إليّ) ففعل ذلك و طلّقها الزوج على ذلك؟ وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان (45).

______________________________

فتشمله إطلاقات الصحة، و كذا لو لم تكن قرينة في البين على التعيين.

(42) أما صحة جعل الفداء بالإرضاع، فللأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

و أما التعيين فلدفع موضوع النزاع و الخصومة، و كذا الغرر مهما أمكن، و كذا الكلام في الحضانة.

(43) أما الأول فلإطلاق الأدلة كما تقدم، و أما الأخير فلما مر غير مرة من جريان أحكام العوض عليه، و منها عدم الغرر و الإجمال، بل يصح تعليق الفداء بمجي ء الحاج، أو ظهور الثمرة، للأصل و الإطلاقات، بعد الشك في شمول جميع شرائط العوض بالنسبة إلى ذلك.

(44) لشمول إطلاق الأدلة لجميع ذلك.

(45) لصدق الخلع عرفا، فتشمله الإطلاقات قهرا.

و وجه المنع احتمال الانصراف عن هذه الصورة، و لكنه من الانصرافات البدوية غير المعتبرة. أو انه لا بد في المعاوضة من كون العوض من أحد الطرفين فقط لا من الخارج.

و فيه: أنه لم نقل بذلك في المعاوضات الحقيقية. فضلا عن مثل المقام،

ص: 191

نعم، الظاهر أنه لا يصح من المتبرع الذي يبذل من ماله من دون رجوع إليها (46) فلو قالت الزوجة لزوجها: (طلّقني على دار زيد أو ألف في ذمته) فطلّقها على ذلك و قد أذن زيد في ذلك أو أجاز بعد ذلك لم يصح الخلع، و كذا لو وكّلت زيدا على أن يطلب من زوجها أن يطلقها على ذلك فطلقها على ذلك (47).

مسألة 14: إذا قال أبوها: طلقها و أنت برئ من صداقها

(مسألة 14): إذا قال أبوها: طلقها و أنت برئ من صداقها و كانت بالغة رشيدة فطلّقها صح الطلاق (48) و كان رجعيا (49)

______________________________

الذي ليس منها بل أشبهه بالصلح الإسقاطي. أو لأصالة عدم تحقق الطلاق.

و فيه: أنها صحيحة لو لم تشمله الإطلاقات.

(46) لأصالة بقاء النكاح.

و دعوى: ظهور الأدلة في كون الفداء منها مباشرة أو تسبيبا، و المقام ليس منهما فيبطل.

مخدوشة: بما لا يخفى لتحقق التسبيب إلا أن يكون إجماع معتبر في البين، و هو أول الدعوى.

(47) لفرض أن الفداء وقع من المتبرع في الصورتين، و تقدم بطلانه.

ثمَّ هل يصح الطلاق لو اتبع بالخلع؟ وجهان: من صحة التفكيك بينهما فيصح، و من أن المفروض تبعية الطلاق لما هو فاسد، فيكون باطلا إلا إذا كان بحيث قصد الطلاق مستقلا، و كان الفداء من قبيل الداعي، فلا يضر تخلفه و فساده.

(48) لوقوعه عن أهله و في محله، كما هو المفروض من جامعية الطلاق للشرائط و فقد الموانع، و تقدم صحة وقوع الطلاق بلفظ الخلع أيضا.

(49) لأن طلاق الخلع غير متقوم بالعوض في ذاته و حقيقته، بحيث لو بطل العوض لبطل أصل الطلاق كما في المعاوضات الحقيقية، و إن كان الباعث

ص: 192

و لم تبرأ ذمته بذلك ما لم تبرئ (50)، و لم يلزم عليها الإبراء (51)، و لا يضمنه الأب (52).

مسألة 15: لو جعلت الفداء مال الغير

(مسألة 15): لو جعلت الفداء مال الغير أو ما لا يملكه المسلم- كالخمر- مع العلم بذلك بطل البذل (53) فبطل الخلع و كان الطلاق رجعيا (54)،

______________________________

عليه هو العوض لكنه غير المعاوضة الحقيقية، بل المنساق من الروايات كونه رجعيا، فإن ذات طلاق الخلع رجعي، و المانع عن الرجوع البذل، و عدم رجوعها فيه، فإذا انتفى أصل الفداء لا موضوع لكونه بائنا، كما إذا صح الفداء و لكنها رجعت فيه، و لا بد من تقييد ذلك بما إذا كان المورد قابلا للرجعي، و أما إن كان المورد من موارد البائن، فلا وجه لكونه رجعيا حينئذ.

(50) لأصالة بقاء المال في ذمته ما لم يبرئه صاحب المال.

(51) لأصالة عدم وجوب الإبراء عليها.

(52) لأصالة عدم الضمان على الأب، لعدم حصول سببه بوجه من الوجوه.

(53) لأنه تصرف في مال الغير، و هو باطل بالأدلة الأربعة كما تقدم في كتاب الغصب، فلا وجه للإعادة هنا، كما أن النقل و الانتقال باطل في الخمر إجماعا، و نصا، كما تقدم في بيع النجس (1).

(54) أما بطلان الخلع، فلفرض تقوم صحته بصحة الفداء، فلا موضوع لصحة الخلع مع بطلان الفداء.

و أما كون الطلاق رجعيا فلما مر في المسألة السابقة من غير فرق، فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

ص: 193


1- راجع ج: 16 صفحة: 38.

و أما لو جعلته مال الغير مع الجهل بأنه مال الغير فالمشهور صحة الخلع و ضمانها للمثل أو القيمة (55)، و فيه تأمل (56).

مسألة 16: يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج

(مسألة 16): يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج (57).

______________________________

(55) خلاصة ما قالوا في وجه ذلك: أن المقصود كله في الشخصيات إنما هو مالية المال، و ذكر الشخص طريق إليها، بل يمكن أن يكون الشخصية و المالية من باب تعدد المطلوب، فزوال الأولى لا يستلزم زوال الثانية، فإذا امتنع الشخص عقلا أو شرعا ينتقل إلى المالية، و هي المثل أو القيمة لتحقق المالية التي هي المقصود الأصلي فيهما أيضا، فلم ينقص من أصل التعويض الحقيقي شي ء فضلا عما هو في معنى التعويض- كما في المقام- و ليس من حقيقته.

(56) لعدم اختصاص الحكم الواقعي بالعلم و الجهل، فإذا كان الضمان بالمثل أو القيمة موافقا للقاعدة على ما قلناه في صورة الجهل، فليكن في صورة العلم أيضا كذلك، مع أنهم لا يقولون به.

(57) إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «المختلعة التي تقول لزوجها: اخلعني و أنا أعطيك ما أخذت منك، فقال:

لا يحل له أن يأخذ منها شيئا حتى تقول: و اللّه لا أبر لك قسما و لا أطيع لك أمرا و لآذنن في بيتك بغير إذنك، فإذا فعلت ذلك من غير أن يعلمها حل له ما أخذ منها» (1).

و في موثق سماعة قال: «سألته عن المختلعة؟ قال: لا يحل لزوجها أن يخلعها حتى تقول: لا أبر لك قسما، و لا أقيم حدود اللّه فيك، و لا اغتسل لك من جنابة، و لأوطئن فراشك و أدخلن بيتك من تكره، من غير أن تعلم هذا و لا يتكلمونهم، و تكون هي التي تقول ذلك» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار كما تقدم بعضها.

ص: 194


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4 و 5.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 4 و 5.

من دون عكس كما مر (58)، و الأحوط أن تكون الكراهة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرهما الخروج عن الطاعة و الوقوع في المعصية (59).

مسألة 17: الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية

(مسألة 17): الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج- كقبح منظره و سوء خلقه و فقره و غير ذلك- و بين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضرة و عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق المستحبة أو الواجبة كالقسم و النفقة (60).

______________________________

(58) تقدم في أول كتاب الخلع أن كراهة الزوج لها لا توجب الخلع، و إن أوجبت المبارأة إن كانت الكراهة منها أيضا.

(59) لأصالة عدم ترتب الأثر، و لقوله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا يُقِيما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ (1).

و وجه الترديد احتمال أن تكون الآية المباركة واردة في مقام بيان حكمة التشريع النوعي، لا تحديد موضوع الكراهة منها.

لكنه مشكل، كما يظهر من الأخبار الواردة في بيانها، و قد تقدم بعضها.

ثمَّ إن المدار على الكراهة الشديدة سواء أبرزتها بالقول أو بالفعل، و حيث أن الأخير لا دلالة فيه إلا بأن تفعل المخالفة لزوجها صريحة، فالمدار على تحقق خوف عدم إقامة حدوده تعالى فيما بينهما، سواء علم من قولها أو فعلها أو غيرهما.

(60) كل ذلك لظهور الإطلاق- كما مر- و الاتفاق.

ص: 195


1- سورة البقرة: 229.

نعم، إن كانت الكراهة و طلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسب و الشتم و الضرب و نحوها، فتريد تخليص نفسها منه فبذلت شيئا ليطلقها فطلقها لم يتحقق الخلع و حرم عليه ما يأخذه منها (61)، و لكن الطلاق صح رجعيا (62).

مسألة 18: لو طلّقها بعوض مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع

(مسألة 18): لو طلّقها بعوض مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع (63)، و لم يملك العوض (64)

______________________________

(61) كتابا، و سنة، و إجماعا.

أما الكتاب، فقوله تعالى فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ (1). فنهى جل شأنه عن العضل- أي: الشدة- مع حصول التراضي بينهما.

و أما السنة، فعن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله في المعتبر: «و من أجبر بامرأة حتى تفتدي منه نفسها لم يرض اللّه له بعقوبة دون النار، لأن اللّه يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم» (2). كما ورد عنه صلّى اللّه عليه و آله أيضا: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة» (3).

و أما الإجماع، فهو من المسلمين.

(62) أما الصحة، فلوقوعه عن أهله و في محله، فتشمله العمومات و الإطلاقات. و أما كونه رجعيا فلأصالة الرجعة في الطلاق، كما مر في كتاب الطلاق، إلا إذا كان المورد بائنا فيكون بائنا حينئذ.

(63) لأنه حينئذ من القضايا المنتفية بانتفاء الموضوع، و تقدم أن الخلع متقوم بالكراهة.

(64) لعدم سببية لملكيته، لانحصار السببية في الخلع، و المفروض بطلانه.

ص: 196


1- سورة البقرة: 232.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الخلع.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الخلع.

و لكن صح الطلاق، فإن كان مورده الرجعي كان رجعيا و إلا كان بائنا (65).

مسألة 19: طلاق الخلع بائن

(مسألة 19): طلاق الخلع بائن (66)، لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، و لها الرجوع فيه ما دامت في العدة، فإذا رجعت كان له الرجوع إليها (67).

______________________________

(65) لما مر في المسألة السابقة، فلا حاجة إلى التكرار بعد ذلك.

(66) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح ابن بزيع عن مولانا الرضا عليه السّلام:

«تبين منه، و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت» (1).

و عن الصادق عليه السّلام في صحيح عبد اللّه بن سنان: «لا رجعة للزوج على المختلعة و لا على المبارأة إلا أن يبدو للمرأة فيرد عليها ما أخذ منها» (2).

و في موثق أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أيضا: «المختلعة إن رجعت في شي ء من الصلح يقول: لأرجعن في بضعك» (3). فيترتب عليه جميع أحكام الطلاق البائن من عدم النفقة و غيره ما لم ترجع كما مر.

(67) إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها. ثمَّ إن أقسام الطلاق ثلاثة:

الأول: أن يكون الطلاق بائنا مطلقا.

الثاني: أن يكون رجعيا كذلك، و تقدم تفصيلهما في أول الطلاق.

الثالث: أن يكون بائنا من طرف الزوج، لكنه يصير رجعيا بواسطة رجوع المرأة في الفدية. و هذا هو طلاق الخلع و المبارأة، فهما برزخ بين البائن الفعلي و الرجعي الاقتضائي.

و هل الأصل في الطلاق مطلقا أن يكون رجعيا إلا ما خرج بالدليل أو يكون بالعكس، يمكن أن يقال: إن مقتضى الأصل اللفظي، و هو إطلاق قوله

ص: 197


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 9.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 3.

مسألة 20: الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه

(مسألة 20): الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها (68)،

______________________________

تعالى وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ (1) بعد صدق الموضوع عرفا، هو الأول، بل يمكن أن يقال إنه مقتضى الأصل العملي أيضا، لأن قطع العلقة بين الزوجين له مراتب مختلفة، و أقل مرتبتها معلومة، و نشك في تحقق المرتبة القصوى- أي:

البائن- فيرجع إلى أصالة عدم تحققها.

إن قيل: إن مقتضى الأصل عدم صحة الرجوع إلا مع إحراز الموضوع، فيكون مقتضى الأصل حينئذ كون الطلاق بائنا.

يقال: موضوع عدم الرجوع، إحراز البينونة المطلقة و انقطاع العصمة، و هو غير محرز، فيكون المقام بالنسبة إلى هذا الأصل من الشك في أصل الموضوع، مضافا إلى أن إطلاق الآية المباركة وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ بعد صدق الموضوع عرفا، يقتضي جواز الرجوع حتى في مورد الشك أيضا.

(68) البحث في المقام من جهتين.

الأولى: هل يختص طلاق الخلع بخصوص الطلاق الرجعي، أو يعم البائن أيضا؟ مقتضى الإطلاق و الاتفاق هو الثاني، فيجري طلاق الخلع في جميع أقسام طلاق البائن أيضا، فلا موضوع للرجعة في كل منهما حينئذ.

الثانية: يستفاد من الأخبار الملازمة بين صحة رجوعها في البذل و صحة رجوعه في النكاح، فلو لم يمكن الثاني لا يصح الأول، مثل ما تقدم من قول مولانا الرضا عليه السّلام في الصحيح: «تبين منه، و إن شاءت أن يرد إليها ما أخذ منها و تكون امرأته فعلت» (2)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «و إن

ص: 198


1- سورة البقرة: 228.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 2.

فلو لم يجز له الرجوع كالمطلقة ثلاثا و كما إذا كانت المختلعة ممن ليست لها عدة- كاليائسة و الصغيرة و غير المدخول بها- لم يكن لها الرجوع في البذل (69)، بل لا يبعد عدم صحة رجوعها فيما بذلت مع فرض عدم علمه بذلك إلى انقضاء محل رجوعه، فلو رجعت عند نفسها و لم يطلع عليه الزوج حتى انقضت العدة لا أثر لرجوعها (70).

مسألة 21: لو رجعت المرأة إلى الفداء فللزوج حينئذ حق الرجوع

(مسألة 21): لو رجعت المرأة إلى الفداء فللزوج حينئذ حق الرجوع كما مر، فهل يصير الطلاق رجعيا بمجرد رجوعها و يترتب عليه آثاره- من وجوب النفقة و التوارث و غيرهما- و إن لم يرجع الزوج إلى النكاح بعد أو لا؟ وجهان الأوجه هو الأول (71).

______________________________

ارتجعت في شي ء مما أعطيتني، فأنا أملك ببضعك» (1)، مضافا إلى قاعدة نفي الضرر، و الأصل و العرف، و الاعتبار يشهد بذلك أيضا، فيكون رجوعها بالفداء منوطا بإمكان رجوعه إلى النكاح بعد رجوعها إلى الفداء.

(69) لما مر من الملازمة بين صحة الرجوعين.

(70) لأن المنساق من الأدلة الدالة على جواز رجوع الزوج إنما هو صورة بذلها مع التفات الزوج إليه، و مع عدم التفاته إليه لا يبقى موضوع لرجوعه حينئذ.

و توهم: التمسك بالإطلاق.

مخدوش: مع هذا الانسباق من المجموع، و كذا إذا تزوج الزوج بأخت المختلعة، أو كانت رابعة فخلعها و تزوج ببديلها.

(71) لما أثبتنا سابقا من أصالة الرجعية في كل طلاق، ما لم يدل دليل على الخروج، و خرج به خصوص زمان عدم رجوعها في الفداء- فما دامت لم ترجع إلى الفداء فهي بائنة- و بقي الباقي تحت هذا الأصل.

ص: 199


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الخلع الحديث: 4.

مسألة 22: لو أنشأ الرجوع جاهلا برجوعها في الفداء فصادف سبق رجوعها صح رجوعه

(مسألة 22): لو أنشأ الرجوع جاهلا برجوعها في الفداء فصادف سبق رجوعها صح رجوعه (72).

مسألة 23: لو خالعها و شرط الرجوع في الخلع لم يصح

(مسألة 23): لو خالعها و شرط الرجوع في الخلع لم يصح (73).

و كذا لم يصح الطلاق إن لم يعقبه به (74).

مسألة 23: لو خالعها و شرط الرجوع في الخلع لم يصح

(مسألة 23): لو خالعها و شرط الرجوع في الخلع لم يصح (73).

و كذا لم يصح الطلاق إن لم يعقبه به (74).

مسألة 24: لو اتفقا في الكمية

(مسألة 24): لو اتفقا في الكمية و اختلفا في الجنس أو بالعكس يقدم قول المرأة فيهما مع يمينها (75)،

______________________________

و منه: يظهر عدم صحة التمسك باستصحاب إنشاء الطلاق بائنا لعدم إحراز المستصحب بوجه، فإنه كان ما داميا لا دائميا، مع إطلاق قولهم عليهم السّلام في أخبار الخلع كما مر: «و تكون امرأته»، أو «فأنا أملك ببضعك»، إلى غير ذلك من التعبيرات التي يستفاد منها ترتب أحكام الطلاق الرجعي بعد رجوعها و قبل رجوعه، كما هو المفروض و اللّه العالم.

(72) لفرض وجود المقتضي و فقد المانع، فتشمله الإطلاقات بلا مدافع، و تقدم أنه لا يعتبر في الرجوع قصد عنوانه، بل يكفي قصد ذات الفعل.

(73) لأن الشرط مخالف للشرع، كما مر من أن طلاق الخلع بائن إلا إذا رجع إلى التعليق في الشرط، بأن يكون مراده إن رجعت فيما بذلت أرجع في النكاح.

(74) لفرض وحدتهما، فبطلان أحدهما يستلزم بطلان الآخر، و أما لو عقبه بالطلاق، فيمكن القول بصحة الطلاق حينئذ للتفكيك بينهما، و إن بطلان الخاص لا يستلزم بطلان أصل العام، كما مر في الأصول.

(75) لأصالة عدم ثبوت غير ما تدعيها إلا إذا أقام الرجل البينة على دعواه.

ص: 200

و كذا لو اختلفا في المراد و اتفقا في القدر (76).

مسألة 25: إذا اتفقا في الطلاق و اختلفا في الاختلاع

(مسألة 25): إذا اتفقا في الطلاق و اختلفا في الاختلاع فأنكرته المرأة و ادعاه الرجل، قدّم قول المرأة مع يمينها (77).

مسألة 26: لو اختلفا في الرجوع

(مسألة 26): لو اختلفا في الرجوع فادعى الرجل رجوعها بالفداء و أنكرت يقدّم قولها مع اليمين (78).

مسألة 27: يكفي في الكراهة الموجبة للخلع مجرد دعواها ذلك

(مسألة 27): يكفي في الكراهة الموجبة للخلع مجرد دعواها ذلك و فداؤها للطلاق و لا يتوقف على إثباتها لدى الحاكم الشرعي (79).

مسألة 28: المبارأة قسم من الطلاق

(مسألة 28): المبارأة قسم من الطلاق (80)،

______________________________

و أما اليمين فلأجل قطع الخصومة، مضافا إلى الإجماع.

و احتمال التحالف في البين و إن أمكن بدويا و لكنه لا وجه له، لأن المقام ليس من المعاوضات الحقيقية حتى يجري فيه جميع أحكامها، بل هو إيقاع مشوب بالفداء كما تقدم.

(76) ظهر وجهه مما تقدم.

(77) لأن قولها موافق للأصل فيقدّم كما مر، و أما اليمين فلأجل قطع النزاع و الخصومة.

(78) لأصالة عدم رجوعها، فلا مورد حينئذ لدعوى الصحة في رجوع الزوج، و أما اليمين فلما مر مضافا إلى الإجماع.

(79) لإطلاقات الأدلة، و عموماتها، و عدم مقيد و مخصص لها في البين، و كون الطلاق مطلقا بيد من أخذ بالساق. فما عن بعض من التوقف لا دليل عليه، و ما ذكروه في وجه لم يثبت من طرقنا.

(80) لظاهر النص، و الاتفاق، و أن المبارأة بمعنى المفارقة، و هي من الفراق الذي هو الطلاق، فكما أن البيع له أقسام يعمها عنوان البيع كما تقدم، فكذا الطلاق.

ص: 201

فيعتبر فيها جميع شروطه المتقدمة (81)، و يعتبر فيها ما يشترط في الخلع من الفدية و الكراهة، فهي كالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة (82). و تقع بلفظ الطلاق مجردا (83) بأن يقول الزوج بعد ما بذلت المرأة له شيئا ليطلّقها: (أنت طالق على ما بذلت) و بلفظ (بارئتك) متبعا بلفظ الطلاق (84) بأن يقول الزوج: (بارئتك على كذا فأنت طالق) و لا يقع بلفظ بارئتك مجردا (85).

______________________________

(81) للإجماع، و ظاهر النصوص، منها قوله عليه السّلام: «المبارأة تطليقة بائن و ليس فيها رجعة» (1)، و في صحيح حمران قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يتحدث قال: المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث بينهما، لأن العصمة منها قد بانت ساعة كان ذلك منها و من الزوج» (2)، و في صحيح زرارة: «المبارئة بمنزلة المختلعة» (3)، إلى غير ذلك من النصوص.

(82) للنص، و قد أرسلوا ذلك إرسال المسلّمات الفقهية، كما أرسلوا قولهم «أنها ضرب من الخلع» كذلك أيضا، و يكفي ذلك في حصول الاطمئنان بالحكم كما اكتفوا به، بل المبارأة داخلة في حقيقة الخلع من جهة تحقق الفدية من الزوجة و إن اشتملت على خصوصية زائدة، و هي نفرة الزوج أيضا، و لكنها لا توجب التباين الفردي كما هو واضح.

(83) لفرض أن المبارأة طلاق مع تنافر الزوجين، فيشملها إطلاق ما دل على كفاية الطلاق في تحققها بلا شبهة في البين. و تقدم في الخلع كفاية الطلاق فيه مجردا أيضا، و المبارأة فرد منه، هذا مع ظهور إجماعهم على الحكم في المقام.

(84) للإطلاق، و الاتفاق كما تقدم في الخلع ذلك أيضا.

(85) للإجماع، و لكن ظاهر جملة من النصوص حصول الفرقة و إن لم

ص: 202


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع و المبارأة.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع و المبارأة.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع الحديث: 4.

مسألة 29: المبارأة و إن كانت كالخلع لكنها تفارقه بأمور ثلاثة

(مسألة 29): المبارأة و إن كانت كالخلع (86) لكنها تفارقه بأمور ثلاثة (87):

أحدها: أنها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه (88)

______________________________

يتبع بالطلاق، منها قول الصادق عليه السّلام في موثق جميل بن دراج: «المبارأة تكون من غير أن يتبعها الطلاق» (1)، و منها ما تقدم في صحيح حمران: «المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق»، فلم تخرج المسألة عن التمام، بل زيدت عليها الغمة و الظلام، فمنهم من قدم الإجماع على النص بدعوى الهجران، و منهم من عكس ذلك، و منهم من جعل أصل النزاع لفظيا، فقال: إن من يقول بالاكتفاء، يقول به فيما إذا كان لفظ المبارأة ظاهرا في الطلاق عرفا، فلا بد من الاكتفاء به قهرا لحجية الظهور شرعا. و ما يظهر منه العدم إنما هو فيما إذا لم يكن لفظ المبارأة له الظهور الفعلي في الفراق، فلا بد و أن يتبع حينئذ بالطلاق.

و لكن مقتضى الأصل بقاء الزوجية إلا مع دليل قاطع على الفرقة، و هو ما ادعي عليه الإجماع. و اللّه العالم.

(86) لأنها طلاق بالفدية، و الخلع أيضا كذلك، مضافا إلى الإجماع، و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في معتبرة داود بن سرحان: «و المختلعة بمنزلة المبارئة» (2)، و قوله عليه السّلام أيضا: «المبارئة بمنزلة المختلعة» (3).

(87) دل عليها أدلة خاصة، و الحصر فيها شرعي استقرائي.

(88) إجماعا، و نصوصا، منها ما عن الصادق عليه السّلام في موثق سماعة: «سألته عن المبارأة كيف هي؟ فقال: يكون للمرأة شي ء على زوجها من مهر أو من غيره، و يكون قد أعطاها بعضه، فيكره كل واحد منهما صاحبه، فتقول المرأة لزوجها: ما أخذت منك فهو لي، و ما بقي عليك فهو لك، و أبارئك، فيقول

ص: 203


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع الحديث: 2 و 4.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع الحديث: 2 و 4.

بخلاف الخلع فإنه يترتب على كراهة الزوجة خاصة كما مر (89).

ثانيها: أنه يشترط فيها أن لا يكون الفداء أكثر من مهرها (90)، بل الأحوط أن يكون أقل منه (91)

______________________________

الرجل لها: فإن أنت رجعت في شي ء مما تركت فأنا أحق ببضعك» (1).

(89) و مر ما يتعلق به من النص و الإجماع (2).

(90) نسب ذلك إلى المشهور، و استدل عليه بجملة من النصوص، منها قول الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير في حديث المبارأة: «و لا يحلّ لزوجها أن يأخذ منها إلا المهر فما دونه» (3)، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:

«المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر، و إنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شاء؛ لأن المختلعة تعتدي في الكلام و تكلم بما لا يحلّ لها» (4).

(91) نسب ذلك إلى جمع، لقول أبي جعفر فيما مر: «المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، و المختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر»، و حيث أنه لا تقاوم قاعدة السلطنة- الثابتة بالعقل و النقل (5)- للمرأة على مهرها تماما أو بعضا، فلا بد من حمله على مطلق الرجحان، و الاحتياط في أخذ الزوج أقل ما دفعته من تمام المهر، كما يحمل صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «إلا المهر فما دونه» (6) على ذلك و اللّه العالم.

ص: 204


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 3.
2- تقدم في صفحة: 194.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1 و 4.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 1 و 4.
5- البحار ج: 2 صفحة: 272 الطبعة الحديثة.
6- الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع الحديث: 4.

بخلاف الخلع فإنه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أو زاد عليه أو نقص عنه (92).

ثالثها: أنه إذا وقعت بلفظ (بارئت) يجب فيها اتباعه بالطلاق بقوله:

(فأنت- أو هي- طالق) (93) بخلاف الخلع، إذ يجوز أن يوقعه بلفظ (الخلع) مجردا كما مر، و إن قيل فيه أيضا بوجوب اتباعه بالطلاق لكن الأقوى خلافه كما مر (94).

مسألة 30: طلاق المبارأة بائن كالخلع

(مسألة 30): طلاق المبارأة بائن كالخلع ليس للزوج فيه رجوع إلا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدة، فله الرجوع حينئذ إليها كما تقدم في الخلع (95).

______________________________

(92) مر ما يتعلق بذلك، فلا وجه للإعادة و التكرار.

(93) للأصل، و ظهور الإجماع، و الاتفاق.

و أما قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح حمران: «المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث بينهما، لأن العصمة منها قد بانت» (1)، و مثله غيره محمول على استيناف الطلاق مجددا.

(94) و تقدم ما يتعلق به، فراجع.

(95) للإجماع، و النصوص في كل ذلك. منها: قول الصادق عليه السّلام في معتبرة جميل بن دراج: «المبارأة تطليقة بائن و ليس فيها رجعة» (2)، و قوله عليه السّلام: «فيكره كل واحد منهما صاحبه فتقول المرأة لزوجها: ما أخذت منك فهو لي، و ما بقي عليك فهو لك و أبارئك، فيقول الرجل لها: فإن أنت رجعت في شي ء مما تركت فأنا أحق ببضعك» (3)، و تقدم في صحيح حمران عن أبي جعفر عليه السّلام: «المبارأة

ص: 205


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الخلع الحديث: 3.

مسألة 31: هل تجري المبارأة في الفسخ

(مسألة 31): هل تجري المبارأة في الفسخ فيما إذا كان جائزا أو يختص بالطلاق، وجهان (96)، و كذا في الخلع (97).

مسألة 32: تعتد المبارئة و المختلعة حيث شاءت

(مسألة 32): تعتد المبارئة و المختلعة حيث شاءت و لا نفقة لها عليه فيها (98)،

______________________________

تبين من ساعتها من غير طلاق و لا ميراث، لأن العصمة منها قد بانت ساعة كان ذلك منها و من الزوج» (1).

(96) من أن كلا من الطلاق و الفداء برضا الطرفين، فيكون مطابقا للقاعدة إعطاء و أخذا إن كان الفداء بعنوان إيجاد الداعي، لإزالة قيد النكاح، و ذلك يتحقق في الفسخ.

و من أن المنساق من الأدلة خصوص الطلاق فقط، ففي مورد الشك يستصحب بقاء النكاح.

(97) يجري فيه ما مر آنفا من غير فرق.

(98) لفرض أن الطلاق بائن، فلا يترتب عليه أحكام الطلاق الرجعي من السكنى و النفقة كما مر.

نعم، لو رجعت إلى الفداء و لم يرجع الزوج ينقلب الطلاق رجعيا، فيلحقه أحكامه، و تعتد حينئذ في بيت زوجها على ما تقدم و تستحق النفقة، و عليه يحمل ما عن الصادق عليه السّلام في موثق أبي بصير: «عدّة المبارئة، و المختلعة، و المخيرة، عدة المطلقة، و يعتددن في بيوت أزواجهن» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في موثق داود بن سرحان: «المختلعة عدتها عدة المطلقة و تعتد في بيتها» (3)، و مثله غيره مع إعراض المشهور عن إطلاقها، و أنها محمولة، و في موثق رفاعة: «أنه

ص: 206


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الخلع الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 5.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الخلع و المبارأة الحديث: 2.

و يجوز للزوج تزويج أخت كل منهما أو الخامسة (99).

______________________________

سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن المختلعة إلها سكنى و نفقة؟ قال: لا سكنى لها و لا نفقة»(1). هذا و اللّه العالم بالحقائق.

(99) لما عرفت من أن الطلاق بائن، مضافا إلى موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أ يحل له أن يخطب أختها من قبل أن تنقضي عدة المختلعة؟ قال: نعم، قد برئت عصمتها و ليس له عليها رجعة» (2)، و تقدم أن المبارئة بمنزلة المختلعة.

ص: 207


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الخلع.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب الخلع.

ص: 208

..........

______________________________

كتاب الظهار و الإيلاء و اللعان الظهار: من الظهر في مقابل البطن لغة و عرفا و شرعا، لقول المظاهر: «أنت عليّ كظهر أمي».

و الأصل فيه بعد الكتاب الكريم- الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللّائِي وَلَدْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (1)- ما رواه الفريقان عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، كما عن الصادق عليه السّلام في صحيح أبان: «كان رجل على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقال له أوس بن الصامت، و كان تحته امرأة يقال لها: خولة بنت المنذر، فقال لها ذات يوم:

أنت عليّ كظهر أمي ثمَّ ندم و قال لها: أيتها المرأة ما أظنك إلا و قد حرمت عليّ، فجاءت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه إن زوجي قال لي: أنت عليّ كظهر أمي- و كان هذا القول فيما مضى يحرم المرأة على زوجها- فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أظنك إلا و قد حرمت عليه، فرفعت المرأة يدها إلى السماء فقالت: أشكو إلى اللّه فراق زوجي، فأنزل اللّه يا محمد قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها الآيتين، ثمَّ أنزل اللّه عز و جل الكفارة في ذلك فقال:

وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ الآيتين» (2) و يستفاد منه أن المرأة كانت من المؤمنات، لأنها جاءت إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و قد اعتنى اللّه تعالى بها، و رحمها بترتب الأثر على شكواها، و قدم كلامها على قول رسوله فقال قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللّهِ وَ اللّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما، و هذا أول

ص: 209


1- سورة المجادلة: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الظهار الحديث: 1.

.....

______________________________

ظهار وقع في الإسلام.

و في صحيح حمران عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «إن أمير المؤمنين عليه السّلام قال:

إن امرأة من المسلمين أتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقالت: يا رسول اللّه إن فلانا زوجي قد نثرت له بطني و أعنته على دنياه و آخرته فلم ير مني مكروها و أنا أشكوه إلى اللّه و إليك، قال صلّى اللّه عليه و آله: فما تشكينه؟ قالت: إنه قال لي اليوم: أنت عليّ حرام كظهر أمي، و قد أخرجني من منزلي، فانظر في أمري، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: ما أنزل اللّه عليّ كتابا اقضي به بينك و بين زوجك، و أنا أكره أن أكون من المتكلفين، فجعلت تبكي و تشتكي ما بها إلى اللّه و إلى رسوله و انصرفت، فسمع اللّه محاورتها لرسوله و ما شكت إليه فأنزل اللّه بذلك قرآنا بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اللّهِ وَ اللّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما يعني محاورتها لرسول اللّه في زوجها إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللّائِي وَلَدْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ، فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى المرأة فاتته، فقال لها: جئني بزوجك، فأتته به، فقال: أقلت لامرأتك هذه أنت عليّ حرام كظهر أمي؟ فقال: قد قلت ذلك، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: قد أنزل اللّه فيك قرآنا، فقرأ عليه ما أنزل اللّه من قوله قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ- الآية، فضم امرأتك إليك، فإنك قد قلت منكرا من القول و زورا، قد عفا اللّه عنك و غفر لك فلا تعد، فانصرف الرجل و هو نادم على ما قال لامرأته، و كره اللّه ذلك للمؤمنين بعد، فأنزل اللّه عز و جل الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا يعني ما قال الرجل الأول لامرأته أنت عليّ حرام كظهر أمّي، فمن قالها بعد ما عفا اللّه و غفر للرجل الأول «ف (عليه) تحرير رقبة من قبل أن يتماسا» يعني مجامعتهما- الحديث (1)، و الظاهر اتحاد القضية.

ص: 210


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الظهار الحديث: 1.

كتاب الظهار

اشارة

كتاب الظهار أما الظهار فهو كان طلاقا في الجاهلية و موجبا للحرمة الأبدية (1).

و قد غير شرع الإسلام حكمه و جعله موجبا لتحريم الزوجة المظاهرة منها و لزوم الكفارة بالعود (2)، كما ستعرف تفصيله.

مسألة 1: صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطبا للزوجة: أنت عليّ كظهر أمي

(مسألة 1): صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطبا للزوجة: (أنت عليّ كظهر أمي)، أو يقول بدل أنت (هذه) مشيرا إليها أو (زوجتي فلانة) (3)، و يجوز تبديل (عليّ) بقوله (منّي) أو (عندي) أو (لدي) (4)،

______________________________

(1) لما تقدم في صحيح أبان، و عن علي عليه السّلام: «فإن العرب كانت إذا ظاهر رجل منهم من امرأته حرمت عليه إلى آخر الأبد» (1).

(2) كتابا، و سنة، و إجماعا، قال تعالى وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (2)، و أما السنة فقد تقدم بعضها، و سيأتي التفصيل إن شاء اللّه تعالى، كما تدل على حرمته الأدلة الثلاثة على ما يأتي.

(3) لتحقق الظهور العرفي، الذي هو المدار في الإفادة و الاستفادة في الجميع، مضافا إلى الإجماع، و ما ورد في الأخبار المتقدمة من لفظ «أنت» إنما هو من باب المثال فقط لا الموضوعية.

(4) لما مر في سابقة من غير فرق، و كذا لا يعتبر في التشبيه لفظ «الكاف»، بل يكفي «مثل» و غيره مما يدل على التشبيه.

ص: 211


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الظهار الحديث: 1.
2- سورة المجادلة: 3.

بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة (علي) و أشباهها أصلا (5)، بأن يقول:

(أنت كظهر أمي)، و لو شبّهها بجزء آخر من أجزاء الأم غير الظهر كرأسها أو يدها أو بطنها، ففي وقوع الظهار قولان: أحوطهما ذلك، بل لا يخلو من قوة (6)،

______________________________

(5) لتحقق الموضوع قصدا، و شمول إطلاق الدليل له عرفا، فيجزي ذلك شرعا.

(6) لخبر يونس عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل قال لامرأته:

أنت عليّ كظهر أمي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها، أ يكون ذلك الظهار؟ و هل يلزمه ما يلزم المظاهر؟ قال عليه السّلام: المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال: هي عليّ كظهر أمه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشي ء منها، ينوي بذلك التحريم، فقد لزمه الكفارة في كل قليل منها أو كثير» (1)، و في خبر سدير (2) عن الصادق عليه السّلام قلت له: «الرجل يقول لامرأته أنت عليّ كشعر أمي أو ككفها أو كبطنها أو كرجلها؟ قال عليه السّلام: ما عنى به، إن أراد به الظهار فهو الظهار».

و نوقش فيه. أولا: بأنه مخالف لمادة اشتقاق الظهار.

و ثانيا: بمخالفته للحصر المنساق من الأدلة.

و ثالثا: بأنه خلاف أصالة عدم الحرمة.

و الكل باطل. أما الأول: فلا دليل من عقل أو نقل على لزوم مطابقة اللفظ المنشإ لمبدإ الاشتقاق، بل مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار ذلك.

و أما الثاني: فالحصر غالبي إضافي، لا أن يكون حقيقيا.

و أما الأخير: فلحكومة ظواهر الأدلة على الأصول العملية.

ص: 212


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الظهار الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الظهار الحديث: 2.

و لو قال: (أنت كأمي) أو (أنت أمي) قاصدا به التحريم لا علو المنزلة و التعظيم أو كبر السن و غير ذلك لم يقع و إن كان الأحوط خلافه، بل لا يترك الاحتياط (7).

مسألة 2: لو شبّهها بإحدى المحارم النسبية

(مسألة 2): لو شبّهها بإحدى المحارم النسبية غير الأم كالبنت و الأخت، فمع ذكر الظهر بأن قال مثلا: (أنت عليّ كظهر أختي) يقع الظهار على الأقوى (8)،

______________________________

(7) من الجمود على خصوص مورد النص فلا تحرم، و لذا أشكل المحقق رحمه اللّه في الشرائع في الحرمة.

و من الأولوية، فإنه إذا حرمت بالتنزيل بالظهر فيكون التنزيل بالكل أولى بالتحريم، فيشمله إطلاق قول الصادق عليه السّلام في خبر يونس: «لزمه الكفارة في كل قليل منها أو كثير» (1).

لكن الحديث مرسل و الأولوية غير مقطوع بها. هذا مع قصده للظهار المعروف.

و أما لو قصد التعظيم أو شيئا آخر، فلا وجه للحرمة، للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة الدالة على لزوم قصد التحريم.

(8) لصحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الظهار؟ فقال: هو من كل ذي محرم: أم أو أخت أو عمة أو خالة، و لا يكون الظهار في يمين، قلت: كيف يكون؟ قال: يقول الرجل لامرأته و هي طاهر في غير جماع: أنت عليّ حرام مثل ظهر أمي أو أختي، و هو يريد بذلك الظهار» (2).

و صحيح جميل بن دراج: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يقول لامرأته:

ص: 213


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الظهار الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الظهار الحديث: 1.

و بدونه كما إذا قال (كأختي) أو (كرأس أختي) لم يقع على إشكال (9).

مسألة 3: لا يتحقق الظهار لو شبّهها بالرضاعيات من المحارم

(مسألة 3): لا يتحقق الظهار لو شبّهها بالرضاعيات من المحارم (10).

______________________________

أنت عليّ كظهر عمّته أو خالته قال: الظهار»(1).

و في خبر يونس عن الصادق عليه السّلام: «و كذلك إذا هو قال: كبعض المحارم» (2).

و أما صحيح سيف التمار: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يقول لامرأته:

أنت عليّ كظهر أختي أو عمتي أو خالتي، قال: إنما ذكر اللّه الأمهات و أن هذا الحرام» (3)، فيحمل على أنه تعالى ذكر الأمهات، و هو لا ينافي إلحاق باقي المحرمات بها بالسنة، فتكون الأمهات هي الأصل في التحريم لذكرها في الكتاب الكريم كما مر.

(9) ادعى في الشرائع القطع بعدم الوقوع، فإن كان مستنده الإجماع، فهو غير متحقق كما لا يخفى على المتأمل، و إن كان مدركه الأصل فهو محكوم بالإطلاقات.

و مقتضى إطلاق ما تقدم من صحيح زرارة- و أن الظهار حقيقة واحدة- الوقوع، إلا أن يكون إجماع في البين على عدم الوقوع.

(10) للأصل بعد عدم دليل على الخلاف، إلا إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (4)، و في شموله لمثل المقام إشكال، إذ المنساق منه النكاح كما عرفت في كتاب النكاح في فصل المحرمات بالرضاع.

و أما قوله عليه السّلام في صحيح زرارة: «هو من كل ذي محرم» (5) أي من النسبيات، لما هو المنساق منه.

ص: 214


1- الوسائل باب: 4 من أبواب الظهار الحديث: 2 و 4.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الظهار الحديث: 2 و 4.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب الظهار الحديث: 4.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث: 1.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب الظهار الحديث: 1.

مسألة 4: لو شبّهها بالمحرّمة بالمصاهرة لم يقع الظهار

(مسألة 4): لو شبّهها بالمحرّمة بالمصاهرة لم يقع الظهار، و كذا لو شبّهها بما يحرم في حال كأخت الزوجة و عمتها أو شبّهها بالرجال (11).

مسألة 5: الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل

(مسألة 5): الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها: (أنت عليّ كظهر أبي أو أخي) لم يؤثر شيئا (12).

مسألة 6: يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر

(مسألة 6): يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق (13)، و في المظاهر البلوغ و العقل و الاختيار (14)، فلا يقع من الصبي و المجنون و لا المكره و الساهي (15)، بل و لا مع الغضب السالب للقصد (16)،

______________________________

(11) كل ذلك للأصل، بعد عدم انسباق ذلك كله من الأدلة، مضافا إلى الإجماع.

(12) لما تقدم من الأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة.

(13) إجماعا، و نصوصا منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح حمران: «لا يكون ظهار إلا على طهر بغير جماع، بشهادة شاهدين مسلمين» (1)، و مثله غيره و تقدم في الإشهاد على الطلاق ما يعتبر في الشاهد (2).

(14) لما تقدم غير مرة أن هذه كلها من الشرائط العامة لكل إنشاء، عقدا كان أو إيقاعا.

(15) إجماعا، و نصا قال الصادق عليه السّلام: «لا يكون الظهار إلا على مثل موضع الطلاق» (3)، و تقدم في شرائط المطلّق ما يتعلق بالمقام.

(16) أما اعتبار القصد فللإجماع، و لقول الصادق عليه السّلام في صحيح عبيد بن

ص: 215


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الظهار الحديث: 4.
2- تقدم في صفحة: 45- 49.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الظهار الحديث: 3.

و في المظاهرة خلوها عن الحيض و النفاس، و كونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق (17)، و في اشتراط كونها مدخولا بها قولان، أصحهما ذلك (18).

______________________________

زرارة: «لا طلاق إلا ما أريد به الطلاق، و لا ظهار إلا ما أريد به الظهار» (1)، و عن أبي جعفر عليه السّلام: في الموثق: «لا يكون ظهار في يمين، و لا في إضرار، و لا في غضب» (2)، و المنساق من الأول و المتيقن من الأخير إنما هو صورة سلب القصد.

و أما عدم وقوعه من الغضبان و السكران و غيرهما؛ لعدم تحقق القصد و الإرادة الجدية، مضافا إلى ما تقدم.

(17) إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها هناك فراجع، و يكفي في ذلك إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا يكون ظهار إلا مثل موضع الطلاق» (3).

(18) لما عن الصادق في الصحيح: «لا يكون ظهار و لا إيلاء حتى يدخل بها»(4)، و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في المرأة التي لم يدخل بها زوجها، قال عليه السّلام: لا يقع عليها إيلاء و لا ظهار» (5).

و نسب إلى جمع من القدماء- منهم المفيد و المرتضى- عدم اعتباره، لإطلاق الآية (6)، و قوله عليه السّلام: «لا يكون ظهار إلا على مثل موضع الطلاق» (7)، و لا يعتبر في الطلاق الدخول، فلا يعتبر فيه أيضا.

و هو مردود بأن الإطلاق قابل للتقييد، سواء كان من الكتاب أم السنة،

ص: 216


1- الوسائل باب: 3 من أبواب الظهار.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب الظهار الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الظهار الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب الظهار الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 8 من أبواب الظهار الحديث: 1 و 2.
6- سورة المجادلة: 2.
7- الوسائل باب: 2 من أبواب الظهار الحديث: 3.

مسألة 7: يعتبر في إنشاء الظهار التنجيز

(مسألة 7): يعتبر في إنشاء الظهار التنجيز. فلو علّقه بانقضاء الشهر أو دخوله لم يقع (19)، و يجوز تعليقه على شرط (20).

______________________________

و التشبيه في جهة لا في كل الجهات.

ثمَّ إنه لا فرق في الدخول بين القبل و الدبر لما تقدم مكررا.

(19) للإجماع، و لما تقدم في الطلاق من البطلان لو علّقه على الوقت بخلاف ما لو علقه على شرط غير مناف لنفس الإنشاء.

(20) للإجماع، و العمومات، و نصوص خاصة منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن الحجاج: «الظهار ضربان: أحدهما فيه الكفارة قبل المواقعة، و الآخر بعدها. فالذي يكفّر قبل المواقعة الذي يقول: أنت عليّ كظهر أمي، و لا يقول إن فعلت بك كذا و كذا، و الذي يكفّر بعد المواقعة الذي يقول: أنت عليّ كظهر أمي إن قربتك» (1).

و في صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام أيضا: «الظهار ظهاران: فأحدهما أن يقول: أنت عليّ كظهر أمي ثمَّ يسكت فذلك الذي يكفّر قبل أن يواقع، فإذا قال:

أنت عليّ كظهر أمي إن فعلت كذا و كذا ففعل فحنث، فعليه الكفارة حين يحنث» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

و أما دعوى الإجماع على عدم صحة التعليق فيه، و خبر الزيات قال:

«قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: إني ظاهرت من امرأتي، فقال: كيف قلت؟ قال:

قلت أنت عليّ كظهر أمي إن فعلت كذا و كذا، فقال عليه السّلام: لا شي ء عليك فلا تعد» (3).

و في خبر ابن بكير قلت لأبي الحسن عليه السّلام: «إني قلت لامرأتي: أنت عليّ كظهر أمي إن خرجت من باب الحجرة فخرجت، فقال: ليس عليك شي ء، قلت:

ص: 217


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الظهار الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الظهار الحديث: 7.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب الظهار الحديث: 4.

مسألة 8: لو جعل الظهار يمينا لم يقع

(مسألة 8): لو جعل الظهار يمينا لم يقع (21)، و كذا لو جعله ضرارا (22).

مسألة 9: لا يصح التوقيت في الظهار زمانا أو مكانا

(مسألة 9): لا يصح التوقيت في الظهار زمانا أو مكانا بأن يظاهر منها شهرا مثلا ثمَّ يزول (23).

______________________________

إني قويّ على أن أكفّر، فقال: ليس عليك شي ء، فقلت: إني قوي على أن أكفّر رقبة و رقبتين، قال: ليس عليك شي ء، قويت أو لم تقو» (1)، و غيرهما من الأخبار.

موهونة: أما الأول: فلعدم ثبوته لذهاب جمع إلى الخلاف، و أما الأخبار فيمكن حملها على التعليق في ذات الإنشاء لا على تعليق المنشأ، أو حملها على التقية (2). و اللّه العالم.

(21) لأن المنساق من الأدلة أنه إنشاء مستقل في مقابل اليمين، مضافا إلى قولهم عليهم السّلام: «لا يكون ظهار في يمين، و لا في إضرار، و لا في غضب» (3)، و في صحيح زرارة: «لا يكون الظهار في يمين» (4).

(22) لما تقدم في الصحيح.

(23) للأصل؛ و لأن المنساق من الأدلة كونه كما كان في زمن الجاهلية فالشارع أوجب فيه الكفارة، و ما كان فيها إنما هو الحرمة الأبدية لا المؤقتة.

و أما ما يظهر من بعض الروايات من صحته مثل: خبر سلمة بن صخر قال: «كنت امرأ قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان، خوفا من أصيب في ليلتي شيئا فأتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار و لا أقدر أن أترك، فبينما هي تخدمني من الليل إذا

ص: 218


1- الوسائل باب: 16 من أبواب الظهار الحديث: 3.
2- راجع المغني لابن قدامة ج: 8 صفحة: 571.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الظهار الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب الظهار الحديث: 1.

مسألة 10: الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجة في المظاهرة

(مسألة 10): الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجة في المظاهرة، فيقع على المتمتع بها بل و على المملوكة (24).

______________________________

انكشف لي منها شي ء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري و قلت لهم انطلقوا معي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخبروه بأمري، فقالوا: و اللّه لا نفعل نتخوف أن ينزل قرآن و يقول فينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مقالة يبقى علينا عارها، لكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، فخرجت حتى أتيت النبي صلّى اللّه عليه و آله فأخبرته بخبري، فقال لي: أنت بذاك، فقلت: أنا بذاك، فقال: أنت بذاك، فقلت أنا بذاك، فقال: أنت بذاك، فقلت: نعم، ها أنا ذا فامض فيّ حكم اللّه عز و جل، فأنا صابر له، قال: أعتق رقبة، فضربت صفحة رقبتي بيدي، فقلت: لا و الذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها، فقال: فصم شهرين متتابعين، فقلت يا رسول اللّه و هل أصابني ما أصابني إلا من الصوم؟ قال: فتصدق، قلت: و الذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا و ما لنا عشاء، فقال: اذهب إلى صاحب صدقة بني رزين فقل له فليدفعها إليك فأطعم عنك وسقا من تمر ستين مسكينا ثمَّ استعن بسائره عليك و على عيالك، قال: فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق و سوء الرأي و وجدت عند رسول اللّه السعة و البركة. و قد أمر لي بصدقتكم فادفعوها إليّ فدفعوها إليّ» (1) قاصر سندا كما لا يخفى.

(24) للإطلاق الشامل لهما، و صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن الظهار على الحرة و الأمة؟ فقال عليه السّلام: نعم» (2)، و في موثق إسحاق بن عمار قال: «سألت أبا إبراهيم عن الرجل يظاهر من جاريته؟ فقال عليه السّلام: الحرة و الأمة في ذلك سواء» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ص: 219


1- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب الظهار و في السنن الكبرى ج: 7 صفحة: 390.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب الظهار الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب الظهار الحديث: 1.

مسألة 11: يصح الظهار من الكافر و الخصي و المجبوب و كذا من العبد

(مسألة 11): يصح الظهار من الكافر و الخصي و المجبوب (25)، و كذا من العبد (26). و كفارته نصف ما على الحر (27).

______________________________

و دعوى الانصراف لا وجه لها في مقابل النص.

كما أن كون الفئة أو الطلاق من لوازم الظهار فلا يجري في ما لا يجري فيه الطلاق. لا وجه له لأنه من أحكام بعض الأفراد لا من مقومات طبيعته، فلا وجه لما نسب إلى جمع منهم المفيد من العدم.

و أما خبر حمزة بن حمران قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل جعل جاريته عليه كظهر أمه؟ قال: يأتيها و ليس عليه شي ء» (1)، محمول بإخلال الشرائط له، أو على التقية (2).

(25) كل ذلك لظهور الإطلاق، و الاتفاق، هذا بالنسبة إلى نفس الظهار.

و أما بالنسبة إلى الكفارة من الكافر فصحتها مبنية على تحقق قصد القربة منه، و قد أثبتنا تحققه من بعضهم كما مر.

نعم، إن لم يحصل منه كالوثني أو غيره فلا تصح منه.

(26) لما تقدم في سابقة، مضافا إلى موثق أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن المملوك أ عليه ظهار؟ فقال عليه السّلام: نصف ما على الحر من الصوم، و ليس عليه كفارة صدقة و لا عتق» (3)، و في صحيح جميل (4) عن الصادق عليه السّلام في حديث الظهار: «إن الحر و المملوك سواء، غير أن على المملوك نصف ما على الحر من الكفارة، و ليس عليه عتق رقبة و لا صدقة إنما عليه صيام شهر»، إلى غير ذلك من الأخبار. هذا إذا لم يأذن المولى بالعتق أو الصدقة، و إلا فلا يلزمه الصوم. و اللّه العالم.

(27) لما تقدم في صحيح جميل.

ص: 220


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الظهار الحديث: 6.
2- راجع المغني لابن قدامة ج: 8 صفحة: 568.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب الظهار الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 12 من أبواب الظهار الحديث: 2.

مسألة 12: لا يحتاج الظهار إلى اتباعه بالطلاق

(مسألة 12): لا يحتاج الظهار إلى اتباعه بالطلاق (28)، و لو ظاهر و نوى الطلاق لم يقعا (29)، و إن ظاهر و رادفه بالطلاق وقع الطلاق إن قصده دون الظهار (30).

مسألة 13: الظهار حرام

(مسألة 13): الظهار حرام (31)، و لكن قد يقال: أنه معفو كالصغائر التي يكفر بإتيان ما يزيلها (32).

______________________________

(28) للأصل، و ظهور الأدلة، و الاتفاق، و أن الظهار بنفسه موجب للتحريم.

(29) أما عدم وقوع الظهار، فلعدم تحقق القصد إلى مفهومه. و أما عدم وقوع الطلاق عندنا فلعدم ظهوره فيه كما تقدم في ألفاظ الطلاق، فيكون قول الصادق عليه السّلام: «لا يقع ظهار عن طلاق و لا طلاق عن ظهار» (1) موافقا للقاعدة، كما عرفت.

(30) أما عدم وقوع الظهار، فلأنه لم يقصد به مفهومه، و أما وقوع الطلاق فلفرض وقوع القصد به فيقع إن تحققت سائر الشرائط.

(31) لقوله تعالى وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً (2)، و لا ريب أن المنكر و الزور محرمان، و لما ورد في بعض النصوص (3).

(32) أما العفو، فلما قد يقال لتعقبه به في الآية الكريمة بقوله جل شأنه:

وَ إِنَّ اللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ، و لكنه أعم.

نعم، إطلاق قوله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (4)،- و ذكرنا في التفسير: أن هذه الآية الشريفة من الآيات الامتنانية المعدودة التي يدل سياقها على العطف و الرحمة

ص: 221


1- الوسائل باب: 20 من أبواب الظهار الحديث: 1.
2- سورة المجادلة: 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب الظهار الحديث: 2.
4- سورة النساء: 31.

مسألة 14: إذا تحقق الظهار بشرائطه حرم على المظاهر وطئ المظاهرة

(مسألة 14): إذا تحقق الظهار بشرائطه حرم على المظاهر وطئ المظاهرة و لا يحل له حتى يكفّر (33)،

______________________________

و محبة العباد و حبّ العفو منه تعالى لخلقه (1)- مضافا إلى ذكر الكفارة في الكتاب يؤيد ذلك، و هذا مبني على كونه من الصغائر و لم يثبت أنه من الكبائر، إلا أن يقال: كل معصية كبيرة إلا ما خرج بالدليل. و لكن هذا أول الدعوى، و أما سقوط الحرمة بالكفارة فمسلّم للآية، و لما يأتي من النصوص. و اللّه العالم بالحقائق.

(33) كتابا، و سنة، و إجماعا، قال تعالى وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (2)، و عن الصادق عليه السّلام في الموثق: «متى تجب الكفارة على المظاهر؟ قال عليه السّلام: إذا أراد أن يواقع» (3).

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح جميل: «الظهار متى يقع على صاحبه فيه الكفارة؟ فقال عليه السّلام: إذا أراد أن يواقع امرأته، قلت: فإن طلّقها قبل أن يواقعها أ عليه كفارة؟ قال سقطت الكفارة عنه» (4).

و في صحيح الحلبي: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يظاهر من امرأته ثمَّ يريد أن يتم على طلاقها؟ قال عليه السّلام: ليس عليه كفارة، قلت: فإن أراد أن يمسّها، قال: لا يمسّها حتى يكفّر، قلت: فإن فعل فعليه شي ء؟ فقال: أي و اللّه إنه لآثم ظالم، قلت: عليه كفارة غير الأولى؟ قال: نعم» (5).

و عن علي بن مهزيار قال: «كتب عبد اللّه بن محمد إلى أبي الحسن عليه السّلام:

ص: 222


1- راجع مواهب الرحمن في تفسير القرآن ج: 8 صفحة: 130 ط النجف الأشرف.
2- سورة المجادلة: 3.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب الظهار الحديث: 6.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب الظهار الحديث: 4.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب الظهار الحديث: 4.

فإذا كفر حل له وطؤها (34)، و لا تلزم كفارة أخرى بعد وطئها (35)، و لو وطأها قبل أن يكفر كانت عليه كفارتان (36)،

______________________________

جعلت فداك، إن بعض مواليك يزعم أن الرجل إذا تكلم بالظهار وجبت عليه الكفارة، حنث أو لم يحنث، و يقول: حنثه كلامه بالظهار، و إنما جعلت عليه الكفارة عقوبة لكلامه و إلا فلا كفارة عليه، فوقع عليه السّلام بخطه لا تجب الكفارة حتى يحنث» (1) أي عند إرادة الوطي.

و ما يظهر منه الخلاف- و ان المراد الوطء نفسه- مثل رواية زرارة: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: إني ظاهرت من أم ولدي ثمَّ وقعت عليها، ثمَّ كفرت، فقال:

هكذا يصنع الرجل الفقيه إذا وقع كفّر.» (2).

و عن الصادق عليه السّلام في روايته الثانية: «رجل ظاهر ثمَّ واقع قبل أن يكفّر، فقال لي: أو ليس هكذا يفعل الفقيه؟» (3) إما محمول على الإنكار كما هو الظاهر، أو على الظهار المعلّق، أو على التقية. و اللّه العالم.

(34) لظواهر ما تقدم من الأدلة مثل قوله عليه السّلام: «إذا أراد أن يواقعها» أو «لا يمسّها حتى يكفّر»، و إجماع الأجلة.

(35) للأصل، و ما مر من الأدلة.

(36) لحصول سبب كفارة الأولى بإرادة العود، و الثانية بالوطئ فيتعدد السبب و تتعدد الكفارة، و لعدم التداخل، مضافا إلى الإجماع، و النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة حسن الصيقل: «قلت له: رجل ظاهر من امرأته فلم يكفّر قال عليه السّلام: عليه الكفارة من قبل أن يتماسا قلت: فإن أتاها قبل أن يكفر؟

قال: بئس ما صنع، قلت: عليه شي ء؟ قال: أساء و ظلم، قلت: فيلزمه شي ء؟ قال:

ص: 223


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الظهار الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب الظهار الحديث: 2 و 5.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب الظهار الحديث: 2 و 5.

و هل يحرم عليه قبل التكفير غير الوطي من سائر الاستمتاعات كالقبلة و الملامسة؟ فيه إشكال (37).

______________________________

رقبة أيضا» (1).

و ما يظهر منه الخلاف مثل صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات؟ قال عليه السّلام: يكفّر ثلاث مرات، قلت: فإن واقع قبل أن يكفّر قال: يستغفر اللّه و يمسك حتى يكفّر» (2) و عن أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «إن الرجل إذا ظاهر من امرأته ثمَّ غشيها قبل أن يكفر فإنما عليه كفارة واحدة و يكف عنها حتى يكفّر» (3)، و ما مر من رواية سلمة بن صخرة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله (4)، و في رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أتى رجل من الأنصار من بنى النجار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: إني ظاهرت من امرأتي فواقعتها قبل أن أكفّر، قال: و ما حملك على ذلك؟ قال:

رأيت بريق خلخالها و بياض ساقها في القمر فواقعتها، فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله: لا تقربها حتى تكفّر و أمره بكفارة الظهار و أن يستغفر اللّه» (5).

محمول على صورة العذر من جهل أو نسيان، مع أنها مهجورة عند المشهور، و لم ينسب العمل بها إلا من الشاذ.

(37) من أصالة الحلية فيجوز مطلقا إلا الوطء، و من احتمال أن يكون المراد بالمس في الآية الشريفة (6) مطلق المس، فيحرم مطلقا كالمطلقة، و يعضده ما ورد من أن الظهار مثل الطلاق (7).

ص: 224


1- الوسائل باب: 15 من أبواب الظهار الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب الظهار الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب الظهار: 9 و 7.
4- تقدم في صفحة: 218.
5- الوسائل باب: 5 من أبواب الظهار: 9 و 7.
6- سورة المجادلة (58): 3.
7- الوسائل باب: 2 من أبواب الظهار الحديث: 3.

مسألة 15: إذا طلّقها رجعيا ثمَّ راجعها لم يحلّ له وطؤها

(مسألة 15): إذا طلّقها رجعيا ثمَّ راجعها لم يحلّ له وطؤها حتى يكفر (38)، بخلاف ما إذا تزوجها جديدا بعد انقضاء العدة أو في العدة إذا كان الطلاق بائنا، فإنه يسقط حكم الظهار و يجوز له وطؤها بلا تكفير (39).

______________________________

و لكن المنساق من الآية الشريفة الجماع بقرينة سائر موارد استعمال المس بالنسبة إليهن في القرآن «1».

و التنزيل في الرواية على الطلاق إنما هو في مقام اعتبار الشرائط لا في سائر الجهات.

(38) لإطلاق قولهم رحمهم اللّه: الرجعية بمنزلة الزوجة فتشملها أحكام الزوجة مطلقا، إلا ما دل الدليل على الخلاف، و هو مفقود كما مر في كتاب الطلاق، مضافا إلى قول الصادق عليه السّلام في الموثق: «إذا طلّق المظاهر ثمَّ راجع فعليه الكفارة» (1) المحمول على ما ذكرنا.

(39) لانقطاع العصمة بينهما بانقضاء العدة في الأولى، و بمجرد الطلاق في الثانية، هذا هو مقتضى القاعدة.

و أما خبر النميري عن الصادق عليه السّلام: «رجل ظاهر ثمَّ طلّق، قال عليه السّلام:

سقطت عنه الكفارة إذا طلّق قبل أن يعاود المجامعة، قيل. فإنه راجعها، قال: إن كان إنما طلّقها لإسقاط الكفارة عنه ثمَّ راجعها فالكفارة لازمة له أبدا إذا عاود المجامعة، و إن كان طلّقها و هو لا ينوي شيئا من ذلك فلا بأس أن يراجع و لا كفارة عليه» (2)، فمضافا إلى قصور سنده، لا عامل به.

و أما موثق علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «رجل ظاهر من امرأته ثمَّ طلّقها بعد ذلك بشهر أو شهرين فتزوجت، ثمَّ طلّقها الذي تزوجها فراجعها

ص: 225


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الظهار الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الظهار الحديث: 6.

مسألة 16: كفارة الظهار كما مر في كتاب الكفارات أحد أمور ثلاثة

(مسألة 16): كفارة الظهار كما مر في كتاب الكفارات أحد أمور ثلاثة مرتبة: عتق رقبة، و إذا عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، و إذا عجز عنه فإطعام ستين مسكينا (40).

______________________________

الأول، هل عليه الكفارة للظهار الأول؟ قال: نعم، عتق رقبة، أو صيام، أو صدقة» (1).

فيمكن حمله على الاستحباب، لمخالفته لنصوص كثيرة منها صحيح محمد بن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل ظاهر من امرأته ثمَّ طلّقها قبل أن يواقعها فبانت منه، هل عليه كفارة؟ قال: لا» (2)، و منها معتبرة الكناسي قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل ظاهر من امرأته ثمَّ طلّقها تطليقة؟ فقال: إذا طلّقها تطليقة فقد بطل الظهار، و هدم الطلاق الظهار، قلت: فله أن يراجعها؟ قال:

نعم هي امرأته، فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسا، قلت: فإن تركها حتى يخلو أجلها و تملك نفسها ثمَّ تزوجها بعد، هل يلزمه الظهار قبل أن يمسها؟ قال: لا، قد بانت منه و ملكت نفسها» (3)، و ما مر من القاعدة.

(40) كتابا، و سنة، و إجماعا، قال اللّه تعالى في كتابه الكريم وَ الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (4).

و أما السنة، ففي موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال: «جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه ظاهرت من امرأتي، قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اذهب فأعتق رقبة، قال: ليس عندي، قال: اذهب فصم شهرين متتابعين، قال: لا أقوى، قال:

ص: 226


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الظهار الحديث: 9 و 3 و 2.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الظهار الحديث: 9 و 3 و 2.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الظهار الحديث: 9 و 3 و 2.
4- سورة المجادلة: 2 و 3.

مسألة 17: لو عجز عن الكفارة و لم يقدر عليها

(مسألة 17): لو عجز عن الكفارة و لم يقدر عليها و لو بالاستدانة ثمَّ الأداء بجزيه الاستغفار (41).

______________________________

اذهب فأطعم ستين مسكينا، قال: ليس عندي، قال فقال رسول اللّه: أنا أتصدق عنك، فأعطاه تمرا لإطعام ستين مسكينا، قال: اذهب فتصدق بها. فقال و الذي بعثك بالحق ما أعلم ما بين لابتيها أحدا أحوج إليه مني و من عيالي، قال: فاذهب فكل و أطعم عيالك» (1) إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة، و قد تقدم بعضها في كتاب الكفارات (2).

(41) لعموم قوله عليه السّلام في موثق داود بن فرقد: «الاستغفار توبة و كفارة لكل من لم يجد السبيل إلى شي ء من الكفارة» (3)، و في موثق إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «إن الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه و لينو أن لا يعود قبل أن يواقع ثمَّ ليواقع و قد أجزأ ذلك عنه من الكفارة، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفّر به يوما من الأيام فليكفّر، و إن تصدق بكفه فأطعم نفسه و عياله فإنه يجزؤه إذا كان محتاجا و إلا يجد ذلك فليستغفر اللّه ربه و ينوي أن لا يعود، فحسبه بذلك- و اللّه- كفارة» (4).

و أما خبر أبي الجارود قال: «سأل أبو الورد أبا جعفر عليه السّلام و أنا عنده عن رجل قال لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي مائة مرة؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: يطيق بكل مرة عتق نسمة؟ قال: لا قال: يطيق إطعام ستين مسكينا مائة مرة؟ قال: لا، قال:

يفرق بينهما» (5)، يمكن حمله على عدم القدرة فعلا، و إمكان تحصيلها بعد ذلك، و كذا موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «كل من عجز عن الكفارة التي

ص: 227


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الكفارات الحديث: 1.
2- راجع المجلد الثاني و العشرين صفحة: 385.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الكفارات الحديث: 3 و 4.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب الكفارات الحديث: 3 و 4.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب الكفارات الحديث: 2.

مسألة 18: لو ظاهر من واحدة مرارا تعددت الكفارة

(مسألة 18): لو ظاهر من واحدة مرارا تعددت الكفارة (42)، و كذا لو ظاهر من أربع بلفظ واحد (43).

______________________________

تجب عليه من صوم، أو عتق، أو صدقة، في يمين أو نذر. أو قتل أو غير ذلك مما يجب على صاحبه فيه الكفارة فالاستغفار له كفارة، ما خلا يمين الظهار فإنه إذا لم يجد ما يكفّر به حرمت عليه أن يجامعها، و فرّق بينهما إلا أن ترضى المرأة أن يكون معها و لا يجامعها» (1).

(42) لقاعدة تعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، مضافا إلى النصوص منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام: «سألته عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر، ما عليه؟ قال: عليه مكان كل مرة كفارة» (2)، و منها صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات، قال عليه السّلام:

يكفّر ثلاث مرات» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و ما يظهر منه الخلاف، مثل ما عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن الصادق عليه السّلام: «في رجل ظاهر من امرأته أربع مرات في مجلس واحد، قال: عليه كفارة واحدة» (4) محمول أو مطروح.

(43) للإجماع، و لانحلال اللفظ في الواقع إلى الأربع، فتتعدد الكفارة لذلك، مضافا إلى نصوص منها: موثق صفوان قال: «سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن رجل ظاهر من أربع نسوة؟ قال عليه السّلام: يكفر لكل واحدة كفارة، و سأله عن رجل ظاهر من امرأته و جاريته، ما عليه؟ قال: عليه لكل واحدة منهما كفارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا» (5)، و في خبر حفص بن البختري عن الصادق عليه السّلام: «في رجل كان له عشر جوار

ص: 228


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الكفارات الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب الظهار الحديث: 4 و 2 و 6.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الظهار الحديث: 4 و 2 و 6.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب الظهار الحديث: 4 و 2 و 6.
5- الوسائل باب: 14 من أبواب الظهار الحديث: 2.

مسألة 19: تقدم أن الظهار على قسمين

(مسألة 19): تقدم أن الظهار على قسمين مطلق و معلق على شرط، فلو أطلق حرم عليه الوطء حتى يكفّر، و أما لو علّق جاز له الوطء ما لم يحصل الشرط (44)، و إن كان الشرط هو الوطء (45).

مسألة 20: يجب على الزوج الإنفاق على المظاهرة

(مسألة 20): يجب على الزوج الإنفاق على المظاهرة و إن حرم عليه الوطء (46).

مسألة 21: إذا صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض

(مسألة 21): إذا صبرت المظاهرة على ترك وطئها فلا اعتراض (47)، و إن لم تصبر رفعت أمرها إلى الحاكم (48)، فيحضره و يخيّره بين الرجعة بعد التكفير و بين طلاقها، فإن اختار أحدهما و إلا أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة فإن انقضت المدة و لم يختر أحد الأمرين حبسه و ضيّق

______________________________

فظاهر منهن جميعا كلهن بكلام واحد، فقال: عليه عشر كفارات» (1).

و ما يظهر منه الخلاف مثل معتبرة غياث بن إبراهيم، عن الصادق، عن آبائه، عن علي عليهم السّلام: «رجل ظاهر من أربع نسوة، قال: عليه كفارة واحدة» محمول على الإنكار، أو غيره، أو مطروح.

(44) لعدم تحقق المنشأ قبل حصول الشرط.

(45) فتكون الكفارة بعد الوطي كغيره من الشرائط، فيحرم لو أراد وطأها ثانيا حتى يكفر.

(46) لاستصحاب جميع آثار الزوجية التي منها الإنفاق، إلا ما خرج بالدليل، و هو خصوص الوطي و إن المانع منه جاء من قبله.

(47) للأصل، و الإجماع، و انحصار الحق بينهما، فلا وقع للاعتراض بعد الرضا.

(48) لأنه منصوب لمثل هذه الأمور، مضافا إلى الإجماع.

ص: 229


1- الوسائل باب: 14 من أبواب الظهار الحديث: 3.

عليه في المطعم و المشرب حتى يختار أحدهما و لا يجبره على خصوص أحدهما و لا يطلّق عنه (49).

مسألة 22: الظاهر اعتبار العربية في الظهار

(مسألة 22): الظاهر اعتبار العربية في الظهار كما مر في الطلاق (50).

______________________________

(49) أرسل جميع ذلك إرسال المسلّمات الفقهية، و ادعوا الإجماع على ذلك كله، و إن ذلك من الأمور الحسبية التي لم ينصب الحاكم إلا لأجلها، و يدل على ذلك موثق الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قلت له: فإن ظاهر منها ثمَّ تركها لا يمسها إلا أنه يراها متجردة من غير أن يمسّها، هل عليه في ذلك شي ء؟ قال عليه السّلام: هي امرأته و ليس يحرم عليه مجامعتها، و لكن يجب عليه ما يجب على المظاهر قبل أن يجامع، و هي امرأته، قلت: فإن رفعته إلى السلطان و قالت: هذا زوجي و قد ظاهر مني و قد أمسكني لا يمسني مخافة أن يجب عليه ما يجب على المظاهر، فقال عليه السّلام: ليس عليه أن يجبر على العتق، و الصيام، و الإطعام، إذا لم يكن له ما يعتق، و لم يقو على الصيام، و لم يجد ما يتصدق به، قال: فإن كان يقدر على أن يعتق فإن على الإمام أن يجبره على العتق أو الصدقة من قبل أن يمسّها و من بعد ما يمسّها» (1).

و في معتبرة أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ظاهر من امرأته؟ قال: ان أتاها فعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، و إلّا ترك ثلاثة أشهر، فإن فاء و إلّا أوقف حتى يسأل لك حاجة في امرأتك أو تطلّقها؟ فإن فاء فليس عليه شي ء و هي امرأته، و إن طلّق واحدة فهو أملك برجعتها» (2).

(50) لأن هذا هو المنساق من جميع الأدلة كما مر.

ص: 230


1- الوسائل باب: 17 من أبواب الظهار.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب الظهار.

مسألة 23: لو اختلف الزوجان في تحقق الظهار و عدمه

(مسألة 23): لو اختلف الزوجان في تحقق الظهار و عدمه، فادعاه الرجل و أنكرته المرأة يقدم قولها مع اليمين (51) إلا إذا أقام الرجل البينة فيقدم قوله حينئذ (52)، و لو انعكس يقدم قوله (53).

______________________________

(51) أما تقديم قولها فللأصل الموضوعي- و هو بقاء حلّية الوطي- و الحكمي و هو أصالة عدم وقوع الظهار. و أما اليمين فلقطع الخصومة.

(52) لعموم ما دل على حجية البينة.

(53) لما مر في سابقة من غير فرق.

ص: 231

ص: 232

كتاب الإيلاء

اشارة

كتاب الإيلاء و هو الحلف على ترك وطئ الزوجة الدائمة المدخول بها أبدا أو مدة تزيد عن أربعة أشهر للإضرار بها (1)، فلا يتحقق الإيلاء بالحلف على ترك وطئ المملوكة (2)،

______________________________

و هو مصدر آلى يؤلي، و في الأصل بمعنى القصر، و يسمى الحلف المذكور إيلاء لكونه قصرا لترك الوطي في مدة خاصة، و هو ثابت بالكتاب، و السنة، و الإجماع، قال تعالى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1).

و قال الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «أيما رجل آلى من امرأته، و الإيلاء أن يقول و اللّه لا أجامعك كذا و كذا، و اللّه لأغيظنك ثمَّ يغاضبها فإنه يتربص به أربعة أشهر» (2).

و قد كان طلاقا في الجاهلية، كالظهار، فغيّر الشارع حكمه و جعل له أحكاما خاصة، فمع تحقق شرائطه يكون إيلاء، و إلا فهو يمين يجري عليه أحكامه.

(1) يأتي الوجه في ذلك كله إن شاء اللّه تعالى.

(2) لظواهر الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و في موثق أبي نصر عن أبي الحسن الرضا قال: «سألته عن الرجل يؤلي من أمته؟ فقال عليه السّلام: لا، كيف يؤلي

ص: 233


1- سورة البقرة: 226 و 227.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.

و لا المتمتع بها (3)، و لا لغير المدخول بها (4)، و لا بالحلف على ترك وطئها مدة لا تزيد عن أربعة أشهر (5)، و لا في ما إذا كان لملاحظة مصلحة كإصلاح لبنها أو كونها مريضة أو غير ذلك (6)، و إن انعقد اليمين في جميع ذلك، و يترتب عليه آثاره إذا اجتمعت شروطه (7).

______________________________

و ليس لها طلاق» (1).

(3) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أبي يعفور: «لا إيلاء على الرجل من المرأة التي تمتع بها» (2)، و ما مر من التعليل في سابقة، مضافا إلى الإجماع، و ظاهر قوله تعالى وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ المنفي في المستمتع بها.

(4) إجماعا، و نصوصا منها قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح ابن مسلم:

«غير المدخول بها لا يقع عليها إيلاء و لا ظهار» (3).

و في معتبرة أبي الصباح عن الصادق عليه السّلام: «لا يقع الإيلاء إلا على امرأة قد دخل بها زوجها» (4).

و في صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام: «لا يكون مؤليا حتى يدخل» (5)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(5) لظهور الإجماع، و قول أبي جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «لا يكون إيلاء حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر» (6).

(6) لعدم تحقق الإضرار حينئذ، مضافا إلى ظهور إجماعهم عليه، و قول علي عليه السّلام في معتبرة السكوني: «ليس في الإصلاح إيلاء»(7).

(7) لتحقق المقتضي حينئذ لانعقاده، و فقد المانع، فيشمله الإطلاق.

ص: 234


1- الوسائل باب: 7 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.
2- التهذيب ج: 8 حديث: 22.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الظهار الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب الإيلاء الحديث: 2 و 1.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب الإيلاء الحديث: 2 و 1.
6- الوسائل باب: 5 من أبواب الإيلاء الحديث: 2.
7- الوسائل باب: 4 من أبواب الإيلاء الحديث: 2.

مسألة 1: لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين إلّا باسم اللّه تعالى

(مسألة 1): لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين إلّا باسم اللّه تعالى المختص به أو الغالب إطلاقه عليه (8)، و لا يعتبر فيه العربية و لا اللفظ الصريح (9) في كون المحلوف عليه ترك الجماع في القبل كإدخال الفرج في الفرج، بل المعتبر صدق كونه حالفا على ترك ذلك العمل بلفظ له ظهور في ذلك (10)، فيكفي قوله (لا أطأك) أو (لا أجامعك) أو (لا أمسّك) بل و قوله: (لا جمع رأسي و رأسك و سادة أو مخدة) إذا قصد بذلك ترك الجماع (11).

______________________________

و العموم بلا مدافع.

(8) لأنه يمين، و كل يمين كذلك، إجماعا، و نصوصا تقدم بعضها في كتاب اليمين (1)، و في صحيح محمد بن مسلم قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: قول اللّه عز و جل وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى- وَ النَّجْمِ إِذا هَوى و ما أشبه ذلك، فقال عليه السّلام: للّه أن يقسم من خلقه بما يشاء و ليس لخلقه أن يقسموا إلّا به» (2).

(9) كل منهما للأصل، و الإطلاق الشامل لكل اللغات و جميع الألفاظ.

نعم، لا بد من القصد إليه، فلا يقع من الساهي و السكران و غيرهما ممن لا يكون له قصد، لما مر غير مرة من عدم الأثر للفعل الفاقد له.

(10) لحجية الظواهر مطلقا في جميع المحاورات كلها، ما لم يدل دليل على الخلاف و هو مفقود.

(11) للإطلاق في جميع ذلك، مضافا إلى موثق بريد بن معاوية قال:

«سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول في الإيلاء: إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته و لا يمسّها و لا يجمع رأسه و رأسها فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر» (3).

ص: 235


1- راجع المجلد الثاني و العشرين صفحة: 248.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.

مسألة 2: إذا تمَّ الإيلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام

(مسألة 2): إذا تمَّ الإيلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام (12)، و إلا فلها المرافعة إلى الحاكم (13)، فيحضره و ينظره أربعة أشهر (14)،

______________________________

و صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن الإيلاء ما هو؟ فقال: هو أن يقول الرجل لامرأته و اللّه لا أجامعك» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار مما مر.

(12) للأصل، و الإجماع، و قول الصادقين عليهما السّلام: «إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته فليس لها قول و لا حق في الأربعة أشهر، و لا إثم عليه في كفه عنها في الأربعة أشهر، فإن مضت الأربعة أشهر قبل أن يمسّها فسكت و رضيت فهو في حل وسعة، فإن رفعت أمرها قيل له: إما أن تفي ء فتمسّها، و إما أن تطلّق، و عزم الطلاق أن يخلى عنها، فإذا حاضت و طهرت طلّقها، و هو أحق برجعتها ما لم تمض ثلاثة قروء، فهذا الإيلاء الذي أنزله اللّه تعالى في كتابه و سنة رسوله صلّى اللّه عليه و آله» (2).

و في صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «فإن صبرت عليه فلها أن تصبر» (3).

(13) لأنه منصوب لإقامة الأمور الحسبية، و المقام منها.

(14) إجماعا، و نصوصا منها ما في موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام قال:

«الإيلاء هو أن يحلف الرجل على امرأته أن لا يجامعها- إلى أن قال- و إن رفعته إلى الإمام أنظره أربعة أشهر، ثمَّ يقول له بعد ذلك: إما أن ترجع إلى المناكحة و إما أن تطلّق، فإن أبى حبسه أبدا» (4).

و في صحيح أبي نصر البزنطي قال: «سأله صفوان و أنا حاضر عن الإيلاء؟

ص: 236


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 6 و 5.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 6 و 5.

فإن رجع و واقعها في هذه المدة فهو، و إلا أجبر على أحد الأمرين، إما الرجوع أو الطلاق (15)، فإن فعل أحدهما و إلا ضيّق عليه و حبسه حتى يختار أحدهما (16)،

______________________________

فقال: إنما يوقف إذا قدمه إلى السلطان فيوقفه السلطان أربعة أشهر، ثمَّ يقول له:

إما أن تطلّق و إما أن تمسك» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و ما دل على الخلاف، مثل ما عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر أبي الجارود:

«الإيلاء يوقف بعد سنة، فقلت بعد سنة؟! فقال: نعم، يوقف بعد سنة» (2). و عن الصادق عليه السّلام في خبر أبي مريم: «يوقف قبل الأربعة أشهر و بعدها» (3) محمول على الإيقاف حتى يحكم الحاكم، لا على المدة سنة أو أكثر من أربعة أشهر بقرينة قول أبي الحسن عليه السّلام في معتبرة عثمان بن عيسى: «سألته عن رجل آلى من امرأته، متى يفرّق بينهما؟ قال: إذا مضت أربعة أشهر و وقف، قلت له: من يوقفه؟ قال: الإمام، قلت: و إن لم يوقفه عشر سنين، قال: هي امرأته» (4).

(15) إجماعا، و نصا، ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «أيما رجل آلى من امرأته، و الإيلاء أن يقول: و اللّه لا أجامعك كذا و كذا و اللّه لأغيظنك ثمَّ يغاضبها، فإنه يتربص به أربعة أشهر ثمَّ يؤخذ بعد الأربعة أشهر، فيوقف فإذا فاء و هو أن يصالح أهله فإن اللّه غفور رحيم، و إن لم يف أجبر على الطلاق و لا يقع بينهما طلاق حتى يوقف، و إن كان أيضا بعد الأربعة الأشهر ثمَّ يجبر على أن يفي ء أو يطلّق» (5)، و ما دل على الخلاف- كما مر- محمول أو مطروح.

(16) للإجماع، و لقول الصادق عليه السّلام في معتبرة حماد: «في المؤلي إذا أبى أن يطلّق، كان أمير المؤمنين عليه السّلام يجعل له حظيرة من قصب و يجعله [يحبسه] فيها و يمنعه من الطعام و الشراب حتى يطلّق» (6)، و مثله غيره.

ص: 237


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 5.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 4.
5- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 11 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.

و لا يجبره على أحدهما معينا (17).

مسألة 3: المشهور أن الأربعة التي ينظر فيها

(مسألة 3): المشهور أن الأربعة التي ينظر فيها ثمَّ يجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الترافع (18)،

______________________________

و أما خبر خلف بن حماد عن الصادق عليه السّلام: «في المؤلي إما أن يفي ء أو يطلّق، فإن فعل و إلا ضربت عنقه» (1) محمول على من رد حكم الإمام و امتنع من قبوله.

(17) لظواهر الأدلة، و الإجماع.

و ما يظهر منه أن الإمام يفرّق بينهما، مثل معتبرة سماعة قال: «سألته عن رجل آلى من امرأته- إلى أن قال- إن لم يفي ء بعد أربعة أشهر حتى يصالح أهله أو يطلّق، جبر على ذلك و لا يقع طلاق فيما بينهما حتى يوقف، و إن كان بعد الأربعة الأشهر، فإن أبي فرّق بينهما الإمام» (2)، محمول على جبر الإمام له بالفراق، أو مطروح.

(18) لظواهر النصوص، منها قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «إنما يوقف إذا قدّمه إلى السلطان فيوقفه السلطان أربعة أشهر ثمَّ يقول له: إما أن تطلّق و إما أن تمسك» (3)الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 5 و 7 و 6.(4).

و عنه عليه السّلام أيضا: «إن أجل الإيلاء أربعة أشهر بعد ما يأتيان السلطان» (5)

و في موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «الإيلاء: هو أن يحلف الرجل على امرأته أن لا يجامعها، فإن صبرت عليه فلها أن تصبر، و إن رفعته إلى الإمام أنظره أربعة أشهر ثمَّ يقول له بعد ذلك: إما أن ترجع إلى المناكحة، و إما أن تطلّق، فإن أبى حبسه أبدا» (6).

ص: 238


1- الوسائل باب: 11 من أبواب الإيلاء الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الإيلاء الحديث: 4.
3-
4- .
5- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 5 و 7 و 6.
6- الوسائل باب: 8 من أبواب الإيلاء الحديث: 5 و 7 و 6.

و قيل من حين الإيلاء (19)، فعلى هذا لو لم ترافع حتى انقضت المدة ألزمه بأحد الأمرين من دون إمهال و انتظار مدة، و فيه تأمل (20).

مسألة 4: يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن

(مسألة 4): يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن (21)، فلو عقد عليها جديدا في العدة أو بعدها كانت كأن لم يئول عليها (22) بخلاف ما إذا طلّقها رجعيا (23)،

______________________________

مع أن المتعارف أن ذلك من مناصب الإمام ليحفظ به النظام، و لا يقع النزاع بين الأنام.

(19) نسب ذلك إلى جمع- منهم الإسكافي و ابن أبي عقيل و غيرهما- مستندين في ذلك إلى الأصل، و العمومات، و الإطلاقات من الآية و الروايات، مثل قول الصادق عليه السّلام في معتبرة بريد بن معاوية: «لا يكون إيلاء إلّا إذا آلى الرجل ألا يقرب امرأته، و لا يمسّها، و لا يجمع رأسه و رأسها، فهو في سعة ما لم تمض الأربعة أشهر، فإذا مضت أربعة أشهر وقف، فإما أن يفي ء فيمسّها و إما أن يعزم على الطلاق» (1)، و قريب منه غيره.

و فيه: ان الأصل لا محل له مع الدليل، و العمومات و الإطلاقات مقيدة بما مر من الأخبار المعمول بها عند الأصحاب.

(20) ظهر وجهه مما مر.

(21) لانقطاع العصمة بينهما فتصير كالأجنبية بالمرة، فلا موضوع لايلائها بعد الطلاق البائن.

(22) لزوال الإيلاء بالطلاق، و استئناف الزوجية مستقلا بعد الانقطاع بالمرة، و تقدم مثله في الظهار أيضا.

(23) لما هو المعلوم نصا- كما مر- و فتوى، من أن المطلّقة الرجعية بمنزلة الزوجة، بل لو آلى منها في زمان الرجعة يقع الإيلاء عليها، لما عرفت.

ص: 239


1- الوسائل باب: 10 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.

فإنه و إن خرج بذلك من حقها فليست لها المطالبة و الترافع إلى الحاكم (24)، لكن لا يزول حكم الإيلاء إلّا بانقضاء العدة (25)، فلو راجعها في العدة عاد إلى الحكم الأول فلها المطالبة بحقها و المرافعة (26).

مسألة 5: متى وطأها الزوج لزمته الكفارة

(مسألة 5): متى وطأها الزوج لزمته الكفارة (27)، سواء كان في مدة التربص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة، لأنه قد حنث اليمين على كل حال (28)، و إن جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء المدة و مطالبتها و أمر الحاكم به تخييرا، و بهذا يمتاز هذا اليمين عن سائر الأيمان، كما أنه يمتاز عن غيره بأنه لا يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من كون متعلقه مباحا تساوى طرفاه أو كان راجحا دينا أو دنيا (29).

مسألة 6: لو أسقطت حقها لا يسقط أصل المطالبة

(مسألة 6): لو أسقطت حقها لا يسقط أصل المطالبة (30).

مسألة 7: لو كان عذر في البين من الوطي بعد انقضاء مدة التربص

(مسألة 7): لو كان عذر في البين من الوطي بعد انقضاء مدة التربص فإن كان من قبلها كالمرض أو الحيض و نحوهما لم يكن لها المطالبة

______________________________

(24) لفرض تحقق الطلاق الرجعي، و أدنى أثره زوال حقها من هذه الجهة.

(25) لأنها في زمان العدة بمنزلة الزوجة، فيترتب الحكم عليه، و تكون بعد انقضاء العدة أجنبية فيزول الحكم.

(26) لتحقق الموضوع، فيترتب الحكم عليه قهرا.

(27) لإطلاق كفارة حنث اليمين- كما تقدم- مضافا إلى الاتفاق.

(28) فيشمله الإطلاق، و الاتفاق.

(29) لظواهر الأدلة، و إجماع الأجلة في كل واحد من الامتيازين.

(30) لأن الإسقاط إنما يتعلق بالنسبة إلى ما كان، لا بالنسبة إلى ما يتجدد.

نعم، لو أسقط الحق مطلقا بالنسبة إلى ما كان و ما يتجدد بعوض صلح و نحوه، فالظاهر السقوط.

ص: 240

بالفئة (31)، و إن كان من قبله فالظاهر أن لها المطالبة (32).

مسألة 8: كفارة الإيلاء مثل كفارة اليمين اجتمع فيها التخيير و الترتيب

(مسألة 8): كفارة الإيلاء مثل كفارة اليمين اجتمع فيها التخيير و الترتيب، و هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز صام ثلاث أيام متواليات (33).

______________________________

(31) للإجماع، و أنه معذور، و لعدم المضارة لها.

(32) للأصل، و الإطلاق، و أنه مخبر بين الفئة و الطلاق، فله أن يطلّقها.

(33) لأنه يمين خاص فتشمله أدلة كفارتها، فمن الكتاب قوله تعالى:

فَكَفّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذلِكَ كَفّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ (1).

و من السنة قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي «في كفارة اليمين يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد من حنطة أو مد من دقيق و حفنة، أو كسوتهم لكل إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، و هو في ذلك بالخيار أي ذلك شاء صنع، فإن لم يقدر على واحدة من الثلاث، فالصيام عليه ثلاثة أيام» (2).

و في خبر حسين بن سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن كفارة اليمين؟ فقال: عتق رقبة أو كسوة، و الكسوة ثوبان، أو إطعام عشرة مساكين أي ذلك فعل أجزأ عنه، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متواليات و إطعام عشرة مساكين مدّا مدّا» (3)، و تقدم ما يتعلق بمقدار ما يعطي و غيره من الأحكام في كتاب الكفارات (4).

ص: 241


1- سورة المائدة: 89.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب الكفارات الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب الكفارات الحديث: 1 و 2.
4- راجع ج: 22 صفحة: 231- 234.

مسألة 9: لو آلى مدة معينة تزيد عن أربعة أشهر فعليه الكفارة

(مسألة 9): لو آلى مدة معينة تزيد عن أربعة أشهر فعليه الكفارة سواء خرجت المدة أو لا (34).

مسألة 10: لو ادعى الوطء و أنكرت يقبل قوله مع يمينه

(مسألة 10): لو ادعى الوطء و أنكرت يقبل قوله مع يمينه (35).

______________________________

(34) أما الأول، فلأن الوطء وقع في مدة الإيلاء، فتشمله أدلة لزوم الكفارة في حنث اليمين، كما تقدم في كتاب الأيمان و النذور.

و أما الثاني أي: الوطء بعد انقضاء المدة، فادعى على لزوم الكفارة الإجماع، مضافا إلى نص خاص، ففي معتبر منصور بن حازم عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل آلى من امرأته فمرت به أربعة أشهر؟ قال عليه السّلام: يوقف، فان عزم الطلاق بانت منه و عليها عدة المطلّقة، و إلا كفّر عن يمينه و أمسكها» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في المرسل: «و لا يقربها حتى يكفّر عن يمينه» (2)، فيجب الكفارة على المؤلي مطلقا، و جعلوا ذلك من الفروق بين مطلق اليمين و الإيلاء كما مر.

و بذلك يعلم أنه لا مجرى للأصل بعد خروج المدة لما مر من الأخبار.

و اللّه العالم بالحقائق.

(35) نصا، و إجماعا، قال أبو جعفر الباقر عليه السّلام في معتبرة إسحاق بن عمار:

«إن عليا عليه السّلام سئل عن المرأة تزعم أن زوجها لا يمسّها، و يزعم أنه يمسّها؟

قال عليه السّلام: يحلف و يترك»(3)، و ما عن الصادق عليه السّلام في المرسل: «في فئة المؤلي إذا قال: قد فعلت، و أنكرت المرأة، فالقول قول الرجل و لا إيلاء» (4)، مع أنه من فعله فلو لم يقبل قوله مع يمينه لزم الحرج المنفي في الشريعة المقدسة.

ص: 242


1- الوسائل باب: 12 من أبواب الإيلاء الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب الإيلاء الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.
4- مستدرك الوسائل باب: 11 من أبواب الإيلاء الحديث: 1.

مسألة 11: إذا اختلفا في انقضاء المدة يقدّم قول من يدعي بقاءها

(مسألة 11): إذا اختلفا في انقضاء المدة يقدّم قول من يدعي بقاءها (36) و كذا لو اختلفا في زمان إيقاع الإيلاء أو المرافعة فالقول قول من يدعى تأخره (37).

مسألة 12: لو اختار الزوج الطلاق بعد المرافعة كان الطلاق رجعيا ما لم يقتض البينونة

(مسألة 12): لو اختار الزوج الطلاق بعد المرافعة كان الطلاق رجعيا ما لم يقتض البينونة (38).

مسألة 13: لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين

(مسألة 13): لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إن كان المحلوف عليه واحدا و الزمان واحدا و إلا تتكرر (39).

______________________________

(36) للأصل، سواء ادعت المرأة انقضاءها- حتى تلزمه بالفئة أم الطلاق- و ادعى الرجل بقاءها أو بالعكس.

(37) لما تقدم في سابقة من غير فرق.

(38) على المشهور، لما تقدم من أنه الأصل في الطلاق(1)، و لصحيح بريد بن معاوية عن الصادق عليه السّلام: «فإذا مضت الأربعة أشهر أوقف، فإما أن يفي ء فيمسّها، و إما أن يعزم على الطلاق فيخلي عنها حتى إذا حاضت و طهرت من محيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين، ثمَّ هو أحق برجعتها ما لم تمض الثلاثة الأقراء» (2).

و أما صحيح منصور بن حازم عن الصادق عليه السّلام: «المؤلي إذا وقف فلم يفي ء طلّق تطليقة بائنة» (3)، و قريب منه غيره محمول على ما سبقه تطليقتين، أو أن الإمام يرى المصلحة في إجباره بذلك.

ثمَّ إنه لو طلّق رجعيا ثمَّ رجع عاد الإيلاء- كما مر- حتى يفي ء أو يطلّق ثانيا، و لكن بطلاقها يسقط حقها كما عرفت سابقا.

(39) أما الأول، فلعدم التكرر في السبب فلا يتكرر المسبب لا محالة.

ص: 243


1- راجع صفحة. 197.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب الإيلاء الحديث: 1 و 5.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الإيلاء الحديث: 1 و 5.

مسألة 14: لو وطأ المؤلي في حال عدم التكليف

(مسألة 14): لو وطأ المؤلي في حال عدم التكليف من سهو أو نسيان أو جنون أو اشتباه بحليلة أو نحو ذلك- في مدة التربص فلا كفارة عليه (40).

مسألة 15: يصح الجمع بين الظهار و الإيلاء

(مسألة 15): يصح الجمع بين الظهار و الإيلاء، و لا تستباح بدون الكفارتين (41).

______________________________

و أما الثاني، فلتكرر السبب فيتكرر المسبب أيضا كما لو قال: و اللّه لا وطأتك خمسة أشهر، فإذا انقضت فو اللّه لا وطأتك ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر، فهما ايلاآن كما عرفت.

(40) لعدم تحقق العمد و الاختيار، و الكفارة تدور مدار وجودهما. و هل يزول حكم الإيلاء أو لا؟ وجهان: مقتضى الأصل البقاء.

(41) أما الأول: فلبقاء الزوجية، فيصح إيقاع كل منهما.

و أما الثاني: فلما مر من أن الإباحة منوطة بأداء الكفارة في كل منهما، على ما تقدم التفصيل. و اللّه العالم.

ص: 244

كتاب اللعان

اشارة

كتاب اللعان و هي مباهلة خاصة بين الزوجين (1)

______________________________

و هو لغة الطرد و الابعاد، و شرعا «مباهلة خاصة بين الزوجين»، فهو مأخوذ من المعنى اللغوي أيضا، و لا فرق بينهما إلّا بالجزئية و الكلية، كما هو كذلك في جميع موضوعات الأحكام التي رتبت عليها الآثار الشرعية و الأحكام الخاصة.

(1) كما مر آنفا، و تشريعه ثابت بالكتاب، و السنة، و الإجماع، قال تعالى:

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ. وَ الْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ. وَ الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ (1).

و أما السنة، فهي متضافرة بين الفريقين، فعن الصادق عليه السّلام في موثق عبد الرحمن بن الحجاج قال: «إن رجلا من المسلمين أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: يا رسول اللّه أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فرأى مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع؟ فأعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فانصرف الرجل و كان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته، قال: فنزل الوحي من عند اللّه عز و جل بالحكم فيها، قال فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى ذلك الرجل فدعاه، فقال: أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال: نعم، فقال له: انطلق فأتني بامرأتك فإن اللّه عز و جل قد

ص: 245


1- سورة النور: 6- 9.

.....

______________________________

أنزل الحكم فيك و فيها، قال: فأحضرها زوجها فوقفها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قال للزوج: اشهد أربع شهادات باللّه أنك لمن الصادقين فيما رميتها به، قال: فشهد ثمَّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أمسك، و وعظه ثمَّ قال: اتق اللّه فإن لعنة اللّه شديدة، ثمَّ قال: اشهد الخامسة أن لعنة اللّه عليك إن كنت من الكاذبين، قال: فشهد فأمر به فنحى، ثمَّ قال صلّى اللّه عليه و آله للمرأة: اشهدي أربع شهادات باللّه أن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به، قال: فشهدت ثمَّ قال لها: أمسكي، فوعظها ثمَّ قال لها: اتق اللّه فإن غضب اللّه شديد، ثمَّ قال لها: اشهدي الخامسة أن غضب اللّه عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به، قال فشهدت قال: ففرّق بينهما و قال لهما لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما» (1)، إلى غير ذلك من الروايات.

و عن ابن عباس: «لما نزلت وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ- الآية- قال سعد بن معاذ: يا رسول اللّه إني لأعلم أنها حق من عند اللّه تعالى شأنه، و لكن تعجبت أن لو وجدت لكاعا يفخذها لم يكن لي أن أهيجه و لا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء، فو اللّه إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته، فما لبثوا حتى جاء هلال بن أمية، فقال: يا رسول اللّه إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا يقال له: شريك بن سمحاء فرأيت بعيني و سمعت بأذني، فكره النبي صلّى اللّه عليه و آله ذلك، فقال سعد: الآن يضرب النبي هلال بن أمية و تبطل شهادته في المسلمين، فقال هلال: و اللّه إني لأرجو أن يجعل اللّه لي مخرجا، فبينما هم كذلك إذ نزل:

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أبشر يا هلال فقد جعل اللّه لك فرجا و مخرجا» (2).

و يمكن انتهاؤه إلى الفطرة في الجملة، فإن المتخاصمين في مقام التخاصم يقول أحدهما للآخر: لعن اللّه الكاذب منا، أو ما يساوق هذا التعبير من الاصطلاحات المختلفة في الألسنة المتشتته.

ص: 246


1- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1.
2- راجع السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 394.

أثرها دفع حد أو نفي ولد كما تعرف تفصيله (2).

مسألة 1: إنما يشرع اللعان في مقامين

(مسألة 1): إنما يشرع اللعان في مقامين: أحدهما فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا، الثاني: فيما إذا نفى ولديّة من ولد في فراشه (3) مع إمكان لحوقه به (4).

مسألة 2: لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الريبة

(مسألة 2): لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الريبة و لا مع غلبة الظن ببعض الأسباب المريبة، بل و لا بالشياع و لا بأخبار شخص ثقة (5).

______________________________

(2) و يأتي الوجه في شرائطه و أحكامه.

(3) إجماعا، و نصا، فعن أحدهما عليهما السّلام في صحيح محمد بن مسلم: «لا يكون اللعان إلّا بنفي ولد، و إذا قذف الرجل امرأته لا عنها» (1). و أما موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «لا يكون اللعان إلّا بنفي الولد» (2)، فالحصر فيه إضافي بقرينة الآية المباركة وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ أي: يقذفون أزواجهم، و ما تقدم من صحيح محمد بن مسلم، فسبب اللعان تارة القذف بالزنا، و أخرى: نفي الولديّة كما عرفت.

(4) لأنه مع عدم إمكان ذلك فهو منفي عنه شرعا، فلا حاجة إلى اللعان.

(5) كل ذلك للأصل، و الإجماع، و النصوص منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا قذف الرجل امرأته فإنه لا يلاعنها حتى يقول: رأيت بين رجليها رجلا يزني بها» (3).

و منها: موثق أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إنه قال في الرجل يقذف امرأته يجلد ثمَّ يخلى بينهما، و لا يلاعنها حتى يقول: إنه قد رأى بين رجليها من يفجر بها» (4).

و منها: صحيح محمد بن مسلم قال: «سألته عن الرجل يفتري على امرأته،

ص: 247


1- الوسائل باب: 9 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب اللعان الحديث: 4 و 1.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب اللعان الحديث: 4 و 1.

نعم يجوز مع اليقين (6)، لكن لا يصدّق إذا لم تعترف به الزوجة و لم يكن بيّنة (7)، بل يحد حد القذف مع مطالبتها (8)، إلّا إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الآتية فيدرأ عنه الحد (9).

______________________________

قال: يجلد ثمَّ يخلى بينهما و لا يلاعنها حتى يقول أشهد أني رأيتك تفعلين كذا و كذا» (1).

و في خبر محمد بن سليمان عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام: «إذا قال: إنه لم يره، قيل له: أقم البينة، و إلا كان بمنزلة غيره جلد الحد» (2)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و مقتضى هذه الروايات تحقق الرؤية و المشاهدة في القذف في اللعان الشرعية بالزنا، و في غير ذلك لا يجوز قذف زوجته.

(6) لأن له حجية ذاتية، فهو مجبول على العمل بيقينه.

(7) لأن حجية اليقين لمن حصل له، لا يستلزم حجيته لغيره.

(8) أما الأول: فلتحقق المقتضي و فقد المانع، فيشمله عموم أدلة القذف بلا مدافع.

و أما الثاني: فلأن إقامة الحدود في حقوق الناس مشروطة بطلب صاحبها، كما يأتي في الموجب الثالث للحد في مسألة 10 من الفصل الأول منه.

(9) كتابا، و سنة، و إجماعا، قال تعالى وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ. وَ الْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ. وَ الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ (3).

ص: 248


1- الوسائل باب: 4 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 5.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 5.
3- سورة النور: 6- 9.

مسألة 3: يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعي المشاهدة

(مسألة 3): يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعي المشاهدة (10)، فلا لعان فيمن لم يدعها و من لم يتمكن منها كالأعمى (11)،

______________________________

و في صحيح الفضيل قال: «سألته عن رجل افترى على امرأته؟ قال:

يلاعنها، فإن أبي أن يلاعنها جلد الحد و ردّت إليه امرأته، و إن لا عنها فرّق بينهما و لم تحل له إلى يوم القيامة، و الملاعنة أن يشهد عليها أربع شهادات باللّه أني رأيتك تزنين، و الخامسة يلعن نفسه إن كان من الكاذبين، فإن أقرّت رجمت، و إن أرادت أن تدرأ عنها العذاب شهدت أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ وَ الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ، فإن كان انتفى من ولدها ألحق بأخواله يرثونه و لا يرثهم إلّا أن يرث أمه، فإن سماه أحد ولد زنا جلد الذي يسميه الحد» (1).

و في معتبرة زرارة قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل:

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ قال: هو القاذف الذي يقذف امرأته، فإذا قذفها ثمَّ أقرّ أنه كذب عليها جلد الحد وردت إليه امرأته، و ان أبى إلّا أن يمضي فيشهد عليها أربع شهادات باللّه أنه لمن الصادقين- الحديث-» (2)، إلى غير ذلك من الروايات التي تدل على أنه إذا أوقع اللعان الجامع للشرائط يدرأ عنه الحد.

(10) إجماعا، و نصوصا منها ما تقدم من قول الصادق عليه السّلام: «و لا يلاعنها حتى يقول إنه قد رأى بين رجليها من يفجر بها» (3)، و في رواية اخرى أن الزوج يقول: «رأيت ذلك بعيني» (4).

(11) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه، مضافا إلى الإجماع، فيختص

ص: 249


1- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 8 و 7.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 8 و 7.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 4.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 4.

فيحدان مع عدم البيّنة (12)، و أن لا يكون له بيّنة (13)، فإن كانت له بينة تتعين إقامتها لنفي الحد و لا لعان (14).

مسألة 4: يشترط في ثبوت اللعان أن تكون المقذوفة زوجة دائمة، فلا لعان في قذف الأجنبية

(مسألة 4): يشترط في ثبوت اللعان أن تكون المقذوفة زوجة دائمة (15)، فلا لعان في قذف الأجنبية بل يحد القاذف مع عدم البيّنة (16)، و كذا في المنقطعة على الأقوى (17)،

______________________________

لعان الأعمى بنفي الولد فقط.

فما عن الشهيد رحمه اللّه في المسالك من أن المراد من الرؤية و المعاينة في الأخبار العلم، و هو يحصل للأعمى أيضا.

دعوى بلا دليل و اجتهاد في مقابل النص.

(12) لعمومات أدلة حد القذف الشامل للمقام، مضافا إلى الإجماع أيضا.

(13) لقوله تعالى وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّهِ، مضافا إلى الإجماع، و ظاهر النصوص المتقدمة.

(14) لأن اللعان إنما هو حجة ضعيفة، و البينة حجة قوية، و لا تصل النوبة إلى الضعيفة مع القوية، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(15) إجماعا، و نصوصا منها صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: «لا يلاعن الحر الأمة، و لا الذمية، و لا التي يتمتع بها» (1).

و منها: صحيح ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السّلام أيضا: «لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع منها» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(16) لعموم ما دل على وجوب الحد عند تحقق السبب، كما يأتي في كتاب الحدود في الموجب الثالث منه إن شاء اللّه تعالى.

(17) لما تقدم من النصوص.

و نسب إلى السيد و المفيد الوقوع في المنقطعة للإطلاقات، و لكنها مقيدة

ص: 250


1- الوسائل باب: 10 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 4.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 4.

و أن تكون مدخولا بها (18)، فلا لعان فيمن لم يدخل بها، و أن تكون غير مشهورة بالزنا (19)، و إلا فلا لعان بل و لا حد حتى يدفع باللعان (20)، بل عليه التعزير لو لم يدفعه عن نفسه بالبينة (21)، كما يشترط فيها الكمال بالبلوغ و العقل (22)، و السلامة من الصمم و الخرس (23).

______________________________

بالنصوص السابقة، فلا وجه للأخذ بها.

(18) إجماعا، و نصوصا مستفيضة منها قول الصادق عليه السّلام في معتبرة ابن أبي عمير قال: «قلت له: الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها، قال عليه السّلام:

يضرب الحد و يخلى بينه و بينها» (1).

و في موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بأهله» (2).

و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «لا تكون الملاعنة و لا الإيلاء إلّا بعد الدخول» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

(19) لأن اللعان إنما شرع لصون العرض عن الانتهاك، و أن المشهورة بالزنا منهتكة فلا موضوع للّعان، مضافا إلى ظهور الإجماع.

(20) لما يأتي في الحدود من اشتراط العفة في المقذوف، و المشهورة بالزنا غير عفيفة، فلا موضوع لحد القذف حينئذ.

(21) أما مع الدفع بالبينة، فلا موضوع للحد و لا للتعزير. و أما التعزير فلأنه على كل منكر لو لم تكن متجاهرة بحيث لم يبق موضوع للمنكر بالنسبة إليها.

(22) إجماعا، مضافا إلى سلب عبارة الصبية و المجنونة.

(23) للإجماع، و النصوص، فعن السكوني عن الصادق عن أبيه عن علي عليه السّلام: «الخرساء ليس بينها و بين زوجها لعان، إنما اللعان باللسان» (4)، و في

ص: 251


1- الوسائل باب: 2 من أبواب اللعان الحديث: 3 و 2 و 5.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب اللعان الحديث: 3 و 2 و 5.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب اللعان الحديث: 3 و 2 و 5.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب اللعان الحديث: 12.

مسألة 5: يعتبر في الزوج الملاعن: البلوغ، و العقل و الاختيار

(مسألة 5): يعتبر في الزوج الملاعن: البلوغ، و العقل و الاختيار (24)، و لا يعتبر فيه الحرية (25)،

______________________________

موثق أبي بصير قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قذف امرأته بالزنا و هي خرساء صماء لا تسمع ما قال؟ فقال: إن كان لها بينة تشهد لها عند الإمام، جلده الحد و فرّق بينهما، ثمَّ لا تحل له أبدا، و ان لم يكن لها بينة فهي حرام عليه، ما أقام معها و لا اثم عليها» (1)، و في صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«في رجل قذف امرأته و هي خرساء، قال: يفرّق بينهما» (2)، فهذه الروايات دالة على عدم ثبوت اللعان إن كانت متصفة بالخرس و الصمم، و أنها تحرم بمجرد القذف.

(24) لأنها من الشرائط العامة، و تقدم مكررا اعتبارها، و لسلب عبارات الصبي و المجنون، و لا يترتب على قذفهما حد حتى ينتفي باللعان، مضافا إلى الإجماع.

(25) للأصل، و الإطلاق، و ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح جميل بن دراج:

«الحر بينه و بين المملوكة لعان؟ فقال: نعم، و بين المملوك و الحرة، و بين العبد و الأمة، و بين المسلم و اليهودية و النصرانية، و لا يتوارثان، و لا يتوارث الحر و المملوكة» (3)، و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «أنه سئل عن عبد قذف امرأته؟ قال: يتلاعنان كما يتلاعن الأحرار» (4).

و أما موثق ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «لا يلاعن الحر الأمة و لا الذمية و لا التي يتمتع بها» (5)، و ما في معتبرة السكوني: «ليس بين خمس من النساء و بين أزواجهن ملاعنة: اليهودية تكون تحت المسلم فيقذفها، و النصرانية. و الأمة تحت الحر فيقذفها، و الحرة تكون تحت العبد فيقذفها، و المجلود في الفرية لأن

ص: 252


1- الوسائل باب: 8 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 3 و 4.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 3 و 4.
5- الوسائل باب: 5 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 3 و 4.

و يصح لعان الأخرس إن كان له إشارة مفهمة (26).

مسألة 6: لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولّد في فراشه مع إمكان لحوقه به

(مسألة 6): لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولّد في فراشه مع إمكان لحوقه به (27)، بأن دخل في أمه و قد مضى منه إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعدا و لم يتجاوز عن أقصى مدة الحمل حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلا عما إذا اتهمها (28)، بل يجب عليه الإقرار بولديته (29)، فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «أيما رجل جحد ولده و هو ينظر إليه احتجب اللّه منه و فضحه على رؤوس الخلائق».

نعم يجب عليه أن ينفيه و لو باللعان مع علمه بعدم تكوّنه منه (30)، من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به إذا كان بحسب ظاهر الشرع لحوقه به لو لا نفيه. لئلا يلحق بنسبة من ليس منه فيترتب عليه حكم الولد في الميراث و النكاح و نظر محارمه و غير ذلك (31).

______________________________

اللّه تعالى يقول وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً، و الخرساء ليس بينها و بين زوجها» (1) إما محمول على الوطي بالملك- و كذا في الذمية- أو مطروح لأجل التقية.

(26) للإجماع، و لما تقدم في الإقرار و الطلاق و غيرهما.

(27) إجماعا، بل ضرورة من الفقه، بل و وجدانا من الناس، و نصوصا تعرض بعضها في المتن.

(28) لشمول إطلاق دليلهم من الإجماع و غيره لكل واحد من الصورتين.

(29) لما تقدم، و لقاعدة الفراش.

(30) للإجماع، و لئلا يلحق بنسبة من ليس منه، كما في المتن.

(31) لأنه باللعان ينتفي الولد منه شرعا، فلا تترتب آثار الولدية عليه حينئذ.

ص: 253


1- الوسائل باب: 5 من أبواب اللعان الحديث: 2.

مسألة 7: إذا نفى ولدية من ولد في فراشه

(مسألة 7): إذا نفى ولدية من ولد في فراشه. فإن علم أنه دخل بأمه دخولا يمكن مع لحوق الولد به أو أقر هو بذلك و مع ذلك نفاه لا يسمع منه هذا النفي و لا ينتفي منه لا باللعان و لا بغيره (32)، و أما لو لم يعلم ذلك و لم يقر به و قد نفاه- إما مجردا عن ذكر السبب بأن قال: هذا ليس ولدي، أو مع ذكر السبب بأن قال: لأني لم أدخل بأمه أصلا- أو أنكر دخولا لا يمكن تكونه منه فحينئذ و إن لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن باللعان ينتفي عنه (33).

مسألة 8: إنما يشرع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم

(مسألة 8): إنما يشرع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم (34)، و أما ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان (35)، و إن لم يجز له نفيه و لم يعلم بالانتفاء (36).

______________________________

(32) لأنه أكذب بفعله أو إقراره نفي الولد، فلا يسمع مثل هذا النفي مطلقا.

(33) أما عدم النفي عنه بمجرد النفي، فلعدم اعتبار نفيه إلّا إذا كان ذلك بوجه شرعي، و هو اللعان الشرعي. و أما النفي باللعان فلتحقق المقتضي و فقد المانع، فتشمله العمومات، و الإطلاقات بلا محذور فيه. هذا إذا تحقق الدخول، و إلا فلا لعان مطلقا.

(34) إجماعا، و نصا- كما تقدم- قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن أبي يعفور: «لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع منها» (1).

(35) للإجماع، و إطلاق ما تقدم من النص، و مر في أحكام المتعة ما يتعلق بالمقام.

(36) لقاعدة الفراش، مضافا إلى الإجماع. فالأقسام ثلاثة:

ص: 254


1- الوسائل باب: 10 من أبواب اللعان الحديث: 1.

نعم لو علم أنه قد دخل بها دخولا يمكن تكوّن الولد منه أو أقر بذلك و مع ذلك قد نفاه لم ينتف عنه بنفيه و لم يسمع منه ذلك كما هو كذلك في الدائمة (37)، و المتمتع بها إنما هو فيما إذا كانت المرأة تحته و ولدت ولدا و لم يعلم دخول الرجل بها دخولا يمكن تكوّن الولد منه و لم يقر الزوج بذلك و قد نفاه الزوج و احتمل صدقه و كذبه ففي ولد الدائمة لم ينتف إلّا باللعان و يشرع اللعان لنفيه و في ولد المتمتع بها ينتفي عنه بمجرد نفيه بحسب ظاهر الشرع و لا يشرع فيه اللعان (38).

مسألة 9: لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا

(مسألة 9): لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا (39).

______________________________

الأول: العلم بكون الولد له لا يجوز له النفي لا باللعان و لا بغيره، بلا فرق بين الدائمة و المتعة.

الثاني: العلم بأن الولد ليس له يجب نفيه في الدائمة باللعان، و في المتمتعة ينفي بغير لعان.

الثالث: التردد و الشك في ذلك ينفي في الدائمة باللعان، و في المتعة ينفي بمجرد النفي و لا يحتاج إلى اللعان، ففي صحيح ابن حنظلة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شروط المتعة؟ فقال: يشارطها على ما يشاء من العطية و يشترط الولد إن أراد» (1)، و قريب منه غيره.

(37) لما مر من وقوع التكذيب بين اللعان، و ما أقر أو فعل، فلا اعتبار باللعان حينئذ.

(38) على ما هو المنساق من النصوص التي مر بعضها، مضافا إلى الإجماع.

(39) لإطلاق الدليل الشامل لهما. و ما يظهر منه الخلاف مثل رواية أبي

ص: 255


1- الوسائل باب: 33 من أبواب المتعة الحديث: 3.

مسألة 10: من المعلوم أن انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنا

(مسألة 10): من المعلوم أن انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنا (40) لاحتمال تكوّنه عن وطئ شبهة أو غيره، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به و إن جاز له بل وجب عليه نفيه عن نفسه (41) لكن لا يجوز أن يرميها بالزنا و ينسب ولدها بكونه ولد زنا (42).

مسألة 11: لو أقر بالولد لم يسمع إنكاره

(مسألة 11): لو أقر بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك (43)، سواء كان إقراره بالصريح أو بالكناية، مثل: أن يبشّر به. و يقال له: بارك اللّه لك في مولودك، فيقول: آمين أو إن شاء اللّه تعالى (44)، بل قيل انه إذا كان الزوج حاضرا وقت الولادة و لم ينكر الولد مع ارتفاع العذر لم يكن له إنكاره بعد ذلك (45)،

______________________________

بصير عن الصادق عليه السّلام: «كان أمير المؤمنين عليه السّلام يلاعن في كل حال إلّا أن تكون حاملا» (1)، محمول على التأخير في صورة خوف الحامل من الجهوض، أو إقامة الحد بعد النكول.

(40) لا شرعا و لا عقلا بعد فرض إمكان الوطي بالشبهة.

(41) لما مر من حفظ النسب و آثاره و عدم اختلاطه.

(42) لما تقدم، و يأتي في الحدود من حرمة قذف الزوجة بالزنا.

(43) لقاعدة: «إن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»، فلا يسمع إنكاره بعد الإقرار ما لم تقم حجة على بطلان الإقرار حين حدوثه، هذا مضافا إلى الإجماع.

(44) المدار كله على الظهور العرفي الذي هو حجة معتبرة مطلقا.

(45) القائل هو الشيخ رحمه اللّه في المبسوط، و نسبه في المسالك إلى المشهور، و خلاصة دليلهم: أن مقتضى إطلاق قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الولد للفراش» (2) هو الإلحاق مطلقا، فالسكوت تقرير حينئذ فلا يجوز النفي بعد ذلك.

ص: 256


1- الوسائل باب: 13 من أبواب اللعان الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب نكاح العبيد و الإماء الحديث: 3.

بل نسب ذلك إلى المشهور (46).

مسألة 12: لا يقع اللعان إلّا عند الحاكم الشرعي أو من نصبه لذلك

(مسألة 12): لا يقع اللعان إلّا عند الحاكم الشرعي أو من نصبه لذلك (47)، و صورته أن يبدأ الرجل و يقول بعد ما قذفها أو نفى ولدها (48):

______________________________

و في إطلاقه تأمل إذ يمكن أن يكون السكوت لعارض من العوارض و لذا اشتهر أن السكوت أعم من الرضا.

نعم، لو كان مثل سكوت البكر في النكاح فالقرينة على الرضا موجود.

(46) كما عن الشهيد في المسالك، و لكن قد عرفت الإشكال في إطلاقه.

(47) لظواهر النصوص، منها قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «و اللعان أن يقول الرجل لامرأته عند الوالي: إني رأيت رجلا مكان مجلسي منها، أو ينتفي من ولدها فيقول: ليس مني، فإذا فعل ذلك تلاعنا عند الوالي» (1).

و منها: صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «كيف الملاعنة؟ قال:

يقعد الإمام و يجعل ظهره إلى القبلة و يجعل الرجل عن يمينه و المرأة عن يساره» (2).

و منها: صحيح ابن مسلم: «سألت أبا جعفر الباقر عليه السّلام: عن الملاعن و الملاعنة كيف يصنعان؟ قال: يجلس الإمام مستدبر القبلة» (3)، مضافا إلى الإجماع، و يقوم مقامه من نصبه بدليل إذنه و ولايته.

(48) هذه الصورة مذكورة في القرآن الكريم (4)، و السنة المستفيضة (5)، و مورد الإجماع.

ص: 257


1- مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب اللعان الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 5 و 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 5 و 4.
4- سورة النور: 6- 9.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب اللعان.

(أشهد باللّه إني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو من نفي ولدها) يقول ذلك أربع مرات، ثمَّ يقول مرة واحدة: (لعنة اللّه عليّ إن كنت من الكاذبين)، ثمَّ تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات: (أشهد باللّه أنه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد) ثمَّ تقول مرة واحدة: (إن غضب اللّه عليّ إن كان من الصادقين) (49).

مسألة 13: يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور

(مسألة 13): يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور (50)، فلو قال أو قالت أحلف أو أقسم أو شهدت أو أنا شاهد أو بدّلا لفظ الجلالة بالرحمن أو بخالق البشر أو بصانع الموجودات أو قال الرجل: إني صادق أو لصادق أو من صادقين من غير ذكر اللام أو قالت المرأة إنه لكاذب أو كاذب أو من الكاذبين لم يقع (51)، و كذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب و المرأة بالعكس (52).

مسألة 14: يجب أن يكون إتيان كل منهما باللعان بعد إلقاء الحاكم إياه عليه

(مسألة 14): يجب أن يكون إتيان كل منهما باللعان بعد إلقاء الحاكم إياه عليه (53)، فلو بادر به قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع (54).

مسألة 15: يجب أن يكون النطق بالعربية مع القدرة

(مسألة 15): يجب أن يكون النطق بالعربية مع القدرة و يجوز بغيرها مع التعذر (55).

______________________________

(49) فيتحقق اللعان بعد تساوي اللعنات و تقابلها.

(50) لظاهر الكتاب- كما تقدم- و النصوص، و الإجماع.

(51) لأنه خلاف المنقول شرعا.

(52) لأصالة عدم ترتب الأثر في غير ما هو الظاهر من القرآن، و الخبر، و المتيقن من الإجماع المعتبر.

(53) لظواهر النصوص، مضافا إلى دعوى الإجماع، و الأصل في غير المتيقن من الأدلة.

(54) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء الشرط.

(55) أما الأول: فلأنه المنساق من الأدلة، مضافا إلى الإجماع.

ص: 258

مسألة 16: يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة

(مسألة 16): يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة (56)، و هل يعتبر أن يكونا قائمين معا عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل منهما عند تلفظه بما يخصه؟ أحوطهما الأول (57). و كذا يجب أن يبدأ الرجل أولا بالتلفظ المذكور ثمَّ المرأة كذلك (58).

______________________________

و أما الثاني: فلأن الضرورات تبيح المحظورات- كما في غير المقام- هذا إذا كان الحاكم عارفا بتلك اللغة و إلا يحتاج إلى المترجم كما يأتي في كتاب القضاء.

(56) لظواهر النصوص، منها قول أبي جعفر الباقر عليه السّلام في صحيح جميل:

«يجلس الإمام مستدبر القبلة يقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه، و يبدأ بالرجل ثمَّ المرأة» (1)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحجاج: «فأوقفهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمَّ قال للزوج: اشهد» (2).

و أما ما يظهر منه الخلاف مثل ما عن الصادق عليه السّلام في المرسل أنه قال:

«و السنة أن يجلس الإمام للمتلاعنين و يقيمهما بين يديه، كل واحد منهما مستقبل القبلة» (3)، محمول على الثبوت بغير الكتاب، فلا ينافي الوجوب بدليل آخر أو الندب كذلك، مضافا إلى قصور سنده، و في صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليهما السّلام: «الملاعنة قائما يلاعن أو قاعدا؟ فقال: الملاعنة و شبهها من قيام» (4).

(57) لاحتمال شمول إطلاق الدليل لذلك، و لكنه مشكل مع ذهاب بعض إلى كفاية القيام حين التلفظ فقط.

(58) لظاهر الكتاب، و ما تقدم من النصوص المعتبرة، و أن لعانها لإسقاط الحد عن نفسها، فلا يكون ذلك إلّا بعد لعان الزوج فلو لا عنت قبله لغي.

ص: 259


1- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 4 و 1 و 5.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 4 و 1 و 5.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 4 و 1 و 5.
4- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1.

مسألة 17: يجب أن يعيّنها بما يرفع الاشتباه إن كان له زوجات متعددة

(مسألة 17): يجب أن يعيّنها بما يرفع الاشتباه إن كان له زوجات متعددة (59).

______________________________

(59) لظواهر الأدلة، و أصالة عدم تحقق اللعان إلّا بالمعينة في الخارج من الزوجات.

ثمَّ إنهم اختلفوا في أن اللعان شهادة أو يمين، و استدل للأول بإطلاق الشهادة عليه في الكتاب و السنة، قال تعالى فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ (1) إلى آخر الآية التي أطلق عليها لفظ الشهادة في خمسة مواضع منها.

و من السنة قول النبي صلّى اللّه عليه و آله للرجل: «اشهد أربع شهادات- و للمرأة- اشهدي» (2)، و قول الصادق عليه السّلام: «ليس بين خمس نساء و بين أزواجهن ملاعنة- إلى أن قال- و المجلود في الفرية لأن اللّه تعالى يقول وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً» (3)، إلى غير ذلك من الأخبار.

و يمكن الخدشة فيه.

أولا: بأن إطلاق الشهادة أعم من ذلك.

و ثانيا: بإطلاق اليمين عليه في الكتاب و السنة، كما يأتي.

كما استدل بأنه أيمان و ليس شهادة، بما ورد في الكتاب و السنة أيضا، قال تعالى بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ. و قولها بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ، و إن استحباب التغليظ في الأيمان دون الشهادة.

و من السنة: ما مر، و قوله صلّى اللّه عليه و آله لهلال بن أمية: «احلف باللّه الذي لا إله إلّا هو انك لصادق» (4)، و كذلك قوله صلّى اللّه عليه و آله بعد التلاعن: «لو لا الأيمان لكان لي و لها

ص: 260


1- سورة النور: 6.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب اللعان الحديث: 12.
4- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 395.

و لا يجب عليها تعيين الرجل (60).

مسألة 18: يستحب في اللعان أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة

(مسألة 18): يستحب في اللعان أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة، و أن يقف الرجل عن يمينه و المرأة و الولد عن يمين الرجل (61). و يحضر مجلس اللعان من يسمعه (62)، و أن يعظه الحاكم قبل ذكر اللعن و كذا المرأة قبل ذكر الغضب (63)،

______________________________

شأن» (1)، و إن كل منهما يلاعن نفسه، و لا معنى لشهادة أحد لنفسه هذا.

و ليس كل واحد من الاستدلالين تام في الدليلية.

و المتحصل من المجموع، أنه برزخ بينهما، فإنه شهادة من جهة و يمين من اخرى، و لا محذور فيه من عقل أو نقل.

و لا يترتب على هذا الاختلاف ثمرة علمية و لا عملية، إذ لو قيل إنه شهادة، لا يلتزمون بترتب جميع أحكام الشهادة عليه، و كذا لو قيل بأنه يمين.

(60) لعدم احتمال التعدد فيه، فلا يجب عليها ذلك.

(61) لما عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام في صحيح البزنطي: «أصلحك اللّه تعالى كيف الملاعنة؟ قال: يقعد الإمام و يجعل ظهره إلى القبلة و يجعل الرجل عن يمينه و المرأة و الصبي عن يساره» (2)، و في صحيح محمد بن مسلم: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الملاعن و الملاعنة كيف يصنعان؟ قال: يجلس الإمام مستدبر القبلة فيقيمهما بين يديه مستقبل القبلة بحذائه و يبدأ بالرجل ثمَّ بالمرأة» (3).

(62) كما روى ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (4)، و لتعظيم الأمر و أخذ العبرة منه.

(63) لما عن الصادق عليه السّلام في خبر عباد البصري: «ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال

ص: 261


1- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 395.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 2 و 4.
4- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 394 و 399.

و أن يغلّظ اللعان بالقول و المكان و الزمان (64).

مسألة 19: إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة

(مسألة 19): إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة (65):

الأول: انفساخ عقد النكاح و الفرقة بينهما (66).

الثاني: الحرمة الأبدية، فلا تحل له أبدا و لو بعقد جديد (67)، و هذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان سواء كان للقذف أو لنفي الولد (68).

______________________________

للرجل: بعد الشهادات الأربع: اتق اللّه فإن لعنة اللّه شديدة، ثمَّ قال: اشهد الخامسة- إلى أن قال- ثمَّ قال صلّى اللّه عليه و آله: للامرأة بعد الشهادات الأربع: أمسكي فوعظها، و قال:

اتق اللّه فإن غضب اللّه شديد- الحديث-» (1) و غيره من الروايات.

(64) لما تقدم في كتاب الأيمان. هذا كله إذا لم يكن محذور شرعي آخر في البين.

(65) بلا شك في ذلك و لا ريب من جميع الإمامية و نصوصهم.

(66) للإجماع، و ما مر من النصوص منها ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد ما تمَّ اللعان: «فرق بينهما و قال لهما: لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما»(2)، إلى غير ذلك من الروايات الدالة على أن فرقة اللعان فسخ كالرضاع و الردّة، فلا يعتبر فيه شرائط الطلاق و لا أحكامه.

(67) نصا، و إجماعا، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح زرارة: «ثمَّ لا تحلّ له إلى يوم القيامة» (3)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «اذهبا فلن يحل لك و لن تحلي له أبدا» (4)، و مر قوله صلّى اللّه عليه و آله: «لا تجتمعا بنكاح أبدا» (5)، إلى غير ذلك من الروايات و هي تشمل العقد الجديد أيضا.

(68) لإطلاق الدليل الشامل لهما.

ص: 262


1- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 1 و 7 و 9 و 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 1 و 7 و 9 و 1.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 1 و 7 و 9 و 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 1 و 7 و 9 و 1.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1 و 1 و 7 و 9 و 1.

الثالث: سقوط حق القذف عن الزوج بلعانه، و سقوط حد الزنا عن الزوجة بلعانها (69)، فلو قذفها ثمَّ لاعن و نكلت هي اللعان تخلص الرجل عن حد القذف و تحد المرأة حد الزانية، لأن لعان الرجل بمنزلة البينة في إثبات زنا الزوجة (70).

الرابع: انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفيه (71)، بمعنى أنه لو نفاه و ادعت الزوجة كون الولد له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل و الولد (72)،

______________________________

(69) للآية المباركة (1)، و الإجماع، و النصوص قال الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة: «القاذف الذي يقذف امرأته فإذا قذفها ثمَّ أقر أنه كذب عليها جلد الحد و ردت إليه امرأته، و إن أبى إلّا أن يمضي فيشهد عليها أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ وَ الْخامِسَةُ يلعن فيها نفسه إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ، و إن أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب- و العذاب هو الرجم- ف تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ، وَ الْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصّادِقِينَ، فإن لم تفعل رجمت، و إن فعلت و درأت عن نفسها الحد ثمَّ لا تحل له إلى يوم القيامة، قلت:

أرأيت إن فرّق بينهما و لها ولد فمات قال: ترثه أمه فإن ماتت أمه ورثه أخواله، و من قال: إنه ولد زنا جلّد الحد، قلت: يرد إليه الولد إذا أقر به؟ قال: لا و لا كرامة و لا يرث الابن و يرثه الابن» (2).

(70) فيكون المقتضي للحد موجود و المانع مفقود فتحد.

(71) لفرض إقرارها بأن الولد منها و للرجل، فاللعان أثبت نفيه عن الرجل دون المرأة.

(72) لانتفاء النسبة بينهما شرعا، فلا نسبة حتى يتحقق الإرث.

ص: 263


1- سورة النور: 6.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب اللعان الحديث: 1.

فلا يرث كل منهما عن الآخر، و كذا بين الولد و كل من انتسب إليه بالأبوة كالجد و الجدة و الأخ و الأخت للأب و كذا الأعمام و العمات بخلاف الأم و من انتسب إليه بها (73)، حتى أن الاخوة للأب و الأم بحكم الاخوة للأم (74).

مسألة 20: إذا كذّب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد

(مسألة 20): إذا كذّب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له (75)،

______________________________

(73) لتحقق النسبة الشرعية، فيترتب عليها جميع أحكامها.

(74) لصدق النسبة من جهتها، فيثبت جميع أحكامها.

(75) إجماعا، و نصوصا منها ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي:

«سألته عن الملاعنة التي يقذفها زوجها و ينتفي من ولدها فيلاعنها و يفارقها، ثمَّ يقول بعد ذلك: الولد ولدي و يكذّب نفسه، فقال صلّى اللّه عليه و آله: أما المرأة فلا ترجع إليه، و أما الولد فإني أرده عليه إذا ادعاه و لا أدع ولده، و ليس له ميراث، و يرث الابن الأب و لا يرث الأب الابن، يكون ميراثه لأخواله، فإن لم يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه و لا يرثهم فإن دعاه أحد ابن الزانية جلد الحد» (1).

و ما يظهر منه الخلاف مثل معتبرة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السّلام:

«سألته عن رجل لا عن امرأته و انتفى من ولدها ثمَّ أكذب نفسه بعد الملاعنة و زعم أن الولد ولده، هل يرد عليه ولده؟ قال عليه السّلام: لا، و لا كرامة لا يرد عليه و لا تحل له إلى يوم القيامة» (2)، محمول بالنسبة إلى ما له لا بالنسبة إلى ما عليه، فيكون صحيح الحلبي المتقدم بمنزلة الشرح و البيان لجميع الروايات الواردة في الباب، فلا وجه لتوهم التعارض بينها، و لا بد حينئذ من رد غيره إليه.

و عليه يحمل صحيحة الثاني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن رجل لا عن امرأته

ص: 264


1- الوسائل باب: 6 من أبواب اللعان الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب اللعان الحديث: 5.

و لا يرثه الأب و لا من يتقرب به (76).

مسألة 21: لو أخل أحدهما بشي ء من شرائط اللعان المعتبرة لم يصح

(مسألة 21): لو أخل أحدهما بشي ء من شرائط اللعان المعتبرة لم يصح و لو حكم به الحاكم لم ينفذ (77).

مسألة 22: تقدم أن لعان الزوجين يوجب انفساخ النكاح الذي بينهما و ليس بطلاق

(مسألة 22): تقدم أن لعان الزوجين يوجب انفساخ النكاح الذي بينهما و ليس بطلاق (78)، فلا يعتبر شرائط الطلاق فيه (79).

نعم يصح لعان المطلّقة الرجعية و أثره أنها تحرم أبدا بخلاف البائن فلا يصح اللعان فيه (80).

______________________________

و هي حبلى، و قد استبان حملها و أنكر ما في بطنها، فلما وضعت ادّعاه و أقرّ به و زعم أنه منه، فقال عليه السّلام: يرد عليه ولده و يرثه و لا يجلد، لأن اللعان بينهما قد مضى» (1) أي يرثه الولد لا الوالد، بقرينة ما تقدم من صحيح الحلبي أيضا.

و كذا معتبرة محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن رجل لاعن امرأته و انتفى من ولدها ثمَّ أكذب نفسه، هل يرد عليه ولده؟ فقال: إذا أكذب نفسه جلد الحد و ردّ عليه ابنه و لا ترجع إليه امرأته أبدا» (2)، يعني يرد الولد فيما عليه مثل أن يرث أباه لا فيما له، فلا يرثه أبوه كما مر.

(76) لزوال النسبة بينهما شرعا.

(77) أما عدم الصحة في الأول: فلقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه.

و أما عدم النفوذ في الثاني: فلكونه خلاف ما أنزل اللّه تعالى.

(78) أما الأول: فلثبوت الفرقة نصوصا، و إجماعا، كما مر.

و أما الثاني: فلأصالة عدم ترتب آثاره إلّا بدليل، و هو مفقود.

(79) للأصل، و لاختلافهما شرعا و عرفا، بل و لغة.

(80) أما الأول: فلما تقدم مكررا أنها بمنزلة الزوجة، فتترتب عليها آثار

ص: 265


1- الوسائل باب: 13 من أبواب اللعان الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب اللعان الحديث: 6.

مسألة 23: لو قذفها فماتت قبل تحقق اللعان سقط اللعان و ورثها الزوج

(مسألة 23): لو قذفها فماتت قبل تحقق اللعان سقط اللعان و ورثها الزوج (81)، و لوارثها استيفاء حد القذف منه إن لم يلاعن (82)، و إلا لا يرثها (83).

مسألة 24: إذا شهد أربعة بالزنا و الزوج أحدهم ترجم المرأة

(مسألة 24): إذا شهد أربعة بالزنا و الزوج أحدهم ترجم المرأة (84).

______________________________

الزوجية التي منها اللعان.

و أما الثاني: فلانقطاع العصمة بينهما بالمرة، فلا موضوع للّعان فيه أصلا.

(81) لأصالة بقاء علقة النكاح، فيترتب عليها جميع الآثار.

(82) لعموم أدلة القذف، و أنه موروث كما يأتي في محله إن شاء اللّه تعالى، و عموم أدلة اللعان الموجب لسقوط الحد، مضافا إلى رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في رجل قذف امرأته و هي في قرية من القرى، فقال السلطان: مالي بهذا علم، عليكم بالكوفة، فجاءت إلى القاضي ليلاعن فماتت قبل أن يتلاعنا، فقالوا هؤلاء: لا ميراث لك، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إن قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه فلا ميراث له، و إن أبي أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها» (1)، و قريب منه غيره، و يستفاد منه أن حق اللعان موروث.

(83) لتحقق اللعان من جانبه الموجب لسقوط الإرث كما مر.

(84) للعمومات، و الإطلاقات كما يأتي في كتاب الحدود، و رواية إبراهيم بن نعيم عن الصادق عليه السّلام: «أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها، قال:

تجوز شهادتهم» (2).

و دعوى ظهور قوله تعالى وَ اللّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ (3)، و كذا قوله تعالى بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ (4)

ص: 266


1- الوسائل باب: 15 من أبواب اللعان الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب اللعان الحديث: 1.
3- سورة النساء: 15.
4- سورة النور: 13.

مسألة 25: يحرم رمي الولد بالزنا بعد اللعان مطلقا

(مسألة 25): يحرم رمي الولد بالزنا بعد اللعان مطلقا و لو رماه أحد حد (85).

مسألة 26: لو تمَّ اللعان و فرّق بينهما يجب على الزوج دفع المهر

(مسألة 26): لو تمَّ اللعان و فرّق بينهما يجب على الزوج دفع المهر إن كان على ذمته (86).

______________________________

في كونهم غير الزوج.

مما لا شاهد لها، كما قلنا في التفسير لإطلاق الآية المباركة.

و أما رواية زرارة عن أحدهما عليهما السّلام: «في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا أحدهم زوجها، قال عليه السّلام: يلاعن و يجلد الآخرون» (1)، فيمكن حمله على اختلال بعض الشرائط.

(85) للإجماع، و لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله: «لما لا عن بين هلال و امرأته فرّق بينهما، و قضى لا يدعى ولدها لأب و لا يرمى ولدها، و متى رماها أو رمى ولدها فعليه الحد» (2)، و عن الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي بصير: «المرأة يلاعنها زوجها و يفرّق بينهما إلى من ينسب ولدها؟ فقال عليه السّلام إلى أمه» (3).

(86) لما تقدم سابقا من أن فسخ النكاح لا يوجب سقوط المهر، و أنه يستقر تمامه بالدخول.

ص: 267


1- الوسائل باب: 12 من أبواب اللعان الحديث: 2.
2- السنن الكبرى للبيهقي ج: 7 صفحة: 395 و 402.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب اللعان الحديث: 2.

ص: 268

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كتاب العتق

اشارة

كتاب العتق

تعريف العتق

اشارة

و هو إزالة قيد الرقيّة عن الإنسان المملوك (1)، و له فضل عظيم (2).

______________________________

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العباد و هاديهم إلى سبل الصلاح و الرشاد و الصلاة و السلام على معتق النفوس عن رقية الجهل و ساقيهم إلى صراط العلم و العدل محمد و آله الطاهرين.

و بعد حيث إن مسائل هذا الكتاب في هذه الأعصار مجرد فرض لا واقع لها في الخارج، كنت عازما على عدم التعرض له أصلا، فالتمسني بعض الأفاضل أن أشير إلى أمهات مسائله تتميما لجميع الكتب الفقهية، فأشرت إلى بعضها إجمالا مع كثرة الاشتغال بالأهم و عزة الوقت رجاء أن يعتق اللّه رقابنا من النار فإنه سميع مجيب.

فنقول: مادة [ع ت ق] تستعمل بمعنى التقدم إما في الزمان أو المكان، أو الرتبة، فالعتيق ما تقدم إما في الزمان أو المكان أو الرتبة، و من الأخير من خلص نفسه عن الرقيّة و هي الحرية.

(1) كما في اللغة و الشرع.

(2) بالأدلة الأربعة، أما الكتاب: فقوله تعالى:

ص: 269

مسألة 1: يختص الاسترقاق بأهل الحرب دون غيرهم

(مسألة 1): يختص الاسترقاق بأهل الحرب دون غيرهم (3).

نعم أهل الذمة إن أخلّوا بشرائط الذمة دخلوا في الحربي (4).

مسألة 2: كل من أقر على نفسه بالرقيّة حكم بها عليه إلّا إذا علم حريته

(مسألة 2): كل من أقر على نفسه بالرقيّة حكم بها عليه إلّا إذا علم حريته (5).

______________________________

فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (1).

و أما السنة: فهي متواترة بين جميع الأمة، ففي صحيح حفص عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يعتق المملوك، قال: ان اللّه يعتق بكل عضو منه عضوا من النار» (2)، و عن نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من أعتق مسلما أعتق اللّه العزيز الجبار بكل عضو منه عضوا من النار» (3).

و أما الإجماع: فهو من المسلمين بل العقلاء.

و أما العقل، فهو يحكم بحسنه، لأنه إزالة قيد العبودية للمخلوق، و جعله مالكا لأمره بعد أن لا يقدر على شي ء.

(3) لأصالة عدم ملكية أحد لأحد إلّا ما خرج بالدليل، مضافا إلى الإجماع.

(4) تقدم التفصيل في كتاب الجهاد (4)، فلا حاجة للتكرار هنا بعد ذلك.

و يجري الاسترقاق أيضا لو اشترى شخص من حربيّ ولده، أو زوجته، أو أحد أرحامه، جاز له ذلك و ملكه.

(5) أما الأول: فلقاعدة: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز» (5)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «كان علي عليه السّلام يقول: الناس كلهم أحرار إلّا

ص: 270


1- سورة البلد: 14.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب العتق. الحديث: 1، 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب العتق. الحديث: 1، 2.
4- راجع ج: 15 صفحة: 110.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب الإقرار الحديث: 2.

مسألة 3: إزالة الرق إما بالمباشرة أو بالسراية أو بالعوارض

(مسألة 3): إزالة الرق إما بالمباشرة أو بالسراية أو بالعوارض (6)، و المباشرة تتحقق في العتق و التدبير و الكتابة (7).

مسألة 4: يكفي في العتق المباشر كل لفظ ظاهر فيه عرفا بلا فرق فيه بين الأقسام الثلاثة

(مسألة 4): يكفي في العتق المباشر كل لفظ ظاهر فيه عرفا بلا فرق فيه بين الأقسام الثلاثة (8)، فيصح أن يقول في العتق (أنت) أو (هو) أو (فلان حر) (9)، و كذا أن يقول أعتقتك (10)، و لا بد من النطق بذلك و لا تكفي الإشارة و الكتابة مع القدرة عليه (11).

______________________________

من أقر على نفسه بالعبودية و هو مدرك» (1)، مضافا إلى الإجماع.

و أما الثاني: فلعدم الأثر للإقرار مع العلم بالخلاف، و انصراف النص و الفتوى عن هذه الصورة.

(6) هذا الحصر شرعي، يدل عليه. مضافا إلى الإجماع، النصوص الآتية عند بيان هذه الأقسام.

(7) لتحقق السببية المباشرية في كل ذلك و إن اختلفت الأولى مع الأخيرين في اعتبار الإطلاق فيها دونهما، إذ الثانية معلّقة على ما بعد الموت، و الأخيرة على أداء مال الكتابة.

(8) لما مر مكررا من حجية الظواهر المتعارفة عند أهل المحاورة، و عدم اعتبار الإهمال و الإجمال مطلقا.

(9) لظهور كل منها في ذلك، مضافا إلى الإجماع، و ظواهر الأدلة.

(10) لما مر من الظهور العرفي في المراد، مضافا إلى ورود هذا اللفظ في بعض الأخبار (2).

(11) للأصل، و ظهور الإجماع، و ما عن الباقر عليه السّلام في صحيح زرارة:

«رجل كتب بطلاق امرأته أو بعتق غلامه ثمَّ بدا له فمحاه، قال: ليس ذلك بطلاق،

ص: 271


1- الوسائل باب: 29 من أبواب العتق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب العتق.

مسألة 5: لو عجز عن النطق تكفي الإشارة المفهمة للعتق

(مسألة 5): لو عجز عن النطق تكفي الإشارة المفهمة للعتق (12).

مسألة 6: يعتبر العربية في العتق على الأحوط مع القدرة عليها

(مسألة 6): يعتبر العربية في العتق على الأحوط مع القدرة عليها (13).

مسألة 7: يعتبر أن يكون اللفظ غير معلّق على شي ء

(مسألة 7): يعتبر أن يكون اللفظ غير معلّق على شي ء (14)، و لا يعتبر تعيين المعتق (15)، و لا يصح تبعيض التحرير بالنسبة إلى أجزاء البدن كما إذا قال: مثلا يدك حر (16)،

______________________________

و لا عتاق حتى يتكلم به» (1)، و قد تقدم في الطلاق ما ينفع المقام.

(12) للإجماع، و النص، ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «أن أباه حدّثه أن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع و أمها زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله تزوجها بعد علي عليه السّلام المغيرة بن نوفل، و إنها وجعت وجعا شديدا حتى اعتقل لسانها، فأتاها الحسن و الحسين عليهما السّلام و هي لا تستطيع الكلام، فجعلا يقولان- و المغيرة كاره لما يقولان- أعتقت فلانا و أهله، فتشير برأسها أن نعم، و كذا و كذا، فتشير برأسها: نعم أم لا، قلت: فأجازا ذلك لها؟ قال: نعم» (2).

(13) أرسل ذلك إرسال المسلّمات، و استند إلى الأصل أيضا. و الأول مخدوش إلّا أن يكون من الإجماع المعتبر، و كذلك الثاني مع إطلاقات الأدلة، و لذا عبرنا بالاحتياط.

(14) عمدة دليله الإجماع.

نعم، يصح التعليق في التدبير كما يأتي.

(15) للأصل، و الإطلاق، و تغليب الحرية، فلو قال: أحد عبيدي حر، صح و يختار من يشاء.

(16) لأصالة بقاء الرقيّة بعد كون ذلك خلاف المنساق من الأدلة.

ص: 272


1- الوسائل باب: 14 من أبواب مقدمات الطلاق الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب العتق الحديث: 1.

و أما لو قال: بدنك أو جسدك أو نفسك حر يصح (17).

مسألة 8: لو أعتق معينا ثمَّ عدل عنه إلى غيره صح عتق المعدول عنه

(مسألة 8): لو أعتق معينا ثمَّ عدل عنه إلى غيره صح عتق المعدول عنه و بقي المعدول إليه على الرقيّة (18).

مسألة 9: لو أعتق معينا ثمَّ اشتبه و لم يتذكر أقرع

(مسألة 9): لو أعتق معينا ثمَّ اشتبه و لم يتذكر أقرع (19).

______________________________

(17) لأن ذلك كله عبارة أخرى عن الجميع، فتشمله الإطلاقات و العمومات.

(18) للأصل فيهما بعد عدم دليل على الخلاف.

(19) لأن القرعة لكل أمر مشكل أو مشتبه، و المقام منه، إلّا أن يتذكر إن أرجئ و أخر فحينئذ يؤخر حتى يتذكر.

ص: 273

فصل في ما يعتبر في المعتق

اشارة

فصل في ما يعتبر في المعتق يعتبر في المعتق (بالكسر) البلوغ، و العقل، و الاختيار و الملكية، و القصد إلى العتق (1) و عدم الحجر، و القربة (2).

مسألة 1: قصد القربة في المقام كقصدها في سائر الموارد بلا فرق بينها

(مسألة 1): قصد القربة في المقام كقصدها في سائر الموارد بلا فرق بينها (3).

______________________________

(1) لأنها من الشرائط العامة في كل إنشاء، إيقاعا كان أو عقدا، و قد تقدم الوجه فيها مكررا، فلا وجه للتكرار و الإعادة، مضافا إلى الإجماع، و نصوص خاصة دالة على بطلان عتق المكره في المقام، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن عتق المكره؟ فقال: ليس عتقه بعتق» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن طلاق السكران؟ فقال: لا يجوز و لا عتقه» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(2) أما اعتبار عدم الحجر فلفرض أنه تصرف مالي، و المحجور ممنوع منه كما تقدم في كتاب الحجر، و للإجماع. و أما الأخير فلقوله عليه السّلام في عدة روايات: «لا عتق إلّا ما أريد به وجه اللّه تعالى» (3).

(3) لإطلاق دليل اعتبارها فيها من غير ما يدل على التفرقة و التفصيل.

ص: 274


1- الوسائل باب: 19 من أبواب العتق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب العتق الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب العتق.

مسألة 2: لا يصح عتق الصبي و إن بلغ عشرا

(مسألة 2): لا يصح عتق الصبي و إن بلغ عشرا (4)، و السكران و المكره (5).

مسألة 3: المشهور بطلان عتق الكافر

(مسألة 3): المشهور بطلان عتق الكافر (6)، و فيه إشكال (7).

______________________________

(4) لما مر من اعتبار البلوغ، و لكن وردت رواية دالة على صحة عتق البالغ عشرا، و هي ما عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «إذا أتى على الغلام عشر سنين، فإنه يجوز له من ماله ما أعتق و تصدق على وجه المعروف فهو جائز» (1)، و قريب منه غيره.

و لم يعمل بها الأكثر فلا بد من رد علمه إلى أهله.

(5) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه، مضافا إلى الإجماع، و ما تقدم.

(6) استدلوا عليه بأنه من العبادات، و هي لا تصح منه.

و فيه: أنه يصح وقفه و صدقاته، و أن الثواب من اللّه تعالى لا ينحصر في دخول الجنة حتى يقال بأنه لا يدخلها، بل هو جلّ شأنه لا يضيع أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (2)، سواء كان ذلك في الدنيا أو في البرزخ أو تخفيف العذاب، و لذا ذهب بعض إلى الصحة بعد تحقق قصد القربة.

و استدل عليه أيضا بأنه يستلزم الولاء، فإذا كان العبد مسلما يلزم ثبوت الولاء للكافر على المسلم، و هو غير صحيح.

و فيه: أن كون ذلك من السبيل المنفي (3) مشكل، بل ممنوع، و يمكن أن يكون ذلك بنظر الحاكم الشرعي حتى لا يلزم المحذور.

(7) قد عرفت مما مر وجه الإشكال.

ص: 275


1- الوسائل باب: 56 من أبواب العتق.
2- سورة الكهف: 30.
3- سورة النساء: 141.

مسألة 4: يعتبر في المعتق أن يكون مسلما على الأحوط

(مسألة 4): يعتبر في المعتق أن يكون مسلما على الأحوط (8).

______________________________

(8) استدل.

تارة: بالإجماع.

و أخرى: بقوله تعالى وَ لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ (1)، و ذكرنا في التفسير أن الآية الشريفة تربوية تحث على البذل و العطاء مع حفظ شأن الآخذ (2).

و ثالثة: بأنه ليس أهلا للتصرف.

و رابعة: بخبر سيف بن عميرة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ يجوز للمسلم أن يعتق مشركا؟ قال: لا» (3).

و الكل مخدوش: أما الأول: فلا يقول به الأكثر فضلا عن الإجماع.

و أما الثاني: فهي وردت في الإنفاق المالي مثل الزكاة و الصدقات المندوبة، فلا وجه للتعدي إلى غيرها.

و أما الثالث: فإذا صحّ قصد التقرب من المعتق (بالكسر) كفى ذلك، و قد أعتق علي عليه السّلام نصرانيا فأسلم (4).

و أما خبر سيف بن عميرة فهو معارض بما ورد عن علي عليه السّلام، مع أنه يمكن حمله على الكراهة.

فما نسب إلى بعض من الجواز هو الأوفق بالعمومات، و تغليب الحرية مهما أمكن، خصوصا إذا كانت فيه مصالح شرعية شخصية كانت أو نوعية.

ص: 276


1- سورة البقرة: 267.
2- راجع المجلد الرابع من مواهب الرحمن في تفسير القرآن صفحة: 366 ط بيروت.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب العتق الحديث: 5.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب العتق الحديث: 2.

و يصح عتق ولد الزنا (9).

مسألة 5: تقدم اعتبار الملكية في المعتق

(مسألة 5): تقدم اعتبار الملكية في المعتق فلو أعتق غير المالك ثمَّ أجاز المالك لا يصح (10)، كما لا يصح لو علق العتق على الملكية (11).

______________________________

(9) للإطلاقات، و العمومات، و النص الخاص ففي رواية سعيد عن الصادق عليه السّلام: «لا بأس بأن تعتق ولد الزنا» (1).

(10) أما اعتبار كون المعتق مالكا لمن يعتقه فيدل عليه الإجماع، و قول نبينا الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «لا عتق إلّا بعد ملك» (2).

و أما عدم جريان الفضولية في العتق فدليله منحصر في الإجماع، الذي ادعى على عدم جريانها في الإيقاعات مطلقا، و في كونه من الإجماع المعتبر أول الكلام، و تقدم في بحث الفضولي بعض ما ينفع المقام.

(11) لما تقدم في كتاب الطلاق و غيره، و في صحيح زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يقول: إن اشتريت فلانة أو فلانا فهو حر، و إن اشتريت هذا الثوب فهو في المساكين، و إن نكحت فلانة فهي طالق، قال عليه السّلام: ليس ذلك كله بشي ء لا يطلّق إلّا ما يملك، و لا يصدق إلّا بما يملك، و لا يعتق إلّا ما يملك» (3).

و عن الصادق عليه السّلام: «في رجل يقول: إن اشتريت عبدا فهو حر لوجه اللّه، و إن اشتريت هذا الثوب فهو صدقة لوجه اللّه، و إن تزوجت فلانة فهي طالق، قال عليه السّلام: كل ذلك ليس بشي ء إنما يطلّق و يتصدق بما ملك» (4)، مضافا إلى الإجماع.

نعم، لو جعل ذلك نذرا أو عهدا أو يمينا صحّ للعمومات و الإطلاقات

______________________________

(1)

(2)

(3)

(4)

ص: 277


1- الوسائل باب: 16 من أبواب العتق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب العتق الحديث: 2.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب الايمان الحديث: 6.
4- مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب العتق الحديث: 7.

مسألة 6: لا يصح جعل العتق و الطلاق يمينا

(مسألة 6): لا يصح جعل العتق و الطلاق يمينا (12).

مسألة 7: تصح و تلزم الشروط السائغة في العتق

(مسألة 7): تصح و تلزم الشروط السائغة في العتق (13)،

______________________________

المتقدمتان في كتابه، و يجب الوفاء به لما مر في محله.

(12) لما مر في كتاب الطلاق، و لصحيح منصور بن حازم عن الصادق عليه السّلام: «إن طارقا كان نخاسا بالمدينة فأتى أبا جعفر عليه السّلام فقال: يا أبا جعفر إني هالك إني حلفت بالطلاق و العتاق و النذور، فقال عليه السّلام له: يا طارق إن هذا من خطوات الشيطان» (1)، و في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «كل يمين لا يراد بها وجه اللّه في طلاق أو عتق فليس بشي ء» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(13) للإطلاق، و الاتفاق، و نصوص خاصة مستفيضة منها: معتبرة أبي العباس عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن رجل قال: غلامي حر و عليه عمالة كذا و كذا؟ قال عليه السّلام: هو حر و عليه العمالة» (3).

و منها: صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «في الرجل يقول لعبده: أعتقتك على أن أزوجك ابنتي، فإن تزوجت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار، فأعتقه فيتزوج أو يتسرى، قال عليه السّلام: عليه مائة دينار» (4).

و منها: صحيح يعقوب بن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أعتق جارية و شرط عليها أن تخدمه خمس سنين، فأبقت ثمَّ مات الرجل، فوجدها ورثته، أ لهم أن يستخدموها؟ قال عليه السّلام: لا» (5)، فهو صريح في تقرير الإمام عليه السّلام الشرط، و إن الخدمة لا تنقل إلى الورثة لما يأتي في كتاب الإرث، إلى غير ذلك من الروايات.

ص: 278


1- الوسائل باب: 14 من أبواب الأيمان الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب الأيمان الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب العتق الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 12 من أبواب العتق الحديث: 3.
5- الوسائل باب: 11 من أبواب العتق الحديث: 1.

و لو شرط عوده إلى الرقيّة لو خالف الشرط بطل الشرط و صح العتق (14)، فلو خالف الشرط لم يعد للرق (15).

مسألة 8: يستحب عتق المؤمن مطلقا

(مسألة 8): يستحب عتق المؤمن مطلقا (16)، خصوصا إن مضى عليه سبع سنين (17)، و من وجب عليه عتق رقبة لا يجزيه التدبير (18).

______________________________

و هذا من خواص العتق، و أما سائر الإيقاعات فالمشهور بينهم عدم صلاحيتها للشرط.

كما أن مقتضى كون المعتق ملكا للمعتق و أن جميع منافعه له، عدم اعتبار رضا المعتق، و إن كان الأحوط اعتباره خروجا عن خلاف من خالف.

(14) أما بطلان الشرط، فلكونه خلاف السنة من رجوع الحر رقا كما تقدم. و أما صحة العتق، فلما قلناه مكررا من أن بطلان الشرط لا يوجب بطلان المشروط، مع بناء العتق على التغليب.

و أما معتبرة إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن الرجل يعتق مملوكه و يزوجه ابنته و يشترط عليه إن هو أغارها أن يرده في الرق؟ قال عليه السّلام: له شرطه» (1)، فهو شاذ لا يصلح لإثبات حكم مخالف لأصول المذهب.

(15) للأصل.

نعم، للمالك أو لورثته المطالبة بالمالية الفائتة بواسطة المخالفة.

(16) لما مر في أول الكتاب، و لأنه إحسان إليه، و إن اللّه يحب المحسنين.

(17) لأنه أولى بأن يفك عنه قيد الرقيّة ممن لم يكن كذلك. و عن الصادق عليه السّلام: «من كان مؤمنا فقد عتق بعد سبع سنين، أعتقه صاحبه أم لم يعتقه» (2)، المحمول على ما قلنا من تأكد الاستحباب.

(18) نصا، و إجماعا، ففي رواية إبراهيم الكرخي قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

ص: 279


1- الوسائل باب: 12 من أبواب العتق الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب العتق الحديث: 1.

مسألة 9: يكره عتق من لا يقدر على الاكتساب

(مسألة 9): يكره عتق من لا يقدر على الاكتساب (19).

مسألة 10: لو نذر عتق أول مملوك ملكه

(مسألة 10): لو نذر عتق أول مملوك ملكه، فتملّك متعددا يتخير في عتق أيهما شاء (20)،

______________________________

«إن هشاما سألني أن أسألك عن رجل جعل لعبده العتق إن حدث بسيده حدث، فمات السيد و عليه تحرير رقبة واجبة في كفارة، أ يجزئ عن الميت العبد الذي كان السيد جعل له العتق بعد موته في تحرير رقبته التي كانت على الميت؟

قال عليه السّلام: لا» (1).

(19) لصحيح هشام بن سالم عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن عتق النسمة؟

فقال: أعتق من أغنى نفسه» (2)، و في معتبرة ابن محبوب قال: «كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام و سألته عن الرجل يعتق غلاما صغيرا أو شيخا كبيرا أو من به زمانة و لا حيلة له؟ فقال عليه السّلام: من أعتق مملوكا لا حيلة له فإن عليه أن يعوله حتى يستغني عنه، و كذلك كان أمير المؤمنين عليه السّلام يفعل إذا عتق الصغار و من لا حيلة له» (3) المحمولان على الكراهة إجماعا.

(20) لانطباق عنوان الأوّلية على كل منهما، و لا ترجيح في البين فيتخير، و في معتبرة الصيقل قال: «سألت الصادق عليه السّلام عن رجل قال: أول مملوك أملكه فهو حر فأصاب ستة؟ قال: إنما كان نيته على واحد فليتخير أيهم شاء فليعتقه»(4).

و الأولى: اختيار ما يخرج بالقرعة؛ لصحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في رجل قال: أول مملوك أملكه فهو حر، فورث سبعة جميعا، قال عليه السّلام: يقرع بينهم

ص: 280


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الكفارات الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب العتق الحديث: 3.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب العتق الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 13 من أبواب كيفية الحكم الحديث: 1.

و لو نذر عتق أول ما تلده فولدت تو أمين فمع الترتب في الولادة يعتق الأول دون الأخير (21)، و مع عدمه يعتقان معا (22).

مسألة 11 لو كان له مماليك فأعتق بعضهم

(مسألة 11) لو كان له مماليك فأعتق بعضهم، فسئل هل أعتقت مماليكك؟ فقال: نعم ينصرف الجواب إلى خصوص من أعتق دون غيره (23).

______________________________

و يعتق الذي يخرج اسمه» (1)، و قريب منه غيره، فيجمع بين الخبرين بذلك.

(21) لأنه الأول فيشمله عمومات وجوب الوفاء بالنذر، و ما يأتي من الخبر.

(22) لرواية الهاشمي قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في رجل نكح وليدة رجل أعتق ربها أول ولد تلده، فولدت توأما، فقال عليه السّلام: أعتق كلاهما» (2)، و عن الصادق عليه السّلام: «من أعتق حملا لمملوكة له أو قال لها: ما ولدت، أو أول ما تلدينه فهو حر، فذلك جائز، و إن ولدت توأمين عتقا جميعا» (3)، و هذا هو الفارق بين هذه المسألة و المسألة السابقة، فإن متعلق الأولى نكرة في سياق الإثبات، و في الثانية لفظ «ما» الموصولة و هو للعموم.

(23) أما مع قصد خصوصهم فلا ريب و لا إشكال فيه، و أما مع قصد نفس مفهوم اللفظ فقط، لاستصحاب بقاء الرقيّة في غير من عتق، و ظهور المحاورة العرفية في ذلك، مضافا إلى الإجماع، و النص، ففي معتبرة سماعة قال: «سألته عن رجل قال لثلاث من مماليك له: أنتم أحرار، و كان له أربعة، فقال له رجل من الناس: أعتقت مماليكك؟ قال: نعم، أ يجب العتق للأربعة حين أجملهم أو هو

ص: 281


1- الوسائل باب: 57 من أبواب العتق الحديث: 3 و 1.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب العتق الحديث: 1.
3- مستدرك الوسائل باب: 27 من أبواب العتق الحديث: 2.

مسألة 12: إذا نذر عتق أمته ان واقعها صح النذر

(مسألة 12): إذا نذر عتق أمته ان واقعها صح النذر (24)، و إن أخرجها عن ملكه انحلت اليمين (25).

______________________________

للثلاثة الذين أعتقوا؟ فقال عليه السّلام: إنما يجب العتق لمن أعتق» (1)، فالقرينة على التخصيص ظاهرة، و في غير مورد القرينة يرجع إلى الأصل.

و بالجملة: المقام من موارد تقديم الظاهر على غيره، أو من موارد تقديم الأظهر على الظاهر، فلا وجه للشبهات المذكورة في المطولات.

و يؤيد ما ذكرنا ما ورد في التقية، أو دفع الضرر. كما في رواية الوليد بن هشام المرادي قال: «قدمت من مصر و معي رقيق، فمررت بالعاشر فسألني فقلت: هم أحرار كلهم، فقدمت المدينة فدخلت على أبي الحسن عليه السّلام فأخبرته بقولي للعاشر، فقال: ليس عليك شي ء» (2).

(24) لما تقدم في كتاب النذر من العمومات، و الإطلاقات الشاملة للمقام، فتعتق بتحقق الوطء عرفا، و لم يكن المقام من العتق المعلق كما هو واضح.

(25) لأن الظاهر من النذر ترك الوطء في الملك حين النذر- كما في الإيلاء- إلا إذا قصد ترك الوطء مطلقا، الأعم من الملكية الحاضرة الموجودة و العائدة، و هذا يحتاج إلى عناية خاصة و قرينة مخصوصة، و يدل على ذلك صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن الرجل تكون له الأمة؟

فقال: يوم يأتيها فهي حرة، ثمَّ يبيعها من رجل ثمَّ يشتريها بعد ذلك؟ قال عليه السّلام: لا بأس بأن يأتيها قد خرجت عن ملكه» (3).

ص: 282


1- الوسائل باب: 58 من أبواب العتق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 60 من أبواب العتق الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 59 من أبواب العتق الحديث: 1.

مسألة 13: لو أوصى بعتق كل مملوك قديم أعتق من مضى عليه في ملكه ستة أشهر

(مسألة 13): لو أوصى بعتق كل مملوك قديم أعتق من مضى عليه في ملكه ستة أشهر ما لم تكن قرينة على الخلاف، و كذا لو نذر كذلك (26).

مسألة 14: من أعتق و عنده مال من المولى يكون المال للمولى

(مسألة 14): من أعتق و عنده مال من المولى يكون المال للمولى و لا يتبعه في العتق (27).

______________________________

(26) لمعتبرة إبراهيم بن هاشم قال: «دخل ابن أبي سعيد المكاري على أبي الحسن الرضا عليه السّلام فقال له: رجل قال عند موته: كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه اللّه؛ قال: نعم إن اللّه يقول في كتابه حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ فما كان من مماليكه أتى له ستة أشهر فهو قديم حر» (1).

و عن الإرشاد قضى علي عليه السّلام: «في رجل أوصى، فقال: أعتقوا عني كل عبد قديم في ملكي، فلما مات لم يعرف الوصي ما يصنع، فسال عن ذلك، فقال عليه السّلام: يعتق عنه كل عبد له في ملكه ستة أشهر و تلا قوله تعالى وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، و قد ثبت أن العرجون إنما ينتهي إلى الشبهة بالهلال في تقوّسه وضوئه بعد ستة أشهر من أخذ الثمرة منه» (2).

هذا إذا لم تكن قرينة في البين و إلا فإنها المتبع.

و الظاهر لا خصوصية في العتق بل الحكم كذلك في غيره أيضا، مثل النذر و الصدقة.

(27) للأصل، و عدم دلالة العتق على تمليك المال بوجه من الوجوه.

نعم، لو كانت في البين قرينة معتبرة دالة على أن المولى ملّك ماله لعبده بعد عتقه، يكون المال له حينئذ، و يحمل عليه الروايات الدالة على أنه إن علم به المولى يكون المال للمعتق، و إلا يكون للمولى، كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام: «سألته عن رجل أعتق عبدا له و للعبد مال لمن المال؟

ص: 283


1- الوسائل باب: 30 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2.

مسألة 15: من أعتق شقصا ممن ملكه سرى العتق فيه كله

(مسألة 15): من أعتق شقصا ممن ملكه سرى العتق فيه كله (28)، و إن كان له فيه شريك قوّم عليه مع يساره و مع الإعسار سعى المملوك في

______________________________

فقال عليه السّلام: إن كان يعلم أن له مالا تبعه ماله، و إلا فهو للمعتق» (1).

و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إذا كاتب الرجل مملوكه أو عتقه و هو يعلم أن له مالا، و لم يكن السيد استثنى المال حين أعتقه، فهو للعبد» (2)، إلى غير ذلك من الروايات. هذا بناء على عدم كون العبد مالكا لشي ء.

و أما بناء على صحة ملكيته فما له لنفسه بعد العتق، كما كان له قبله.

(28) إجماعا، و نصا منجبرا بالعمل، و هذا ما يسمى عند الفقهاء بالعتق بالسراية، فعن غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام: «أن رجلا أعتق بعض غلامه، فقال علي عليه السّلام: هو حر ليس للّه شريك» (3)، و قريب منه خبر طلحة بن زيد (4).

و ما يظهر منه الخلاف مثل موثق أبي بصير: «سأل الباقر عليه السّلام عن رجل أعتق نصف جاريته ثمَّ إنه كاتبها على النصف الآخر بعد ذلك؟ قال: يشترط عليها أنها إن عجزت عن نجومها ترد في الرق في نصف رقبتها» (5).

و في معتبرة حمزة بن حمران عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن رجل أعتق نصف جاريته ثمَّ قذفها بالزنا؟ فقال: أرى أن عليه خمسين جلدة و يستغفر اللّه تعالى- إلى أن قال- قلت: فتغطي رأسها منه حين أعتق نصفها، قال:

نعم، و تصلي و هي مخمرة الرأس، و لا تتزوج حتى تؤدي ما عليها أو يعتق النصف الآخر» (6)، إلى غير ذلك من الروايات. شاذ مطروح إن لم يقبل الحمل.

ص: 284


1- الوسائل باب: 24 من أبواب العتق الحديث: 4.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب العتق الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 64 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 64 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2.
5- الوسائل باب: 12 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.
6- الوسائل باب: 64 من أبواب العتق الحديث: 3.

فك رقبته (29)، و المعتبر في القيمة وقت العتق (30)،

______________________________

(29) إجماعا، و نصا ففي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: «سألته عن المملوك بين شركاء، فيعتق أحدهم نصيبه؟ فقال: إن ذلك فساد على أصحابه فلا يستطيعون بيعه و لا مؤاجرته، يقوّم قيمة، فيجعل على الذي أعتقه عقوبة، و إنما جعل ذلك عليه عقوبة لما أفسده»(1).

و في موثق سماعة: «سألته عن المملوك بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه؟

فقال: هذا فساد على أصحابه، يقوّم قيمة، و يضمن الثمن الذي أعتقه، لأنه أفسده على أصحابه» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

و بذلك يجمع بينها و بين صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام:

«عن رجل أعتق غلاما بينه و بين صاحبه قال: قد أفسد على صاحبه، فإن كان له مال أعطى نصف المال، و إن لم يكن له مال عومل الغلام يوم للغلام و يوم للمولى، و يستخدمه، و كذلك إن كانوا شركاء» (3)، و غيره من المطلقات مثل موثق يعقوب بن شعيب: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أعتق شركا له في غلام مملوك، عليه شي ء؟ قال عليه السّلام: لا» (4).

(30) لأنه وقت الإتلاف و الحيلولة، مضافا إلى قول الصادق عليه السّلام في صحيح عبد الرحمن قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم ورثوا عبدا جميعا فأعتق بعضهم نصيبه منه، كيف يصنع بالذي أعتق نصيبه منه هل يؤخذ بما بقي؟

فقال عليه السّلام: نعم يؤخذ بما بقي منه بقيمته يوم أعتق» (5).

و في صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام: «من كان شريكا في عبد أو أمة قليل أو كثير فأعتق حصته و لم يبعه فليشتره صاحبه فيعتقه كله، و إن لم يكن له سعة من مال نظر قيمته يوم عتق، ثمَّ يسعى العبد في حساب ما بقي حتى يعتق» (6).

ص: 285


1- الوسائل باب: 18 من أبواب العتق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب العتق الحديث: 5 و 11 و 8 و 6 و 3.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب العتق الحديث: 5 و 11 و 8 و 6 و 3.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب العتق الحديث: 5 و 11 و 8 و 6 و 3.
5- الوسائل باب: 18 من أبواب العتق الحديث: 5 و 11 و 8 و 6 و 3.
6- الوسائل باب: 18 من أبواب العتق الحديث: 5 و 11 و 8 و 6 و 3.

و ينعتق حصة الشريك بأداء القيمة لا بالإعتاق (31).

مسألة 16: إذا ملك شخص أحد الأبوين و إن علوا أو أحد الأولاد و إن نزلوا انعتق في الحال

(مسألة 16): إذا ملك شخص أحد الأبوين و إن علوا أو أحد الأولاد و إن نزلوا انعتق في الحال (32)، و كذا لو ملك الرجل إحدى المحرمات عليه نسبا كالعمة و الخالة (33).

______________________________

(31) لأنه المنساق من الأدلة، مضافا إلى الإجماع، و قاعدة تغليب الحرية مهما أمكن.

(32) إجماعا، و نصا، و هذا يسمى: ب (العتق بالملك)، و لا فرق في الملك بين كونه اختياريا كالشراء و نحوه، أو غير اختياري كالإرث، كما لا فرق في الأولاد بين الذكور و الإناث، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام:

«إذا ملك الرجل والديه أو أخته أو خالته أو عمته عتقوا، و يملك ابن أخيه و عمه و خاله من الرضاعة» (1).

و في معتبرة أبي حمزة قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المرأة ما تملك من قرابتها؟ فقال: كل أحد إلّا خمسة: أبوها و أمها و ابنها و ابنتها و زوجها» (2)، و تقدم في بيع الحيوان ما يتعلق بالمقام (3).

(33) نصا، و إجماعا، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

«لا يملك الرجل والده و لا والدته و لا عمته و لا خالته، و يملك أخاه و غيره من ذوي قرابته من الرجال» (4).

و في صحيح عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السّلام: «إذا ملك الرجل والديه أو أخته أو عمه أو خالته عتقوا، و يملك ابن أخيه و عمه و خاله، و يملك أخاه و عمه

ص: 286


1- الوسائل باب: 7 من أبواب العتق الحديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب العتق الحديث: 1.
3- راجع ج: 18 صفحة: 91.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب العتق الحديث: 2.

مسألة 17: تزول الرقيّة بأمور تسمى ذلك بالعوارض كالعمى و الجذام

(مسألة 17): تزول الرقيّة بأمور تسمى ذلك بالعوارض كالعمى و الجذام، و الإقعاد، و إسلام المملوك في دار الحرب قبل مولاه و خروجه إلينا، و التنكيل (34).

______________________________

و خاله من الرضاعة» (1)، إلى غير ذلك من الروايات، و مر في مسألة 3 من فصل بيع الحيوان ما يرتبط بالمقام.

(34) كل ذلك نصوصا، و إجماعا، فعن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن أبي عمير: «إذا عمي المملوك فقد عتق» (2).

و في معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا عمي المملوك فلا رق عليه، و العبد إذا جذم فلا رق عليه» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و في موثق أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام فيمن نكل بمملوكه. أنه حر لا سبيل عليه سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب، فإذا ضمن حدثه فهو يرثه» (4).

و عن الصادق عليه السّلام في مرسلة ابن محبوب المنجبر: «كل عبد مثل به فهو حر» (5).

و في معتبرة السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام: «ان النبي صلّى اللّه عليه و آله حيث حاصر أهل الطائف قال: أيما عبد خرج إلينا قبل مولاه فهو حر، و أيما عبد خرج إلينا بعد مولاه فهو عبد» (6).

و يدل على زوال الرقيّة بإسلام المملوك سابقا على مولاه آية نفي السبيل (7)، مضافا إلى الإجماع. كما دل الإجماع في الإقعاد.

ص: 287


1- الوسائل باب: 7 من أبواب العتق الحديث: 3.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب العتق الحديث: 1 و 2.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب العتق الحديث: 2 و 1.
5- الوسائل باب: 22 من أبواب العتق الحديث: 2 و 1.
6- الوسائل باب: 44 من أبواب جهاد العدو الحديث: 1.
7- سورة النساء: 141.

فصل في التدبير و المكاتبة و الاستيلاد

اشارة

فصل في التدبير و المكاتبة و الاستيلاد

مسألة 1: التدبير و المكاتبة و الاستيلاد من موجبات العتق

(مسألة 1): التدبير و المكاتبة و الاستيلاد من موجبات العتق في الجملة (1).

مسألة 2: التدبير: هو عتق المملوك معلقا له على وفاة المولى

(مسألة 2): التدبير: هو عتق المملوك معلقا له على وفاة المولى (2)، و يكفي في تحققه كل لفظ ظاهر فيه عرفا (3).

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا ففي صحيح يعقوب بن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام الرجل يكون له الخادم و يقول هي لفلان تخدمه ما عاش، فإذا مات فهي حرة، فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ثمَّ يجدها ورثته، أ لهم أن يستخدموها إذا أبقت؟ قال عليه السّلام: إذا مات الرجل فقد عتقت» (1).

و في رواية محمد بن حكيم المنجبر قال: «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام رجل زوج أمته من رجل حر، و قال لها: إذا مات الزوج فهي حرة، فمات الزوج؟ قال: إذا مات الزوج فهي حرة تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، و لا ميراث لها منه، لأنها إنما صارت حرة بعد موت الزوج» (2).

(2) لأنه المتيقن من الدليل، و الاستعمال. و قد ادعي اتفاق أهل اللغة و الشرع و العرف عليه، و في غيره يرجع إلى أصالة بقاء الرقيّة.

(3) لاعتبار الظواهر في المحاورات مطلقا، فتشملها الأدلة لا محالة.

ص: 288


1- الوسائل باب: 11 من أبواب التدبير الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب التدبير الحديث: 1 و 2.

مسألة 3: يصح التدبير مطلقا

(مسألة 3): يصح التدبير مطلقا بأن يقول: (أنت حر بعد موتي) و مقيدا كقول: (إن مت في هذه السنة مثلا فأنت حر بعد موتي) (4). و يعتبر فيه القصد و القربة و التنجيز (5).

مسألة 4: المدبر رق لا يعتق إلّا بعد وفاة مولاه

(مسألة 4): المدبر رق لا يعتق إلّا بعد وفاة مولاه (6).

مسألة 5: يعتبر في المدبر بالكسر أن يكون بالغا عاقلا قاصدا مختارا

(مسألة 5): يعتبر في المدبر (بالكسر) أن يكون بالغا عاقلا قاصدا مختارا (7)، و أن لا يكون محجورا عليه (8).

مسألة 6: التدبير و إن لم يكن وصية مفهوما لكنها مثلها

(مسألة 6): التدبير و إن لم يكن وصية مفهوما لكنها مثلها في كونه نصا بعد الموت فيترتب عليه جملة من أحكامها كالخروج من الثلث و جواز الرجوع منه (9).

______________________________

(4) للإطلاق، و الاتفاق، و صحيح ابن حازم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قال: إن حدث بي حدث في مرضي هذا، فغلامي فلان حر؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يرد من وصيته ما شاء و يجيز ما شاء» (1).

(5) لما مر، فلو لم يكن قاصدا لأصل العتق، أو لم يقصد القربة فيه، أو قال: «إن قدم مسافري فأنت حر بعد وفاتي»، لم يصح و قد مر الوجه في كل ذلك خصوصا الثالث مكررا. فراجع.

(6) للأصل، و الإجماع، و ظواهر الأدلة.

(7) لأن ذلك كله من الشرائط العامة لكل إنشاء، عقدا كان أو إيقاعا، فتعتبر في المقام أيضا.

(8) لأنه تصرف مالي، و كل تصرف مالي مشروط بعدم الحجر.

(9) أما الأول: فلاختلاف مفهومهما عرفا.

و أما الثاني: فلجملة من النصوص، ففي صحيح معاوية بن عمار عن

ص: 289


1- الوسائل باب: 18 من أبواب الوصايا الحديث: 8.

مسألة 7: لو تصرّف المولى فيه بعد تدبيره- كالبيع و الهبة- يبطل التدبير

(مسألة 7): لو تصرّف المولى فيه بعد تدبيره- كالبيع و الهبة- يبطل التدبير (10)، و لو نقل منافعه مع بقاء عينه فلا يوجب البطلان (11).

______________________________

الصادق عليه السّلام: «هو بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منها» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح هشام: «هو مملوكه بمنزلة الوصية» (2).

و في موثق أبي بصير: «المدبر مملوك، و لمولاه أن يرجع في تدبيره- إلى أن قال- و هو من الثلث إنما هو بمنزلة رجل أوصى بوصية، ثمَّ بدا له بعد فغيرها من قبل موته» (3).

و في صحيح زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المدبر أ هو من الثلث؟ قال: نعم، و للموصي أن يرجع في وصيته، أوصى في صحة أو مرض» (4)، و قريب منه صحيح محمد بن مسلم (5)، فيكون التدبير برزخا بين الوصية المحضة، و العتق المحقق فعلا، و في غير ما نص فيه لتنزيله منزلة الوصية يرجع إلى القواعد و الأصول المقررة في العتق.

(10) لأنه رجوع فعلي عن تدبيره، و لا فرق في الرجوع بين القولي منه و الفعلي، كما تقدم في الوصية.

(11) لعدم التنافي و التناقض في البين، و لأن التدبير إنما تعلق بالرقبة و هي باقية على حالها، فلا تنافي بينه و بين التدبير، مع أنه منصوص، فعن علي عليه السّلام قال: «إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله باع خدمة المدبر و لم يبع رقبته» (6)، و المراد بالبيع هنا الإجارة، و أما سائر ما ورد من الأخبار في المقام مثل صحيح ابن مسلم:

«قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجل دبر مملوكه ثمَّ يحتاج إلى الثمن، قال: إذا احتاج إلى

ص: 290


1- الوسائل باب: 19 من أبواب الوصايا الحديث: 4 و 3.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب الوصايا الحديث: 4 و 3.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب التدبير الحديث: 3.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 2 و 4.
5- الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 2 و 4.
6- الوسائل باب: 3 من أبواب التدبير الحديث: 4.

مسألة 8: المدبر ينعتق من الثلث

(مسألة 8): المدبر ينعتق من الثلث فلو لم يكن له شي ء سواه ينعتق ثلثه (12).

______________________________

الثمن فهو له، يبيع إن شاء أعتق فذلك من الثلث» (1).

و في موثق إسحاق بن عمار: «قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الرجل يعتق مملوكه عن دبر ثمَّ يحتاج إلى ثمنه، قال: يبيعه، قلت: فإن كان عن ثمنه غنيا، قال: إن رضى المملوك فلا بأس» (2).

و عن علي عليه السّلام قال: «لا يباع المدبر إلّا من نفسه» (3)، إلى غير ذلك من الروايات، فلا بد من حملها أو طرحها.

(12) إجماعا، و نصا، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام:

«المدبر من الثلث» (4).

و عن علي عليه السّلام: «المعتق على دبر فهو من الثلث» (5).

و في معتبرة ابن محبوب عن الصادق عليه السّلام: «المدبر مملوك، و لمولاه أن يرجع في تدبيره، إن شاء باعه و إن شاء وهبه و إن شاء أمهره، قال:

و إن تركه سيده على التدبير و لم يحدث فيه حدثا حتى يموت سيده، فإن المدبر حر إذا مات سيده، و هو من الثلث إنما هو بمنزلة رجل أوصى بوصية ثمَّ بدا له بعد فغيّرها قبل موته، و إن هو تركها و لم يغيرها حتى يموت أخذ بها» (6)، إلى غير ذلك من الروايات. و يصح تدبير الآبق للإطلاق الشامل له أيضا.

ص: 291


1- الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 7.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب التدبير الحديث: 4.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب التدبير الحديث: 2.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب التدبير الحديث: 1 و 2 و 3.
5- الوسائل باب: 9 من أبواب التدبير الحديث: 1 و 2 و 3.
6- الوسائل باب: 9 من أبواب التدبير الحديث: 1 و 2 و 3.

مسألة 9: إذا أبق المدبر بطل تدبيره

(مسألة 9): إذا أبق المدبر بطل تدبيره و ما يكسبه المدبر فهو لمولاه (13).

مسألة 10: يصح تدبير الحمل

(مسألة 10): يصح تدبير الحمل منفردا أو منضما مع غيره (14).

مسألة 11: المكاتبة بين المولى و العبد معاملة مستقلة

(مسألة 11): المكاتبة بين المولى و العبد معاملة مستقلة خارجة عن سائر المعاملات من جهات (15)، و ليست عتقا بل هي برزخ بين الحرية و الرقيّة (16)، و يغتفر فيها من الجهالة ما لا يغتفر في غيرها كما مر في الجعالة (17).

مسألة 12: لا تصح الكتابة بدون ذكر الأجل

(مسألة 12): لا تصح الكتابة بدون ذكر الأجل (18).

مسألة 13: يعتبر في تحققها الإيجاب و القبول

(مسألة 13): يعتبر في تحققها الإيجاب و القبول (19)،

______________________________

(13) لفرض أنه رق، و لم يتحرر بعد.

(14) للإطلاقات الشاملة لذلك، كما يصح العتق فيه كذلك أيضا.

(15) أهمها تغاير المفهوم، و إن الكتابة لا بد فيها من أجل بخلاف البيع، و أن الكتابة يمتد فيها خيار العبد، و لا يمتد في البيع خيار الشرط، و أن العوض ملك للمشتري، و المعوض ملك للبائع، و الأمران هنا للمولى، إلى غير ذلك من الجهات.

(16) فليس له استقلال الأحرار، و لا عجز المماليك، و لذا تكون تصرفاته مرددة بين الاستقلال و المملوكية. كما يأتي.

(17) لما يظهر من الأدلة الواصلة إلينا في هذا الموضوع، كما يأتي.

(18) لأصالة بقاء الرقيّة، إلّا في ما هو المنساق من الأدلة و القواعد بعد عدم صحة التمسك بالإطلاقات؛ لعدم إحراز كونها في مقام البيان من هذه الجهات.

(19) للإجماع، و السيرة، و الاعتبار، و المنساق من مجموع الأخبار. و هل يكفي فيها المعاطاة؟ الظاهر ذلك لما أثبتناه في البيع. فراجع. و لا حاجة للتكرار هنا.

ص: 292

و يكفي أن يقول: (كاتبتك) مع تعيين الأجل و العوض (20)، و يقول العبد:

(قبلت).

مسألة 14: الكتابة قسمان مطلقة و مشروطة

(مسألة 14): الكتابة قسمان مطلقة و مشروطة، و الأول: ما إذا اقتصر على العقد و العوض و ذكر الأجل، و الثاني: ما إذا قال مع ذلك فإن عجزت فأنت رق (21).

______________________________

(20) لظهور اللفظ في ذلك، كما مر في البيع.

(21) إجماعا، و نصوصا منها صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «إن المكاتب إذا أدى شيئا أعتق بقدر ما أدى، إلّا أن يشترط مواليه إن عجز فهو مردود، فلهم شروطهم» (1).

و في صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «في مكاتب شرط عليه إن عجز أن يردّ في الرق، قال: المسلمون عند شروطهم» (2).

و عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «في المكاتب إذ أدى بعض مكاتبته، إن الناس كانوا لا يشترطون، و هم اليوم يشترطون، و المسلمون عند شروطهم؛ فإن كان شرط عليه إن عجز رجع، و إن لم يشترط عليه لم يرجع» (3)، إلى غير ذلك من الروايات.

و ما دلّ على الخلاف مثل موثق جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن المكاتب يشترط عليه إن عجز فهو رد في الرّق، فعجز قبل أن يؤدي شيئا؟ فقال أبو جعفر عليه السّلام: لا يردّ في الرق حتى يمضي ثلاث سنين، و يعتق منه بمقدار ما أدى، فإذا أدى ضربا فليس لهم أن يردوه في الرق»، محمول على التقية، أو مطروح.

ص: 293


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 4 و 7 و 2.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 4 و 7 و 2.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 4 و 7 و 2.

مسألة 15: حد العجز ما كان يعلم ذلك من حاله عرفا عن فك نفسه

(مسألة 15): حد العجز ما كان يعلم ذلك من حاله عرفا عن فك نفسه (22). و يستحب للمولى مع العجز الصبر عليه (23).

مسألة 16: المكاتبة عقد لازم من الطرفين، مطلقة كانت أو مشروطة

(مسألة 16): المكاتبة عقد لازم من الطرفين، مطلقة كانت أو مشروطة (24).

مسألة 17: لو اتفقا على التقايل ما لم يؤد مال المكاتبة صحّ

(مسألة 17): لو اتفقا على التقايل ما لم يؤد مال المكاتبة صحّ (25).

______________________________

(22) لما مر مكررا من أنه المدار في الموضوعات المترتبة عليها الأحكام ما لم يحددها الشارع بحدود قيود، و يختلف ذلك باختلاف الأشخاص، و عليه يمكن الجمع بين الروايات، ففي موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «إن عليا عليه السّلام كان يقول: إذا عجز المكاتب لم ترد مكاتبته في الرق، و لكن ينتظر عاما أو عامين، فإن قام بمكاتبته و إلا ردّ مملوكا» (1).

و عن علي عليه السّلام أيضا: «لا يردّ في الرقّ حتى يتوالى نجمان» (2). هذا إذا لم يحصل العلم بالعجز، و إلا لا معنى للتأخير كما عرفت.

(23) لأنه إحسان بالنسبة إليه، و في معتبرة حسين بن علوان، عن الصادق عليه السّلام، عن آبائه عليهم السّلام: «إن عليا عليه السّلام كان يؤجل المكاتب بعد ما يعجز عامين يتلوّمه فإن أقام بحريته و إلا ردّه رقيقا» (3)، و مثله غيره المحمول على الاستحباب.

(24) لأصالة اللزوم في كل عقد، إلّا ما خرج بالدليل، و لا دليل على الخروج في المقام.

(25) لعموم أدلة الإقالة الجارية في المقام، بلا دليل على التخصيص، كما مر في محله.

ص: 294


1- الوسائل باب: 4 من أبواب المكاتبة الحديث: 15.
2- مستدرك الوسائل باب: 5 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.
3- الوسائل باب: 5 من أبواب المكاتبة الحديث: 3.

مسألة 18: إذا ماطل من أداء مال الكتابة و كان قادرا عليه جاز الفسخ لو أخره عن وقت الحلول

(مسألة 18): إذا ماطل من أداء مال الكتابة و كان قادرا عليه جاز الفسخ لو أخره عن وقت الحلول (26).

مسألة 19: لا تبطل الكتابة بموت المولى

(مسألة 19): لا تبطل الكتابة بموت المولى (27).

مسألة 20: يعتبر في المملوك الكمال بالبلوغ و العقل

(مسألة 20): يعتبر في المملوك الكمال بالبلوغ و العقل (28)، و أن يكون ظرف الأداء معلوما في مال المكاتبة (29).

مسألة 21: يعتبر في العوض أن يكون مما يصحّ تملكه للمولى

(مسألة 21): يعتبر في العوض أن يكون مما يصحّ تملكه للمولى و أن يكون معلوم الوصف و القدر (30).

مسألة 22: تجوز المكاتبة على صنعة

(مسألة 22): تجوز المكاتبة على صنعة كالخياطة و السياقة و الخدمة (31).

______________________________

(26) لقاعدة السلطنة، و لما تقدم من الأدلة، فللمولى الخيار في فسخ العقد و إبقائه حينئذ.

(27) للأصل، و الإجماع، و ما في البيع، فللوارث المطالبة بالمال حينئذ.

(28) لما مرّ مكررا من عدم أهلية المجنون و الصبي للقبول، مضافا إلى الإجماع في المقام.

(29) لأن الجهالة المستلزمة للغرر موجبة للبطلان، كما مر في كتاب البيع، مضافا إلى الإجماع في المقام.

(30) أما الأول: لعدم الملكية الشرعية كما مر في البيع.

و أما الثاني: فللنهي عن الغرر المستلزم من جهالة الوصف و القدر (1). كما مر.

(31) للإطلاق، و العموم، و ما عن الصادق عليه السّلام في معتبرة أبي العباس:

«سألته عن رجل قال: غلامي حر و عليه عمالة كذا و كذا سنة؟ قال: هو حر و عليه

ص: 295


1- راجع ج: 17 صفحة: 8.

مسألة 23: إذا دفع المكاتب ما عليه قبل الأجل، لمولاه الخيار في القبول و الرد

(مسألة 23): إذا دفع المكاتب ما عليه قبل الأجل، لمولاه الخيار في القبول و الرد (32).

مسألة 24: لو مات المكاتب و كان مشروطا بطلت المكاتبة

(مسألة 24): لو مات المكاتب و كان مشروطا بطلت المكاتبة، و كذا لو كان مطلقا (33).

______________________________

العمالة» (1)، بناء على أنه من الكتابة لا من غيره.

(32) لقاعدة السلطنة، و عن الصادق عليه السّلام في موثق إسحاق بن عمار: «ان مكاتبا أتى عليا عليه السّلام و قال: إن سيدي كاتبني و شرط عليّ نجوما في كل سنة، فجئته بالمال كله ضربة، فسألته أن يأخذ كله ضربة و يجيز عتقي فأبى عليّ، فدعاه علي عليه السّلام فقال له: صدق، فقال له: مالك لا تأخذ المال و تمضي عتقه؟

فقال: ما آخذ إلّا النجوم التي شرطت و أتعرض بذلك إلى ميراثه، فقال علي عليه السّلام:

أنت أحق بشرطك» (2).

و أما صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «في مكاتب يؤدي نصف مكاتبته، و يبقى عليه النصف، فيدعو مواليه و يقول: خذوا ما بقي ضربة واحدة، قال:

يأخذون ما بقي، ثمَّ يعتق» (3)، محمول على أصل الجواز بقرينة ما تقدم.

(33) أما الأول: فلقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «في مكاتب يموت و قد أدى بعض مكاتبته، و له ابن من جاريته، قال عليه السّلام: إن اشترط عليه إن عجز فهو مملوك رجع ابنه مملوكا و الجارية، و إن لم يكن اشترط عليه أدى ابنه ما بقي من مكاتبته و ورث ما بقي» (4).

و في معتبرة مهرم «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المكاتب يموت و له ولد؟

فقال: إن كان اشترط عليه فولده مماليك، و إن لم يشترط عليه سعى ولده في

ص: 296


1- الوسائل باب: 10 من أبواب العتق الحديث: 2.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب المكاتبة الحديث: 2 و 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب المكاتبة الحديث: 2 و 1.
4- الوسائل باب: 19 من أبواب المكاتبة الحديث: 3.

و تحرر منه بقدر ما أداه (34) و ما تركه كان لمولاه.

مسألة 25: لو كاتب عبده و مات قام الورثة مقامه في العتق و الإبراء

(مسألة 25): لو كاتب عبده و مات قام الورثة مقامه في العتق و الإبراء (35).

مسألة 26: ليس للمكاتب التصرف في ماله إلّا بإذن مولاه

(مسألة 26): ليس للمكاتب التصرف في ماله إلّا بإذن مولاه (36).

______________________________

مكاتبة أبيهم، و عتقوا إذا أدوا» (1).

و أما الثاني: فلصحيح محمد بن قيس عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في مكاتب توفي و له مال، قال: يقسم ماله على قدر ما أعتق منه لورثته، و ما لم يعتق يحتسب منه لأربابه الذين كاتبوه، هو مالهم» (2).

و صحيح بريد العجلي: «سألته عن رجل كاتب عبدا له على ألف درهم، و لم يشترط عليه إن هو عجز عن مكاتبته فهو ردّ في الرقّ و إن المكاتب أدّى إلى مولاه خمسمأة درهم، ثمَّ مات المكاتب و ترك مالا و ترك ابنا له مدركا، قال:

نصف ما ترك المكاتب من شي ء فإنه لمولاه الذي كاتبه، و النصف الباقي لابن المكاتب، لأن المكاتب مات و نصفه حر و نصفه عبد للّذي كاتب أباه، فإن أدّى إلى الذي كاتب أباه ما بقي على أبيه فهو حر لا سبيل لأحد من الناس عليه» (3)، إلى غير ذلك من النصوص، مضافا إلى الإجماع.

(34) لما تقدم من النصوص.

(35) لانتقال المال إليهم، فلهم الخيار في ذلك، لقاعدة السلطنة.

(36) لأنه بعد ملك للمولى، و لم يخرج عن الرقيّة، و في موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «المكاتب لا يجوز له عتق و لا هبة و لا نكاح و لا شهادة و لا حج، حتى يؤدي جميع ما عليه إذا كان مولاه قد شرط عليه إن عجز فهو ردّ في الرقّ» (4).

ص: 297


1- الوسائل باب: 23 من أبواب موانع الإرث الحديث: 7 و 1 و 5.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب موانع الإرث الحديث: 7 و 1 و 5.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب موانع الإرث الحديث: 7 و 1 و 5.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.

كما لا يجوز للمولى التصرف في مال المكاتب (37)، و كل ما يكتسبه المكاتب فهو له (38).

مسألة 27: كل ما يشترط المولى على المكاتب في عقد الكتابة يكون لازما

(مسألة 27): كل ما يشترط المولى على المكاتب في عقد الكتابة يكون لازما (39)، إلّا إذا كان منافيا لمقتضى العقد أو مخالفا للشرع (40).

مسألة 28: لو أعتق المكاتب بعضه كان كسبه بينه و بين مولاه بالشركة

(مسألة 28): لو أعتق المكاتب بعضه كان كسبه بينه و بين مولاه بالشركة (41).

______________________________

و عنه عليه السّلام أيضا في موثقة الآخر: «و لكن يبيع و يشتري، و إن وقع عليه دين في تجارته كان على مولاه أن يقضي عنه لأنه عبده» (1)، المحمول على أن البيع و الشراء للمولى.

و في صحيح معاوية بن وهب عن الصادق عليه السّلام: «في مملوك كاتب على نفسه و ماله و له أمة، و قد شرط عليه أن لا يتزوج، فأعتق الأمة و تزوجها، قال عليه السّلام: لا يصح له أن يحدث فيما له إلّا الأكلة من الطعام، و نكاحه فاسد مردود- الحديث-» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(37) لما تقدم من أنه برزخ بين الرقّ و الحر، فيشمله قاعدة «حرمة التصرف في مال الغير إلّا بإذنه».

(38) لما عرفت من أن تسلط المولى زال عنه بالكتابة في الجملة، إلّا إذا عجز و فسخ المولى، عاد المال إلى المولى و ملكه.

(39) لقاعدة: «وجوب الوفاء بالشرط»، و غيرها كما مر في كتاب البيع.

(40) و قد مر وجه ذلك كله في كتاب البيع (3)، فلا وجه للتكرار هنا بالإعادة.

(41) للإجماع، و لأنه مثل نماء المشترك بين الشريكين، كما مر في كتاب الشركة، ففي موثق عمار عن الصادق عليه السّلام: «في مكاتب بين شريكين فيعتق

ص: 298


1- الوسائل باب: 6 من أبواب المكاتبة الحديث: 2 و 3.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب المكاتبة الحديث: 2 و 3.
3- راجع ج: 17 صفحة: 232.

مسألة 29: لو كان له مكاتبان فأدى أحدهما مال الكتابة و اشتبه استخرج بالقرعة

(مسألة 29): لو كان له مكاتبان فأدى أحدهما مال الكتابة و اشتبه استخرج بالقرعة (42).

مسألة 30: لو اختلف السيد و المكاتب في قدر مال الكتابة يقدم قول منكر الزيادة

(مسألة 30): لو اختلف السيد و المكاتب في قدر مال الكتابة يقدم قول منكر الزيادة (43)، و كذا لو اختلفا في قدر المدة أو في النجوم (44).

مسألة 31: إذا دفع مال الكتابة أعتقه مولاه ثمَّ بان العوض معيبا أو أنه مال الغير، يعتق

(مسألة 31): إذا دفع مال الكتابة أعتقه مولاه ثمَّ بان العوض معيبا أو أنه مال الغير، يعتق و تشتغل ذمته بالعوض إن لم يرض السيد بذلك (45).

مسألة 32: لو اجتمع على المكاتب ديون مع مال المكاتبة

(مسألة 32): لو اجتمع على المكاتب ديون مع مال المكاتبة و كان ما عنده لا يفي بالجميع تحاصّ فيه الديّان مع المولى (46)،

______________________________

أحدهما نصيبه، كيف يصنع الخادم؟ قال عليه السّلام: يخدم الثاني يوما و يخدم نفسه يوما» (1)، إلى غير ذلك من الأخبار.

ثمَّ إن الشركة حسب ما أعتق من العبد بالنصف أو الثلث أو الربع، كما هو واضح.

(42) لأنها لكل أمر مشتبه، و المقام منه. هذا إذا لم يتذكر بالتأخير أو بقرائن أخرى، و إلا وجب التأخير حتى يتذكر.

(43) للأصل، ما لم تكن بينة على الخلاف.

و دعوى: تقديم أصالة الرقيّة عليها، غير صحيحة لأن أصالة عدم الزيادة مقدم عليها، و أن الشارع غلّب جانب الحرية كما مر.

(44) ظهر وجهه مما مر.

(45) تغليبا لجانب الحرية كما مر، و يجب أداء مال الكتابة صحيحا، لاشتغال ذمته به هذا إذا لم يرض المولى به، و إلا فيصح بلا شك، لأن ذلك يكون من أحد أفراد الكلي.

(46) لما مر في كتاب الدين من أن مال المديون إن لم يحط بالديان

ص: 299


1- الوسائل باب: 19 من أبواب المكاتبة الحديث: 4.

من غير فرق بين المطلقة و المشروطة (47).

مسألة 33: يجوز كتابة المملوك الكافر

(مسألة 33): يجوز كتابة المملوك الكافر (48).

مسألة 34: لو كاتب عبده وجب عليه أن يعينه من زكاته إن كان فقيرا

(مسألة 34): لو كاتب عبده وجب عليه أن يعينه من زكاته إن كان فقيرا (49)، و إن لم تجب عليه يستحب التبرع بالعطية (50).

______________________________

قسموا بينهم حسب النسبة في الدين، بعد فرض عدم ترجيح في البين، إلّا أن يدل دليل على الخلاف، و لا دليل كذلك في المقام و أن المولى واحد منهم.

(47) لاستواء الجميع في الدينية، إلّا أن يكون في البين مرجح معتبر خارجي يوجب تقدمه على سائر الديون، و هو مفروض العدم فلا فرق بين المطلقة و المشروطة.

و يمكن الجمع بذلك بين الكلمات، فمن يقول بتأخير مال الكتابة عن سائر الديون، أي: فيما إذا كان مرجح معتبر، و من يقول بالتساوي، أي فيما إذا لم يكن كذلك.

(48) لما مر في عتق الكافر (1)، و أما قوله تعالى فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً (2)، فهو أعم من الأيمان.

نعم، لو خرج عن الملكية مثل المرتد لا يصح كتابته.

(49) لقوله تعالى وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللّهِ الَّذِي آتاكُمْ (3)، مضافا إلى الإجماع، و مر في كتاب الزكاة ما ينفع المقام.

(50) لنصوص كثيرة، ففي موثق ابن الفضيل عن الصادق عليه السّلام: «تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها، و لا تزيد فوق ما في نفسك، قلت:

كم؟ قال: وضع أبو جعفر عليه السّلام عن مملوك ألفا من ستة آلاف» (4).

ص: 300


1- تقدم في صفحة: 275.
2- سورة النور: 33.
3- سورة النور: 33.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب المكاتبة الحديث: 2.

مسألة 35: يجوز أن يكاتب بعض عبده لو كان الباقي حرا

(مسألة 35): يجوز أن يكاتب بعض عبده لو كان الباقي حرا (51)، بل و إن كان الباقي رقا لآخر و لم يكن محظور في البين من جهة الشريك (52).

مسألة 36: يجوز بيع مال الكتابة

(مسألة 36): يجوز بيع مال الكتابة (53)، كما يجوز بيع المكاتب المشروط مع عجزه عن أداء مال الكتابة (54)، و لا يجوز بيع المطلق منه (55).

______________________________

و في صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن قول اللّه عز و جل وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللّهِ الَّذِي آتاكُمْ قال: الذي أضمرت أن تكاتبه عليه، لا تقول أكاتبه بخمسة آلاف و أترك له ألفا، و لكن انظر إلى الذي أضمرت عليه فأعطه» (1).

ثمَّ إنه يكفي صدق الإيتاء من غير تقدير.

نعم، كل ما زاد كان خيرا و إحسانا، و ما عن بعض من التحديد بالربع أو الثلث لا دليل له.

(51) لظهور الإطلاق، و الإجماع.

(52) لما مر من شمول الإطلاق، و الاتفاق لهذه الصورة أيضا.

نعم، لو كان محظور في البين، فيتوقف على إذن الشريك و رضاه، لفرض اعتبار إذنه في المقام.

(53) لأنه بيع الدين، و قلنا بجوازه في كتاب الدين، فلا وجه للتكرار مرة أخرى.

(54) لصيرورته رقا فيكون المقتضي للبيع موجودا، و المانع عنه مفقودا.

(55) لأصالة لزوم عقد الكتابة، كما مر بعد عدم مجوز شرعي للرقيّة.

ص: 301


1- الوسائل باب: 9 من أبواب المكاتبة الحديث: 1.

مسألة 37: لا تصح الوصية التمليكية برقبة المكاتب

(مسألة 37): لا تصح الوصية التمليكية برقبة المكاتب (56). و تصح بمال الكتابة (57)، فلو أوصى أن يوضع عن مكاتبه شيئا صحّ و خرج من الثلث (58).

مسألة 38: الاستيلاد عبارة عن علوق أمة الشخص منه في ملكه

(مسألة 38): الاستيلاد عبارة عن علوق أمة الشخص منه في ملكه (59)، و تنعتق من نصيب ولدها فلا يجوز بيعها (60).

______________________________

(56) لعدم جواز النقل و الانتقال بالنسبة إليه.

نعم، لو كانت الوصية معلقة كما لو قال: إن عجز عن أداء مال الكتابة فقد أوصيت به لفلان، صح ذلك، كما عرفت من وجود المقتضي و فقد المانع، و لا يضر مثل هذا التعليق في الوصية، كما مر في محله.

(57) لإطلاقات أدلة الوصية بعد عدم وجود تقييد في البين، كما تقدم في كتاب الوصية.

(58) لما مر في كتاب الوصية من أنها تخرج من الثلث، فحينئذ إن عيّن المقدار مثل النصف ما على المكاتب أو الربع أو الثلث تعين، و إلا فالمعوّل القرائن الخارجية، و مع فقدها لا بد من التصالح و التراضي مع الورثة.

(59) هذا هو المعروف في تعريفه، و هو مطابق للمعنى العرفي، و ليس تعبدا في شي ء كما هو معلوم، فتصير الأمة في معرض الانعتاق، و هو موضوع لأحكام شرعية كثيرة- مخالفة للأصول و القواعد دل الدليل الخاص- مذكورة تلك الأحكام في أبواب كثيرة من الفقه.

(60) إجماعا، و نصا، ففي معتبرة ابن ما رد عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يتزوج الأمة فتلد منه أولادا، ثمَّ يشتريها فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثمَّ يبدو له في بيعها، قال عليه السّلام: هي أمته إن شاء باع، ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك، و إن شاء أعتق» (1).

ص: 302


1- الوسائل باب: 4 من أبواب الاستيلاد.

مسألة 39: أم الولد مملوكة لا تتحرر بموت سيدها

(مسألة 39): أم الولد مملوكة (61)، لا تتحرر بموت سيدها بل من نصيب ولدها (62)، فيجوز له التصرف فيها بما شاء إلّا النقل (63).

______________________________

(61) للنص، و الإجماع، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «سألته عن أم الولد؟ فقال عليه السّلام: أمة» (1).

و عن ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن الرجل يأخذ من أم ولده شيئا و هبة لها من غير طيب نفسها من خدم أو متاع، أ يجوز ذلك له؟

قال عليه السّلام: نعم إذا كانت أم ولده» (2)، إلى غير ذلك من الروايات.

(62) إجماعا، و نصوصا ففي صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال أمير المؤمنين عليه السّلام: أيما رجل ترك سرية لها ولد، و في بطنها ولد، أو لا ولد لها، فإن أعتقها ربها عتقت، و إن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب اللّه، و كتاب اللّه أحق، فإن كان لها ولد و ترك مالا جعلت في نصيب ولدها» (3).

و في معتبرة أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في رجل اشترى جارية يطأها فولدت له ولدا فمات ولدها، قال: إن شاءوا باعوها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها، و إن كان لها ولد قوّمت على ولدها من نصيبه» (4)، إلى غير ذلك من الروايات.

(63) لأنه لا معنى للمملوكية إلّا استيلاء المالك على التصرف فيها بما شاء من أنواع التصرفات المشروعة، و خرج النقل بالدليل كما مر في خبر ابن مارد المنجبر.

ص: 303


1- الوسائل باب: 1 من أبواب الاستيلاد الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب الاستيلاد الحديث: 1 و 2.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب الاستيلاد الحديث: 1.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب الاستيلاد الحديث: 2.

مسألة 40: إذا مات مولاها و ولدها حي جعلت في نصيب ولدها

(مسألة 40): إذا مات مولاها و ولدها حي جعلت في نصيب ولدها، و أعتقت عليه (64).

مسألة 41: يستثنى من عدم جواز بيع أم الولد موارد

(مسألة 41): يستثنى من عدم جواز بيع أم الولد موارد: منها ما إذا كان على مولاها دين منها و لم يمكن له أداؤه إلّا ببيعها (65)،

______________________________

(64) نصوصا، و إجماعا، منها قول علي عليه السّلام في صحيح محمد بن قيس:

«أيما رجل ترك سرية لها ولد، أو في بطنها ولد، أو لا ولد لها، فإن أعتقها ربها عتقت، و إن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب اللّه، و كتاب اللّه أحق، فإن كان لها ولد و ترك مالا جعلت في نصيب ولدها، و يمسكها أولياؤها حتى يكبر الولد، فيكون هو الذي يعتقها إن شاء اللّه، و يكونون هم يرثون ولدها ما دامت أمة، فإن أعتقها ولدها عتقت، و إن توفي عنها ولدها و لم يعتقها فإن شاءوا أرقوا و إن شاءوا أعتقوا» (1)، إلى غير ذلك من النصوص.

و أما ما يظهر منه الخلاف مثل رواية أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «رجل اشترى جارية فولدت منه ولدا فمات؟ قال عليه السّلام: إن شاء أن يبيعها باعها، و إن مات مولاها و عليه دين قوّمت على ابنها، فإن كان ابنها صغيرا انتظر به حتى يكبر، ثمَّ يجبر على قيمتها، و إن مات ابنها قبل أمه يبعث في ميراث الورثة» (2)، و مثله غيره محمول، أو مطروح.

(65) لما في الصحيح عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: «قلت له: أسألك؟ قال:

سل، قلت: لم باع أمير المؤمنين عليه السّلام أمهات الأولاد؟ فقال: في فكاك رقابهن، قلت: و كيف ذلك؟ قال: أيما رجل اشترى جارية فأولدها، ثمَّ لم يؤد ثمنها، و لم يدع من المال ما يؤدّى عنه، أخذ ولدها منها و بيعت و أدّي ثمنها، قلت: فتباع

ص: 304


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الاستيلاد الحديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الاستيلاد الحديث: 4.

و منها ما إذا جنت خطأ على غير مولاها في زمان حياته (66)، و منها بيعها على من ينعتق عليها (67)، و منها ما إذا عجز مولاها عن نفقتها (68)، إلى غير ذلك من الموارد (69).

______________________________

فيما سوى ذلك من الدين؟ قال: لا» (1)، و مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين حياة المولى و موته.

(66) لإطلاق الأدلة الدالة على تعلق الجناية برقبة المملوك، و أنها كغيرها من المملوك، فللمولى فكّها بدفع قيمتها.

(67) لما فيه من تعجيل العتق.

(68) لقاعدة نفي الضرر، فتباع حينئذ على من ينفق عليها إن لم يمكن سد رمقها بطريق آخر.

(69) و هناك موارد أخرى تعرضوا لها في المطولات و لا وجه لتعرضها بعد كون الموضوع فرض في فرض، فمن شاء فليراجع إليها، هذا بعض الكلام في العتق.

و الحمد للّه أولا و آخرا تمَّ بحمد اللّه المجلد السادس و العشرون و يبدأ مجلد السابع و العشرون بكتاب القضاء إن شاء اللّه تعالى.

17 رمضان المبارك 1406 محمد الموسوي السبزواري

_______________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 305


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الاستيلاد.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.